الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكم في الإسلام ...

شامل عبد العزيز

2009 / 4 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لكل مفردة من المفردات في الإسلام معنيين : لغوي و اصطلاحي ..
ما معنى كلمة الحكم ؟ لغة : هي المنع .. يقال حَكَمَ الحصان أي منعه من الانطلاق ..
اصطلاحاً : خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد ...
انطلاقاً من ذلك وبما أن القرآن جاء بلسان عربي مبين .. نقول ..
كلمة الحكم في اللغة العربية لا تعني تولي وممارسة السلطة السياسية ..
كلمة الحاكم لم يتم تحديدها بصاحب القرار السياسي والقائم على أمره ..
كلمة الحكومة كذلك لا تعني السلطة السياسية التنفيذية ..
متى ظهرت هذه المُسميات ؟ ظهرت في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي .. لماذا ؟
لمواجهة فكر النهضة العربية الحديثة لمفاهيم الفكر السياسي الأوربي في فصلها بين السلطات الثلاثة .. التنفيذية والتشريعية والقضائية ..
بعدها بدأت سلسلة القاموس السياسي العربي في الانتشار ..
الأدلة على ذلك : ( يا يحيى خذ الكتاب بقوة وأتيناه الحكم صبيا ) .. هل يُعقل أن يحكم الصبي ؟ أو هل يجوز أن يحكم الصبي ؟ المراد من الآية التمييز بين الأشياء .. آية أخرى : فان جاؤك فاحكم بينهم .. هذا حكم قضائي في مقدار الدية بين فيئتين متخاصمتين من يهود المدينة ويجوز الاشتراك فيه أكثر من حاكم ( يحكم به ذو عدل منكم ) ...
السلطة السياسية في الإسلام تم التعبير عنها ( المُلك ) .. فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً.
إن مفهوم مصطلح السياسة آتى بمعنى الأمر وليس الحكم .. وأمرهم شورى بينهم ... ولم يقل حكمهم ..والشورى اختصاص دنيوي بينما الحكم خاص بالحقيقة والحق والعدل .
تقول بلقيس في النص القرآني ( أفتوني في أمري ما كنتُ قاطعة امرأ حتى تشهدون ) .. فرد عليها الملا ( والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين ).
الدين مجاله العقيدة والإيمان .. بينما السياسة مجالها الشورى والاجتهاد والقرار ..
هناك آيات في سورة المائدة : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون .. الظالمون .. الفاسقون ..
هل هذه الآيات تعني الحكم الذي أوردنا معناه ؟ قطعاً كلا ..
الإسلام السياسي يتشبث بها وينطلق منها لإثبات وجهة نظره .. والتي أقام منها الخوارج والمودودي وسيد قطب ومن سار على نهجهم أيدلوجيا كاملة فيها تكفير للمؤسسات والأفراد وتجهيل المجتمعات رغم أن الآيات تخص حادثة معينة ولا علاقة لها بأنظمة الحكم السياسية .. وهي في أهل الكتاب ( اليهود تحديداً ) أي أنها مسألة قضائية والذي لابد أن يتحقق العدل فيها وهو مطلب الجميع ..
إذن لماذا المطالبة بالحكم من قبل الجماعات الإسلامية ؟ هل حقاً مرضاة لله ولرسوله كما يقولون ؟
أليست النصوص هي الحاكمة على تصرفات المسلمين والذي لابد لكل مسلم أن يتبعها ؟
أين الحكم بالمعنى ( السياسة) في الإسلام ؟
يحتوي القرآن على بعض المصطلحات السياسية المتعلقة بالحكم كألفاظ الملوك والأئمة وأولي الأمر ولكنه لا ينص على تصور واضح للسلطة يمكن أن يتشكل منه مذهب سياسي معين .. كذلك لم يكن هناك نص تشريعي لمسألة الحكم كما هو الشأن في العبادات وبعض المعاملات والآيات لم تأت بنظام حكم سياسي وأداة للسلطة ..
وهناك نقطة مهمة وهي أن النبي لم يعين من يخلفه ؟ أو من يحكم بعده ؟ هل هذه ملاحظة جديرة بالاهتمام أم لا ؟
إن أزمة الفكر الإسلامي تتمثل في أن فقهاءه قيدوا أنفسهم وقيدوا غيرهم متوارين عن مفهوم الاجتهاد الضروري للتعايش في كل عصر بواقعه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المتغير والمتشعب البالغ التعقيد ..
لماذا الإصرار على أن الإسلام دين ودولة ولابد من الحكم بما أنزل الله وإقامة دولة الخلافة التي هي الدولة الإسلامية ؟ سوف نسأل ؟ هل تعرض القرآن لمسائل الحكم والسياسة وشكل الدولة ؟ وأين ؟ وإذا ما فعل ؟ لماذا اختلفوا في أول يوم وهو مؤتمر سقيفة بني ساعده والذي مزقهم وإلى الآن وهم الصحابة الأخيار والذي لابد أن نسير على نهجهم ونتبع سبيلهم ..
من خلال هذه المفاهيم التي بحثنا عنها في كتب أهل الاختصاص والشأن الإسلامي وأصول الفقه نقول :
مطالبة الجماعات الإسلامية بالحكم على اعتبار أن الإسلام هو الحل ؟ بالإسلام سوف تُحل جميع مشاكلنا لا بل مشاكل العالم أجمع .. كيف ؟
أين هي رؤية الإسلاميين للمستقبل ؟ هناك مشكلة حقيقية في الرؤية داخلياً وخارجياً لأنهم لا يملكون رؤية كونية يستطيعون على أساسها فرز الأصوات الدولية التي يمكن التحالف معها ويعتقدون أنهم قادرون دون تقدير للسياق الدولي على تحقيق مشروعهم السياسي وهو خطا جسيم ..
الجماعات الإسلامية التي تسعى إلى إقامة الدولة الإسلامية لا تسعى من أجل إرضاء الله والرسول كما يقولون بل من أجل غايات أخرى عن طريق الوصول إلى كرسي الحكم ولكن بشعارات دينية أو مُسميات فلا بد لكل فكر من شعار يرفعه ... يقولون لابد من تحقيق ذلك لان الله أمرنا ولابد من تنفيذ إرادة الله وإلا فان الإثم يقع على الجميع .
سوف نسترسل معهم إلى الأخير لنرى بعد إقامة الدولة الإسلامية كيف يكون الإسلام هو الحل ؟ وعن أي حل يتحدثون ؟
هناك متاجرين بالدين والذين يدعون أن الإسلام هو الحل .. لكنهم لم يوضحوا لنا وبلغة عصرية مفصلة وواضحة كيف ؟
هل الإسلام الشيعي هو الحل وهو الذي يحكمنا ؟ أم الإسلام السني ؟ هل الإسلام بمفهوم احمد بن حنبل .. بن تيمية . بن عبد الوهاب . بن باز . بن لادن . أم أن هذا الخط هو خط واحد لا يختلف ؟
أم أن الإسلام بمفهوم أبي حنيفة .. مالك ... الشافعي ..؟ هل هو إسلام سيد قطب والمودودي ؟ أم هو المزيج بين التيارات ؟ أم إسلام الأزهر وشيوخه ؟ ليخرج علينا مفكر أو منظر ويقول : من نتبع ؟ وأين هي الحقيقة ؟
المفاهيم والتصورات مختلفة بين جميع هولاء ..
لنعود إلى الصدر الأول .. عمر بن الخطاب فهم الإسلام غير ما فهمه أبو بكر ..عثمان فهمه بطريقة تختلف عن الاثنين بالرغم من أنه وعد بأنه سوف يسير على سيرة الشيخين إلا أنه لم يفعل فقتلوه ..
علي بن أبي طالب وشيعته فهموا الإسلام بطريقة تختلف عن طريقة معاوية .. معاوية أستطاع بحد السيف ودهاءه وتحالفه مع عمرو بن العاص أن يفرض مفهوم الإسلام السياسي وهو مفهوم بسيط جداً ( طاعة الحاكم من طاعة الله).. وهو المفهوم السائد إلى ألان ..
هذا في السياسة .. فماذا عن الفقه والعقيدة .. فكتب الفقه ما أكثرها تمتلئ بالاختلافات في كل شيء .. هل نفهم الإسلام كما فهمه فقهاء الشيعة ؟ أم المعتزلة ؟ أم أهل السنة والجماعة الذين تفرقوا إلى أشاعرة وسلفيين ؟
هل الإسلام إسلام الغزالي ؟ أم إسلام أبن رشد ؟ أم ابن حزم ؟ هذا في القديم ...
في الجديد ما هو الإسلام وكيف نفهمه ؟ كما فهمه محمد عبده ؟ أم محي الدين الخطيب ؟ وكلاهما كان شيخاً للأزهر وكلاهما كان له فهماً مختلفا عن الأخر ؟ أم نفهم الإسلام كما فهمه شيخ الأزهر الحالي ؟
هل الإسلام هو إسلام وفهم حسن ألبنا أم أخيه جمال ألبنا ؟ أم سيد قطب وجميعهم خرجوا من رحم الأخوان المسلمين ؟ أم إسلام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ هل الإسلام هو إسلام السلفية الجهادية أم السلفية الإصلاحية ؟
عندما يكون الحل في أي شيء فيجب أن يكون هناك اتفاق واضح على هذا الحل .. هناك اختلاف في كل شيء إلا في الشعار ( الإسلام هو الحل )..
في الماضي الصحابة اختلفوا كيف يكون الحل إلى درجة الاقتتال وسفك الدماء ولقد انحاز المسلمين إلى هذا الطرف أو ذاك وما زال الاختلاف دائراً بين الطرفين حتى الآن وما زالت الدماء تسفك ..
يجب أن يقولوا لنا عن أي مفهوم للإسلام يتحدثون لنعرف أي حل يقصدون .. ثم بعد ذلك سنوافق على أن يحكمونا ... إنهم يبحثون في أمور تزيدنا جهلاً وتخلفاً .. نحنُ أكثر شعوب الأرض تخلفاً وفقراً رغم ما لدينا من ثروات لكنهم لا يفقهون .. إنهم يبحثون وينشغلون بالأوهام أو لغاية في نفس يعقوب ؟
إن الجهود ضائعة ولا تصب في مصلحة أحد بل العكس هو الصحيح ..
القرآن يصف نفسه أنه تبياناً لكل شيء ... أين الخلافة أو الدولة في القرآن ؟ إذا ما كانت ضرورية فلماذا لم يتناولها ؟ وإذا لم تكن بالأهمية فلماذا يطالبون بها ؟ كثيرة هي الأسئلة ولكن الأجوبة قليلة ؟ أو بالأحرى لا أجوبة عن كل التساؤلات التي أوردناها ..
نتمنى أن تكون هناك أجوبة وفق نصوص الشريعة واضحة دون لبس ودون الخوض في أقوال الرجال ..
في الختام : هناك أراء وتعليقات بدأت تظهر في الفترة الأخيرة على موقع الحوار في الردود على الكُتاب الذين يتناولون موضوعات الدين الإسلامي تقول هذه الآراء أن الخلل في التطبيق وليس في النظرية ..
نحنُ نسأل ؟ أي تطبيق تقصدون ؟ هل هناك رأي واضح ومحدد يشرح لنا كيف يكون الخلل في التطبيق وأين حدث ذلك هل في الصدر الأول أي الخلافة الراشدة ؟ أم خلافة الأمويين أم العباسيين ؟ أم تقصدون الوقت الحاضر ؟ ثم أين هي دولة الإسلام حتى يحدث الخلل في التطبيق ؟ أم أن هذه الآراء مجرد أراء عاطفية لغرض الدفاع عن معتقد ما دون وعي . يجب أن يكون المفهوم واضحاً عندما تقولون ( الخلل في التطبيق وليس في النظرية) عند ذلك سوف يكون للموضوع رد أخر ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صح صح صح
جيفارا ( 2009 / 4 / 25 - 21:20 )
كلام جدآ منطقي ف ألسلام دين عبادة وطقوس وعلاقة ألخالق بلمخلوق ووجباتة أتجاة خالقة في أداء الفروض00 ليست واجباتةتكوين تكتل أسلامي أوحزب ودخول ألانتخابات كتكتلات سياسية نيابتآ عن الدين ألاسلامي


2 - الخلل في التطبيق وليس في النظرية
جحا القبطي ( 2009 / 4 / 26 - 11:33 )
الخلل أصلا في بنود النظرية بكاملها ...!! موضوعاتك إستاذنا تليق بالعقل السليم


3 - رد
علي ( 2009 / 4 / 26 - 12:13 )
من يقول أن مشكلة الإسلام في التطبيق وليس في نظريته فليقرأ كتاب المفكر عباس عبدالنور المعنون بمحنتي مع القرآن ثم يحكم ، ومن هنا فهذه دعوى بل تحدي لكل رجال الدين الإسلامي على اختلاف درجاتهم ومذاهبهم أن يأتوا بمثل هذا الكتاب أو أن يدحضوه او على أقل تقدير أن يسمحوا بطرحه في -السوق- فهذا الكتاب مضاد للقرآن وغالب عليه فاتركوا الكتاب في مواجهة الكتاب إن كنتم صادقين
تركتكم بخير


4 - تعقيب على تعليق رقم 3
بشر ( 2009 / 4 / 26 - 17:48 )
بعد شكر الاخ شامل على مقاله الرائع اود ان اقول بان ما جاء به الاخ علي بخصوص كتاب الدكتور عباس عبد النور صحيح وانا اشجع كل من يخامره خاطر او شك فيما يتعلق بالاسلام ان يطالع كتاب الدكتور المذكور وبعدها سيرى ما سيخرج به من استنتاجات وهذا الكتاب موجود على موقع books not easy to get
تحياتي للجميع


5 - من السبب
المتابع ( 2009 / 4 / 26 - 20:35 )
سيدي العزيز اعتقد جازما ان الخلل كان في الصحابة منذ يوم السقيفة الملعون هذا وربما كان ايضا عند علي بل هو لدى معاوية اشد وضوحا الا اني اميل الى الاعتقاد ان الخلل جله كان قد ظهر مع ظهور المعتزلة وهم السبب دون شك في ايقاع الحنابلة بورطة الخلاف مع الجميع مع ظني الذي لايخطا ان كل هذا الانحراف قد يتحمله ابو حنيفة النعمان بسبب تساهله غير المبرر ومع ذلك ليس من الانصاف تحميله المسؤولية منفردا اذ يشاركوه دون ريب صنواه مالك والشافعي باعتبار ان بدايات التدوين لاصول الفقه كانت معه وطبعا هذا لا يعفي جميع الفرق الشيعية وفرق الغلاة والباطنية المسؤولية عن ما الت اليه احوال امة المسلمين من تخليط كان الاتهام يوجه به الى الفرق الصوفية الا ان يصر على الدوام بوجوب لعنة الدولة الفاطمية النشقة عن دولة المسلمين الام وربما كان صديقي هذا ينوي استفزازي في القول ظنا منه اني متحيز الى دولة الصفويين مع اني لم اتهمه بالدفاع عن الدولة العثمانية السنية ويا سيدي ولان هذا تاريخ قديم لايجب ان نركن اليه في التسليم بالاسباب الحقيقية يتوجب علينا ان نكون اكثر موضوعية ونتهم السلفيين في السعودية وربما الاجدر ان نتهم ايران الشيعية الا اني في الفترة الاخيرة وبعد اطلاعي على الاخوة من اهل القران صار يقيني اكيدا

اخر الافلام

.. جون مسيحة: مفيش حاجة اسمها إسلاموفوبيا.. هي كلمة من اختراع ا


.. كل يوم - اللواء قشقوش :- الفكر المذهبي الحوثي إختلف 180 درج




.. الاحتلال يمنع مئات الفلسطينيين من إقامة صلاة الجمعة في المسج


.. جون مسيحة: -جماعات الإسلام السياسي شغالة حرائق في الأحياء ال




.. إبراهيم عبد المجيد: يهود الإسكندرية خرجوا مجبرين في الخمسيني