الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجنّة والجحيم

كامل علي

2009 / 4 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الجنّة والجحيم:
هنالك أسلوبان مختلفان للثواب وألعقاب في ألأديان ألأبراهيمية ( اليهودية والمسيحية وألإسلام )، ألأسلوب ألمباشر كأنْ يٌنزِل ألله صاعقة مِنْ ألسماء على ألعاصي أوألمُذنِب فيُحرقه بعد أقترافه ألمعصية في ألحياة ألدنيا وكما حدث لبعض أليهود عندما عصوا أو خالفوا موسى وربَّه (( يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ ۚ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِنْ ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ۚ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَٰلِكَ ۚ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَانًا مُبِينًا )) سورة ألنساء، ألآية 153، وقد عاقب ألله أيضا بعض ألأقوام ألبائدة بصورة مباشرة كقوم فرعون (( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ))...سورة ألأعراف، ألآية 133، وقوم عاد وثمود (( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ))...سورة فُصِّلت، ألآية 13، وقوم نوح (( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ))...سورة ألعنكبوت، ألآية 14، فلمْ يُمهِل ألله هؤلاء حتّى يوم ألقيامة.
نلاحظ أنَّ ألله لَمْ يَستخدِم هذه ألأساليب ألمباشرة للعقاب في حقبة ألدعوة ألأسلامية بألرغم مِنْ طَلبْ ألمُشركين مِنْ ألله أنْ يُمطِرَ عليهم حجارة مِنْ ألسَّماء لكي يُصدّقوا بأنَّ محمّدا نبيُّ يوحى إليهِ (( وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا ۙ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ *وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ *وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * )) سورة ألأنفال، ألآية 31- 33.
وكمثال على ألثواب ألمُباشِر فنلاحظ أنَّ ألربَّ كافأ أليهود لإطاعتهم موسى بألمنِّ وألسلوى وأنقذهم مِنْ فرعون وجنوده بشق أليَمِّ بواسطة عصا موسى ألسحرية.
أمّا ألاسلوب ألغير ألمباشر للثواب وألعقاب في ألأديان ألأبراهيمية فهو ألوعد بألجنّة كثواب وبالجحيم كعقاب. إنَّ ألثواب في ألدين ألأسلامي يكون مؤجلّا إلى يوم ألقيامة ويتحقق بإدخال ألمؤمنين إلى جنّات عدْنٍ تجري مِنْ تحتها ألأنهار خالدين فيها أبدا، وهنالك مُغريات أُخرى في ألجنّة كأنهار ألخمر وأللبَن وألعسل وقصور وظلال وحوريات جميلات يستطيع ألمؤمِن مُمارسة ألجنس معهنَّ أنّى يشاء، كما يوعَد ألمؤمِن بألخدمة مِنْ قِبل غلمان ذو حُسن وجمال فائق (( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ))...سورة ألإنسان، ألآية 19، يقول ألمُفسِّر أبن كثير في تفسير هذه ألآية ما يلي:
أَيْ يَطُوف عَلَى أَهْل الْجَنَّة لِلْخِدْمَةِ وِلْدَان مِنْ وِلْدَان الْجَنَّة " مُخَلَّدُونَ " أَيْ عَلَى حَالَة وَاحِدَة مُخَلَّدُونَ عَلَيْهَا لَا يَتَغَيَّرُونَ عَنْهَا لَا تَزِيد أَعْمَارهمْ عَنْ تِلْكَ السِّنّ وَمَنْ فَسَّرَهُمْ بِأَنَّهُمْ مُخَرَّصُونَ فِي آذَانهمْ الْأَقْرِطَة فَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْ الْمَعْنَى بِذَلِكَ لِأَنَّ الصَّغِير هُوَ الَّذِي يَلِيق لَهُ ذَلِكَ دُون الْكَبِير " إِذَا رَأَيْتهمْ حَسِبْتهمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا " أَيْ إِذَا رَأَيْتهمْ فِي اِنْتِشَارهمْ فِي قَضَاء حَوَائِج السَّادَة وَكَثْرَتهمْ وَصَبَاحَة وُجُوههمْ وَحُسْن أَلْوَانهمْ وَثِيَابهمْ وَحُلِيّهمْ حَسِبْتهمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا وَلَا يَكُون فِي التَّشْبِيه أَحْسَن مِنْ هَذَا وَلَا فِي الْمَنْظَر أَحْسَن مِنْ اللُّؤْلُؤ الْمَنْثُور عَلَى الْمَكَان الْحَسَن قَالَ قَتَاده عَنْ أَبِي أَيُّوب عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو : مَا مِنْ أَهْل الْجَنَّة مِنْ أَحَد إِلَّا يَسْعَى عَلَيْهِ أَلْف خَادِم كُلّ خَادِم عَلَى عَمَل مَا عَلَيْهِ صَاحِبه.... أنتهى.
لي صديق مُتَديِّن وحاج للبيت ألحرام قال لي يوما وهو يُحدّثني عن ألجنّة وعيناه تلمعان ببريق ألرغبة:
هل تدري أنَّ في ألجنّة نساء جميلات ذوات أثداء متناسقة؟ وأردفَ قائلا: أنَّه في شوق ولهفة للقائهنَّ بفارغ ألصبر، ثمَّ قرأ ألآية: ((إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا *حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا *وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا *وَكَأْسًا دِهَاقًا *لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا *جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا * ))... سورة ألنبأ، ألآيات 31-36 .
يقول أبن كثير في تفسير (( وكواعب أترابا )) مايلي: أَيْ وَحُورًا كَوَاعِب قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَغَيْر وَاحِد " كَوَاعِب " أَيْ نَوَاهِد يَعْنُونَ أَنَّ ثَدْيهنَّ نَوَاهِد لَمْ يَتَدَلَّيْنَ لِأَنَّهُنَّ أَبْكَار عُرْب أَتْرَاب أَيْ فِي سِنّ وَاحِد كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانه فِي سُورَة الْوَاقِعَة قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن الدَّسْتَكِيّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي سُفْيَان عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن تَيْم حَدَّثَنَا عَطِيَّة بْن سُلَيْمَان أَبُو الْغَيْث عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن الْقَاسِم بْن أَبِي الْقَاسِم الدِّمَشْقِيّ عَنْ أَبِي أُمَامَة أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّث عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " إِنَّ قُمُص أَهْل الْجَنَّة لَتَبْدُو مِنْ رِضْوَان اللَّه وَإِنَّ السَّحَابَة لَتَمُرّ بِهِمْ فَتُنَادِيهِمْ يَا أَهْل الْجَنَّة مَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ أُمْطِركُمْ ؟ حَتَّى إِنَّهَا لَتُمْطِرهُمْ الْكَوَاعِب الْأَتْرَاب " .
هل يُعقَل بأنَّ ألله ألمُنزَّه يعِدُنا بوعود كهذه وبهذه ألصيغة ألجنسية ألرخيصة؟ أليس ألسبب أنَّ طلائع ألمسلمين في ألجزيرة ألعربية ونتيجة لتناولهم غذائهم ألأساسي ألتمر بكثرة، كانوا بحاجة الى ممارسة هذه ألحاجة ألبيولوجية بكثرة بدليل أنَّهم كانوا لايكتفون بزوجة واحدة في مُعظَم ألحالات؟
وألوعد بأنهار مِن ألخمر، أليس ألسبب في تشريعها إدمان معظم المسلمين الاوائل عليها؟ وما هو ذنب إنسان ألقرن ألتاسع عشر أو ألعشرين لحرمانه مِن أشياء يُحبّها في ألحياة ألدنيا ولا يجدها في ألجنّة كتدخين ألسجائر وألإستماع إلى ألموسيقى وألغناء وحتّى مشاهدة مباراة لكرة ألقدم أو ممارستها؟ أليس مِن ألمنطقي أنْ يكون وعود ألجنّة شاملا لكل مانُحِبه ونعشقه في الحياة الدنيا وليس ألطعام وألخمر وألجنس فقط. أنا شخصيا لا أرغب في أنْ أقضي عمري ألخالد في ألجنّة بألأكل وألسُكر وممارسة ألجنس لأنَّ ألإنسان يمِلُّ مِن تكرار هذه ألممارسات لفترة طويلة، فكيف إذا كان ذلك قدري إلى مالانهاية؟ ثمّ ما ذنب ألّنساء ألمؤمِنات؟ لِمَ لَمْ يَعِدٌهنَّ ألله برجال ذو أجسام متناسقة ووجوه جميلة كوجوه ممثلي هوليود؟ أليس ألسبب في حرمان النّساء مِن هذا ألثواب أنَّ ألمُشرِّع مُتحيّز نحو ألرجال وهل هذا يتلائم مع ألعدالة ألإلاهية؟
هنالك وعود أخرى في ألجنّة تتكرر في ألقرآن وألأحاديث كألوعد بألظلال، أليس ألسبب ألمنطقي في ذلك تَميُّز مناخ الجزيرة ألعربية بألحر ألشديد وأنَّ سكّانها كانوا متعطشين للجلوس أو ألنوم في مكان ظليل؟ وما ذنب ألمؤمِن ألّذي يعيش في ألنرويج أو فنلندا وحتّى في ألقطب ألشمالي وألّذين هم بحسرة لرؤية شمس ساطعة؟ ألا يجب أنْ يكون ألتشريعات ألإلاهية شاملا لكل ألبشر ولكل ألأزمان؟
في سورة ألأعراف وردت ألآية ألتالية (( وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ )) ألآية 46 . ورد في تفسير ألجلالين حول هذه ألآية مايلي:
وَبَيْنهمَا" أَيْ أَصْحَاب الْجَنَّة وَالنَّار "حِجَاب" حَاجِز قِيلَ هُوَ سُور الْأَعْرَاف "وَعَلَى الْأَعْرَاف" وَهُوَ سُور الْجَنَّة "رِجَال" اسْتَوَتْ حَسَنَاتهمْ وَسَيِّئَاتهمْ كَمَا فِي الْحَدِيث "يُعْرَفُونَ كُلًّا" مِنْ أَهْل الْجَنَّة وَالنَّار "بِسِيمَاهُمْ" بِعَلَامَتِهِمْ وَهِيَ بَيَاض الْوُجُوه لِلْمُؤْمِنِينَ وَسَوَادهَا لِلْكَافِرِينَ لِرُؤْيَتِهِمْ لَهُمْ إذْ مَوْضِعهمْ عَالٍ "لَمْ يَدْخُلُوهَا" أَيْ أَصْحَاب الْأَعْرَاف الْجَنَّة "وَهُمْ يَطْمَعُونَ" فِي دُخُولهَا قَالَ الْحَسَن : لَمْ يُطْمِعهُمْ إلَّا لِكَرَامَةٍ يُرِيدهَا بِهِمْ وَرَوَى الْحَاكِم عَنْ حُذَيْفَة قَالَ بَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَبّك فَقَالَ قُومُوا اُدْخُلُوا الْجَنَّة فَقَدْ غَفَرْت لَكُمْ.....أنتهى.
نفهم مِن هذا ألتفسير أنَّ ألله يحشر في منطقة ألأعراف ألّذين تتساوى أعمالهم ألخيّرة وألشريرة في ألميزان وهذا حلٌّ لحالة خاصة، وينتظرهؤلاء حتّى يقرر ألله مصيرهم، ثمَّ يقرر ألله بعد ذلك أدخالهم ألى ألجنّة، وألتساؤل ألمطروح هنا هو: هل يحتاج ألله ألى فترة ليفكّر ويقرر مصير هؤلاء ألمساكين ألّذين سيعانون مِن سياط ألقلق ألنفسي خلال فترة ألأنتظار؟
امّا ألعقاب في ألجحيم فهو ألسبب ألرئيسي لتهافت ألنّاس على ألإيمان بالإسلام، لأنَّ ألعذاب وألرعب ألموصوف في ألقرآن لا يدانيه أفضل أفلام ألرعب ألأمريكية منذ أكتشاف ألسينما، أنظر إلى هذه ألآية (( أَذَٰلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ *إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ * ))...سورة ألصّافات ألآية 62- 68، فأصحاب ألجحيم يأكلون مِن شجرة أسمها ألزقّوم وفاكهة هذه ألشجرة تشبه رؤوس ألشياطين، ولا ندري هل تؤكَلُ نيئّة أم يُسمَح لهم بالطبخ في جهنّم لكون ألوقود متوفرا وبالمجان (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ))...سورة ألتحريم 16. وأخيرا وليس آخرا اقرأ هذه ألآية (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ))...سورة ألنساء ألآية 56.
لا يُمكن أنْ أتصوّر أنَّ ألله ألرحمن ألرحيم ألّذي خلق هذا ألكون ألشاسع بنجومه ومجرّاته وبهذا ألنظام ألبديع يُعذّب ألنّاس، لأنه ليس مِن ألعدالة أنْ يدخل ألجنّة إنسان ولِد في ألمملكة ألعربية ألسعودية وتربّى على مباديْ ألدين ألإسلامي منذ نعومة أظفاره، ويعاقب إنسان ولِد في ألأسكيمو أو في مجاهل غابات ألأمازون وألّذي لَمْ يسمع طوال حياته عن شيء إسمه ألقرآن أو ألإسلام أو محمّد، صحيح أنّ ألقرآن يذكر بأنَّ ألله لا يُعذّب حتى يبعث رسولا، ولكن ما ذنب ملايين مِن ألبشر مِن ألهنود ألحمر والصينيين وألقبائل ألبدائية في مجاهل أفريقيا وألامازون وأستراليا في حاضر ألأيام وماضيها ومستقبلها كي يُحرَموا مِن نعمة ألإيمان وحلاوته، ألا يتناقض هذا مع ألعدالة ألإلاهية؟
شاركت في ألثمانينات أثناء حكم صدّام حسين في لجنة شكّلتها وزارة ألثقافة وألاعلام ألعراقية للتحضير لمسابقة نصب تذكاري يُخلّد شهداء معركة الخليج ألأولى ( ألقادسية ألثانية ) وكان معي في أللجنة مثقفون عراقيون وأديب لبناني معروف ودار نقاش بيننا حول سبب كون جميع ألأنبياء مِن ألشرق ألأوسط، فذكر أحد ألحاضرين بأنَّ سبب أختيار ألله للأنبياء مِن ألشرق ألاوسط حصرا لكون هذه ألمنطقة منبع ألحضارات في تلك ألحقبة مِن ألزمن.
قلتُ له معترضا ولكن في نفس تلك ألفترة ألزمنية مِن تاريخ ألإنسانية كانت هناك حضارات في أمريكا ألجنوبية كحضارة ألأزتيك وحضارة ألمايا؟ فسكت ألأخ ولم ينبس ببنت شفة، إنَّ ألسبب ألمنطقي هو أنَّ جميع ألأديان ألأرضية وألسماوية هو من تأليف ألبشر وقد أقتبس أللاحقون مِن ألسابقين مع أجراء بعض التعديلات ألّتي تناسب ألمجتمع ألّذي ظهر فيه ألدين ألجديد زمانيا ومكانيا، علما بأنَّ ألاديان فيها جوانب أيجابية وسلبية وساهمت بأيجابياتها في تطوّر بعض ألأفكار وألمعتقدات ألإنسانية وبسلبياتها في نشوب ألحروب وما تخلّفه مِن ألارامل وألأيتام ناهيك عن ألعبيد والسبايا مِنْ ألنساء ونهب ألأموال وهدم ألبنيان ونشر ألحقد وألضغينة بين بني ألإنسان وأضرار بالنبات والحيوان، فبأيِّ آلاء ربِّكما تُكذّبان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصفة تتبع الموصوف
خويندكار ( 2009 / 4 / 27 - 20:54 )
تحياتي الصادقة 000 اعتقد ان عقائد مابعد الموت وجدت في بداية تشكل الوعي الانساني, بعد ان حرر الانسان يديه من الارض وبداء يمشي على قدمين ؛ من وقتها طرح السؤال الازلي الخالد ( من اين والى اين ) سؤال واحد باءداتي استفهام , شكل من جانب الاساس الذي انطلقت منه لاحقا كل العلوم والفنون والاداب والفلسفات التي انتجت الحضارات الانسانية وصولا الى الرقي المشهود الراهن على كل الاصعدة : ومن الجانب الاخر , وفي غمرة الحيرة من الظفر بالجواب , كان السؤال يمثل المعول الذي حاول ويحاول الانقضاض على كل ذلك البنيان الشامخ .منذ ان ابتدع ( ابراهيم ) اسطورة الله الواحد الاحد_ وان كنت من المعتقدين باءن ابراهيم هو نفسه اسطورة من الاساطير, بل هو العنها _ومن ثم اضاف موسى وعيسى ومحمد _ كلا بريشته _ اخر اللمسات على اللوحة . على العموم فيما يخص موضوع مقالتك الرائعة اسمح لي ان اتساءل , ان الحكمة اقترنت بالله المزعوم كصفة اصيلة من صفاته , وان الحكمة البشرية التي لاترتقي قطعا الى حكمة الرب تستدعي _ من ضمن ماتستدعيه _ ان يكون الجزاء من جنس العمل , فهل من الحكمة في شيء ان يخلد المرء في النار لالشيء سوى ان واسطته المسؤولة عن الاستدلال على ال ( الله ) الذي هو خالق تلك الواسطة _ عقلا كان اوقلبا اودماغا او مخا او مخيخ _


2 - يوم القيامة
هندال سالم ( 2009 / 4 / 28 - 18:28 )
شكرا لموضوعك ولكن لدي سؤال ليت احد الباحثين يكتب عنه ؛ هل في يوم القيامة يحاسب كل البشر بما فيهم الأنبياء ؟ وما موقف ما جاءت به سورة الأعراف من يوم القبامة التي تذكر أن سورا كعرف الديك يفصل بين اهل الجنة بالميمنة واهل النار بالميسرة والمحايدون فوق العرف !! اقول هل يوجد قبل القيامة ام بعدها اتمنى ان أقرأ عنه يوما وشكرا ...


3 - الدار الآخره
طائر الليل الحزين ( 2009 / 4 / 28 - 19:13 )
الأخ الفاضل كمال علي , نشكر لك التحدث في هذا الموضوع الشديد الغموض والذي حير البشرية علي مدار كل العصور , إنه موضوع مابعد الموت ....وكيف سيكون الحال ...وكيف سيحاسبنا الله....هل سيكون شديد البطش بالعاصين ؟شديد الرحمة بالمؤمنين كما وصفت بعض الكتب المقدسة ؟ أم تراه سيكون رحيما بالكل العاصي والطائع ؟ أ؟م تراه سيترك الجميع يواجهون مصيرا مجهولا وكل وحظه فقد يواجه العاصي مصيرا فيه بعض الحظ الجيد بينما قد يواجه المؤمن مصيرا آخر فيه حظ أقل ؟؟ طبعا الإنسان بفطرته قد يأبى هذا المصير فالعاصي الظالم لابد وأن يُدان والمظلوم لابد وأن يأخذ الله حقه ؟هذا هو يقين الإنسان عن الله...فمن هو الله؟؟!!!سؤال حير جميع البشر!!الله له ديانة عامه داخل كل نفس بشرية تجذب النفس لتقديسه وعبادته بالفطرة ولكن العقل المادي بقصوره هو الذي يشوه هذه العبادة الفطرية ويحولها من شيئ سام رفيع إلى شيئ آخر وضيع فيه الأنانية وتفضيل الذات والغطرسة وهذه هي الكارثة الإنسانية على مدار العصور وقد أعجبتني كلمتك بأن ألاديان فيها جوانب أيجابية وسلبية وساهمت بأيجابياتها في تطوّر بعض ألأفكار وألمعتقدات ألإنسانية وبسلبياتها في نشوب ألحروب وما تخلّفه مِن ألارامل وألأيتام ناهيك عن ألعبيد والسبايا مِنْ ألنساء ونهب ألأموال وهدم ألبنيان ونشر

اخر الافلام

.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة