الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدل الخبرات وشروط التمكين .. ( 6 )

أمل فؤاد عبيد

2009 / 5 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في وقت ما وبعد هذا التحلل تحاول كما قلنا أن تعيد صياغة مفهومك لقرارك من جديد .. بمعنى أنك اليوم أنت حر ليست هناك قيود خارجية بقدر ما يوجد الآن قيود داخلية .. ولكن ما معنى هذه القيود .. هي قيود حرة أيضا .. لماذا لأنك أنت من اختارها وبإرادتك لم تفرض عليك .. هناك أشياء تؤمن بها وسوف تمارسها كما هي .. بلا خوف أو حرج .. هذا يكسبك مصداقية أمام نفسك وبأنك إنسان حر بالفعل .. ولكن بضوابط معينة تمنحك الاستقلالية ولكن بشروط موضوعية أيضا .. يندمج فيها شروطك وشروط المحيط الملازم لك .. ولكن تشعر بحرية أكثر عندما تعرف كم أنت حر في إعادة صياغة العالم من حولك بضوابط حقيقية من داخلك وليس مرهونا بافتراضات شكلية توجب عليك الخوف والحرص بلا داعي .. الحرص الوحيد الذي يجب أن تحتاط له وتزداد حيطة له .. هو أن يداخلك شعور بالغرور .. وتمكينك من نفسك شرط واجب لمعرفة مغارز النفس ويجب أن تبقى محاطا بعقل واعي ..
نأتي إلى القلب .. قد يفكر العقل تفكيرا سليما .. بمعنى انه منطقي جدا .. ولكنه ليس بالسليم والممكن رغم انه ممكنا بالفعل .. يكون دور القلب السليم .. أو الذي أصبح سليما بعد تمكينه وتحليته وتخليته من موغلاته أو ضعفه أو ما يحمله من انحناءات أو هوى .. يكون أساس تقويم العقل .. وتصويب التفكير .. لأضرب مثلا ما .. في وقت من الأوقات كنت كثيرا وربما كثر من الناس مثلي .. كنت أتصور أن لله أفعال بالضرورة هي مطلقة .. كأن يفعل شيئا خارقا للعادة .. وبالفعل كنت أؤمن بهذا تفكيرا مناسبا لفكرة قدرة الله وعظمة فعله وهيمنته المطلقة .. وأنه القادر على كل شيء .. ولكن اخذ القلب يصوب لي هذا التفكير .. لا يمكن لي أن أتصور في الله فعلا غير ناضج أو غير رشيد .. حتى لو كان يستطيع فعل هذا أو ذاك من الأفعال الخارقة .. لأنه ليس من المعقول أبدا أن أثق في إله قاصر في التدبر سبحانه وتعالى عم يصفون .. تدبر حكمته من أفعاله .. وأنها مشروطة بأسباب رحمته وحكمته ومطلق علمه .. كان القلب وشروط سلامته هو أساس لشروط التفكير السليم وتصويبه وتصويب أي تفكير يخرج عن حدود الممكن المشروط بحكمة معينة .. دخلت في هذا التمرين مدة طويلة وكان كلما أتيت على القلب تمرينا وتمكينا كان تصويب العقل وإمكان خلق إرادة جديدة .. هي ما اشعر بنتيجته .. حتى أصبحت لا اتبع ما يرضي نفسي بالضرورة .. لأن العقل وإن اوجب فعل هذا أو خضع للمنطق هذا .. يأتي القلب مصوبا بالضرورة حركة العقل وتوجيهه لي .. أصبح لي الآن عقلين .. عقل يحتكم منطق التفكير وجدل الأسباب وعقل قلبي .. يحتكم لتصور منهجي لا يمكنني تحديد عصارته كيف تعمل إنما اعلم جيدا أنني كلما اتبعت سقاية النبض القلبي من وهج النور الإلهي .. يأتيني علاج الحكمة بالضرورة .. فالقلب أكثر حكمة من العقل .. والعقل أكثر منطقا من القلب .. ولكن يمكننا في هذه الحالة أن نستفاد من الاثنين في تراضيهما معا .. وتوافقهما سويا على قرارنا في الاختيار أو الحركة الحياتية التي نعيشها .. في صغيرها وكبيرها .. لما أقول هذا .. أقول هذا لأن القلب أصبح خارج أطواق الهوى والغوغائية .. أو أصبح خارج إمكان تحقيق المصلحة أو لم يعد يتمترس خلف أصنامه القديمة .. أول ما بدا للقلب حركته الباطنية واستقى استقلاله الذاتي أصبح حرا طليقا .. مفعما بإرادة الله هنا بمقدورك أن تعبد الله بقلبك .. وتتحرى آياتك البينات من خلال ما تدركه قلبيا وعقليا من سياق ما تحتكم إليه في آي القرآن .. ليس القص القرآني مجالا للتجاهل أو هي تضرب لمجر تأكيد ألوهية الله وغيب الماضي .. فهو غيب يسكننا ويفيض فينا ونفيض منه .. فكل تلك الأمثلة التي ضربها الله ما هي إلا تمثيلا لنفس واحدة ومعترك حياة واحد .. حياة وموت .. قوة أو ضعف ..شر أو خير .. وقد تجد نفسك في وقت سابق انك قوي في شئ جدا ولك سلطانك الخاص ومشروعك الوقتي الذي يفرض عليك جبروت ما ويعطيك هيبة ويمنحك سلطان .. فجأة تعرف انك تعيد خريطة توازنك ضمن سياق جديد .. ليس ضعف .. وإنما هو التسليم .. حتى شرط فرض سلطتك يتغير وقوتك تصبح محكومة لنزوع جديد .. أن تكون أكثر إنسانية فيما تملك .. لا يمكنك هنا الادعاء ببطولة ما .. فالموضوع لا بطولة فيه بقدر ما فيه ظلام ونور وانكسار وقوة يجعلك بالضرورة أن تعيد حساباتك من جديد .. المثل الجبري على هذا .. قصة سيدنا يونس عليه السلام .. فلم يكن ما يصيغه القرآن من قصص وأمثال عالية المستوى لتخطئ الهدف ,من خلال الوصف , الغاية البعيدة أو الحكمة الجليلة .. فشعور الغيظ من قوله تعالى ( وهو كظيم ) وصف عابر إنما الحدث يجبرنا على تحليل المغزى من هذا القول والغاية من تحديده بالذات هو في ذاته لربما يكون نتيجة وسببا لاحقا للتمكين , تمكين النبي يونس من أداوته وقوته .. كان مؤمنا ولكن إيمانه لم يكتمل بالتسليم لإرادة الله بالفعل ومن ثم فهو اعترف بظلمه لنفسه وبفضل الله , فكان من ابتلائه ما كان .. والتسليم أصعب وآخر مرحلة يصل لها العبد وأرقى حالة إيمانية ومن ثم تحتاج الكثير من المجاهدة وأيضا المعاناة حتى يتم ترويض النفس بما يليق بالعبادة الحقيقية وهي النهاية المرجوة .. من هناك قد يكون أيضا في سياق المراحل تشعر بالكمد لأن الله سوف يأخذ في استلابك كل المميزات التي كانت لك .. ليس ابتلاء كما يقولون في العادة .. ولكنه نوع من الوقف على أملاكك حتى تثبت لتتفرغ لما أنت قاصد له .. ولربما يختلف الحال من مرحلة إلى أخرى .. هذه المعالجة بالضرورة لن يتخللها فكرة العبادة كطقوس .. ولكن سوف يتبدل بك الحال وسوف تجد نفسك تلتزم بنفسك القيام بما تستطيعه لحين التثبيت .. المهم قبل التشريع الإيمان .. والإخلاص في طلبه .. ومعالجة النفس ضمن شروط القص القرآني .. وسوف يجد لكل منا ضالته المنشودة في الدواء وهذا حسبما هو الداء يكون المهم أنت سوف تحتمل تحولاتك لأنها باختيارك الخاص .. بعدما علمت مسبقا أن كل شيء صائر لوهم .. وأن كل شيء لا حقيقة له بل هي حقيقة مفروضة علي واستطيع تغييرا كما أستطيع تغيير حقائق عن نفسي كما أريد ..الحقيقة ممكن تشكيلها كما يقبلها العقل ولكن الحق واحد لا يمكن تشكيله كما نريد إنما هو يستقى من منابعه الحقة واليقين به هو دافع نتيجة ومسير ..











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - when shal u whrite in arabic smal
samy ( 2009 / 5 / 10 - 22:43 )
i asked my self ,when shal amal whrite in arabic for us as arabic readers.i try to read urs artikl more and more time.but every time i need to transletor.plz my dear try once to whrite a simple languase to be understand for all ppl
with all respect

اخر الافلام

.. قطر تعلق على مساعي الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق


.. من بينهم طبيب ومعلم وطالب.. مقتل 7 فلسطينيين بنيران إسرائيلي




.. مستقبل السياحة في جزر المالديف لن يعتمد على سحر شواطئها فحسب


.. مقتل 7 فلسطينيين وإصابة 9 باقتحام الجيش الإسرائيلي لجنين




.. بين سليماني ورئيسي .. ما هو سرّ الخاتم؟