الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو تحالفت الكلمة مع السلاح ؟!

نعيم حيماد

2009 / 4 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن كان المجتمع ضرورة تاريخية للخروج من حالة الفوضى أو للعودة إلى نقطة البدء الهادئة فلنكن طيبين حتى يزدهر الانسان وقد اكتسب حقوقه الطبيعية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي يضمنها القانون . علينا أن نبعد كل من يستأثر بخرق القوانين تحت أية ذريعة، لأنه ليس جديرا بالحياة من يميل لحكم الطغاة.

حدثت التجربة ذاتها في يونان القرنين السادس و الخامس قبل الميلاد، حين سن كليستين رئيس الدولة-المدينة أثينا قانون الأوستراسيزم . الفكرة عميقة و الأدوات بسيطة، قطعة فخارية يحفر فيها الفرد من عامة الناس اسم الشخص الذي يراه يميل لحكم الطغاة، ويضعها في وعاء بالأغورا وهي ساحة عامة يتخذ فيها الديمس (عامة الناس) قرارات تخص الشأن العام. وعندما يصل عدد القطع الفخارية ستة آلاف قطعة (صوت)، يُُنفى الطاغية برأي الديمس مدة عشر سنوات. في ذلك الأمد البعيد على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، اكتسب الناس حقوقا نفتقر لها الآن بعد ستة وعشرين قرنا على ضفاف نفس البحر، وفي زمن عولمة الليبرالية، وبعد التوقيع على مواثيق عالمية تخص حقوق الانسان. سمعنا عن "شهادات بدون قيود من أجل الحقيقة" لكن سمعنا أيضا أن الذين رُُفعت ضدهم دعاوى انتهاك حقوق الانسان انتهجوا تقنية الغياب.

إذا فقدت الكلمة قوتها، وإذا افتقرنا للكلام الفعال في وضعنا الحرج، فإن السلاح يعطي الكلمة ما يكفي من القوة لتفي بوعودها. إن كان السلاح يبث الخوف في سكان بعض المدن، فإنه بالمقابل يكون حارسا للقوانين. لذلك ليس غريبا أن يرتبط الاستبداد في السلطة بنزع السلاح كما فعل بسيستراتوس لشعبه عندما عاد إلى الحكم مدعيا تكليفه من الإلهة أثينا. الحقيقة أن الشعب صدق الحكاية، وأن الخرافات صانعة للاستبداد.

أعتقد أن اجماعا بين الناس على وجه الاطلاق بعيد المنال، لتضارب قناعاتهم وقد جمعتهم أرض واحدة. لو كان أصحاب حقيقة واحدة سكان قطعة أرض لاستطاعوا تحقيق المستوى الأدنى من الاستقرار، لكن المشكلة، قدر تاريخي، وسمة ملازمة للوجود البشري، لا تستقر القناعات لأنها انعكاس لواقع انساني متطور. ربما نقر في النهاية بأن التاريخ وليد الصراع، على الأقل لا نعلق آمالنا على مفهوم الخلاص، وإنما ندرب سواعدنا على التوظيف الجيد للقوة ونكون مع الشيخ إمام في قوله ما عادت ترهبني القوة فالقوة يملكها زندي . ولنتوقف عن تكملة "لن يهدأ لنا بال..." لأن البال لن يهدأ، ولنكتف بأخذ استراحة نستكمل بعدها الصراع. فحتى إذا فكرنا في الخلوة والانزواء بمكان في الطبيعة، فلا شك ستلاحقنا القوانين بتهمة "خارج الارتباط". لنقبل إذن بمسؤوليتنا نحن الطيبين.

تتضارب مصالحنا، مع أننا لو كشفنا عما نقصده بالمصلحة لوجدنا الأمر بغاية السخرية، أشياء بسيطة، سلفة بعشرة دراهم، الحصول على وثيقة إدارية يتماطل المكلفون بها في تعبئتها، النجاح في الانتخابات لنيل مقعد في البرلمان والتمتع بحصانة برلمانية، هذه نوع من المصالح التي تدفع الناس إلى صناعة تاريخ تبعي. قالها نزار قباني (و لم أر إلا قصائد تلحس ِِرجل الخليفة من أجل حفنة رز وخمسين درهم فيا للعجب). منذ الخليقة والناس يختارون منهم من يرون فيه الخلاص، نجحوا أحيانا وفشلوا أحايين. لكن على الأقل كانوا ذوى كبرياء عظيم استمدوه من إيمانهم القوي بما تقتضيه المصلحة العامة، فهِِموا وهَمُّّوا وكان ما أرادوه. أعود إلى الاعتقاد بأننا لو نظرنا إلى الصراع من جهة معكوسة، وأوقفنا عجلة التاريخ، في صراع مع الحركة، لبدت لنا ظواهر لم تكن بالحسبان، ولخلقنا طرقا جديدة في الصراع. فالتجربة كفيلة بتحويل العلاقات الاجتماعية، وقد اهتدت بالحقيقة الانسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د