الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدل الخبرات وشروط التمكين .. ( 5 )

أمل فؤاد عبيد

2009 / 5 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن تحديد الهدف ومن ثم - وبناء عليه - تحديد الوجهة هو بداية تمكين للقوة والتميز الحقيقي في نفسك ومن نفسك .. لابد أن ترى هذه النفس وهي تلعب لعبتها أمامك .. حاول أن تتركها كما هي أولا .. تتحرك بموجب سخطها أو رضاها .. حاول أن لا تفكر بعواقب هذا ولكن فكر كيف تعيد الفهم والقراءة .. انسجم واترك الخيط مسحوبا لنهايته ولكن على حذر طفيف .. أن تترك للنفس مساحتها ومجالها سوف يكشف لك حقيقتها وحقيقة الآخر في آن واحد .. سوف تعلم خفايا النواقص الغائبة والحاضرة بلا رتوش .. أو سوف تدرك الثغرات وكيف تصبح مدخلا مباشرا .. راعي النظر والتدقيق .. ولكن يجب توافر بعض الشروط الهامة .. الوعي والإدراك وتقرير المصير لا يكفي أن يكون حصنا لك من التماهي مع الثغرات .. فليكن لك قيمة تمسك بها .. ومن ثم قبل الخوض في هذا يجب أن تحدد قيمك ومبادئك وضروراتك الإنسانية التي تتكئ عليها في مشوار حياتك وتحميك من نفسك قبل الآخرين .. هي التي سوف تحميك وتكون لك بمثابة مرجعية لك .. تستقي منها الثقة وأيضا قوة الدفع لاستمرارك في طريقك .. سوف يتكشف لك أيضا نقص أدواتك في التحكم أنت لازلت رهن التجربة والكشف .. والعري كصرخة داخلية تحرك فيك غضبا ما أو رضا ما .. لأنك سوف تكشف عن عالم آخر غير الذي كنت تعيشه .. كان ذلك عالما تعيش فيه بآلية وجبلة تمكنت منك .. لكن اليوم سوف تعاين هذه الآلية كيف كانت تعمل ولما وتحت شروط ومؤثرات لتعرف كيف تغربل ما في داخلك بوعي .. وهو ما قد يطرح عليك من خارجك أسئلة تهيج لديك الفضول لتعرف أكثر عن آليات التحكم وضرورات استجابة مبرمجة تحت وعيك .. ومن ثم راعي أنه قد تكشف عن ضعف ما سوف يثير سخط ليس أمام الآخرين ولكن أمام نفسك .. وكأن نفسك تفاجأ بنفسك .. فكيف لك أن تتصرف في هذا أو كيف سوف تفعل هذا .. ؟ قد يثير غضبك ولكن استمر .. لا تستجيب .. هناك ما تصنعه أنت أكثر جمالا مما قد تفعله الآن .. مشروعك الخاص قد ينجيك من ورطة السقوط في براثن العجز بعيد المدى .. وأيضا هوايتك أو ما تلتذ به .. هو ما يشعرك بآدميتك الحقيقية ووجودك الذي تفخر به .. ركز على الاثنين .. لتكن ساحة قتال وساحة كشف وساحة إبداع .. اقصد بساحة القتال هي المنازعات التي سوف تدخل في سياقها بوعيك بين شرك وخيرك وأيضا شرور الآخرين وخيرهم .. ومدى استجابتك للفتن السلبية والايجابية أيضا .. وساحة كشف هي التي تتوسط الساحة الأولى وهي ساحة القتال أو الحرب وساحة الإبداع .. إبداعك في عملك واتخاذك القرار بإعادة الاهتمام بعلمك بطريقة جديدة وجدية هي أيضا مجالا للاختبار وكشف الثغرات وأيضا كشف ما تمكنت به من قوة وايجابية جديدة أو إرادة جديدة فعالة ..إلى جانب الإبداع كإبداع خالص ولكن كيف يكون الحال لو لم يكن هناك هواية يجب في هذه الحالة أن تقرر لك مشروعا ايجابيا في مجال العمل في مجال الإنتاج الفكري أو العلمي .. ولو في الجامعة أو مستوى الفئة العمرية الأقل يكون لتجريب الهوايات واختبار وكشف المواهب فرصة فعالة . وأرض خصبة لحصول المستحيل أو الذي كنت تتخيل انه مستحيلا . لا بد أن تأخذ حذرك هنا بأكثر مما يجب حتى لا تنزلق انزلاق الأعمى أو الضرير ..ذلك أن هذه التجربة هي محاولة خلق عالما جديدا بإمكانات أكثر جدية وبنفس طيعة وراضية أو أكثر رضا وقوة لا تهلكها المتغيرات ولتحاول أن تخلق لك عالما تجدد فيه نشاطك وحرفيتك كإنسان جميل .. ولكن حاول تستمر في بحثك المضني والمتعب والمكلف في منطقة الخفاء التي لا يعلمها سواك .. حاول أن تتحسسها بعقل متأهب لا ينام حتى لا تأخذك مصارف الجريان فيها إلى مستنقعات لا خروج منها ..
آي الذكر الحكيم من ناحية أخرى مشروط للفهم كما قلنا ولكن هذا ليس فقط .. قد تستعين به على المستوى الروحاني كترديد يشغلك عن أي خواطر سلبية وقد تجد في مفتاحا من مفاتيح الغيب لاكتساب الهدوء والاطمئنان .. ومجال الفهم والسكينة الروحية لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض ولكن حيث تركز في القراءة بانشغال طفيف أو القراءة بتركيز قوي فهو هنا موضوع للتحلي .. فأنت تعمل عملية تخلية .. وتحلية في ذات الوقت .. تخلي نفسك من موجبات سخطك ..وهذا شيء قد يكون مؤلم وكأنك تعلم عملية جراحية لفض خراج قد تجمد لطول الوقت .. ومن ثم القرآن قد يعطيك فرصة وقتها أن تستعيد حيوتيك ونشاطك وثقتك وتحل محلها موجبات رضاك .. بان تعقل طريقك مرتين .. مرة عند السير .. ومرة عند العودة .. فلا تحسب أن الطريق اتجاه واحد .. سوف تشعر انه في حالة تقدم وتراجع مستمر .. ذلك أن التجربة ليس يسيرة كما تتصور .. فكشفك الثغرات يأتي بالتراتب أو هو كتربة تحاول أن تعيد صلاحيتها لبذرة جديدة .. والتربة هذه هي نفسك .. وهذه التربة تحتاج لتقليب مستمر حتى تخلو من الآفات التي قد تضر بالبذرة لاحقا .. فلا يكفي أن تختار البذرة الجيدة فقط ولكن الأرض الطيبة هي التي سوف تستوعب هذه البذرة وتعطي الثمار المرجوة منها أو المأمول منها .. والبذرة هذه المرة أنت سوف تختارها .. بنفسك بمحض إرادتك الحرة وبمنطق رشيد جدا .. والبذرة ليست بالهينة .. فهي بالتشريح كبذرة زيت الخروع طبقات ومواد وأغلفة ولحاءات ونواة هكذا .. أي أن البذرة ذاتها تحتاج لتشكل وأي البذور سوف تختار ولأي حصاد .. كل هذا يتطلب مراعاة فهمك لطلبك واحتياجك وما ينقصك من قوة .. ولن يتأتى هذا إلا في مراحل متتابعة .. ولا بد أن يسبقك التفكير في هذا بصيرة من الله والهام موحي بالحركة والجوار الجاد الحي بينك وبين الله .. والاعتراف بولائك له كما قلنا سباقا واعترافك بضرورته لك وافتقارك إليه فهو يعلم من خلق .. فأنت في النهاية تريد التسليم على بينة واضحة من أمرك وأمر خالقك .. ليس الموضوع هو عبادة مشروطة بالكيف والكم الظاهر .. بقدر ما هي عبادة مشروطة بالفهم والإدراك ومن ثم المشاركة الفعلية في العلاقة من طرفك لأن أنت من يعتريه النقص وتفتقر إلى الكمال في كل شيء .. لا عليك سوى أن تبدأ التسليم إلى الفكرة وهو توجه كلي وتترك بقية المشوار لمن سوف يأخذ بيدك نحو النور .. ولكن عليك بداية أن تعرف مع من سوف تتعامل .. وقد يأتي لك الإلهام رؤى .. قد يأخذك التفكير دون تحليل موجب حقيقي .. ولكن سوف يظهر لك الطريق من خلال حركتك في الحياة وتواصلك معها .. وقد لا يكون هناك رؤى بالذات .. هي حسبما تكلف الحالة بشروطها .. وهي رتب ودرجات .. عليك أن تحدد الرتبة والدرجة التي تريدها أو الشكل الذي ترغب في النهاية أن تكون عليه .. ولا يخلو الأمر من فوضى مبدئية في البداية .. لان الفهم غير متوفر في البداية وأقصد الفهم الواعي بكل الملابسات والظروف والمؤاخذات .. فأنت تمارس حياتك العملية وطموحاتك وقد يكون هناك من المتعلقات القلبية مسائل متحركة داخلك ولتثبت الحالة قد يسقط هذا فجأة لتعيد التفكير فيه من جديد وسبب عواطفك هذه أسبابها ودوافعها .. حتى الانتماء .. يغربله التفكير الذي هو في حركة دائمة .. مرة سقوط ومرة علو .. قد تهبط فكرة وقد تعلو أخرى .. مما يؤثر عليك هذا بأنك أصبحت لا تثق في قراراتك أو في اختيارك على الإطلاق في البداية وحتى تستبين الطريق تأخذ بعض الوقت حسبما يكون إصرارك وحسبما تكون عللك .. تثبيت القلب وتمكينه .. لا بد مسبقا أن يدخل في مرحلة غليان
/ غربلة .. وقد تصبح في حالة عراك داخلي .. تدمير لكل ما تبنيته أو سعيت إليه سابقا .. وليس هذا بالضرورة يكون في صورة تدمير بالمعنى الفعلي أو بالمعنى العدواني ولكنه نوع من الهزة الداخلية والخارجية لإعادة البناء وللغور في الباطن .. وهذا يذكرنا بما طرحه أفلاطون عن الخيالات التي قد تبدو حقيقة لنا ولكن بعد انكشاف النور يتحقق لنا أنها ليست هي الحقيقة وأنها مجرد ظلال للصور الحقيقية ومن ثم بعد هذا الكشف المبدئي تعمل على تحطيم أصنامك أو كل ما أصبح يمثل وكأنه صنما يتملكك .. ولن تبقى إلا على ما تثق حقيقة انه ملزم لذاته .. يبقى فقط ما هو لذاته .. وقد قلنا ما معنى أن يكون ملزم لذاته أي ما هو فيه خير حقيقي ومنفعة ضرورية أو يمثل بنفسه ضرورة وملازمته ضرورة والانتفاع به ضرورة ..ففي البداية تحتاج للمران على طريقة تفكيرك الجديدة ومن ثم قد يأخذ هذا وقت ولذا قد تتردد بين القوة والضعف كلما اقتربت من أصنامك - أيا كانت هي عادة , فكرة بالية , سلوك, عجز- لتحطمها .. أو تقف عاجزا عن أن تخرج عن إطارها .. ومن ثم لا تنزعج وكرر المحاولات حتى تعتاد على التفكير الجديد والسلوك الجديد مع كل الآليات والأدوات التي تم طرحها .. تأكد أن الحقيقي والباقي .. والذي يأخذ صفة الديمومة هو التغيير المطلوب وعلينا أن ندرك شيئا هاما هو أن في العادة كل الطروحات تهتم ببنية التغيير ومضمونه دون القفز عن هذا إلى ما هو أبعد من ذلك وكأنه درس إملاء .. إنما المطلوب الاهتمام به هو كيفية إدارة هذا التغيير وكيف تملك زمامه بوعي وفهم.. بل في كيفية تناوله أو التعامل معه .. ولنضرب مثلا لذلك اقل تصور أننا جميعنا نعرف أن الله في آياته الكونية دلالة على ربوبيته وألوهيته .. إنما هناك ما يخصنا نحن كبشر علينا أن نتلقى مثل هذه الآيات بنوع من الفهم والمشاركة الروحية والعقلية .. فمثلا عندما يقول .. وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون .. ليس فقط على مستوى الطبيعة يفهم هذا ولكن بالقياس يمكن أن يطبق على تربة الإنسان الباطنية وآية الليل والنهار أيضا كل هذه الأمثلة تمنحنا ثقة بالله وقدرته والإنسان أكثر قبولا لفكرة التغيير والتبديل والإصلاح .. كل هذه الآيات تثير لديك سؤال التحري عن واقعة التغيير وكيفية إدارته .. فلا يكفي أن نعلم الحرية والسلب أو القيد ولكن كيف ندير كل منهما بآليته المطلوبة والتي تناسبه .. ففي كل ما يقدم لك هو في حقيقة دعم الله لك ..ومن ثم اختبار نفسك في المواقف .. اختبار لك على البوح والتعالي على الذات .. بعدما عرفتها طريق الملزم لها .. هي ليست على طوعية تامة لك .. سوف تتذمر .. سوف تحاول أن تعيق حركتك وكسرك لها أو فضحك لها .. سوف يؤنبك ضميرك .. سوف تشعر بالقهر نوعا ما ولكنه قهر إرادوي .. ولكن دع هذا الوجه يظهر كما هو واقرأه كما هو يلوح لك .. وحاول أن تحتمي بشحن قوتك من آن لآخر بتصورك القادم .. ورجائك المنتظر .. أو لنقل حاول أن تحتمي بعنصرك الأساسي والأصل فيك .. وهو الخير .. في هذه الحالة وبعدما حاولت أن تترك النفس على رحابها تفعل ما تريد لرؤيتها كيف تتصرف .. تحاول أن تعيد رباطها من جديد .. هذه المرة بوعي مفعم بالرشد نقول قليلا ما .. لان حالة الرشد التام أو الضروري لاكتمال العدة .. لم يأتي أوانه بعد .. إنما أصبح لك إرادة اختيار خارج أطواقك القديمة من حرج وخجل أو تخوف .. إنما قرار التزامك موقف ما من الحياة رغم انك تملك مقومات هذه الحياة .. لأنك كنت تعيشها ليست بالضرورة بانحرافاتها بل بالتزاماتك ولكن ليس من الضروري أن يكون التزامك هذا حقيقي ومثري أو يتبع وجهة إيمانية حقيقية الغرض منها ذاتها لذاتها .. لربما كما قال أحد الأنبياء أحببت حب الخير عن ذكر ربي .. قد يأخذ هذا الطريق منحى تشكل طبيعي ولكن هل أنت بالفعل غير قادر على فعل الشر أم انك تتجمل هذا أم انك تخاف .. لو كانت قدرتك تسعفك لذلك وجربت هذا وامتنعت لابد أن تعرف سبب امتناعك لماذا ؟ وإذا ما حاولت التحرر بالفعل لتقرأ ردات فعلك الداخلية كيف يكون حالها .. تعرف مدى حقيقية التزامك بشرعيتك الخاصة التي تنم عن ثقتك بنفسك أو التزامك الداخلي بالفعل المعبر عن وجهتك في الحياة وموقفك منها ..











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه