الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من نقد السلطه الى شيطنتها

عبد العزيز الخاطر

2009 / 5 / 5
المجتمع المدني


تجليات اليأس العربى من الاصلاح

تتفتق الذهنيه العربيه وباستمرار عن مظاهر تدل على مدى وعمق الازمه التى يعانى منها المجتمع العربى, وهى ازمه فى جوهرها هيكليه حيث لاتوافق ولارؤيه لامكانية انتقال المأمول الى الواقع ولاتوافق كذلك بين الاقوال والاعمال .ففى حين يجرى اطلاق العنان للفكر للتعبير عن ذاته يجرى تثبيت الواقع وشل ارادة الفعل اللازمه لتحقق طيف الافكار بحيث يبدو الانفصام واضحا لكل ذى بصيره. فمثلا يطرح شعار النقد البناء كتوجه ويطالب به كممارسه ولكنه لايتحول الى وسيله فاعله ذات تاثير وانما يتخذ شكلا فوقيا فتكون النتيجه انتقاله الى مرحله اخرى متقدمه بعض الشىء وهى مرحلة جلد الذات فيتكور المجتمع حول نفسه فيصبح ذاته الضحيه والجلاد وربما ينتقل الوضع الى ماهو اسوأ كما نشهد فى العديد من المناسبات حيث الانتقال الى مرحله اكثر قتامه وسوداويه تنبىء عن حالة من اليأس من اصلاح امراض المجتمع وعوارض السلطه وهى مرحلة ا الشيطنه وهى الحاله الوحيده التى يجوز فيها الشتم او حتى اللعن التى قد تتحول من الحاله الفردانيه الى الحاله العامه كالانقضاض على التاريخ وتمزيق اوصاله تراثا كان ام مبادى عامه ام تقاليد ترسخت عبر السنين نهاية ربما بالعقائد والاديان . وهى عرض دال بلا شك على الثبات المذموم المنافى للفطره السليمه.
لقد مرت الامه عبر تاريخها بمحاولات عديده انبرى لها العديد من ابناءها ومثقفيها اتخذت من هذه الانماط البكائيه الثلاثه مابين النقد وجلد الذات والشتم مرتكزا او محورا ثابتا خاصة فيما يتعلق باشكالية التراث والحداثه كجذر وانتهاءأ بالسلطه كقمه لجبل الجليد الدال على ازمة تاريخ هذه الامه وعدم سريانه كما الحال لدى الغير من الامم. فمنهم من رأى بالمزاوجه ومنهم من رأى بتجزئة التراث وتبيين غثه من سمينه واخرون رأوا بالقطع مع الماضى واعادته الى المتاحف التاريخيه للزياره فقط والاتعاظ بالماضى لااكثر. وللحقيقه فان اعلى درجات تناول هذا الموضوع يتصل بالسلطه بلاشك فهى من امتلك ولايزال يملك زمام الامور منذ فجر تاريخ هذه الامه وبالتالى اى شكل من اشكال هذه الانماط البكائيه التى اشرت اليها هى فى الاساس موجه الى السلطه بشكل غير مباشر وان كانت مواضيعها تحتمل ابعاد اخرى داخل المجتمع واوصاله حيث الدم الذى يجرى فى هذه الاوصال هو فى الاساس مكونا سلطويا.فى المجتمعات الصحيه يتحول النقدالبناء عبر اليات معينه الى جزئيات هامه وضروريه للاصلاح والتطوير,عبر القنوات المتعدده القانونيه المتاحه بما فيها البرلمانات ومجالس الاصلاح وبناء الاستراتيجيات. فالاصل فى النقد ان يكون ذا هدف وله قنوات وليس حاله ضبابيه تسير على غير هدى , فالمجتمع الذى لايمتلك اليات استيعاب مظاهر وعوامل التغيير والتعبير عن الرأى لايستطيع بالتالى ادعاء الحريه والديمقراطيه, فالخروج بالحريه من تعريفها العام فى مجتمعاتنا عبر التاريخ حيث توضع فى مقابله مع العبوديه الى معان اخرى جديده تحتمل كل ابعاد الانسانيه والفردانيه امر هام وضرورى وملح للخروج من اشكاليه الوصول بالحاله الى مرحله شيطنة السلطه وربما المجتمع وبالتالى استباحة شتمهما وربما الخروج الدموى عليهما.
لقد استعاضت كثير من الانظمه عن ايجاد الاليات المناسبه لتاكيد معنى الحريه هذا بما توفر من وسائل تقنيه جديده فى مجال الاتصال عن طريق القنوات الفضائيه والهواء المفتوح وحيث ان الطبيعه العربيه اساسا تعانى من الكبت منذ قرون فكان فى مقدمة ما جرى ويجرى تناوله وبتركيز مستهدف مكبوتات النفس العربيه من جنس وسياسه ودين وا ينعت ثلاثيه النقد وجلد الذات والشتم هذه فصولا طويله من الفاظ وكلمات ومصطلحات شكلت قواميس يتغذى منها مع الاسف الجيل الجديد. وفى نفس الوقت ترفعت السلطه عن ذلك وادعت بانها تسمح بالحريه و بكل اشكالها لمن هم دونها بحيث لايصل الامر افقيا اليها, وهذه بالذات صوره جديده من صورالهجاء وهو من اهم اغراض الشعر والادب العربى وان كان بتقنيه جديده اكثر تشويقا والمع صوره, ان ضغط التحولات على جسد الامه يجعل منها عرضه للتشويه وليست صوره حقيقيه لقضيه التمدن والتقدم الذى يشهده العالم , فاحتكاك كل ذلك الحديث بقديمها البالى وفى مقدمته السلطه يخرج مسخا مصابا بجميع الامراض النفسيه والعقليه ويجعل من قديمها جديدا فى الشكل فقط وليس المضمون او المحتوى. للخروج من حالة الشيطنه التى تبيح المحرمات الى حالة الانسنه التى ترقى بالانسان كاعظم المكرمين فى الكون لابد من اعادة النظر فى جميع ما وضع فوق النقد بشرا كان ام فكرا وعلينا كذلك الارتقاء بمفهوم النقد واخراجه من مفهومه الضيق الذى نعهده الى اعتباره اصلاحا وكشفا واضافه وعدم اعتباره بحثا عن العيوب بقدر ما يكون فتحا لافاق ورؤى جديده. لقد ان لثلاثيه البكاء العربيه من نقد وجلد للذات وشتم المرتكزه على مفهوم الشيطنه ان تختفى بشكلها المعهود ويصعد بصعودها المجتمع العربى بمافيه سلطته الى الحاله الانسانيه التى لاتضع احدا فوق النقد والمساءله تاريخا كان ام بشرا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ديلي ميل: تحقيق يكشف تورط خفر السواحل اليوناني بقتل عشرات ال


.. مؤسس نادي كرة قدم للمكفوفين في العراق يروي قصته بعدما فقد بص




.. عراقيون كلدان لاجئون في لبنان.. ما مصيرهم في ظل الظروف المعي


.. لدعم أوكرانيا وإعادة ذويهم.. عائلات الأسرى تتظاهر في كييف




.. كأس أمم أوروبا: لاجئون أوكرانيون يشجعون منتخب بلادهم في مبار