الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوهابية و الخومينية صراع استراتيجي بطعم مذهبي

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2009 / 5 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ تأسيس الدولة السعودية على يد عائلة آل سعود؛ في تحالفها مع محمد بن عبد الوهاب؛ بدأت المعالم الأولى للمذهب الوهابي في التبلور؛ و بشكل مواز بدأ التأسيس للمملكة الدينية؛ التي تبني مشروعيتها السياسية على أساس ديني مذهبي.
و في زواج ناجح بين المذهب الديني و الإيديولوجية السياسية ؛ استغل ابن عبد الوهاب رأسمال الدولة المادي لتحقيق انتشار مذهبه ؛ و في المقابل استغل آل سعود رأسمال ابن عبد الوهاب الرمزي لفرض سلطتهم على قبائل نجد المتناحرة و تشكيل النواة الأولى للمملكة البترولية الحامية للأعتاب المقدسة .
و في سيناريو أحداث غير مختلف؛ حدث زواج آخر؛ لا يختلف عن الزواج الأول إلا في ارتباطه بمجال جغرافي مغاير؛ و كذلك – و هذا هو الأهم – بمجال مذهبي مغاير. لقد حدث الزواج الثاني بين الدعوة و الدولة هذه المرة في إيران الفارسية ؛ التي كان يحكمها الشاه بقبضة من حديد ؛ و هذه المرة توحدت مختلف الفصائل الدينية و السياسية ؛ لتطيح بسلطة الشاه ؛ و ليعتلي المنصة رجل في بزة دينية هو الخميني ؛ الذي سيسطع نجمه كزعيم سياسي / ديني يبشر بعهد جديد ؛ سيعرف خلاله المذهب الشيعي مرحلة جديدة ؛ و سيقدم نفسه كبديل للمذهب السني / الوهابي ؛ له طموحاته الخاصة و رؤيته الخاصة في التعامل مع الدين الإسلامي .
إن لهذين الحدثين التاريخيين أكثر من مغزى ؛ و خصوصا فيما يرتبط بتطور الأحداث في منطقة الشرق الأوسط ؛ بحيث سيظهر على السطح صراع مذهبي لا سابق له في التاريخ الإسلامي ؛ إلا خلال فترات الصراع الأولى ؛ و لا يمكن أن نقرأ هذا الصراع خارج هذين الحدثين ؛ الذين سيشكلان وعيا دينيا جديدا في المنطقة ؛ يقوم على التمييز بين المذهب الشيعي و المذهب السني ؛ و ما سيرافق ذلك من حرب باردة عنيفة ؛ ستشهدها عقود السبعينات و الثمانينات ؛ كانت ساحتها في أفغانستان و العراق ؛ حيث خاض المذهبان حربا شرسة ؛ دارت رحاها في أفغانستان بين طالبان الوهابية ؛ و التيارات الشيعية ؛ كما خاض العراق حربا عنيفة ضد إيران بتمويل سعودي/وهابي .
و كلها أحداث كانت تبرهن بالملموس أن الآتي من الأيام أشد صعوبة من السابق ؛ خصوصا و أن الجرح قديم ؛ و لم يتعاف طوال القرون الماضية ؛ و قد زاد في الطين بلة دخول رجال الدين على الخط ؛ بحيث ظهر صراع كبير بين علماء الشيعة و علماء السنة ؛ كل طرف يكفر الطرف الآخر ؛ و يحكم عليه بالخروج عن الإسلام الصحيح .
تدعي السعودية (مركز الصراع ) انتماءها للمذهب السني ؛ بل و تزيد على ذلك أنها تنتمي إلى الجناح النصي منه ؛ و الذي شكله محمد بن عبد الوهاب في قراءته لابن تيمية .
و في المقابل تدعي إيران تمثيلها للمذهبي الشيعي ؛ الذي نشأ ضمن ظروف تاريخية معقدة ؛ و يسعى فقهاؤها إلى تشييد فقه مغاير للفقه السني ؛ عبر تكريس مبدأ ولاية الفقيه .
و ضمن هذا التصور ؛ تشيد كل دولة إستراتيجيتها ؛ و تقيم تحالفاتها ؛ و تصيغ رؤيتها المستقبلية لمنطقة الشرق الأوسط ؛ و بطبيعة الحال فإن الإستراتيجيتين معا مختلفتين ؛ بل و متعارضتين ؛ الشيء الذي يؤثر في الأخير على حضور كل دولة ضمن الصراع القائم في المنطقة ؛ و خير دليل على ذلك ما رافق أحداث 2006 في لبنان ؛ و الأحداث الأخيرة في قطاع غزة ؛ بحيث دعمت إيران بلا شروط حزب الله في المعركة ؛ بل و تجاوزت هذا الأمر لتقدمه كواجهة يقود حربا ضد إسرائيل نيابة عنها ؛ و نفس الشيء وقع في غزة ؛ مع فارق في الزمان و المكان طبعا .
لكن الحضور السعودي ؛ سواء في الحرب الأولى أو الثانية ؛ فقد كان حضورا مختلفا عن الحضور الإيراني ؛ بل و معارضا له بشكل واضح ؛ و لعل ما يؤكد ذلك هو الهجوم السعودي على حزب الله باعتباره يغامر بمستقبل الشعب اللبناني ؛ ضمن صراع تستفيد منه إيران أكثر مما تستفيد منه المقاومة . و نفس الموقف تكرر مع أحداث غزة؛ حيث كان الموقف السعودي واضحا بشكل تام: لا يمكننا أن ندعم حربا نيابة عن إيران في مواجهتها لإسرائيل؛ حيث تستفيد إيران في الأخير أكثر مما تستفيد المقاومة في لبنان أو فلسطين.
إن الحرب السياسية /المذهبية التي تجري رحاها اليوم بين الزعيمين المذهبيين في منطقة الشرق الأوسط ؛ تجر خلفها إرثا ثقيلا ؛ ظل مكبوتا لقرون ؛ و الآن يعود ليصفي حسابات الماضي . و لعل ما تبرزه هذه الحرب السياسية/المذهبية القائمة ؛ و التي تنقل صداها وسائل الإعلام ؛ بل و تشارك في تأجيجها ؛ هو أن الصراع الحقيقي في المنطقة يدور حول الزعامة ؛ التي تقدم نفسها دينية ؛ لكنها في الجوهر زعامة سياسية ؛ تقوم على رؤية ؛ تستغل الدين في خدمة الأهداف الجيو- إستراتيجية .
و لذلك نجد كل دولة تسعى إلى خلق بؤر توتر مذهبي على تراب الدولة الأخرى؛ فالسعودية تسعى إلى استغلال سنة إيران في إحداث القلاقل الداخلية؛ و تغيير اتجاه السياسة الإيرانية.
أما إيران فإنها نجحت بامتياز في استغلال بؤر التوتر في التأثير على الاتجاهات السياسية القائمة في المنطقة ؛ و التي تعتبر السعودية فاعلا أساسيا فيها ؛ و خير دليل على ذلك ما أثير حول تسوية الطائف في لبنان ؛ و التي تسعى إيران إلى استبدالها برؤية جديدة ؛ تأخذ بعين الاعتبار المكانة التي أصبح يحتلها الشيعة في لبنان و على رأسهم حزب الله .
كما تستغل إيران الأقلية الشيعية الموجودة في السعودية ؛ لزعزعة الاستقرار السياسي و الأمني ؛ بينما ترد السعودية بشكل أعنف ؛ الشيء الذي يحول الأقلية الشيعية في السعودية إلى حصان طروادة يسعى كل طرف إلى ركوبه لتحقيق أهدافه .
إن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرح اليوم ؛ هو في الحقيقة ليس حول من ينتمي إلى المذهب الشيعي أو المذهب السني ؛ لأن المذهبان معا لا يختلفان في جوهر الدين ؛ بل إن الأمر يتجاوز ذلك بكثير ؛ لأنه يرتبط بأبعاد استراتيبجة ؛ يجب على المواطن العربي أن يكون على وعي تام بخطورتها على المنطقة العربية ؛ التي أصبحت تدخل في حسابات القوميين الفرس المحافظين ؛ و الذين يتحدثون الآن بوقاحة عن كون البحرين محافظة إيرانية ؛ بل و يتحدثون كذلك عن الخليج الفارسي بدل العربي ؛ و لذلك فإن منطقهم التوسعي لا يختلف عن المنطق التوسعي الإسرائيلي ؛ و المستهدف دائما هي المنطقة العربية ؛ التي تسيل ثرواتها لعاب صناع القرار الاستراتيجي في المنطقة .
لذلك يجب علينا – كعرب- أن نكون حذرين في التعامل مع هذا الصراع المذهبي القائم ؛ فمن جهة يجب أن نأخذ مصالح بلداننا بعين الاعتبار و أن نتعامل مع التشيع كإيديولوجيا للهيمنة ؛ لا كمذهب ديني يدخل ضمن حريتنا الدينية في اعتناق أي دين أو مذهب ؛ و من جهة أخرى يجب علينا أن نتعامل مع الشيعة كمسلمين خارج المذهبية ؛ فنحترم انتماءهم من دون أن نكفرهم أو نتهمهم في دينهم ؛ شريطة ألا يتحول شيعة الداخل في مجموع الوطن العربي ؛ إلى أوراق ضغط رابحة ؛ تستعملها إيران في تحقيق حلم الهيمنة على المنطقة العربية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تاييد ومخالفة
ابو سليمان ( 2009 / 5 / 13 - 08:06 )
اسمح لي يا استاذ ان اختلف معك في الحالة الايرانية التي هي غير طبيعية وهي حصيلة برمجة خارجية اثمرت نظاما معزولا بالكامل عن مجتمعه . فانا لن اسرد الخلافات العقائدية بين السنة والشيعة لكن ساتحدث وقائع تاريخية . ان الثورة الايرانية هي ثالث ثورة من حيث الاهمية في التاريخ الحديث بعد الفرنسية والروسية واذا امعنا النظر في تشكيل الثورات الثلاثة نلاحظ انهم يشتركون بتسلسل احداث يكاد يكون منسوخا بالكربون. فروبسبير وتروتسكي وطالقاني كانوا منظرين الثورة ودورليان وكيرنسكي وبختياري هم من هدموا الدولة لمصلحة الثوريين اما نيقولا الثاني ولويس 16 والشاه رضا بهلوي كانوا اهداف الثورة التي تعرضت لحملات تشويه اعلامي لمصلحة لينين والخميني الذين قطفوا ثمار الثورة لمصلحة جهات خارجية استخدمتهم في التنافس على زعامة العالم باسلوب الارهاب الدائم بتصدير الثورة . وعليه فان ايران بالرغم من التشدق بحماية المذهب الشيعي فانها دولة ثورية بامتياز تستخدم ( بضم التاء ) لتنفيذ مارب دول اخرى ويبقى الشعب الايراني ضحية هذا السجن الثوري الكبير .


2 - من قال انهما لا يختلفان في جوهر العقيدة
sary ( 2009 / 5 / 13 - 19:00 )
سيدي ان العقائد السنية تنقض الشيعية والشيعية تنقض السينية وكل من الطائفتان كفرت الاخرى

اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري