الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيانة العقل في الإعجاز العلمي: كروية الأرض نموذجاً

مهدي النجار

2009 / 4 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


خيانة العقل في الإعجاز العلمي: كروية الأرض نموذجاً
ـــــــــــــــــــــــ
مهدي النجار
لقد كانت الارض وما يدور حولها من معرفة من ابرز ظواهر الطبيعة التي امتحن بها الفكر الانساني وتصارع من اجلها صراعات طويلة، حتى حين كانت المعرفة عند الانسان في الماضي السحيق وحدة غير متخصصة وجميع المعارف تقريباً كانت ضمن اطار التأمل والفلسفة إلا ان الارض وفي جميع الازمان كانت جزءا مهماً في نسيج المعرفة البشرية فنجد ان اوائل الصراعات الفكرية (فترة ما قبل عام 1500 ) كانت تدور حول الارض وهل انها مسطحة ام كروية؟ وحين قال فيثاغورس (500 ق.م ) ان الارض كروية وانها تدور حول نفسها اعتبره الناس كافراً لان افكاره الجديدة هي اهانة الى الإله. اما الصراع الثاني في هذه الفترة دار حول موضوع واحد وهو هل ان الارض ثابتة كمركز للكون ام الشمس هي المركز؟ وكان الصراع هذه المرة دموياً عنيفاً لدخول الدين كطرف في النزاع. والمهم ان نشير الى ان الصراع الفعلي في تاريخ الفلك لم يكن يدور حول شكل الارض وهل هي كروية ام مسطحة انما ايضاً واساساً حول المركزية: هل ان الارض ثابتة كمركز للكون ام الشمس هي المركز؟ وبالطبع كانت قوانين وافكار البابا في روما التي تعتمد نظرية بطليموس (150 ب.م) هي التي يجب ان تنفذ وبقي ذلك الموقف لغاية نهاية القرن الخامس عشر. ومن احكام البابا القاسية ان كل من يتحدى آراء بطليموس وارسطو في الكون هو كافر ومعنى ذلك على البشر جميعاً الاعتقاد بان الارض ثابتة وهي مركز الكون وان الشمس تابع لها وتدور حولها ومن ينكر ذلك فهو زنديق يستحق الموت.ولكن وسط هذه الظلامية الدينية وهذا الاكراه الفكري الرهيب اعلن البولندي كوبرنيكس (1473- 1543 ) الذي شاء قدره ان يكون قساً وخاضعاً لسلطة الكنيسة، اعلن: ان الشمس هي المركز وان الارض تدور حول نفسها وحول الشمس.

ان الذي يثير الاستغراب في اهل الاعجاز العلمي انهم يقفزون فوق هذه الحقائق التاريخية وفوق تاريخ العلوم والمكتشفات وما دار فيها من صراعات حول الارض ويتغاضون عنها ولا يبحثون فيها ولا حتى يقدمون الرضا والامتنان لاصحاب تلك الأنجازات والكشوفات العلمية الباهرة انما يبخسون حقهم ويسرقون اتعابهم بلمحة بصر فيذهبون فوراً لتحصيل النتائج التي توَّصل اليها علم الفلك بعد تاريخ مضني وعمل شاق ويزجونها بكل بساطة في شأن القرآن الكريم، يقَّوّلونه بما لا يقول – من باب الاعتزاز به او من باب آخر – فيشيرون الى انه هو الذي قال اولاً بكروية الارض من خلال تأويل تبسيطي(تحريف) ليست له اية صلة بالقرآن، لا من بعيد ولا من قريب، نجد اكثر هذه التأويلات رواجاً حول موضوع كروية الارض واوسعها انتشاراً بين الناس وتتناقلها بشراهة منتديات الاعجاز العلمي عبر شبكة الانترنيت هي تأويلات الشيخ محمد متولي شعراوي (1911 – 1988 ) اعتماداً على كتابه " الادلة المادية على وجود الله" وتتلخص تصورات الشيخ الشعراوي بالآتي:
اولاً: لا يجب ان يحدث تصادم بين القرآن وبين الحقائق العلمية في الكون... لأن القرآن الكريم لا يتغير ولا يتبدل ولو حدث مثل هذا التصادم لضاعت قضية الدين كلها.
ثانياً: يقول سبحانه وتعالى في سورة الحجر/19 : "والارض مددناها"، المد معناه البسط ومعنى ذلك أن الارض مبسوطة..ولو فهمنا الآية على هذا المعنى لأتهمنا كل من تحدث عن كروية الارض بالكفر خصوصاً أننا الآن بواسطة سفن الفضاء والاقمار الصناعية قد استطعنا ان نرى الارض كرة تدور حول نفسها.ولكن الشكل الهندسي الوحيد الذي يمكن ان تكون فيه الارض ممدودة في كل بقعة تصل اليها هي ان تكون الارض كروية. والذين فهموا معنى الآية فهما صحيحا قالوا ان القرآن هو اول كتاب ذكر ان الارض كروية.
ثالثاً: ثم ياتي الحق سبحانه ليؤكد المعنى في هذه الحقيقة الكونية لان سبحانه وتعالى يريد ان يُري خلقه آياته فيقول: "خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ على النهار ويكور النهار على الليل وَسَخَّرَ الشَّمْسَ والقمر كُل يَجري لأجلٍ مسمى ألا هو العزيزُ الغفارُ" الزمر:5 وهكذا يصف الحق سبحانه وتعالى بأن الليل والنهار خلقا على هيئة التكوير وبما ان الليل والنهار وجدا على سطح الارض معا فلا يمكن أن يكونا على هيئة التكوير إلا إذا كانت الأرض نفسها كروية بحيث يكون نصف الكرة مظلما والنصف الآخر مضيئاً.
ان ملاحظاتنا حول تلك الآراء الاعجازية تتلخص بما يلي:
اولاً: ان اهم الاسباب التي تدفع الى التصادم بين الدين والعلم، بين النصوص القرآنية والحقائق العلمية هي خلطهما معاً في "طبخات" اعجازية مُرة وغير مستساغة لا تنفع الدين من جهة ولا تنفع العلم من جهة ثانية، فينبغي ان يُقرأ كل واحد منهما حسب مجاله وفضائه ووفقاً لمنهجه واهدافه حتى لا يضيع الدين ولا يضيع العلم.
ثانياً: ينبغي احترام شروحات اشياخ التفسير الاسلاف وعدم اهمالها والتقليل من اهميتها او ضربها عرض الحائط بحجة المعاصرة او الموائمة بين الدين والعلم، وهل ان عكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والسدي وابن عباس ترجمان القرآن – كما يسميه الرسول الكريم- لم يفهموا معنى الآيات فهماً صحيحاً، لذلك لم يقولوا ان القرآن هو اول كتاب ذكر ان الارض كروية، إذا كان شيخ المفسرين ابن عباس ( وجماعته وكان منهم اصحاب للرسول نفسه) لم يفهموا آيات القرآن، إذا كان أئمة الاسلام والراسخين بعلمه والمؤسسين الحقيين له لم يفهموا آيات القرآن فهماً صحيحاً ولم يتمكنوا من القول بكروية الارض، اذن مَن سيفمهمها ؟! وبهذا الصدد سنصدق مَن ياتُرى، تفاسير وتخريجات فضيلة الشيخ الشعراوي ( وغيره من اهل الاعجاز العلمي) ام نصدق شيوخ المفسرين الاوائل، لا ندري مَن يفتري على الله الكذب؟!. حول هذا الموضوع نستعرض ما جاء في التفاسير المعتمدة عن تلك الآيات القرآنية التي اقام الشيخ الشعراوي حجته في اثبات كروية الارض:
" وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ"
* ابن كثير: [ ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى خَلْقه الْأَرْض وَمَدّه إِيَّاهَا وَتَوْسِيعهَا وَبَسْطهَا وَمَا جَعَلَ فِيهَا مِنْ الْجِبَال الرَّوَاسِي وَالْأَوْدِيَة وَالْأَرَاضِي وَالرِّمَال وَمَا أَنْبَتَ فِيهَا مِنْ الزُّرُوع وَالثِّمَار الْمُتَنَاسِبَة وَقَالَ اِبْن عَبَّاس " مِنْ كُلّ شَيْء مَوْزُون " أَيْ مَعْلُوم وَكَذَا قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة وَأَبُو مَالِك وَمُجَاهِد وَالْحَكَم بْن عُيَيْنَة وَالْحَسَن بْن مُحَمَّد وَأَبُو صَالِح وَقَتَادَة وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول مُقَدَّر بِقَدَرٍ وَقَالَ اِبْن زَيْد مِنْ كُلّ شَيْء يُوزَن وَيُقَدَّر بِقَدَرٍ وَقَالَ اِبْن زَيْد مَا يَزِنهُ أَهْل الْأَسْوَاق ] .
