الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى يصبح الإسلام خالياً من الإرهاب ؟

طاهر مرزوق

2009 / 5 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وصلتنى فى البريد الأكترونى مقالة بها أسئلة كثيرة خلاصتها متى يتخلص الإسلام من الذين يرتكبون الإرهاب بأسم الإسلام ويسكنون فى تورا بورا ويختبؤن فى بلاد العراق واليمن وبقية بلاد العرب والإسلام برئ منهم ؟
لكن بعبارة أخرى تخالف جوهر السؤال السابق نجد أن الأرهاب يسود العالم وأعاق عجلة التقدم والأمان والحرية الإنسانية ، لذلك أطرح السؤال بتعميم يفيد الإنسانية كلها وهو : متى يصبح العالم خالياً من الإرهاب ؟
هذا السؤال وغيره من الأسلة يحاول كل مسلم أن يجيب عليه بإدانة الإرهاب لكنه لا يدين الإسلام عن الإرهاب الواقع فى العالم ، لأن الإسلام عقيدته التى لا يستطيع الخروج عليها ولا إدانتها ، فيلجأ إلى إدانة الإرهاب والإرهابيين المتطرفين لكن فى داخله مقتنع تماماً أن هؤلاء الإرهابيين لم يرتكبوا جرماً لأنهم ببساطة ينفذون شريعة القرآن وما هو مكتوب فى الكتاب الذى يؤمنون به .
تتملك الغيرة نفوس الكثيرين من المسلمين فيصفون هؤلاء المسلمين الإرهابيين بأنهم مجموعة من العاهات تسير وراء إلههم إله الإرهاب والدمار وسفك الدماء ، وهذه الغيرة نابعة من الخوف الشديد من العقاب الذى ينتظرهم ولا قدرة لهم على تحمله فى حالة تهجموا على شريعة الإسلام أى إسلامهم وسيتم تكفيرهم وإراقة دمائهم .
يدافعون عن الإسلام ويحاولون تلميع صورته بعد كل تشويه أو حادث إرهابى يرتكبه مسلمون بأسم الإسلام وحسب الأوامر الموجودة بالقرآن والمنسوب إلى الله ، وهذا كلام متناقض لأن كل إنسان يدافع ويعمل على تحسين صورة ما من كل تشويه يصيبها ، عليه أن يفكر بجدية ويسأل نفسه هل حقاً هناك تشويه فى الصورة أم الصورة ذاتها هى التى تجلب التشويه ؟
بمعنى آخر هل حقاً الجرائم الإرهابية التى تحدث فى بلاد العرب أو بلاد الكفار تعمل على تشويه الإسلام ؟ أم الإسلام نفسه بما يحتويه من دعوات بالقتل والأرهاب والكراهية والبغض هو الذى يجلب التشويه للمنتسبين إليه ؟ ولذلك يشعرون بالعار وخيبة الامل ويعجزون عن إتهام الإسلام نفسه فيلجأون إلى إتهام الأفراد الذين ضيعهم الإسلام وأهلك حياتهم بما يدعو إليه من مبادئ وقيم هى ضد الإنسانية الحقيقية !!!
الكثير من المسلمون فى وقتنا الحاضر يحاولون التفكير وهذا شئ جيد فى طبيعة الجرائم الإرهابية ، لكنهم يضعون لأنفسهم حدوداً لا يتخطونها أبداً ، على سبيل المثال يسألون : هل معنى أن الجرائم الإرهابية جميع مرتكبيها مسلمون أن الإسلام يدعو إلى ذلك ؟ وهنا يضعون حدوداً أو خطوطاً حمراء أى عدم الإجابة المنطقية والواقعية عن السؤال ويتركونه لكل قارئ يستنتج ما يريد حسب مشاعره وأحاسيه أو التفكير بعقلانية بل بهذا التفكير يبعدون الشبهة عن الإسلام وعن القرآن ذاته .
على الجانب الآخر نجد من يجيب على هذا السؤال بأسلوب التقية الإسلامية المعروفة فيبدأ بزخرفة الإجابة بعذب الكلام وشاعرية الأحاديث وينفى عن الإسلام جملةً وتفصيلاً ما يقوم به هؤلاء المسلمين من إرهاب لكنهم فى داخل أنفسهم يمتدحونهم على نصرتهم لإلههم المنتقم الجبار ، فى النهاية نجد أنفسنا أمام غالبية من المسلمين سواء أتفقوا أو أختلفوا على مفهوم الإرهاب فالكل يرفض الإساءة من قريب أو من بعيد للإسلام لأن عقيدتهم لا تسمح إلا بالجهاد ضد الآخر حتى يسود الإسلام العالم كله سواء بالسيف او بالتى هى أحسن .
ويحق لنا أن نسأل مع السائلين : إن كان هؤلاء الإرهابيين لا علاقة للإسلام بإرهابهم حقاً لماذا يستخدمون كلمات القرآن فى أحاديثهم الإرهابية ؟ أليست تلك العبارات التى يستخدمونها هى من صميم القرآن وعمل بها رسول الإسلام وصحابته وهؤلاء الذين ينفذونها بحذافيرها فى أيامنا الحاضرة يجب تقديم الشكر لهم إن كانوا صادقين ويستحقون جنات وحوريات وحياة جنسية لا نهاية لها ؟
إذن لو ذهب المسلم شرقاً أو غرباً شمالاً أو جنوباً سيجد نفسه محاصراً بإجابة لا تقبل اللف والدوران ولا تقبل الكذب أو التقية وهى أن كتاب الإسلام يدعو إلى الإرهاب وبغض الآخر غير المسلم وسفك دمائه ولا يحق له ولاية فوق المسلمين ، والغير مسلم هو إنسان درجة ثانية !!!
الإرهاب إذن ليس نتاج للأستبداد أو الظلم أو الفقر أو الجهل أو الدكتاتورية أو عدم تطبيق شرائع الإسلام ، فالإرهاب هنا ليس إرهاب أفراد أو جماعات بل إرهاب دين ، إرهاب كتاب يدعو إلى قتل المخالفين للمسلمين ممن لا يعتنقون الإسلام ديناً ، شجاعة هؤلاء المجنى عليهم أنهم يعلنون دون خوف أنهم ينفذون ويسيرون على أعمال رسولهم وما تركه لهم من قرآن وأحاديث تدعوهم إلى إعلاء راية الإسلام وطرد الكافرين وقتالهم حتى يوم الدين. شجاعة هؤلاء المجنى عليهم ( الإرهابيين ) أنهم لا يختبئون وراء عبارات مثل : لا إكراه فى الدين أو (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) مثل بقية المسلمين وفقهاء الدين ، لكنهم يقولون بشجاعة المجنى عليهم أنهم يطبقون أقوال حبيبهم المكتوبة فى القرآن مثل : ("قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ" ) أو (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) !!!
هؤلاء المجنى عليهم لا ينكرون تعاليم رسولهم ولا ينكرون دموية ما أرتكبته تلك التعاليم فى نفوس المؤمنين بهامنذ بداية الدعوة وحتى يومنا هذا ، بل يفتخرون بأنهم تربوا وتأدبوا بآدابها ( تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) لأنهم لو خالفوها وعصوا أوامر رسولهم تعرضوا لما يقوله لهم الرسول ( وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) .
الدين لا يحتاج إلى صالون تجميل بل يحتاج إيمان بأفكار إنسانية تتفق مع القيم الإنسانية السائدة بين البشر عامة ، أعبد ما تشاء من الآلهة وأكفر بما تشاء من الآلهة ، لكن أعطنى حريتى وحرية عقلى أفكر بما أريد أن أعتقد أو أكفر ، ولا تنافق الآخرين وتنافق نفسك وتقول بأن الدين لا يقول ذلك بل هؤلاء المجنى عليهم يفهمون النصوص خطأ ، لا وألف لا بل يجب أن نحترم المجنى عليهم لشجاعتهم فى الأعتراف بما يفعلون تنفيذاً لتلك النصوص التى آمنوا بها ولم يخشوا ولم يخجلوا من التصريح بها .
هل أجبنا عن هذا السؤال : متى يصبح الإسلام خالياً من الإرهاب ؟ الإجابة هى : من المستحيل وجود إسلام بدون عنف أو إرهاب لأن شريعته القرآنية تقول بذلك ، لكن السؤال المنطقى هو : متى يصبح العالم خالياً من الإرهاب ؟ الإجابة لا تحتاج إلى عناء كثير لأستنتاجها مما سبق قوله ، لكن لو أقتنعنا حقاً بالإجابة خاصةً تلك التى تأتى من داخل نفوسنا بصدق، ساعتها ستتحرر مجتمعاتنا من العنف والإرهاب والعنصرية وسيقف الجميع يداً واحدة فى وجه كل الأفكار الخاطئة التى تريد تدمير المجتمع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع
فايز محمد ( 2009 / 5 / 3 - 20:42 )
الدين لا يحتاج إلى صالون تجميل بل يحتاج إيمان بأفكار إنسانية تتفق مع القيم الإنسانية السائدة بين البشر عامة

======
الف شكر سيد طاهر


2 - متى يصبح الإسلام خالياً من الإرهاب ؟ :
ابو وسام ( 2009 / 5 / 3 - 21:37 )
متى يصبح الإسلام خالياً من الإرهاب ؟ الإجابة هى: عندما ينقرض المحرض على الارهاب وتمزق الاوراق التي كتبت به شريعة الغاب والقتل والنكاح .


3 - baaahi
ali almadhon ( 2009 / 5 / 3 - 23:36 )
الاستاذ طاهر مرزوق المحترم .
تتردد في الغرب ـ امريكا واوربا ـ عبارة صادقه وصريحه وجارحه في ذات الوقت ،وتختصر الحقيقه المره ،وهي تقول .
ليس كل مسلم هو ارهابي بالضروره،ولكن كل ارهابي هو مسلم وصادق مع دينه.


4 - شكرا
وفاء سلطان ( 2009 / 5 / 4 - 00:04 )
سلمت ويسلم القلم.......نعم يا أخي لن ينتهي الإرهاب الإسلامي مادام هناك مسلمون يقرأون القرآن ويتخذون من محمد اسوة لهم
تحياتي


5 - ألف شكر للجميع
طاهر مرزوق ( 2009 / 5 / 4 - 07:08 )
شكراً لكل من كتب تعليقاً ووجد حقاً أن هناك إرهاب تم وضع لبناته الأولى على ايدى محمد العربى وشكراً للدكتورة وفاء سلطان على كلماتها وفى أنتظار مقالاتك التى يخشاها الأرهاب الإسلامى.


6 - من المستحيل وجود إسلام بدون عنف
DrNak ( 2009 / 5 / 4 - 08:35 )
قرأت بالأمس اية من القران مذكور بها القتل خمس مرات


7 - احصاء
يعقوب ( 2009 / 5 / 4 - 09:56 )
قام احد المختصين ولا اريد ذكر اسمه باحصائية في القران ,وقد وجد ان فيه 3256 كلمة ...قتل ارهاب سيف جز وما شابهها .يا له من كتاب رحيم .


8 - واخيــــــــــــراً
عيساوي ( 2009 / 5 / 4 - 11:23 )
حصلت على الكلام النهائي الذي كنت انتظره من كاتب.
هذا هو الحل ولايوجد غيره: يحاكَم هذا الاله ويحاكَم مؤلف كتابه ويحاكَم كل من يدعو اليه.
يجب ويجب ويجب ولا غير يجب ان تُمحى هذه التعاليم والوصايا: محو الكتاب نفسه ومحو محتوياته من كل كتاب وفرض حضر عالمي عليها...اصدار كتب تأليف إلهي تدعو الى المحبة والتسامح والغفران والقبول، اصدار كتب تأليف الناس تدعو الى المحبة والتسامح والغفران والقبول والاحترام.

شكرا لك السيد الكاتب المحترم طاهر مرزوق، اثلجت قلبي.

حبيبة الكل السلطانة الدكتورة وفاء...تحية مُحبة ومخلصة


9 - تحيّة للفقيه طاهر مرزوق
رياض الحبيّب ( 2009 / 5 / 4 - 12:30 )
أبكتْ مقالتك الأناما --- ورفعْتُ قبّعتي احتراما

يا طاهرَ القلب استمرّ == لكي تطهّرَ مَنْ تعامى

أوتيتَ فِقهاً يُستحى ----- منهُ وأيقظتَ النّياما

إنّ الحقيقة تنجلي ---- والنور يخترق الظلاما

نبْضُ الحياة تمدّن ----- يلدُ المحبّة والسلاما

لا عيش للإسلام في --- وطنٍ تحرّر واستقاما

سرّ الشقاء نبيّهُ --- يقضي على البشر انتقاما

شرٌّ توعّدَ مُطْلقاً ---- أفتى على الدنيا الحَراما
.
.
.


10 - في الصميم !
زهير ( 2009 / 5 / 4 - 13:23 )
في قمة الروعة !
لو أصبح الكتاب صريحون مع ذواتهم ومع عقولهم لاستنتجوا مثلما استنتج كل عاقل .. المشكلة في النصوص وفي الإسلام نفسه ومن قال بخلاف ذلك فعليه إثبات العكس.
تحية وتقدير للكاتب وجميع المشاركين وللدكتورة وفاء.


11 - الاهاب والكباب
جميل ( 2009 / 5 / 4 - 15:38 )
متى يصبح الإسلام خالياً من الإرهاب ؟
الاجابة بسيطة : عندما ينتهى العمل بالقرآن والسنة
تحياتى للجميع


12 - الانعزاليون الصليبيون يشيطنون المسلمين
كاسر الصليب ( 2013 / 4 / 21 - 15:12 )
الانعزاليون والصليبيون المشارقة يسعون الى شيطنة الاسلام والمسلمين ولو عادوا الى تاريخ مسيحيتهم لوجدوا الاهوال التي حصلت بينهم وحصلت لغيرهم على ايديهم

اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة