الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديماغواجية‎ ‎وخداع الشعوب

كاظم الحسن

2009 / 5 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ديماغواجي مصطلح من اصل يوناني معناه الحرفي(قائد الشعب) ولقد استخدمه افلاطون بهذا المعنى فاطلقه على قادة النظام الديمقراطي بعد انتصار الديمقراطية في اثينا. ولم يخف افلاطون في كتابته عدم ثقته في الديمقراطيين وقادتهم الديماغواجيين الذين ينادون بالمساواة المطلقة بين الافراد ومن ثم باتاحة فرص المشاركة السياسبة للجميع مدعين ان هذه المشاركة لاتحتاج الى كفاءات معينة وذلك لايمانه باختلاف النزعات الطبيعية والقدرات الذهنية.

ويرى بعض المفكرين ان عدم ثقة افلاطون بالديمقراطية واحتقاره لقادتها الديماغواجيين الى نشأته؟ حيث كانت تعده عائلته لتولي المناصب السياسية الهامة. الا ان الاستخدام المعاصر لها القدرة على تعضيد الناس وكسبهم عن طريق استثارة عواطفهم واللعب باحاسيسهم ومشاعرهم وليس عن طريق الحوار العقلاني معهم، والديماغواجي هو الشخص القادر على الوصول الى السلطة السياسية مستخدما مهارته الخطابية حيث يستطيع ان يتحكم في انفعالات المستمعين اليه وان يدفعهم بالاتجاه الذي يريده. والعصرالحديث الذي نعيشه او القرن العشرين تحديدا الذي انقضى هو بامتياز، كان عهدا موشوما بكوارث ومآسي الديماغواجيين الذين اشعلوا الحروب حيثما حلوا او ارتحلوا مستخدمين الجماهير كوقود في مشاريع غاشمة معظمها كانت ذات نزعات عنصري )هتلر، موسوليني، صدام(.
وقد تكون ثمة وشائج لاتخفى على احد بين الديما غواجية والشوفينية ،فبين الاولى القائمة على استثارة العواطف والثانية التي تقتات على الولاء الاعمى للعرق والاعتقاد بسيادة هذه القومية اوتلك وتتمثل بغياب العقلانية والاندفاع الاهوج با تجاه التماهي مع الديماغواجي مما يدفعه نحو الحروب والازمات والعدوانية فتصبح الكلمات بمثابة شحنات قاتلة تصيب الجمهوروتجعل من الاخر عدوا او حاقدا يجب تصفيته.
وساحة الديماغواجي هي التأربخ، فالغزو الايطالي الذي حدث في مطلع القرن العشرين، ليبيا، ايطاليا، كان الغرض منه اعادة امجاد روما، وكذلك غزو هتلر للدول الاوربية في الحرب العالمية الثانية، هو اظهارتفوق العنصر الجرماني واعادة امجاد الرايخ الثالث، والعراق في عهد الطاغية كان الغرض تقمص روح نبوخذ نصر واخرى اسلامية وثالثة قومية فجة، وما التسميات التي اطلقها على حروبه الخاسرة اوشخصه (قادسية صدام، عبدالله المؤمن) الا دليل على ان ميدان الديماغواجي هو الماضي ومن جراء ذلك يصبح البشر والثروات في خدمة حروبه الازلية ضد الاخر حتى تتحقق امجاد التأريخ بأثر رجعي وهذا ينطبق على طفولته التي انغمست بالحرمان والشقاء والتعاسة، وهي تطارده في كل مكان ان كان كوخا او قصرا يعيش فيه ،وفي هذه الحالة يسعى للا نتقام من الايام والسنين المرة عبر خلق طفولة وهمية ومتخيلة له تبدأ بالتخلص من رموز تلك الفترة وشخوصها.
الا ان الملفت للنظر حين لاتتحقق امجادالتأريخ او الطموحات الحمقاء والمجنونة، يصبح الطاغية حبيس القصر ويكتفي بهيمنة عشيرته على الدولة ولايرى في ذلك اية سبة او مثلبة لانه يكون مهتما دائما بالوصول الى السلطة اكثرمن اهتمامه بالصالح العام ومن ثم يكون مستعدا دوما لتبني سياسات ذات عواقب وخيمة بالنسبة للشعب اذماكانت هذه السياسات تحقق هدفه الشخصي في الوصول للسلطة او البقاء فيها.
ويرى العديد من المفكرين ان الديماغواجي لابد ان يكون شديد الثقة بنفسه وقادرا على ان ينقل الشعور بالثقة للآخرين مع علمه التام بزيف مايدعيه ودائما مايحذق الديماغواجي على قدرته على الرؤية المستقبلية لأخطارتحدق بالشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الديماغوجي والشعب
مختار ( 2009 / 5 / 7 - 10:48 )
موضوعك جدير بالاهتمام والمناقشة. ولهذا أود هنا أن أتطرق إلى جانب ذي صلة بالموضوع ولم تتطرق إليه.
أين الشعب في كل هذا؟ ألا ترى معي أن الديماغوجي في حاجة إلى شعب جاهل ينساق وراء الوعود الوهمية؟ ألا ترى معي أن شعوبنا لا تزال تؤمن بفكرة المستبد العادل؟ وهي الفكرة التي أيدها محمد عبده الذي رأى أن الأمة في حاجة إلى مستبد يجمع بين يديه كل أسباب القوة ليدفع بهذه الأمة نحو التقدم.
ألا تتحمل الشعوب بدورها مسؤولية رفع هذا الديماغوجي عاليا على كواهلها. أما كانت الجماهير تعبد هؤلاء المستبدين أمثال ناصر وصدام وبومدين وغيرهم من الحكام العرب لأنها كانت ولا تزال لم تبلغ سن الرشد، ولم تزل تحلم بهم رغم الدمار الذي تسبب فيه حكمهم؟ المستبد مثل الوصي على أيتام لا يريد أن يبلغوا سن الرشد حتى يواصل وصايته عليهم إلى الأبد كما رأى ذلك الكواكبي بحصافته. وما زالت شعوبنا لا تريد أن تنتقل من مرحلة القصور إلى مرحلة الرشد وبالتالي فهي بحاجة إلى أوصياء يريحونها من عناء النضال والمقاومة المكلفة.
شكرا على الفرصة

اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت