الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصير الدين بعد سقوط الميتافيزيقا

نعيم حيماد

2009 / 4 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ما الداعي للتساؤل حول مصير الدين بعد سقوط الميتافيزيقا ؟

لا شك أن الميتافيزيقا شكلت دائما حجر عثرة، طفت أعراضها على الساحة الفكرية الأوروبية خاصة والغربية عامة. ولا غرابة أن نجد كتبا تصف عناوينها الغرب بالسقوط والانهيار في جميع ميادينه، لأنه اعتقد في العقل وانتهى إلى مقابر جماعية. ولعل الفيلسوف مدعو أكثر من غيره باستمرار ودون توقف لتشخيص الهوة العميقة التي تخلف رضوضا وتشوهات على مستوى الواقع. لقد استقرت الولايات المتحدة في العراق، بالعنف، لأن العراقيين، بانغلاقهم ورفضهم للتبعية يشعرون بالكمال أو الاكتمال، اكتمال يهدد طموح الولايات المتحدة في السيطرة على العالم لاستدراك نقصها. لذلك، ولأن العقل لم يعد المرجع الأعلى لمبادئ كونية، ولأن عصر الواجب تجاه الله و العقل قد ولى، و لأننا في عصر التأويل، فإن الولايات المتحدة ترى ضرورة العناية بالمواطنين، فالغرب بالاضافة إلى الهيمنة الرأسمالية العالمية، يضع على عاتقه مهمة حضارية، لكنها وإن أفقدتها القوى الاستعمارية مصداقيتها، إلا أن أمريكا تعتقد أنه بالامكان استعادة قيمتها الحضارية تلك، التي تجعل منها مبدعة بعد أوروبا للديمقراطية والمسؤولية المدنية. هذا الابداع العظيم الذي تسجله اليوم أمريكا في قائمة إبداعاتها، يجرد الدين من معناه القديم (عصر الميتافيزيقا) و يعطيه وظيفة جديدة كمجال للثقافة، واجب عليه النظر إلى ما يحصل الآن-هنا ، دون الهناك خارج التاريخ باحثا عن حل مقدس لأزمة النفط.

المجتمع الذي تخطى المأزق الميتافيزيقي، وأعلن الانتصار على الميتافيزيقا، لا مكان فيه للدين (الاعتقاد في وجود المطلق، قوة فوق-انسانية) من وجهة نظر بعض أنصار الليبرالية الساخرة الأمريكية (رورتي نموذجا). هذا الفيلسوف الذي لا يملك أذنا موسقية للدين، يقول لبقية العالم ابعثوا طلابكم ليستكملوا دراساتهم في جامعاتنا، لتتعلموا أمورا تخص تقاليدنا، ومن المحتمل أن تنعموا بامتيازات الحياة الديمقراطية .

لعل هذه الدعوة تتطلب تجديد التربية لدينا لتصير بدون وثوقيات، ومن دون هذا التجديد، فإن أي حوار بين غرب ما بعد الميتافيزيقا والاسلام غير ممكن. لأن الدين لا يرغب في التضحية بسلطته والنتيجة أنه يوقف الحوار حسب تعبير نفس الفيلسوف. الأمل الأمريكي يكمن في الرغبة الجامحة في تعميم الحريات البورجوازية إضافة إلى السلام والثروة. ولننتبه إلى أنه بدون سد الهوة بين الأغنياء والفقراء وتعميم الغنى، فإن الديمقراطية تتوقف عن العمل (الديمقراطية = الحرية + السلام + الثروة) فيصير وجه الولايات المتحدة شاحبا وقلقا بشأن المستقبل السياسي. ولنرى بأن حرب 1973، حرب على المواقع في الشرق الأوسط، خلفت أزمة النفط، مما جعل الولايات المتحدة أكثر انقساما وأنانية. ربما تحلم هذه الولايات بوسم أنثروبولوجي مختلف لأنها مختلفة، و بحكاية خاصة بل و بكل فرد فيها، عبر المحادثة، بعد أن فقدت الميتافيزيقا فضيلتها الاقناعية ومشروعيتها الأخلاقية. تريد أمريكا أن تكون علة ذاتها، وغيرها ممكن الوجود. ربما هذا ما يسمها باختلاف انثروبولوجي، ويزج بها في الوقت ذاته في مأزق اثنومركزي. قد لا نفهم الكثير مما يحصل، لكن لنتوقف عن صياغة عبارات على منوال "قتل الفيتناميين بأيدي الفيتناميين ولا شك ستتضح الحكاية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا