الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة الكويتية في البرلمان وقوة التغيير

كريم الهزاع

2009 / 5 / 20
المجتمع المدني


قبل أن أكتب عن دور الأفراد أو الجماعات في التغيير سأستشهد بقول برتراند راسل : " لا تخش ان تكون شاذاً في آرائك ، فكل رأي مقبول اليوم ، كان شاذاً يوما ما " .. وما يعنيه رسل بكلمة " شاذ " ، بمعنى المفارقة أو المغايرة أو صناعة الدهشة ، أو كسر لغة المتوسط النزيه في الفكرة أو الحراك الاجتماعي أو السسيوثقافي ، والمفارقة أو كسر الرتابة التي حدثت في مشهدنا السسيوثقافي الآن هو وصول أربعة أصوات نسائية إلى البرلمان رغم كل الهجمة الدينية والقبلية والأعراف البائدة والفتاوى الدينية والتي تعرضت بين ليلة وضحاها إلى زعزعة أساسات وأحدثت فعل إزاحة في الانتخابات الأخيرة ، وكم تمنيت وصول المحامية ذكرى الرشيدي إلى البرلمان لكي أتأكد بأن الأعراف القبلية هي أيضاً زعزعت ، ولقد بدا لي أن الأعراف القبلية هي أشد من التابو الديني ، وما حصل في الانتخابات منحني قراءة واضحة بأن الوعي يكمن في الدوائر الثلاثة الأولى وغاب عن الدائرة الرابعة والخامسة التي مازالتا تحث وطأة الدين والأعراف القبلية وبأن تركيبة البلد الديموغرافية تلعب دوراً كبيراً بين الثقافة المائية والثقافة الصحراوية ، لكني لا أنكر وجود مثقفين ومتنورين في الدائرتين الرابعة والخامسة وبأنهم لن تغمض لهم عين حتى يساهموا ويوصلوا صوتهم ويناضلوا من أجل وجود مجتمع مدني ، وهذا يجرنا إلى مفهوم دور الفرد في التاريخ وقوته في التغيير ، لقد فتحت نوافذ بيتي على متسعها وتنفست الصعداء لهذا الحدث التاريخي الرائع ، وعرفت جيداً بأن أهل وطني ليس هم بالكسالى ولا بالنائمين ، وكل واحد منهم يشعل شمعة بدلاً من أن يلعن الظلام وبأن المخاض والحراك الذي سبق الانتخابات كان مخاضاً صحياً ، وبأن المشهد يتحرك بين لأدبي والثقافي والسوسيولوجي والسسيوثقافي وبأن كل فعل من الأفعال التي تحدث في المربعات الأربعة التي أشرت إليها في يوم ما ستأتي ثمارها ويؤتى أكلها وبأن فرحتي وأنا أكتب الآن وأشعر بالقشعريرة ووقوف شعر رأسي وتدفق الدم سيجعل كل أعضائي ترقص طرباً من تلك النتائج الرائعة ، ونحن في هذه المعالجة نمضي في تماس مع مختلف الآراء القريبة أو الموافقة لما تؤمن به ونعتقد ومع ما يخالف منها في الرأي لأن المشكلة في احتوائها الموضوعي والذاتي تقتضي ألا ينصرف الرأي في صراع مع هذه النظرية أو تلك قدر الاهتمام بالتفكير معها من خلال وجهة النظر التي تأخذ بها. لهذا فسبيلنا الإلمام بالعديد من النظريات والمبادئ، كما لو كانت جميعها صحيحة أو مجدية، وردها إلى شيء من الوحدة والتركيب، من خلال الموافقة أو المعارضة، كما لو كان ذلك ممكناً وتقبلها جميعاً بعد إعطائها حيزها المعقول، لأن كل فهم أو تفهم يتضمن انعطافاً منهجياً لا يستبعد القناعة وموجباتها ولا يحل محلها، ولأن تعدد الآراء واختلاف المناهج لا بد أن يكشف للمرء أن تعدد الطرق التي تستهدف الحقيقة ليس بالضرورة، خطأ محضاً وبدونه لم يكن بالوسع أن يكون لهما تاريخ. وأن التاريخ السسيوثقافي في الكويت مر بمجموعة من الأطوار والأدوار بين شد وجذب مع ما يدور من حوله من أحداث وأفكار في العالم أو في الوطن العربي والخليج العربي تحديداً ، ونحن لا ننكر بأن عصرنا يشهد بما يسمى " تفجر الكليات " أو المعاني الشاملة ، وما كان منها مسلمات لا يمارى فيها. وإذا كانت الوحدة أو الشمولية هي من منازع العقل فإدراك المعنى الشمولي لا يتم إلا باعتبار حقيقتين: الأولى هي أن الإنسان يروم أن يكون شاهداً للحاضر وشاهداً على الماضي وهو لا يجهل أن الماضي بعد من أبعاد الحاضر. وما من نظام أو منهج أو سياق عام ينشأ مبتوت الصلة بما سبقه لأنه يحمل في صلبه سلسلة من الأهداف ، لهذا فسبيله أن يستند إلى نظام قبله، ولكنه، في استناده هذا لا يرجع إلى مجموع أحداثه وإنما إلى جانب من سياقها فيسقط منها ويزيد. والحقيقة الثانية هي أن الوحدة أو الشمولية لا تقع إلا على مراحل وبأجزاء تتكامل لهذا يغدو مفيداً وضرورياً مشاققة الآراء من جانب والاعتراف بأن لدى الآخرين بعض الحقائق أو أنهم وصلوا، في مجال حقيقتهم التي يؤمنون بها إلى حد قد يكون بالغ الدقة والوضوح والسمو. ولعل السؤال الأهم الذي يطرح نفسه والذي سأختم به مقالي هو: ـ ما هي القوة التي تحرك الشعوب؟ باتجاه صنع مجتمع مدني متحضر يتنفس الهواء الطلق ويسمح بمناقشة كل الأفكار بحرية شاملة ودون وصاية أو خوف من ما يسمى بـ " المقدس " أو التابو ، ودون اللجوء لحذف مقالات الكتّاب أو لجوء الكاتب لكتابة أفكاره ونشرها باسم مستعار وبحسرة تسبقها آه مكبوتة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال طالبة رفعت علم فلسطين بيوم تخرجها في أمريكا


.. مجلس الشيوخ الأميركي يرفض مقترح بايدن باستقبال اللاجئين الفل




.. موريتانيا الأولى عربيا وإفريقيا في حرية الصحافة | الأخبار


.. الأمم المتحدة تحذر من وقوع -مذبحة- جراء أي توغل إسرائيلي برف




.. أهالي الدقهلية يشاركون في قافلة لإغاثة أهالي فلسطين