الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعاني في طريقها للتحقق فالحرب لم تنته بعد

نعيم حيماد

2009 / 5 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ما أعظم أن ينتهي التاريخ بمرحلة يختفي فيها الاستغلال بين ذات وأخرى وبين مجتمع وآخر. حين من الدهر، كما أمل مظفر النواب، لا نوضع فيه في العصارة كي يخرج منا النفط. هذا الذهب الأسود الذي صار معه العالم أسودا و أيامنا سوداء، عندما يتحد بالسلطة والفكر يغدو مؤلَّها ولغته مؤلَّهة. أما وجودنا نحن فيستقر خارج هذا الثالوث )النفط-السلطة-الفكر(. والثورة صاحبة الوعد الصادق بيع جسدها في سوق النخاسة مع الأجساد الفانية رغم أحلام الشعراء. لعلهم فقدوا دورهم التاريخي في تجميل حياة الناس، أو لعل أفلاطون على صواب حين طرد الشعراء من مدينته خوفا من إفسادهم نفوس الشباب، أو أن ميلاد الفعل سبق مخاض الكلمة.

ألن يستيقظ الحس المشترك من غفلته ويعي موقعه التاريخي ليفهم أن التغيير وقف عليه، أم أن الخوف من الموت و إرادة البقاء يعينانه على الصبر حتى تفارق الروح الجسد في جو من الطمأنينة ؟ قيل إن السياسة مجال عام يتداول فيه السياسيون شؤون الشعب، لكن الواضح أن للعالم السياسي لغة خاصة أما الشعب فيلعن الظلام، تستمر لعبة الاستغلاق . لكن كيف يصير الشعب مؤهلا للتدخل في الأمور السياسية وهو لم يفهم بعد أن المسألة تتطلب منه إشعال الشموع في مسيرة طويلة و أبدية ، يندى لها جبين الممسكين مؤقتا بزمام الأمور . إن كنا سنرجئ احتجاجنا عليهم مستدلين بالقول من منكم بلا خطيئة فليرمهم بحجر ، فلنستقل ليس من السياسة فحسب ، بل من المجتمع كذلك لنصير خارج التاريخ و نطمئن بإحجام المتغيرات عن ملاحقتنا. حينها لن نحتاج إلى فلاسفة بل إلى ما دونهم. ولن يكون عامة الناس بكثرتهم أكثر من ملأ فراغات. لكن لو التزم الحس المشترك سياسيا وفكريا وأخلاقيا، وأبان عن حزمه في تشكيل جدار واحد، وقوة كاملة النضج، فلا شك سيلفظ كل المعاني البذيئة التي تتوارى خلف معطف الانسانية.

يوجد تصور يدعي أن عامة الناس على درجة من الغباء يمنعهم من فهم الأشياء، ويمكن بناء على هذا المبدأ الأخلاقي أن نجترح معنى من معاني الديمقراطية فنقول إنها كف أفراد الشعب عن إدارة شؤونهم. على هذا النحو يتجلى الشعب قطيعا حائرا وضالا، يختار من يمثله من الخاصة في لعبة كبيرة للانتخابات، ويتراجع إلى الخلف لتتملكه الحيرة و قد استنفد وجوده ك )شعب(. هذا النوع من الشعب لم يتلق من الأنتلجنسيا دراسة أو كتابا بعنوان »سياسة التصعيد: كتاب أبيض موجه إلى المواطني «، على غرار ما أقدمت عليه المائدة المستديرة للسياسة الخارجية الأمريكية- وهي جماعة غير رسمية، يتألف أعضائها من هيئة التدريس بجامعة واشنطن في مدينة سانت لويس بولاية ميزوري بتعاون مع أساتذة من جامعة كاليفورنيا- وإنما حوله نكوصه إلى مجرد مشاهد، وهذا ما يقتضيه سلام ديموقراطيتنا. حتى السخرية من الوضع صارت بالاجماع بين الخاصة والعامة، لكن الحقيقة تقول كما قال الجنرال اسحاق رابين » لقد زودَنا الأمريكيون بالأسلحة لكي نستخدمها وقت الضرورة« – وما دمنا تبعيين فلا شك استوعبنا معنى وقت الضرورة.

إن كانت نهاية التاريخ قد حلت وبلغ الوعي أوجه، فما أسوأ سخرية هذه النظرية حين يُكذِّبها الواقع. الأجدر أن نقول انتهى التاريخ حين صادرت الفلسفة التحليلية للدول السائدة معاني أسئلة طرحها شعراء اعتُبِروا متنحيين ، »وأسأل: يا سيداتي، ويا سادتي الطيبين: أأرض البشر لكل البشر؟ « / الراحل محمود درويش. إنه، في الحق، لشيء يدعو للأسى أن يَسْلُب الحكام حق تقرير المصير من الشعوب، فيخصصوا أكبر الميزانيات لتأمين ما يكفي من آلات القمع لاستعمالها عند الضرورة. ولا أعتقد أنه من الصدفة أن تأتي أكبرعملية سلب في التاريخ، طبعا بعد تشتيت الطاقة الدفاعية للعراق- كما وصفت ناعومي كلاين عقود شركات النفط الكبرى في العراق/ في مقال نشر بجريدة (المنارة)، العراق- تحقيقا للمعنى الذي يقصده رابين بحالة الضرورة، وهي عندما يتوقف العرب عن ضخ النفط إلى الغرب. وقد تساءل جيري دويل كما جاء في نفس المقال: - لماذا لا نذهب لنأخذ النفط هكذا، من دون طلب حتى ؟- طبعا، وهل هناك طريقة أخرى لمكافأة دولة عُدَّّّت محرِّرة للعراق بامتياز! لكن نعود ونتساءل أليس من حق الدولة أن تختلي بنفسها- حكومة وشعبا- في غياب الغرباء الطيبين ، لتنهض باقتصادها- صناعتها الوطنية- ومجتمعها و ثقافتها..؟ ربما هذا السؤال خال من المعنى، فالجرأة وحدها بل و الثورة تملآن الكلمات فيصيرالمعنى متحققا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور