الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو تقويم مسيرة الحزب الشيوعي العراقي / الممارسات التنظيمية

ثامر قلو

2009 / 4 / 15
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


أمران حيويان لا ثالث لهما يشكلان الاساس في بناء ونهوض أي حزب سياسي ، وهما كيفية ادارة الممارسات التنظيمية في المنظمات الحزبية الصغرى مرورا بالمنظمات القيادية الكبرى ، والامر الثاني هو النهج السياسي الذي يتبعه قياديوا الحزب انطلاقا من البرنامج السياسي للحزب المعني ، فيعتبر الاسترشاد بهذين الامرين وتطويعهما بما يخدم قضية الحزب التنظيمية ، ثم قضية الشعب والوطن لاحقا ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها .

يهمني في هذه المقالة البحث فيي الممارسات التنظيمية في الهيئات الحزبية للحزب الشيوعي العراقي ، وهي تعني بالاساس كيفية ادارة المنظمة الحزبية الصغيرة ، أو اللجنة المحلية في المدينة أو المحافظه وهكذا ، فتعد هذه بنظري من أهم الاسس التي تحفز الفرد الشيوعي للارتباط بالحزب ومن ثم التواصل مع الجماهير ، أو تدفعه اظطرارا للانكفاء والابتعاد ، فكيف يتم ادارة شئون المنظمة الحزبية في اللجان المحلية لاي محافظة ؟

يخطئ التصور من يشك في وجود الممارسات الديمقراطية في المنظات السياسية للحزب الشيوعي العراقي ، فيكاد يكون الحزب العراقي الوحيد الذي يعتمد الديمقراطية في ادارة مسيرته السياسية ، فذلك ما لا غبار عليه ، وبالنسبة لي اعترف بتحقق هذا الامر ، لكن الديمقراطية الناشئة تحتاج دائما للمتابعة وصقل الطريق أمام تطورها حتى يتم جني ثمارها ، فأي ديمقراطية تمارس في اللجان الحزبية ، أو بالاحرى أي ديمقراطية بقيت لتمارس في تلك اللجان والمنظمات الحزبية ؟
بعد سقوط النظام الدكتاتوري في العام 2003 ، اعاد الحزب تشكيل مقراته في كل القصبات والمدن العراقية تقريبا بسهولة ، لوجود المئات والالوف من الشيوعيين في مختلف المدن العراقية ، وشكل بقايا الشيوعيين الذين حضرو وأسهموا وشاركوا في اعادة الحضور الشيوعي في هذه المدن حضورا كبيرا جدا ، ويمكن الاستدلال بالمظاهرة الكبيرة التي سيرها الحزب في بغداد بعد السقوط باشهر ، تلك المظاهرة التي سهلت مشاركة قيادات الحزب في مسؤولية ادارة الدولة العراقية بعد الاعتراف بالوجود الشيوعي وقوة حضوره في الساحة السياسية العراقية من قبل كل التيارات السياسية العراقية .

في محافظة الناصرية صوت للحزب الشيوعي العراقي في الانتخابات المحلية الاولى في العام العام 2005 سبعة عشر الف ناخب ، وهذه الجماهير يمكن اعتبار جميعهم قواعد ثابتة للحزب لانهم اقترعوا له في ظروف عصيبة طائفية وغيرها ، هؤلاء تحدوا سلطات الالهة المحليون وقدموا مصالح الحزب على أي اعتبارات اخرى ، لانهم كانوا يوما من العوائل الشيوعية ، فلم يولد بعد الزمن الذي يفضل الاخرون الذين لا يقتربون للحزب بصلة ما الحزب الشيوعي العراقي على الخيارات الاخرى .
سبعة عشر الف صوت انتخابي للحزب الشيوعي في محافظة واحدة ، فذلك يمكن عده انتصارا لنهوض الشيوعية في الشرق لو تمكن الحزب الشيوعي من الحفاظ على هذه الجماهير وتوسيع قاعدتهم .لكنه بدلا من الحفاظ وتوسيع هذه الجماهير ، يفقدهم الحزب يوما بعد اخر حتى تم اختزالهم لارقام هامشية ، لا تختلف كثيرا عن الاعداد التي يستطيع أي حزب شيوعي في البلدان الاسلامية من الظفر بمثيلها تقريبا في اي انتخابات تجرى في بلدانهم ، فلماذا حدث ذلك الانهيار رغم أن الظروف المحيطة باستقرار العراق طائفيا ودينيا كانت تصب في مصلحة نهوض الحزب وليس خفوته مؤخرا ؟

لا يجوز تحميل الممارسات السياسية لقيادة الحزب حول الشئون العراقية ، كل التبعات لخفوت نسبة هذه الجماهير المصوتة للحزب الشيوعي العراقي في الانتخابات العراقية الاخيرة ، فهذ الممارسات وضعت عائقا وجدارا أمام الجماهير العراقية من المستقلين سياسيا لاختيار قوائم الحزب ، في الوقت الذي لا يجوز تجاهل مدى تأثيرها على جمهور كبير من مناصري الحزب على العزوف من المشاركة في الانتخابات ، وربما تفضيلهم قوائم وبدائل اخرى . وفي الجانب الاخر والاهم ، يمكن اعتبار الممارسات التنظيمية وكيفية ادارة المقرات الحزبية ، من أهم الاسباب التي خفضت أعداد وانصار الحزب الشيوعي حسب قناعتي .

من الممارسات الشائعة ، والتي يمكن عدها خاطئة ، هي توفير الامتيازات المادية لبعض الشيوعيين في المقرات الحزبية رغم قلتها الا انها تولد تقويضا كبيرا للممارسة الانتخابية الديمقراطية في المنظمات الحزبية ، فصار الكثير من اعضاء اللجان المحلية كما الموظف الذي ينهض بواجباته لقاء مبالغ معينة من المال ، فينصب اهتمامه أولا على كيفية الحفاظ على مورده المالي المحصل من البقاء في وظيفته ، ويزداد هذا الاهتمام ويتخذ اشكالا وصورا عديدة عندما يتفرغ الشخص المعني للوظيفة الجديدة ، ويكون في الوقت نفسه معيلا لاسرته ، فكيف يستطيع مثل هذا الشخص من تقبل الممارسة الانتخابية في موقعه الحزبي ؟
هذه مشكلة كبيرة ، فهناك مناضلون تركوا كل شي واشتغلوا في المقرات الحزبية ، فصار المقر الحزبي كل شي بالنسبة لهم ، فهو مكان الوظيفة ، ومكان النضال ، فكيف يجب التعامل مع هذه الحالات ، كيف يستعد هذا المناضل للانتخابات الحزبية ، حيث يضعه الحزب في أي انتخابات حزبية أمام خيار قطع الارزاق الذي هو بمثابة قطع الاعناق .
سيكون معذورا لدى الدفاع عن موقعه بكل الطرق ، من السعي الى محاربة الاخرين ، أو تكوين الشلل الحزبية الى غيره ، وبرايي يتحمل الحزب مسؤولية توفير الفرص المناسبة للعيش الكريم لهؤلاء المناضلين حاليا وفي المستقبل ، وتقليل ان لم يكن الغاء توفير أي امتيازات مادية للعضو الحزبي مهما علا شأنه ، حيث يجب الاقدام على المهمة الحزبية طوعا والا انتكس أداءها بالشكل المطلوب ، كما يجب محاربة الشللية في الحياة الحزبية ، وخصوصا في الانتخابات الحزبية ، لذلك يجب توفير الارضية المناسبة لاجراء الانتخابات ، فقد يتم تحجيم تأثير الشللية الحزبية في الانتخابات الكبيرة ، تلك التي تجرى بحضور عدد كبير من الاعضاء ، فكلما زاد الحضور ، كانت فرص الشلليون بالتأثير على سير الانتخابات محددة ، فمثل هذه السيئات موجودة في كل المفاصل الحزبية بدرجات مختلفة ، ولايمكن الخلاص منها الا بتطوير التجارب والممارسات القانونية والتنظيمية المناسبة لتحديدها ومن ثم تحجيمها .

ملاحظة :

أكتب هذه السلسلة من الحلقات ايمانا من الواجب والعرفان لهذه المسيرة التي واكبتها منذ اشتداد عودي وقد يهتم بها بعض ولا يكترث لها بعض فذلك هو المنطق ، ولكن ألامل يساورني ان اتممها قبل سفري الى الولايات المتحدة الامريكية بعد ايام ، الدولة التي حاربتها طول عمري فكريا ومن ثم أنشرها في كراس للشيوعيين في الداخل ، فاولئك هم الجذور الدائمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز