الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حياتنا الاكاديمية بين وفرة الكم وندرة النوع

فاطمه قاسم

2009 / 4 / 13
التربية والتعليم والبحث العلمي


بحكم تداعيات قضيتنا الفلسطينية ،وانتشارنا الفلسطيني على امتداد القارات ،فمن النادر أن نجد جامعة في أقصى أقاصي الأرض ليس فيها طالب فلسطيني ،وهذه واحدة من ميزات وخصوصيات التفوق الفلسطيني ،وقدرة هذا الشعب المنكوب والمشرد على إثبات حضوره وجدارته ،بالإضافة إلى مواجهة تحديات العصر .
وحتى داخل الأرض المحتلة ،في القدس ،والضفة الغربية ،وقطاع غزة ،احتكم الفلسطينيون إلى الطموح الكبير ،فاسسو العديد من الجامعات المتميزة ،مثل جامعة القدس ، والنجاح ، وبير زيت ،والخليل ،والجامعة الإسلامية ،والأزهر ،والأقصى ،وفلسطين ،والقدس المفتوحة بفروعها المتعددة ،بل إنهم أسسوا لتجارب ناجحة على صعيد العليم المفتوح، والتعلم عن بعد ،وفتحوا فروعا لجامعات تتيح هذا النوع من التعليم ،مثل الجامعة الأمريكية ،وجامعة كولومبس ،وجامعة الأمة ،بالإضافة إلى العديد من المعاهد ،وكليات المجتمع ،وبرامج الدراسات المشتركة مع جامعات بارزة في المنطقة والعالم للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه.
ونتيجة لهذا التراكم ،فقد أصبح لدينا في فلسطين كما هائلا من حملة الشهادات الأكاديمية العليا ،وفي فروع متنوعة ،وهذا شيء يثير الاعتزاز ،لان شعبنا يجعل من العلم والتعليم غايته الأولى ،وبهذا يكون شعبا حيا بامتياز ،ويستحق أن يكون له القدر من المشاركة في صنع الحضارة الإنسانية ،وأحب أن اذكر منبهة في هذا المجال العديد من الاكاديمين الذين علت شهرتهم في الآفاق في أشهر الجامعات العالمية فليس الدكتور ادوارد سعيد ،وهشام شرابي ،والدكتور محمد ربيع ،والدكتور إبراهيم أبو لغد،والدكتور سلمى الخضرا الجيوسي ،وغيرهم إلا نماذج لهذا التفوق الفلسطيني.
ولكن :
فان للصورة وجها أخر ،وهذا هو ديالكتيك (جدلية) الحياة والكون ،فقد ازدحمت مؤسساتنا الأكاديمية بحشد كبير من الشهادات التي يحملها أصحابها دون أن يكون لها معادل موضوعي من المصداقية ،والجدية ،وذلك لأسباب عديدة ،من بينها أننا مثل الكثير من الشعوب ،وقعنا في مرحلة معينه لخداع العديد من الجامعات التي كانت مخصصة لدارسي العالم الثالث،وهي جامعات صداقة ومجاملة أكثر منها جامعات جادة للدراسات الأكاديمية والبحث العلمي ،وحتى بعض الجامعات الخاصة الصغيرة في أوروبا والولايات المتحدة ،ثم انتقلت العدوى إلى عالمنا العربي ،فكثرت الجامعات في العديد من الأقطار العربية ،والتي لم تكن تنفذ شروط الحياة الأكاديمية والبحث العلمي ،ثم أصبحت بعض هذه الجامعات تخضع لضرورات ايدولوجية ،فتسهل الحصول على شهادات اكااديمية عليا لأشخاص ينتمون إلى أحزاب وحركات ذات ايدولوجيا محددة ،وهؤلاء بدورهم اخذوا مواقعهم في العديد من جامعاتنا ومعاهدنا ،وكان لوجودهم الأثر العميق في مستوى الحياة الأكاديمية ،وضعف المناهج الجامعية ،وتراجع قيمة البحث العلمي ،وفائض زائد عن الحاجة في الشهادات الأكاديمية المحصورة في الدراسات الإنسانية المكررة والتي ليس فيها إبداع بل تكرار للإتباع بل تدوير له ولكن بعناوين مختلفة .
يجب الاعتراف أن الحياة الأكاديمية في فلسطين والتي كانت تمتاز بالطموح ،قد تراجعت كثيرا وخاصة بعد أن سيطرت أحزاب وحركات،وأجهزة أمنية وأصبحت هي المهيمن على إدارة الجامعات ،وبالتالي تراجع المستوى الأكاديمي لصالح الانتماء الحزبي ،الأمر الذي يتطلب درجة عالية من الانتباه ،والبحث عن حلول جادة لهذه المشكلة .
لهذا:تنمية البشرية هي أهم حلقات التنمية لدى الشعوب والأمم ،ومن المؤكد أن القواعد الأساسية للتنمية البشرية موجودة في مراحلها الرئيسية في جامعاتنا ،وفي حياتنا الأكاديمية ،فالجامعات هي المسئولة عن تشكيل وإعادة تشكيل الشباب علميا ونفسيا واجتماعيا،وسياسيا واقتصاديا ،وهي المسئولة عن تأهيل ألاف الشباب لاستلام زمام ومفاتيح المستقبل على كافة الأصعدة المذكورة ،
لهذا :
إذا استمرت جامعاتنا تضخ أعدادا كبيرة من الخريجين الذين لم تكتمل لديهم عناصر التهيئة الأكاديمية ،وبناء الحياة الأكاديمية الجادة ،وإذا استمرت هذه الجامعات تخضع هيئاتها لجواز مرور عبر الانتماء الايدولجي لتأخذ موقعها حتى لو كانت شاهداتهم دون محتوى أكاديمي ،فان قاعدة التنمية البشرية سوف تتراجع كثيرا ،وهذه مأساة قد ندفع ثمنها كثيرا .
صحيح أن مشاكلنا كبيرة
وان أجندتنا مليئة ومثقلة بالبنود الصعبة التي تحتاج إلى حلول على الصعيد السياسي والاقتصادي والداخلي ،ولكن حياتنا الأكاديمية يجب أن تظل في أولويات اهتماماتنا الأولى ،لان حياتنا الأكاديمية تتصل ،وتتعلق مباشرة بالمستقبل ،وتأهيل الأجيال القادرة على تامين الحلول ،والمضي بثقة إلى أفاق المستقبل.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تبلغ نهائي يوروفيجن 2024 وسط احتجاجات على مشاركتها ب


.. كيف سيتعامل الرئيس الأميركي المقبل مع ملف الدين الحكومي؟




.. تساؤلات على إثر إعلان الرئيس الأميركي وقف شحنات السلاح الهجو


.. نشطاء أتراك أعلنوا تأجيل إبحار سفينة مساعدات إلى غزة بسبب تع




.. محاكمة ترامب في نيويورك تدخل مراحلها الحاسمة| #أميركا_اليوم