الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أسلموا حقاً؟ أم تراهم يحلمون؟

هشام محمد

2009 / 5 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بفضل الله، ثم بدعمكم، أسلم أمس الجمعة بمكتب الدعوة بالجبيل 13 شخص (9 فلبيني، 1 سيرلنكي، 1 هندي، 1 نيبالي، 1 صيني) فلله الحمد.



بفضل الله، ثم بدعمكم، أسلم أمس الجمعة بمكتب الدعوة بالجبيل 9 اشخاص (4 هندي، 2 فلبيني، 2 تايلندي، 1 نيبالي) فلله الحمد.



بفضل الله، ثم بدعمكم، أسلم أمس الجمعة بمكتب الدعوة بالجبيل 8 اشخاص (3 فلبيني، 3 هندي، سيرلانكي، 1 نيبالي) فلله الحمد.



تلك نماذج من رسائل نصية تتدفق بانتظام، وبلا انقطاع إلى جوالي كل أسبوع، لم احذف بعضها بعد، ربما لأنها ستكون مادة لكتابة هذه المقالة. يخيل إليّ أن من صاغ تلك الرسائل قد خلط بين جنسيات وأعداد المؤمنين الجدد وبين عدد ونوع أطباق البيض والفول والكبدة التي يطلبها أثناء جلوسه في مطعم شعبي. مبدئياً، لا اعرف كيف عثر هذا المكتب الدعوي النشط على رقم جوالي حتى يزف إلي مطلع كل أسبوع خبر اعتناق مجاميع أسيوية مهمشة دين الإسلام...طبعاً بنسخته الوهابية المتشددة. وشخصياً، لم أكن اتخيل أن أكبر مدن الشرق الأوسط الصناعية، أي مدينة الجبيل، ستجد الوقت الكافي وسط ضجيج المكائن للتبشير بالإسلام بين أوساط العمالة الأسيوية ذات المرجعيات الهندوسية والبوذية. لكن من المؤكد أن المؤسسة الوهابية بتمدداتها الأخطبوطية لا تريد تفويت فرصة اجتذاب أكبر عدد من الفقراء القادمين من أحراش الهند والفلبين للعمل في المدينة الساحلية المكتضة بمصانعها دون أن تستميلهم إلى "دين الحق"، حتى ولو اقتضى الأمر التلويح بورق البنكنوت! ولا اتصور أن حمرة الخجل ستكسو وجوه القائمين على مراكز الدعوة فيما لو وجهت لهم تهمة شراء إسلام العمالة الأسيوية بالمال. فالإسلام في انطلاقاته الأولى، قد خصص جزءاً من حصيلة الزكاة الشرعية من أجل شراء ذمم وولاءات من أطلق عليهم بالمؤلفة قلوبهم. ولهذا كان صفوان بن أمية بن خلف يقول: " أعطاني رسول الله يوم حنين، وأنه لأبغض الناس إليّ، فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليّ". وبسبب تلك العطايا النبوية الكريمة، فقد أسلم صفوان وحسن أسلامه(!)



أتساءل باستغراب: إذا كانت شباك مركز الدعوة بالجبيل، الصغير نسبياً، ستخرج لنا كل أسبوع ما بين سبعة إلى إثنى عشر معتنق جديد للإسلام، فماذا عن باقي المراكز الدعوية الأخرى الممتدة عبر فيافي السعودية؟ إننا إذا سلمنا بأنَّ كل مركز سيسهم في استمالة سبعة مسلمين جدد كل أسبوع فهذا يعني أن عدد من يعتنقون الإسلام في كل عام سيصل إلى عشرات الآلاف، وهذا ما لا يمكن بلعه بسهوله. بإيجاز شديد، تلك الأرقام الواردة في تلك الرسائل النصية تدخل ضمن خانة الأحلام والأمنيات الوردية! ثم لنكن ولو لمرة واحدة صادقين مع ذواتنا لنسأل: أي إغراءٍ يحمله دين الإسلام للغير؟ ما الذي جاء بالهندي والفلبيني والسيلاني طواعية إلى مكتب الدعوة كي يشهر إسلامه؟ أهي التفجيرات الدموية والممارسات الإرهابية لجماعات التطرف الإسلامي؟ أم هي وجوه الملتحين العابسة وسلوكياتهم الفظة؟ أم هي شوفونية أكثر السعوديين ونظرتهم الفوقية؟ أم هي خشونة رجال الأمن والشرطة وظلم وإجحاف القوانين والأنظمة؟ لا شيء على الإطلاق يغري بالنطق بالشهادتين، باستثناء المال... والمال فقط.



هل يبدو كلامي هذا جارحاً بعض الشيء؟ تذكر أننا لا نمل دوماً من ترديد العبارة القائلة: يوجد في بلدان الغرب مسلمون بلا إسلام، ويوجد لدينا هنا إسلام بلا مسلمين. هذا العامل البسيط جاء من أجل لقمة العيش، لا لكي يتعرف على الإسلام عن كثب. وهذا العامل البسيط سيكتشف جوهر الإسلامه ومنظومته القيمية من خلال تفاعله واحتكاكه اليومي مع المسلمين وليس من خلال انكبابه على قراءة النص الديني القابع في الكتب. وبما أننا المسلمين، وباعترافنا فيما بين انفسنا، أكثر شعوب الأرض كذباً، ونفاقاً، وغشاً، وحسداً، وظلماً، وتسلطاً، فأي شيء سيحفز هؤلاء على الانطواء تحت راية الإسلام الخضراء؟!



لا تحدثوني أرجوكم عن الظمأ الروحي الذي سيطفئه معتنقو الإسلام بمجرد إعلان الشهادتين، فتلك لعمري أكذوبة صنعناها وآمنا بها كباقي الأكاذيب الأخرى. إذ لا فسحة للروح في ديننا المثقل بالماديات. أركان الإسلام من صلاة وزكاة وصوم وحج كلها مادية. نعيم الإسلام من جنان ونساء وولدان وخمور ونخيل كلها مادية. عذاب الإسلام من حريق ومطارق وأفاعي وتعطيش كلها مادية. لا مسارب للروح في دين صحراوي ولد في شعاب مكة الحارقة، وترعرع في فلوات الحجاز الظمآنه. اتذكر في أول أيام رمضان المنصرم، بعث مركز الدعوة برسالة يبشر فيها بإسلام ما يزيد عن عشرين أسيوياً بعد تناول وجبة الأفطار في مخيم تابع للمركز! ترى هل تكفي وجبة افطار كي ينسلخ من دينه ويستبدله بدين آخر؟! كل الكنائس وكل المعابد تمنح قاصديها الغذاء والكساء والمأوى، فهل يكفي هذا لتغيير الديانة؟ المشكلة أن رسالة المركز فسرت التحول الجماعي للإسلام بما كان يحف المكان والمناسبة من أجواء روحانية! تلك وبنظري محاولة غير موفقة في الربط بين طعام مادي وروح هلامية. ولو أن مجرد بضع تمرات وبعض اللبن يكفي لإضاءة القلوب بنور الإسلام لكان من المتيسر علينا تحويل كل المسيحيين والبوذيين والهندوسيين وغيرهم إلى دين الإسلام بلا جهد يذكر.



ثمة سؤال يبقى مفتوحاً: ما الذي يدفع بهذا المركز لممارسة الكذب كل مرة؟ فمما هو معروف، أن الكذب في الإسلام محرم، لكن هناك استثناءات ثلاث رخص الإسلام فيها الكذب، وهو ما جاء على لسان أم كلثوم إذ قالت: " ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرخص في شيء من الكذب، إلا في ثلاث: الرجل يقول القول يريد به الإصلاح، والرجل يقول القول في الحرب، والرجل يحدث امرأته، والمرأة تحدث زوجها ". (أخرجه مسلم.( أما الخلف فقد توسعوا في الرخصة فصار لديناً أنواع وافرة من الكذب الأبيض والمسموح به، بقصد خدمة الإسلام ونصرته بالطبع! لدينا الكذب على العالم الغربي بقصد تلميع صورة الإسلام، واجتذاب البسطاء إليه، مثل نفي التحريض على القتل، وعلى وجود المساواة بين الرجل والمرأة، وعلى احترام الأقليات الدينية وصيانة حقوقهم. ولدينا الكذب على الليبراليين والعلمانيين، بقصد تشويه صورتهم، وتنفير العامة منهم، وربما التحريض على إيذائهم، مثل اتهامهم بالإتصال بالسفارات الغربية، واسقاط الشرائع، وإشاعة الإباحية والتهتك. ولدينا الكذب على الدهماء، بتخويفهم بالعذاب والنار والموت لضمان انصياعهم لعصا المتدين، مثل تأليف قصص ساذجة عن موت مأساوي حل بفتاة تخلت عن الحجاب وبشاب رفع صوت الموسيقى فوق صوت المؤذن، وما إلى ذلك من تلفيقات مضحكة.



حسناً، لكن ماذا عن رسائل مركز الدعوة هذا؟ أين تتموقع من خارطة الأكاذيب "الإسلامية" المترامية الأطراف؟ الحقيقة أنها أقرب ما تكون إلى نوع استثنائي ونادر من الكذب، وهو الكذب الموجه للذات قبل أن يكون موجهاً للآخرين. كذب يزدد حضوراً وتغلغلاً كلما ازداد المسلمون هشاشةً وتحللاً وضعفاً. إنها محاولات يائسة لاقناع الذات بأنَّ الإسلام مازال محتفظاً بألقه وعنفوانه رغم ما لحق به من تصدع وتهدم تسبب به ابناءه قبل الأخرين. أكاذيب كمثل القشة التي يتعلق بها المسلمون للتمويه على الذات بأنّ الإسلام مازال بخير وعافية، وأنه مازال قادراً على اكتساب مزيد من الأتباع والمؤمنين، وأن السماء لم تزل تمطر معجزات. أرقام هذا المركز لا تختلف في سذاجتها عن أرقام بن لادن لأعداد الأمريكيين الذين تحولوا إلى الإسلام بعيد التفجيرات الإرهابية في أيلول 2001. رسائل هذا المركز لا تختلف في طفوليتها كثيراً عن صورة المسجد الذي لم يقتلعه اعصار تسونامي في اندونيسيا، ولا عن سجادة الصلاة التي فوجئَ بها المصلون وهي تصلي - صدق أو لا تصدق - الفجر في أحد المساجد، ولا عن الطائر الغريب الذي حط فوق كفن رجل صالح مسجى في سيارة الموتى، وظل يهز رأسه طيلة الطريق بخشوع أثناء تلاوة القرآن، ثم لم يلبث أن شق الفضاء بشكل رأسي حتى ذاب في السماء! لا أعرف حقاً ما إذا كان من المفترض أن نرثي حال عقل كهذا، أم نضحك على هذا السفه والجنون. الحقيقة أنه لا الرثاء، ولا الضحك، ولا ربما سكب الملح على الجروح سيوقظ هؤلاء من رقدتهم الطويلة. فلنتركهم ينامون، ولندعهم يحلمون كما يشاءون...وأحلام سعيدة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كذلك
شامل عبد العزيز ( 2009 / 5 / 25 - 20:32 )
سيدي هشام أنا أتمنى لك أحلاماً سعيدة ولكن من نوع أخر يختلف عن أحلام الذين ذكرتهم. مع الأحترام والتقدير


2 - كلام الحق
صباح ابراهيم ( 2009 / 5 / 25 - 22:47 )
ما اجمل كلام الحق انه كنور الشمس لايمكن ان نحجبه بغربال شيوخ فتاوي المودرن


3 - ومادا عن مركز البحث في الواقع؟؟؟
اوشهيوض هلشوت ( 2009 / 5 / 25 - 23:10 )
حتى لو افترصنا سداجة ان ارقام المركز صحيحة فارقام الواقع اصح منها دلك ان عدد المنسحبين(المرتدين) من الإسلام في تزايد مستمر بسبب الحلقة المفرغة المصحوبة بالعنف التي يعيش فيها المسلمون حاليا: وحده الإسلام -بين جميع الديانات- يحمل خنجرا ويداه ملطختان بالدماء


4 - الدين الذى ينتشر بالكذب ...
Zagal ( 2009 / 5 / 26 - 04:22 )
معظم الاديان تنتشر لان فيها قيم ايجابيه ومبادئ اخلاقيه ...
ولكن الدين الوحيد الذى يسمح بالكذب هو الاسلام ....

قيل عن الكذاب انه ابن الشيطان ..
والشيطان من صفاته الشهيره انه الكذاب وابو كل كذاب ...

وياترى بعد ان احل الكذب هل سيصدقه احد ... الا المنتفعون اصحاب المصالح من الكذب


5 - الاسلمة كثيرة
aziz ( 2009 / 5 / 26 - 08:22 )
هشام سعيد بقراءة مقالتك .. الاسلمة يا اخي كثيرة .. لها اسبابها ودوافعها .انا كنت اععمل بأحد المستفيات بالقصيم ..قبل ثلاث سنوات.واعلم كيف يقوموا بأسلمة المسيحيين والهندوس والبوذيين . انه الاغراء ستسألوني كيف؟؟؟ اقول لكم ان من يعتنق الاسلام من الممرضين او الفراشيين اللي بالمستشفى . يتحول بين يوم وليله الى بطل والناس تحبه وتحيية والموظفين يقدرونه ويحترمونه وفوق كل هذا يغرقونه بالهدايا ..ويزيد راتبه من ستمئاة ريال مثلاً .. الى 800 ريال . وهو لا يعرف شيء عن الاسلام ولم يقوم بدراسته والبحث فيه .... ..


6 - راااااائع وصادق
جوليا روبرتس ( 2009 / 5 / 26 - 08:29 )
مقال جدا راااااائع وفي الصميم ، صادق مع نفسك وليت الاخ المسلم يكون صادقا مع نفسه كما فعلت انت بهذا المقال.... شكرا لك وللحوار المتمدن


7 - مذهل
مايسترو ( 2009 / 5 / 26 - 11:52 )
أستاذ هشام أنت تبهرني في كل مقال تكتبه فسلمت يمينك وأرجو منك أن تشعبنا ضحكاً على هذا الدين البدوي


8 - شكرا لكم
هشام محمد ( 2009 / 5 / 26 - 13:15 )
لكل من شرفني بالوقوف على المقال وعلى التعليق عليه اقول له شكرا من كل قلبي. تعليق السيد عزيز في محله تماماً وهذا بالفعل ما يحدث واذكر أنه كان لدينا عاملة أسيوية في محل خياطة نسائي اضطرت للتحول إلى الإسلام للزواج من شاب سعودي أحبها وأحبته وكم كان طريفا عندما عادت من مركز للدعوة بكتيبات وسجادة صلاة وعباءة والأهم مبلغ نقدي قدره ألف ريال!!!


9 - شكراً
ياسمين يحيى ( 2009 / 5 / 26 - 16:36 )
سيدي هشام في كل مرة نقرأ لك جديد وفي الصميم . مع الأحترام


10 - الواحد حار ماذا يعلق؟؟؟؟
sara ( 2009 / 5 / 26 - 16:49 )
انا اتصور واتخيل هذه المواقف الغير خالصة لوجه الله تعالى
اصبحوا يتاجرون بالدين ويا ليتهم يدعون الى الدين الصحيح انما يدعون الناس
ان تؤمن بالبخاري وابن تيمية وان يدرسوا ابنائهم كره الاخر وقتلهواحتقار المراة التي هي الام والاخت والابنة
هؤلاء اناس ميؤوس منهم


11 - master piece
sarah ( 2009 / 5 / 26 - 17:36 )
dear hisham id like to thank you for this great article and id love to take this chance to tell you how your style in writting effect positively in poeple as you have a unique simple, effective and smart writting patern.
thanks again
keep going poeple love your articles


12 - مرة أخرى شكرا
هشام محمد ( 2009 / 5 / 26 - 17:55 )
ومقالتك اليوم كانت في الصميم أيضا وكنا نشعر بحرارة حروفها يا ياسمين فشكرا لك. ساره لا عتب عليك فالنار في صدورنا تشتعل. لا يجب أن نلوم فقط تجار الدين فهؤلاء يحققون أرباح من تجارتهم الرابحة ولكن ماذا عن أكثرية الشعب الخامل الذي لا يكاد يعي الفرق بين الله وبين الواعظ. اقرأي مقالة الشيخ الفوزان اليوم في الرياض واقرأي تعليقات الشعب التي تتمسح في عباءة الشيخ!
Dear Sara: Thank you so much for taking the opportunity to write your neat and kind comment on my humble article .

اخر الافلام

.. استمرار اعتداءات المستوطنين اليهود على الحافلات المحملة بالم


.. كل يوم - اليهود قبل 48.. شتات بلا وطن واستيطان بلا حق




.. الأردن في مرمى تهديدات إيران وحماس والإخوان | #التاسعة


.. د. جمال شقرة أستاذ التاريخ المعاصر والحديث:كانت هناك مقترحات




.. الأردن في مواجهة الخطر الإيراني الذي يهدد سيادته عبر-الإخوان