الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قاسم عجام وكامل شياع : حلم المثقف وواقعية القاتل

نعيم شريف

2009 / 5 / 15
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


بعدَ ثلاثة أيامٍ من اليوم ، ستمرُ الذكرى الخامسةُ لإستشهاد الناقد والمفكر العراقي قاسم عبد الأمير عجام ، وبعد خمسة أشهر منا ستمر
الذكرى الأولى لإستشهاد المفكر كامل شياع ، ها نحن صرنا نعد الايام والسنين لنحصي قتلانا من قادة الفكر والإبداع . ستمرُ الذكريان
بصمتٍ أو بشماتةٍ أو بجزعٍ بحسب الموقع من المقتول ، سوف لن تثير أسئلةً حارقةً وملحةً عن قيمة حياة الإنسان في حياتنا كشعب
دعك عن كونه مفكراً أو مُثقفاً لأن شعبنا تآلف مع خساراته ، صار يستمرءها برضا يائس . ستمر الذكرى وسوف لن تحرك الحكومةُ
ساكناً للكشف عن القتلة ، ولا أظنُ أن لديها الرغبة في ذلك ، فمن هما قاسم عبد الأمير عجام وكامل شياع ، لم يكونا قادة مليشيات أو
رؤساء أحزاب ، وما أكثرها ، وليسا من شيوخ العشائر والأدهى إنهما ليسا من اتباع ولاية الفقيه ولا ولاية الولي المقدس ،ليسا سوى
مُثقفين يساريين ، وهذا أدعى للسكوت . لعل هذا السكوت المتآمر يشيُر الى حقيقة مرةٍ وصادمة ،فبالوقت الذي نظر فية قاسم عبدالامير
عجام وكامل شياع الى الوطن ككلٍ واحدٍ ينتظمه حلمٌ أبيضَ بمستقبلٍ زاهر لأبنائه ، حلمٌ بعدالةٍ تغطي الجميع بكفها ، كان القتلةٌ والصامتون
يأخذون الأمر بواقيعة أكثر ،وجودُ حالمين شيءٌ مقلق ،لكن وجود حالمين متحمسين شيءٌ يدعو للقيام بالفعل والفعل عندهم واحدٌ : القتل .

في حوار على عجلٍ مع رفيق قديم يقول عجام (( ..... إنهم يقتلون الإنسان بكل بساطةٍ لا لشيء إلا لأنه يحمل فكراً وعقلاً مغايراً لفكرهم ..))
كان ذلك في العام 1979 إبّان إنكشاف حلم الجبهة ، مع البعثيين ، عن واقعيته الدموية ، بعد ثمانية و عشرين عاماً سيكتبُ كامل شياع في مقالٍ
لهُ في جريدة الطريق ، (( ... أنا الوافدُ أخيراً الى دوامة العنف المستشري ، أعلمُ إنني قد أكون هدفاً لقتلةٍ لاأعرفهم ... )) . كان عنوان
مقاله (( العودة من المنفى )) .
حدسُ الضحايا جليٌ في الحالين لكن حسن الظن قد حلّ محلَ الحدس ، لا ريب عندي أنهما قد مرّا ببيت أبي الطيب المتنبي ؛

إذا رأيتَ نيوب الليث بارزةً ............فلا تظننَ أن الليثَ يبتسمُ
لعلهما لم يحفظاه ، ربما لمقدار الواقعية الفاقع فيه ، والواقعيةُ تمسكُ بتلابيب الحالم فلا يستطيع طيراناً
حسن الظن قاد الى أن يسيرُ قاسم عبد الأمير عجام بلا حماية ، أليس الناس كلّهم يحبونني كما كان يكرر دوماً ، مرةً أخرى حلمُ المثقف ،
كانت النتيجة قتلهُ في المكان نفسه الذي عاشَ فيه ستين عاماً مع طفله ربيع ومع صديقه ، ، وإذا كان عجام مقلقاً فما هي جريرة ربيع ؟؟؟
هانحن نعود مرة أخرى الى واقعية القتلة

الأمر نفسة مع الحالم الآخر ، كامل شياع ، فبالوقت الذي يسيرُ به أقرانه من مسؤولي وزارة الثقافة بحماياتهم وهيلمانهم ، كان هو يأنف
من منظر المفكر وقد أحيطَ بحشدٍ من مسلحين يتنافى مظهرهم الغليظ مع رسل الثقافة ، ولا بأس بجولة لزيارة الأم فالسائق كافٍ .
كان القتلة أكثر واقعية ، فإستخدام سلاحٍ صائت قد يُفشل العملية ، وإذن فكاتم الصوت أفضل لأداء المهمة . مرةً أخرى يسخرُ الواقع من الحلم .

هل حلمُ المثقف والمفكر ، بعالم أكثر رفاهية وعدلاً وسعادةً كافٍ في واقعٍ ينتجُ لنا مع كل وليدٍ جديد عشرات من الذئاب البشرية ؟؟
من الصعب الذي يَقربُ من المستحيل ، ان ينجب المجتمع مفكرين كل ساعةٍ لنقول (( عليه العوض )) سيأتي آخرون غيرة ، إحتاج العراق
الى مئة عامٍ ، من ألم وسهر وعذاب ليجود علينا بمفكّرين نزيهين ، بينما لم يحتج القتلة إلا الى دقائق معدودات ليردوا أحلامنا قتيلةً

سيسيرُ القتلة سيرتهم الأولى والوحيدة وسيداوم الحالمون على سيرتهم واحلامهم ، أليس (( لكل أمرءٍ ما تعودا ... )) .

في إستهداف الحالمين يتحد القتلة ويتشابهون ، فالمتدين طويل الدشداشة لايفرقُ عن ذاك الذي يُقصّرها للركبتين ولا عن ذاك الذي يريد
البعث للبعث ، ذلك إن أسسُ اللعبة مهدَدَةً ومفضوحة وإذن لابد من الوحدة لحمايتها ، عندها يُحسنُ القتلة ، بالوانهم ، عملية التشخيص
ثم الشروع بالعمل ، في حالة الحالمين سيطغى التشخيص على الفعل .

ليس أسهل من المثقف الحالم هدفاً ، إفراده أهون الممكنات ، والقضاء عليه أهونها جميعاً .

وهنا نرى أن حاضنة القاتل أكثرُ وفاءً من حاضنة المثقف الحالم ، ليس هذا أمراً شاذاً في التاريخ للأسف ، فحاضنةُ القاتل تستميتُ في
الدفاع عنه ، حتى لو غاب عنها سيستولي ، مع حاضنته على اللقب الأخير الذي يطمح المثقف الحالم بالحصول علية ، أليس صدام مثالاً
صارخاً ، لم يحصل ضحاياه على لقب شهيد ، بينما لايذكر صدام إلا مسبوقاً به .

تكون حاضنة المثقف الحالم أسيرة خوفها الدائم في الإنتماء لحالميها ، هي تخذلهم ، وتتنصل منهم ، وإلا لماذا الى الآن لم يتظاهر أهل
المسيّب ، في الأقل ، ولا أقول شعب بابل ، للمطالبة بفتح ملف إغتيال المثقف قاسم عبد الأمير عجام ،دعك من تسمية مدرسة بإسمه
أوقاعة في جامعة أو شارع في مدينة ، وكذا الأمرُ مع كامل شياع ، بالمقابل هل إستطاع أحدٌ أن يحصي الأعداد الهائلة لزائري قبر
صدام في عيد ميلاده ، أو هل أوقفت الحكومة التفجيرات الكثيرة التي رافقت عيد ميلادة ، بضحاياها الكبيرة ، بوصفها هدية (( الشهيد ))
صدام لشعبه من قبرة المصون !!!

حلمُ المثقف هشٌ لأنه حلمٌ اعزل ، بينما مشروع القاتل مسلحٌ حتى الأسنان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عوام في بحر الكلام - الأغنية دي هي اللي وصلت الريس حفني لـ ج


.. اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين لفلسطين في أورلاندو




.. فيديو: ابنة كاسترو ترتدي الكوفية الفلسطينية وتتقدم مسيرة لمج


.. Vietnamese Liberation - To Your Left: Palestine | تحرر الفيت




.. آلاف المحتجين يخرجون في مدينة مالمو السويدية ضد مشاركة إسرائ