" يُكَوِّر اللَّيْل عَلَى النَّهَار وَيُكَوِّر النَّهَار عَلَى اللَّيْل "
* تفسير الجلالين: [ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ" مُتَعَلِّق بخَلَقَ "يُكَوِّر" يُدْخِل "اللَّيْل عَلَى النَّهَار" فَيَزِيد "وَيُكَوِّر النَّهَار" يُدْخِلهُ "عَلَى اللَّيْل" فَيَزِيد "وَسَخَّرَ الشَّمْس وَالْقَمَر كُلّ يَجْرِي" فِي فُلْكه "لِأَجَلٍ مُسَمَّى" لِيَوْمِ الْقِيَامَة "أَلَا هُوَ الْعَزِيز" الْغَالِب عَلَى أَمْره الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ "الْغَفَّار" لِأَوْلِيَائِهِ ]
*تفسير ابن كثير: [ يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ الْخَالِق لِمَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْن ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاء وَبِأَنَّهُ مَالِك الْمُلْك الْمُتَصَرِّف فِيهِ يُقَلِّب لَيْله وَنَهَاره " يُكَوِّر اللَّيْل عَلَى النَّهَار وَيُكَوِّر النَّهَار عَلَى اللَّيْل " أَيْ سَخَّرَهُمَا يَجْرِيَانِ مُتَعَاقِبَيْنِ لَا يَفْتُرَانِ كُلّ مِنْهُمَا يَطْلُب الْآخَر طَلَبًا حَثِيثًا كَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " يُغْشِي اللَّيْل النَّهَار يَطْلُبهُ حَثِيثًا " هَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَمُجَاهِد وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَغَيْرهمْ . وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ " وَسَخَّرَ الشَّمْس وَالْقَمَر كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى " أَيْ إِلَى مُدَّة مَعْلُومَة عِنْد اللَّه تَعَالَى ثُمَّ يَنْقَضِي يَوْم الْقِيَامَة " أَلَا هُوَ الْعَزِيز الْغَفَّار " أَيْ مَعَ عِزَّته وَعَظَمَته وَكِبْرِيَائِهِ هُوَ غَفَّار لِمَنْ عَصَاهُ ثُمَّ تَابَ وَأَنَابَ إِلَيْهِ ] .
رابعاً: هل كان عزَّ وجل يتلاعب بعقول الناس وهم الذين لا يقرأون ولا يكتبون (حاشا ذلك) او يفتعل الغموض بالالفاظ فيقول لهم: "والارض مددناها" " او "بعد ذلك دحاها" بمعنى ان الارض كروية،الم يقل الحق انه انزل القرآن " بلسانٍ عربي مبين"، هل يعجز سبحانه وتعالى وهو الذي خلق السماوات و الارض وما بينهما في ستة ايام، ان يقول ان الارض كروية وتدور حول نفسها وحول الشمس وينتهي كل شئ، بالتاكيد ان الامر ليس كذلك لان كتاب الله العزيز هو كتاب تبشير وتذكير وهداية وعِظة وليس كتاباً في علوم الفلك او الجيولوجيا. وكان يخاطب الناس حسب ظروفهم الاجتماعية والنفسية ووفق امكاناتهم المعرفية البدائية. لقد أودع الخالق في الطبيعة قوانين صارمة تعمل بنسق فائق الدقة وبمنتهى الروعة وحثَّ البشر على التفكر بها لاستخلاصها واكتشافها ضمن مجالات اشتغالها (مجالات الكون والطبيعة) ولم يقل لهم ابحثوا عنها في الكتب الدينية، فهذه الكتب هي السبيل لربط الانسان بالسماء، هي الطريق الروحي الخلاق الذي يَطمأن فيه الناس من خلال تواصلهم مع الله، ابداً لم تكن الكتب الدينية ومنها القرآن الكريم مباحث في العلوم التجريبية كالفيزياء او الكيمياء او الفلك...وهذه المسألة لم تقلل من شأنها لان رسالة القرآن مثلاً لا تقاس بهذه المواضيع التي يشتغل بها العقل الانساني ويبتكرها وهي على الدوام خاضعة للفحص والنقد وقد يصيبها النقض والهدم، فهو يعمل، مثله مثل الرسالات الدينية الكبرى، على إخراج الناس من الظلمات الى النور، يعمل على نشر الحق والعدل، يعمل على صقل الروح البشري وتساميه وما ورد فيه من إشارات ورموز عن الطبيعة والظواهر الكونية مثل السماء والارض والنجوم او كيفية طلوع الشمس وغيابها، او هبوط الليل وبزوغ الفجر...كل ذلك جاء به القرآن لحث الناس على التأمل في روعة الخلق وبالتالي ليفهموا منه عظمة الخالق وقدرته.بمعنى انها آيات وضعت ليستدل بها الناس على خالقهم وهي تنتشر على طول صفحات القرآن وعرضه وليست لها علاقة بعلومنا المعاصرة او ما ينجزه العقل البشري من كشوفات وانجازات معرفية وتكنولوجيا، نذكر بعض هذه الآيات كما وردت مثلاً في سورة الجاثية:
" ان في السماوات والارض لآيات للمؤمنين" /3
" وفي خلقكم ما يبثُ من دابة آية لقوم يؤمنون" /4
