الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤسسة العسكرية وبناء الدولة المدنية

جاسم الحلفي

2009 / 5 / 23
المجتمع المدني


يعد بناء المؤسسات الدستورية واحدا من أهم متطلبات الدولة المدنية في العراق، فيما تعتبر المواطنة المعيار الوحيد للانتساب إلى هذه المؤسسات. وبالمقابل تعد الكفاءة والخبرة معايير أساسية لبناء كل مؤسسة من مؤسسات الدولة العراقية وفقا لخصوصية وطبيعته كل منها.

وطبيعي أن المؤسسات العسكرية لا تعد استثناء من ذلك، بل أن المؤسسات التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية والمؤسسات الأمنية التابعة لوزارة الأمن الوطني وجهاز المخابرات، هي أحوج ما تكون الى أن تعتمد في تشكيلاتها معايير المواطنة والكفاءة والخبرة، نظراً للطبيعة الاستثنائية لهذه المؤسسات باعتبارها مسؤولة عن الوضع الأمني وحماية الدستور والنظام العام، في وضع العراق الحالي.

لذلك يمكن القول انه بالقدر الذي تبتعد فيه هذه المؤسسات عن المحاصصة الحزبية والاثنية والطائفية، فإنها تقترب من المواطن العراقي المتطلع الى دولة المواطنة بعيدا عن التعصب القومي والديني والطائفي. وهكذا تكسب هذه المؤسسات ثقة المواطن بها، هذا من جانب. ومن جانب اخر يتعين على هذه المؤسسات ان تتبنى استراتيجية واضحة يتحدد فيها العدد والعدة والعقيدة العسكرية والأمنية.

فلو نظرنا الى أعداد أفراد القوات العسكرية والأمنية التي تتجاوز المليون والربع مليون شخص يكون السؤال التالي مشروعا: اين سيذهب العراق بكل هذا العدد؟ خصوصا ونحن نعرف ان الاستراتيجيات العسكرية الحديثة لا تستند على القوات البرية وأعداد الجنود في كسب الحروب وإنما على التسليح والتدريب، هذا ان لم يتم حساب الجدوى السياسية في دخول أي معركة عسكرية في عالم لا يعتمد على الوسائل العسكرية في حل النزاعات بين الدول الا نادرا. وكذلك ان لم يتم حساب ما لهذه الأعداد من دور في العمليات الاقتصادية الحقيقة، والتنمية المطلوبة لبناء البلاد. ويبدو ان أمر تجنيد وارتفاع أعداد القوات العسكرية تم من دون دراسة علمية تجيب على سؤال: ماذا نريد للمؤسسات العسكرية ان تكون؟ وما هو دورها؟. لذا فمن السهولة إثبات ان هذه المؤسسات في وضعها الحالي غير قادرة على إدارة هذا العدد وتدريبه وتأهيله وإعطائه معارف عسكرية ومهنية. هذا اضافة الى ان منهج التأهيل الفكري والتثقيف يجب ان يعتمد على مفاهيم الوطنية والديمقراطية وبما ينسجم مع الدستور العراقي الذي اكد على احترام الحقوق المدنية، وتأكيد التعايش المشترك والوحدة الوطنية ونشر ثقافة التسامح وحقوق الإنسان، ونبذ الكراهية والعنصرية والطائفية والأحقاد القومية.

من جهة أخرى هناك امر يعد في غاية الأهمية وهو موضوع الصحوات ومجالس الإسناد، فرغم الدور المهم الذي لعبته الصحوات في حفظ الأمن ومقارعة الإرهابيين، ما زال هذا الملف مفتوحا الأمر الذي يتطلب معالجة هادئة ومسئولة، لان إبقاءه بهذا الشكل يشكل عقبة أمام استكمال بناء المؤسسات الدستورية، وهو في نفس الوقت إذكاء لعسكرة المجتمع وخلق مليشيات دولة، لم يعد العراق الديمقراطي في حاجه إليها.

فلكي تتعزز ثقة المواطن بالمؤسسات العسكرية والأمنية، ويعتبرها مؤسسات دولته التي تحمي النظام الديمقراطي وتدافع عن الوطن من أي اعتداء خارجي، وتسهر على توفير الأمن، فإنه يتوجب النأي بهذه المؤسسات عن المحاصصة والتجاذب السياسية والتنافس الانتخابي، وبالمقابل عليها الاستفادة من تقنيات التدريب الحديث واكتساب المهارات والمعارف العسكرية والفنية المتطورة. ليس هذا فحسب بل التمسك باحترام الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون والمؤسسات الدستورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تتهم نتنياهو بالتخلي عن مقترح بايدن والأونروا تتحدث عن


.. اليونيسف: لدينا نحو 100 مليون طفل وشاب في القارة الإفريقية م




.. شهداء وجرحى نتيجة قصف إسرائيلي على محيط خيام النازحين غربي م


.. اعتقال سائحة أميركية اقتحمت مسجدا في يافا.. واعتلت منبره




.. اليونيسف: الأمور ستصبح أسوأ إذا لم يتم وقف إطلاق النار في غز