الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمكن التخلص من السرقات الفكرية؟

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2009 / 4 / 29
التربية والتعليم والبحث العلمي


السرقة الفكرية هي أن يستولي شخص ما علي أفكار الآخرين ويقدمها للقراء علي أنها من بنات أفكاره ونتاج ما أفرزته قريحته من دون أن يستوقفه وخزة ضمير أو مراجعة للذات. وتتمثل السرقة الفكرية في اغتصاب بعض المنتمين لمجتمع الجامعة لأبحاث علمية أو قيام بعض رجال الصحافة بالسطو على مقالات صحفية وكتابات منشورة علي شبكه الانترنت.

لقد انصب الاهتمام في الفترة الماضية علي السرقات العلمية التي ترتكب في أروقة الجامعة وهي سرقات باتت مقترنة بالإنتاج العلمي الذي يقدمه طلاب الدراسات العليا فى الجامعة بهدف الحصول علي درجات علميه كالماجستير والدكتوراه أو تلك الأعمال العلمية التي يعدها أعضاء هيئه التدريس بغرض الترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد أو أستاذ. من المعروف أن معظم السرقات العلمية تكتشفها اللجان العلمية المنوط بها إعداد تقارير فحص الإنتاج العلمي وهذه التقارير تشتمل علي الأدلة التي تثبت ارتكاب السرقات العلمية وتوصى بإحالة مرتكبها لمجلس تأديب. ومن نافلة القول إن بعض الجامعات تغض الطرف عن هذه المخالفات وكما أن بعض إدارات الجامعات—على حد قول الدكتورة شيرين أبو النجا فى مقالة لها بإحدى الصحف الخاصة—تتواطأ فى ترقية مرتكبى السرقات العلمية. لقد تناولت الصحف والمجلات هذه السرقات وكشفت عن هوية مرتكبيها ولاقت هذه الخطوة إعجاب واستحسان مجتمع الجامعة الذي يطالب باتخاذ خطوات جادة لاجتثاث هذه الظاهرة من الجسد الجامعي. وبالفعل فقد شرع المجلس الأعلي للجامعات لإعداد قواعد جديدة للترقيات وهي القواعد التي من شأنها أن تحد من هذه الظاهرة البغيضة.

إذا كانت وسائل الإعلام المتمثلة فى المجلات والصحف بكافة أشكالها تسعى لكشف جرائم السرقات العلمية فمن الأحرى ألا يأتى القائمون عليها بذات الجرائم. ما يثير الحزن و الأسى هو أن العدوى قد انتقلت إلى المؤسسات الصحفية المنوط بها كشف مخالفات النشر وجرائم السرقة الفكرية. لقد امتدت اتهامات السرقة الفكرية لمقالات صحفيه سطرها كتاب كبار في صحف مرموقة كالأهرام. ورغم أن السرقات العلمية التي تتم في الجامعة أكثر خطورة لأن الآثار المترتبة عليها قد تساهم في تدمير وانهيار منظومة التعليم وتدفع المجتمع إلى غياهب الجهل والتخلف غير أنني بصراحة أشعر بغصة ومرارة فى الحلق وحزن عميق فى النفس حين اكتشف أن كاتبا كبيرا ورمزا من رموز الصحافة لا يجد غضاضة فى نقل أفكار الآخرين من دون أن يذكر مصادرها، وهذا من شأنه أن يلقي بظلال من الشك علي كافة أعمال الكاتب. من الواضح أن الثورة المعلوماتية المتمثلة في الشبكة العنكبوتية ساهمت في انتشار السرقات المختلفة لأفكار الآخرين حيث تتنوع أساليب السرقة التى تتخذ أشكالا شتى فى المجال الصحفى: فهنالك النقل الحرفى لأعمال منشورة ومتاحة علي الانترنت ومن الملاحظ أن السارق في هذه الحالة يكتفي بالنقل العمياني دون أن يتكبد عناء تصحيح الأخطاء الواردة في النص الأصلى وهنالك نموذج آخر يتمثل في التقديم والتأخير بهدف تضليل القارئ والحيلولة دون اكتشاف المصدر كأن يحول الجملة الاسمية في النص الأصلى إلي جمله فعلية من خلال نقل الفعل إلي مقدمة الجملة وهذا ما أتى به أحد كتاب الأعمدة في صحيفة قومية مرموقة حيث تم النقل من موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة ونموذج ثالث هو نقل الجمل والعبارات من عدة مقالات كما الحال في مقالتين لكاتبين من كتاب الأعمدة في جريدة قومية.

ومن سخرية القدر أن تصبح شبكة الانترنت التي تغرى وتشجع علي السرقة مجالا لفضح لصوص الكلمة. وهذا يتجلي في أمرين مهمين: أولا من السهل اكتشاف الأعمال المسروقة من الشبكة من خلال محركات بحث مثل جوجل ولايكوس والتا فيستا وغيرها حيث يمكن كتابه جملة من مقال لنكتشف مصدرها. ثانيا تحتوي الشبكة علي مواقع تفضح لصوص الكلمة والأفكار وتكشف عن أسمائهم وتقدم النص الأصلى وما يقابله من نص منقول أو مسروق. ما يدعو إلى التفاؤل هو أن بعض إدارات الصحف بدأت تهتم بهذا الأمر. لقد سعت بعض الصحف الكويتية كصحيفة "الرأى" وصحيفة "الطليعة" إلى إحالة الكتاب الذين ترد أسماؤهم فى موقع "لصوص الكلمة" إلى التحقيق.

لن تستقيم الأمور في مجتمع الجامعة أو في عالم الصحافة إلا إذا قام القائمون عليها باتخاذ إجراءات رادعة تساهم فى إبعاد كل من تسول له نفسه أن يستولي علي جهود وأفكار الآخرين. روز اليوسف، عدد1159، 27 إبريل 2009م، ص9.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل سقطت في فخ حماس..فكيف تترجم -الانتصار- على الأرض؟ |


.. تمرّد أم انقلاب؟ إسرائيل في صدمة!| #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد مسار عملية رمي جمرة العقبة في أول أيام عي


.. مراسل الجزيرة يرصد تطورات الخلاف في إسرائيل بشأن -هدنة تكتيك




.. مظاهرات في ألمانيا والنرويج نصرة لغزة