" واختلاف الليل والنهار وما أنزلَ الله من السماء من رزق فأحيا به الارضَ بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلونَ" /5
ان جميع هذه الآيات وامثالها مستنبطة من واقع الناس الذين كان يخاطبهم القرآن الكريم، من ظواهر الطبيعة وموجودات الكون، كما هي وكما كانوا يرونها بالعين المجردة، ولكي يُقنعهم بالوحي كان لابد ان يأتي بحجج وبراهين متعلقة بأشياء ووقائع تنتمي لذاك الزمان وليس بأشياء ووقائع ستحدث بعد الف عام فهذه ستقع خارج نطاق فهمهم وإدراكهم وقناعاتهم، ولكن بأفتراض انه فعل ذلك كما يحلوا للبعض ان يقولوا انه تحدث عن الذرة والوراثة والاجنة والجاذبية والنسبية والانفجار الكبير والكهرباء وغزو الفضاء....!! أما كان الاولى به ان يتحدث مثلاً عن النفط " البترول" الذي يشكل الآن عُصب الاقتصاد ومركزه الاساس في اغلب مجتمعات العالم الاسلامي وهو من اكثر الاشياء التي يتعلق بها حاضرهم ومستقبلهم بل وحتى مصيرهم كما تَحدث سابقاً عن مجتمعات الإبل والحمير والبغال وعن قوافل التجارة واحداث الغزو وعن النخيل واللبن...
من ذلك نلاحظ عدم وجود اية علاقة او رابطة بين تفاسير المرجعيات الكبرى التي يقرها اغلب المسلمين وبين اعجازيات الشيوخ المعاصرين الذين يتلاعبون ويتوسلون بآيات القرآن لتتلائم وتتطابق مع كشوفات العصر ومنجزاته العلمية ومن ثم ينسبون لأنفسهم القوامة على الدين ويحرضون على إسكات العقل وحجب استفهاماته وتطلعاته، فإذا كنتم من الحق لاتخافون وبالعقل تهزأون ، وتضحكون ولا تبكون، فعن اي قرآن تتحدثون؟!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
* شاهد:
فتوى ابن باز في تكفير القائلين بثبوت الشّمس ودوران الأرض
[ فمن زعم خلاف ذلك وقال إن الشمس ثابتة لا جارية فقد كذّب الله و كذّب كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.. ومن قال هذا القول فقد قال كفرا و ضلالا لأنه تكذيب لله، وتكذيب للقرآن و تكذيب للرسول (ص) لأنه عليه الصلاة والسلام قد صرح في الأحاديث الصحيحة أن الشمس جارية وأنها إذا غربت تذهب و تسجد بين يدي ربها تحت العرش كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -وكل من كذب الله سبحانه أو كذب كتابه الكريم أو كذب رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام فهو كافر ضال مضل يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا مرتدا و يكون ماله فيئا لبيت مال المسلمين كما نص على مثل هذا أهل العلم…
و كما أن هذا القول الباطل - ثبوت الشمس ودوران الأرض- مخالف للنصوص فهو مخالف للمشاهد المحسوس ومكابرة للمعقول والواقع لم يزل الناس المسلم منهم وكافرهم يشاهدون الشمس جارية طالعة و غاربة ويشاهدون الأرض قارة ثابتة و يشاهدون كل بلد و كل جبل في جهته لم يتغير من ذلك شيء ، ولو كانت الشمس تدور كما يزعمون لكانت البلدان والجبال و الأشجار والأنهار والبحار لا قرار لها و لشاهد الناس البلدان المغربية في المشرق والمشرقية في المغرب ولتغيرت القبلة على الناس حتى لا يقرّ لها قرار و بالجملة فهذا القول فاسد من وجوه كثيرة يطول تعدادها…
ثم هذا القول مخالف للواقع المحسوس فالناس يشاهدون الجبال في محلها لم تسيّر فهذا جبل النور في مكة في محله وهذا جبل أبي قبيس في محله وهذا أُحــد في المدينة في محلّه و هكذا جبال الدنيا كلها لم تسيّر و كل من تصور هذا القول يعرف بطلانه وفساد قول صاحبه و أنه بعيد عن استعمال عقله وفكره قد أعطى القياد لغيره كبهيمة الأنعام فنعوذ بالله من القول عليه بغير علم و نعوذ بالله من التقليد الأعمى الذي يردي من اعتنقه و ينقله من ميزة العقلاء إلى خلق البهيمة العجماء…
ثم الناس كلهم يشاهدون الشمس كل يوم تأتي من المشرق ثم لا تزال في سير و صعود حتى تتوسط السماء ثم لا تزال في سير ، وانخفاض حتى تغرب في مدارات مختلفة بحسب اختلاف المنازل و يعلمون ذلك علما قطعيا بناء على مشاهدتـهم و ذلك مطابق لما دل عليه هذا الحديث الصريح - حديث سجود الشمس- والآيات القرآنية ولا ينكر هذا إلا مكابر للمشاهد المحسوس و مخالف لصريح المنقول] *.
مقتطفات من "الأدلة النقلية و الحسية على جريان الشمس و سكون الأرض و إمكان الصعود إلى الكواكب" لابن باز**، المدينة، مطبوعات الجامعة الاسلامية، 1395 هـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مقتبسة عن موقع الأوان والمنشورة في 14 نيسان (أبريل) 2009
**ابن باز: هو الامام الداعية الفقيه عبد العزيز بن عبد الله بن باز(1912 -1999 ) المفتي العام السابق للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.



________________________________________

















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأولويات
ع. د ( 2009 / 4 / 21 - 05:15 )
نقد الدين، إن لم يكن الدين سببا في المشاكل الأساسية ذات العلاقة المباشرة بالحياة اليومية للناس، أي نقده في المرحلة السابقة للاشتراكية، ينبغي أن يكون دقيق التوزين بين أولويات العمل السياسي والفكري المفضي الى النظام الطبقي الجديد؛
عندما تكتب على ضوء الفكرة أعلاه ستجد قلمك الرائع يخط سبلا عملية؛
لك مني سلام


2 - الدين مهنة للعيش والسلطة
هرمز كوهاري ( 2009 / 4 / 21 - 07:59 )
أجد من السذاجة مقارنة الوقائع العلمية مع الكتب الدينية أيا كانت
فالدين وجد وإنشأ لغرض غير الغرض الذي وجد العلم لأجله
ليقل الملالي ما يقولونه فلا يؤثر على الحقائق العلمية ولا يقدم ولا يؤخر العلم وأولئك الملالي كالمتسكعين يمشون وراء العلم لألتقاط ما يفيدهم للضحك على عقول المغفلين
إن رجال الدين يتخذون الدين مهنة فإذا إنتهى الدين إنتهت مهنتهم وإنتهت معيشتهم وسلطتهم ، دعوهم يعيشون ويفكرون كيفما يشاؤون الى أن يجدوا أنفسهم معزولين عن بقية الناس


3 - وأين موقف أصحاب الشأن الحقيقيين ؟
عدنان عاكف ( 2009 / 4 / 21 - 09:38 )
يدهشني حقا ان الكاتب أهمل كليا موقف الكثير من علماء الدين الكبار الذين أخذوا بكروية الأرض. وقد أكد ابن حزم وابن تيمية والغزالي علىان الأغلبية من العلماء المسلمين أخذوا بهذه الفكرة. وقد أكد عليها جميع علماء الفلك وتجد ذكرها في معظم كتب الجغرافيا. والعرب أول من قام بقياس محيط الأرض عمليا، وذلك بناء على أمر الخليفة العباسي المأمون. وأكد أكثر من باحث غربي على ان الجهود التي بذلها علماء الفلك المسلمون هي التي مهدت الطريق الى نظرية كوبيرنيكوس، والتي بموجبها أصبحت الشمس في مركز الكون.. ان اغفال هذه الحقائق يفقد المقال الكثير من فوائده. وليسمح لي ان انقل رأي ابن حزم بشأن موقف علماء المسلمين من كروية الأرض
- - وذلك انهم قالوا ان البراهين قد صحت بأن الأرض كروية وان العامة تقول غير ذلك وبالله تعالى التوفيق ان أحدا من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم رضي الله عنهم لم ينكروا تكوير الأرض ولا يحفظ لأحد منهم في دفعه كلمة بل البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكوير بعضها على بعض - . أما الإمام الغزالي فلم يكتفي بالقبول بكروية الأرض بل أكد على ان الموضوع يخص علماء الفلك ولا ينبغي لرجل الدين ان يجادل فيه، لأنه يسيء الى الدين. يقول الغزالي
وهذاالفن لسنا نخوض في إبطاله إذ لا يتعلق به غ


4 - إذا فاليظهر الله نبي لنا في هذا العصر و يريحنا
بحراني ( 2009 / 4 / 21 - 13:26 )
لماذا كان محمد أخر الرسل.. و عيسى أخر الرسل .. و موسى أخر الرسل
و ليخرج لنا نبي يدلنا على الطريق.. بعد أن غوينا.. و إن لم يفعل فتلك مشكلته.. و في هذا العصر يستطيع كل البشر رؤية رسوله عبر وسائل الإعلام.. فيكون قد فاز فوزا عظيما.. من خلال إكتشافات البشر
إنا كان الله معني ببني البشر في الناحية الأيمانية ؛ به كذات و أن له الفضل في خلقهم و ليس معني بحياتهم و عصورهم و إكتشافاتهم.. إذا عليه أن يخرج لكل عصر نبي.. تتفق إكتشافات البشر مع وجودة.. لا أن يتركنا كل بضع ألف من السنين ثم يخرج علينا بنبي كما يدعون.. ليقول أن الله خلقكم لتعبدوه و بعد أن يسلم رقاب الملايين من البشر للمتاجرين بإسمه..
فاليخرج لنا و يحل مشكلة الأوزون .. و الإيدز و غيرها من المشاكل بشكل رباني من خلال نبي .. و أن يقول لنا ما حدث في تسونامي.. فنحن لم نراه أتى لكي ينقذ أحد و لم نرى الشيطان أتى لكي يدمر أحد!! و أن لا يتركنا نبحث عن حل عبر ملايين التجارب.. فإذا نجح البشر في علاج مشكلة .. خرج المسلمين ليقولوا بأن القرأن عثر على هذا الحل من قبلكم!!!
المتأسلمون بعد أن فقدوا حظوظهم.. في مقارعة العلم .. يجربون الآن طرق أخرى من قبيل الإيمان و التقوى و سلام الروح.. للسيطرة على الطبقات الفقيرة الثائرة!!
و المشكلة ليست في


5 - الخلاف الأساسي
ع. د ( 2009 / 4 / 21 - 16:43 )
لم أكتب أعلاه بصدد تفاصيل المقال- أرجو التركيز
الدين ليس هو الطبقة بقدر ما هو وسيلة بيدها
نقد الدين في المرحلة السابقة لولوج الاشتراكية في بلدٍ ما يُربك التوزين الأساسي في تشخيص أولويات العمل السياسي ويسبب الاهدار المبكر ويؤخر العمل الذي يُصبح أكثر تعقيدا في الدول الثيوقراطية لصعوبة الفصل بين الاثنين لدى بسطاء السكان وتعـقـّد التكتيك في مواجهتهما، فمن هنا فائدة المطالبة الديمقراطية بالفصل بين الاثنين، لذا فهذا الرأي قد يحيل هذا المقال مضرّا أو في أفضل أحواله نافلا، وسنرى أن الرأي هذا سنيسحب أيضا على نتاج وفاء سلطان والعظم وكامل النجار وغيرهم؛ تحياتي

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال