الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الايدلوجيا العراقية المعاصرة

احسان حمدي العطار

2009 / 4 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


: تعرف الايديولوجيا على انها نسق من التصورات والاراء والافكار والنظريات المستمدة من الواقع والتي تحاول مع تمثلها وعيا على تغييره (اي الواقع) من خلال الممارسة باشكالها المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لذلك فهي بنفس الوقت الذي تكون مستمدة من البنية التحتية القائمة على مختلف اشكال العلاقات الاقتصادية ومستوى تطور هذه البنية وتطور الانتاج المادي تكون حاملة لبذور التغيير بالقوة ان كانت هذه الايديولوجيا صحية بمعنى ان الايديولوجيا يجب ان تحمل التغيير والثورة واحدا من شعاراتها ومن ثم التأسيس على اساسات هذا التغيير وهذه الثورة.وهذا هو المعنى الذي شدد عليه التوسير بقوله ان الفصل مابين العلم والايديولوجيا هو فصل زائف فما نفع العلم والمعرفة بالشيء دون ان تتحول هذه المعرفة الى قابلية تغيرية بيد حامل المعرفة وهنا على حامل هذه المعرفة ان يحولها الى ايديولوجيا والتي تحمل معنى التغيير والتحويل للواقع المستمدة منه المعرفة. اذن ما كل هذا الكلام عن نهاية عصر الايديولوجيات وقيام عصر مابعد الايديولوجية. يشير هذا الكلام الى معنيين: الاول هو نهاية تلك الايديولوجيات التي تدعي الامتلاك الكامل للحقيقة والتي تلوي عنق الحقائق لادخالها تحت حتمية هذه النظرية الكبرى والتي تفسر الماضي والحاضر والمستقبل بشكل من اشكال اليقينية العمياء بعيدا عن العلم والمعرفة والتجريب. اذن المعنى يشير الى نهاية نوع من انواع الايديولوجيات (التي اسميتها بغير الصحية او العمياء) لا نهاية الايديولوجيا وانعدامها في المجتمع الانساني. اما المعنى الثاني والذي يعدم وجود الايديولوجيا وينفي الحاجة لها في المجتمع فهو كلام خال من الصحة فلا مجتمع ولافرد بدون ايديولوجيا حسب تعريفنا للايديولوجيا في بداية كلامنا بمعنى اننا لسنا امام (نهاية الايديولوجيا) بل (ايديولوجيا النهاية) وهي ايديولوجيا تحاول ان تسيطر على ذهنية الانسان دون الاعتراف بأنها ايديولوجيا ولكنها تبقى رغم ذلك ايديولوجيا مع سبق الاصرار والترصد.لنأخذ مفهوم اخر وهو (العماء الايديولوجي) لسنا هنا امام كلمة مترابطة بمعنى ان العماء (اي عدم القدرة على التفسير الصحيح للواقع وبالتالي العجز عن تغييره ان لم يكن الرجوع به الى الخلف) يرتبط بالايديولوجيا فمتى كانت الايديولوجيا كان العماء ولكن نحن امام حالة من حالات الايديولوجيا غير الصحية وهي انعدام قابلية التجدد تبعا لتغير الظروف والوقائع وذلك لارتباط هذه الايديولوجيا بعقائد دغمائية تمنع عنا المعرفة الجيدة بالواقع وبالتالي تمنع عنا قابلية تغييره. بما اننا عبرنا عن الايديولوجيا بأنها تصورات واراء ونظريات وافكار حول الواقع لذلك لابد لكل مجتمع من ايديولوجيا سواء وعى بذلك ام لم يع فلا مجتمع بدون تصورات وافكار ولا ينفصل المجتمع العراقي عن تلك المجتمعات لذلك كون له من الايديولوجيات عبر تاريخه الكثير مثلت بدرجة او بأخرى هذا المجتمع وموضوع هذه الورقة يتجة الى (الايديولوجيا العراقية المعاصرة) ممثلة بتياراتها السياسية المختلفة، كاشفة عن مفاصل الارتباط والاتصال ما بين تلك التيارات ومدى صحة نظرياتها حول الواقع، ومحاولة (بشيء من العجالة) تبيان تاريخ تكون الايديولوجيا العراقية داعية لتفكيك العقد اللاشعورية التي تثبط اية محاولة ايديولوجية لتغيير الواقع. قلنا ان الايديولوجيا نسق، والنسق بقدر ما يحمل من الوعي والشعور فهو مكون ايضا وحامل للاوعي ولاشعور اي ان الايديولوجيا نتيجة لطبيعتها النسقية تحمل من اللاشعور المعرفي الشيء الكثير اي ان الايديولوجيا ليست انعكاسا ميكانيكيا للواقع المادي ولكنها متأثرة بالماضي الايديولوجي الذي يشكل لا شعور الفرد والمجتمع الحامل للايديولوجيا. لذلك فأن اولى خطوات الوعي الايديولوجي هي وعينا بتأثير الماضي الذي يكون بحالة ذوبان في وجدان الفرد والمجتمع بحيث يربط الفرد بأرضية معينة لا يمكن تجاوزها ايديولوجيا الا في حالة معرفتها معرفة علمية وتفكيكها بحيث تأثر ايجابا لاسلبا في تأسيس ايديولوجيا صحية قادرة على التغيير والتقدم وهذا يحتم علينا اعادة قراءة التكون الايديولوجي العراقي وذلك باعادة قراءة الماضي ومعرفة عوامل الضعف والقوة في الماضي التي جعلت الايديولوجيا العراقية على حالها هذا. مع حروب الفتح العربية والتي تم من خلالها نشر الاسلام في العراق في عهد عمر بن خطاب تمت السيطرة على الشعب العراقي الموجود قبل وصول العرب وجيوشهم حاملة معها الاسلام. كانت على تلك الشعوب (باختلاف الاعراق والاديان) ان تبحث عن غطاء قيمي للمحافظة على وجودها وذلك عبر الاندماج مع الحالة الاسلامية وبذلك كانت اولى مصادر تكون المذاهب في الاسلام وبالتحديد مقدمة لتكون المذهب الشيعي في العراق. حمل العراقيون معهم مظلوميتهم الناتجة عن اندماجهم بالاسلام بصورة سيطرت قريش والعرب على مقدراتهم (اندمجت مظلومية الشعب العراقي بصورة مذهلة مع حالة خلاف العرب على السلطة والخلافة بعد وفاة الرسول وسيطرة قريش من بني امية على الحكم) وبالتالي غالبا ما عبرت الاقاليم العراقية المفتوحة عن معارضة لسلطة العرب وقريش متمثلة بالامويين والعباسيين. مثلت هذه المعارضة خروجا عن البدوية المسيطرة القوية القادمة من اللاحضارة من الصحراء محتلة وفارضة عقيدة الاسلام (بالرغم من انسانية العقيدة الاسلامية ولكن لا يمكن لنا ان ننفي صحراوية الدين وتأقلمه مع بيئته الحاملة لشريعته اذن لم تكن العقيدة الشيعية كما قلنا سوى تمثيلا لمظلومية وانعدام قدرة الشعب المستضعف امام قوة القبيلة متمثلة بقريش. مع واقعة الحسين وخروجه على حكم الخليفة الاموي وقصة استشهاده ومقتله وسبي اهل بيته ولد احساساً متزايداً بالمظلومية بل اصبحت هذه الواقعة نقطة تاريخية مرجعية بحيث كونت عقدة نفسية لا شعورية مستبطنة داخل وجدان الذات العراقية سأطلق عليها (مظلومية الحسين) وسيكون لها اكبر التأثير في مستقبل التكون الفكري والايديولوجي للشعب العراقي الذي سيظل يبحث عن نفسه في واقعة الحسين في كل مرحلة من مراحلة التاريخية ويكرر نفسه وهو بحالة دوام البحث عن من يظلمه ليكرر التاريخ نفسه بدائرة مركزها واقعة الطف.في حالة الدوران في الماضي والتاريخ لن يكون الحاضر سوى انعكاسا داميا للماضي ولكن سيكون للمستقبل في هذه الدورة دور مضاعف وخطير حيث لن يرى المستقبل سوى على حالة مثالية تعوض عن فقدان الماضي والحاضر (كما هو الحال مع الايديولوجيات السلفية التي تظل تدور في حاضرها مع تاريخ السلف الصالح اي تجربة الرسول ودولته اما المستقبل فهو حالة تحقق دولة الرسول) لذلك نحن امام امنيات بمستقبل لا علاقة له بالحاضر الذي هو تكرار الماضي.شكلت العقائد المسيحية السنطورية عقيدة شعبية قبل وصول الاسلام للعراق وتحتوي هذه العقائد على رموز واساطير شكلت الوعي المسيحي ويعد صلب المسيح وقتله مركز تلك الرموز كما مثلت واقعة الطف فيما بعد عقدة الشيعة (وبالتالي عقدة الشعب العراقي).وكما في المسيحية هناك رجوع للمسيح وعودته مع نهاية الزمان فأن العقيدة الشيعية وضعت رجوع المهدي وظهوره نهاية الزمان وتحقيق دولة العدل والمساواة والانتقام من قاتلي الحسين وهذه العقيدة اليوتيبية كما قلنا هي نتيجة حتمية لرؤية المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احفاد التتر
jasim ( 2009 / 4 / 23 - 06:08 )
وهل توجد دولة في العراق لكي توجد ايدولوجيا...شرط الايدولوجيا شرط الدولة...في العراق الان غيمة سوداء كئيبة..خارج زمان الايدلوجيا..فرق الرايات السوداء هم احفاد التتر و المغول وهتلر وموسليني..انهم يعبثون بنخيل العراق ..


2 - اين العلة والخلل
هادي العلي ( 2009 / 4 / 23 - 08:08 )
اذا كان البعض يرى ان العلّة والخلل هو الخلفيه الطائفيه والمذهبيه للسلطه والطبقه السائده في المجتمع المدني والدوله وهي وراء الاستبداد والظلم والقهر والفقر والتخلف وانعدام الاستقرار والامن وجميع المشاكل في المجتمع ..وان جعل قيادة الدوله والمجتمع بيد فئة قائده من الطائفة والمذهب الآخر الاكثرعددا هو المنطلق للعلاج الشافي, فان ذلك مردود اساسا لان الوسائل والادوات والاساليب والشروط اللازمه لانتشال المجتمع وتحقيق نقله نوعية فيه هي حتما ليست في معتقدات وطقوس وثقافه فقهيه للطائفه الصاعده بذاتها وانما التمسك والالتزام بوحدة الوطن وترسيخ روح المواطنه والوطنيه والحفاظ على سيادة واستقلال الدوله وثروات المجتمع فضلا عن الالتزام بحقوق الانسان ان لم يكن ايضا تقليص الاستغلال والفوارق الطبقيه في المجتمع كصيغة عصريه ملازمه لاي تطور في جميع دول العالم ...فالاساسي والجوهري اذن يبقى هي تلك المبادئ التي اشرنا اليها لذلك ان الحركات والاحزاب السياسيه الاسلامويه المذهبويه تكون غير مؤهلة للاضطلاع بالمهمات وهي ستميل حتما في احسن تقدير الى التوافقات والتحاصص مع احزاب الطائفه او الطوائف الاخرى وبالتالي فانها تكرس الانقسام والتفتيت في المجتمع والدوله واضعاف او فقدان الوحدة الوطنيه والارادة ا

اخر الافلام

.. محمود ماهر يخسر التحدي ويقبل بالعقاب ????


.. لا توجد مناطق آمنة في قطاع غزة.. نزوح جديد للنازحين إلى رفح




.. ندى غندور: أوروبا الفينيقية تمثل لبنان في بينالي البندقية


.. إسرائيل تقصف شرق رفح وتغلق معبري رفح وكرم أبو سالم




.. أسعار خيالية لحضور مباراة سان جيرمان ودورتموند في حديقة الأم