الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبحث حول الازدواجية الشخصية

جنبلاط الغرابي

2009 / 5 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لما كانت الازدواجية تمثل مظهراً من مظاهر الشخصية الغير سوية,كان لابد في بادى الامر تبيان المعنى الذي نريد تبنيه في بحثنا والاشارة الواضحة الى اساسيات ومنابع هذا الاتجاه من داخل النفس وخارجها,حيث انه لايمكن فرض الازدواجية كصفة عامة او خاصة بدون البحث الجذور المؤدية لهذا التوجه.والازدواجية التي نعني بها في هذا المقال هي ما يقع من الفرد من اطروحات وافكار تناقض افعاله وسلوكياته,وعلى سبيل المثال الشخص الذي يطلب من الاخرين على العمل بالادب والاخلاق ولايقوم بتطبيق هذا الامر مع نفسه,او يحاول ان يتظاهر امام الناس بالكرم والشجاعة مع انه لايملك هكذا صفات.وفي الواقع ان هذه الحالة لها نسبة متغيرة من فرد الى اخر,فهناك ازدواجية عميقة جداً عند البعض قد تصل الى مرحلة الثبوت الدائم في الشخصية,لذا يمكننا ان نصنفها بأنها مرضاً.اما حالات الازدواجية البسيطة والتي تراود الشخص من وقت الى اخر,فلا تجسد المرض بقدر ما هي اعراض مرتبطة بالوضع الخارجي,اي الاجتماعي, ونستطيع ان نطلق على هذا الحالة (الازدواجية بالاستعانة).علماً ان اطلاقنا لهذا اللفظ بنُي على سبب ارتباط الازدواجية بموضوع عابر,فقد يحتاج البعض ان يكون ازدواجي الشخصية من اجل حل مشكلة معينة او لمعالجة ظرف طارى..


الازدواجية المرضية

انه من غير الممكن تصور شخصاً يحمل الفكر الازدواجي بالفطرة فهذا الامر محال,بل ان القضية برمتها مرتبطة بالواقع الخارجي ابتداءاً بالتلقين الاسري او الاكتسابي.فاذا لقُن الطفل على استخدام الازدواجية كاسلوب ونمط ذاتي حينها تكون القضية متصلة بالنفس على نحو جوهري وتقوم مقام الصفات الاخرى التي تمثل الشخصية, ويكون من الصعب المُستصعب زوال هذه الحالة خصوصاً اذا لاقت الشخصية دعماً مادياً يلقي عليها بمفهوم الفائدة.فالاحساس بالفائدة من خلال هذا التوجه يجعل الازدواجية دائمية الثبوت في واقع النفس.الا انه يجب الاشارة الى نقطة اهم وهي البحث عن الاداة التي من خلالها تتكون فكرة الازدواجية,او تكون الدافع لخلق هكذا توجهات.فالانسان بطبعه لايهتم الى اي موضوع دون الشعور بالتحفيز تجاهه,وبأعتقادي ان مجتمعاتنا لها الحصة الاكبر في هذا المجال كونها تهتم وتسلط الضوء دائما تجاه المظاهر,لذا يضطر الشخص الى ان يتقمص ادواراً وذواتاً من اجل الوصول الى مبتغى معين او مظهر خاص.صحيح ان هذه الحالة التي ادعوها بالمرضية تساور الكثير من افراد المجتمعات الاخرى, وهي غير مختصة بمجتمع دون اخر, وليست قضية تورث من الاباء او المحيط الاجتماعي,لكنها تبرز بصورة واضحة في مجتمعاتنا نتيجة التركيز على المظاهر والابتعاد عن الجوهر.ويأتي هذا التركيز من خلال امرين مهمين هما الوضع الاقتصادي والدين.فكلما كان المجتمع يعاني من انخفاض في نسبة القدرة على المعيشة وتدبير شؤون الحياة كانت المظاهر هي الامر السائد داخل هذا المجتمع,اخص بذلك المجتمع الذي تتجلى فيه الطبقة المنسحقة والطبقة المتعالية.حيث ان الشخص الذي يعجز عن الوصول الى الطبقة الارقى شأناً يتجه بصورة او بأخرى الى خلق الازدواجية في ذاته من اجل تسيير حياته ضمن النطاق المتعالي,لدرجة ان بعضهم يصل الى مرحلة تصديق كل ما يسرد ويقول,وان كان كلامه مُرد الى الوهم والخيال.وهذا الاتجاه هو من اعمق الاتجاهات النفسية المتصفة بالشذوذ,لسبب ان النفس تجد الراحة والسلوى في حال الركون الى هذا المجال,وقد يجده ملجأً يلوذ اليه في حال اليأس او لتخفيف الصدمات.اما الدين فيكون دوره دور القناع المُستغل من اجل نيل الثقة,او من اجل حسابات اجتماعية اخرى.وتلعب قضية الشعور بالنقص دوراً فعلياً في هذا الامر,حيث الاحساس بعدم الوجود والفائدة يبعث روح التفاخر بالذات بصورة خيالية ومفتعلة من خلال تحويلها الى شخصية دينية.وقد يظهر هذا الاتجاه بصورة متعددة اخفها وطأة الازدواجية بسبب الاخفاق في الحياة الاجتماعية اوعدم تحقيق الطموحات,وقد تكون هذه الاخيرة لاتحمل ملامح المرض بقدر ما يتجلى فيها العجز عن تأدية عمل معين وتقديم النصيحة للغير على تأديته.فقد يكون هناك شخصاً يتمنى ان يصل الى مرحلة الشجاعة او الكرم او الالتزام الاخلاقي فيجد نفسه عاجزاً عن ذلك,فيقوم بتقديم النصائح للاخرين على فعله والقيام به,وكأنه نوعاً من عمل الواجب لكن بصورة قد يطلق عليها اضعف الايمان..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تفض بالقوة اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق بين حماس وإسرائيل




.. جيروزاليم بوست: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ا


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. فلسطيني يعيد بناء منزله المدمر في خان يونس