الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحياء علوم الدين.. وإحياء علوم الدنيا أيضاً

أحمد عائل فقيهي

2009 / 5 / 28
المجتمع المدني


عندما تناولت في مقالتي السابقة المعنونة بـ«المقَّدس والمدنَّس» والسؤال الحائر عن أن التناقض هو المعبر الحقيقي عن هذه اللوحة الكونية الباهرة والساحرة وأن الحياة في تعددها وتنوعها قائمة على ما هو ضد لا على ما هو شبيه عندها كنت أهدف في تلك المقالة إلى أن الواقع هو الذي يعكس مدى ما وصل إليه الحراك الاجتماعي والثقافي والفكري والسياسي وأن هذا الحراك هو دليل حياة وعنوان لوجود وتعزيز لقيمة وتمكين لدور وهو ما يقف ضد الجماد والموات وعدم الحركة انه حالة مضادة.
ولأننا اليوم أمام تحولات جذرية وعميقة تتجلى في وجود عالم جديد ينهض وإزاء إيديولوجيات تقوم في مقابل إيديولوجيات تتراجع وتحتضر وتكاد تصبح من عالم قديم ولأننا نكاد ان يصبح الكثيرون منا غرباء في هذه اللحظة الكونية التي يتم فيها ومن خلالها اختراق ما هو ساكن وكسر ما كان يعتقده الكثيرون منا أيضا من المسلمات الاجتماعية والسياسية فإذا بنا في عالم يتجه نحو التغيير بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. وهذا التغيير هو في مجمله تغيير في التفكير والنظر إلى الأشياء بعقل جديد وبذهنية جديدة وخطاب جديد وإعادة نظر وإعادة بناء لمؤسسات المجتمع والدولة.
لقد كان القرن العشرون هو قرن السياسة، وفي هذا القرن يجد القارئ المتابع نفسه أمام الثورة العلمية التي أحدثت انقلابا كونيا في قدرة استخدام العقل فيما أضاف وأضاء للبشرية وفيما يغني الحياة ويثريها عبر بذرة المعرفة وبذرة السؤال والبحث في الأشياء والكائنات وبين ثنايا هذا القرن وفي فضاءاته المختلفة والذي جعل الغرب يملك القوة وسلطة المعرفة نجد أنفسنا عربيا في هذا القرن نسقط في ما يسمى بالانقلابات العسكرية والتي تحولت إلى «ظاهرة عربية وإفريقية» ولا نجد مفهوم الثورة بالمعنى العلمي والمعرفي في الغرب الذي يقود إلى ما هو إيجابي وخلق مجتمع جديد قائم على الحرية السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية واحترام كرامة المواطن والإعلاء من شأن وقيمة هذا المواطن ولكن يجعل هذا المواطن أشبه بالطريدة داخل وطنه وأشبه بالغريب داخل مجتمعه متمثلا في واقعنا العربي.
إن الثورات العربية في مجاملها لم تخلق مجتمعات عربية مؤسّسة على «مفهوم الدولة الحديثة» بل ان شعار «وحدة اشتراكية حرية» ليس إلا مجرد شعار جميل ولكنه خادع ومضيء ولكنه في العمق هو شعار ضار ومضلّل ومعتم.
إن التغيير هو صياغة فكر جديد لدولة جديدة كما حدث في بلادنا بالأيام الماضية ورياح التغيير عندما تهب ليس بالضرورة كما يرى أصحاب ثقافة الممانعة والمؤمنون بالثبات وإبقاء الحال على ما هو عليه إنها رياح سوف تقتلع هويتنا الوطنية وملامحنا الاجتماعية أو ما يسمى بـ«الخصوصية السعودية» وأن تلك الرياح هي «رياح السموم» إنها العكس تماماً. إنها تحمل بذور السنابل الخضراء الطالعة في أرض الوطن وفي واحات المستقبل القادم.. الوطن الذي لا يمكن أن تتحقق له القيمة العليا ويصل إلى أعلى قمة إلا بإعطاء الإنسان المواطن دوره في الحياة والمشاركة في تشكيل وطن جديد يخرج من دائرة الانتماء للقبيلة إلى الانتماء للوطن. ومن فضاء القبيلة الضيق إلى فضاء الوطن الواسع.
إننا نعيش عصر التغيير وثقافة التغيير والتطوير ولا يمكن لأي مجتمع أن يقف في وجه التغيير الذي يرسخ دعائم الدولة ويقويّ أسسها وأساساتها ويجعلها أكثر صلابة في مواجهة المتغيرات والتحولات في عالم كل شيء فيه عاصف وخاطف معاً.
ولكي نكون أقوياء لابد من الإيمان بضرورة التغيير والتطوير وبناء دولة الحداثة والتحديث، حيث لا تناقض بين إحياء علوم الدنيا وإحياء علوم الدين.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: المرسوم 54.. تهديد لحرية التعبير ومعاقبة الصحافيين بطر


.. الجزائر وليبيا تطالبان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة




.. إعلام محلي: اعتقال مسلح أطلق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا


.. تحقيق لـ-إندبندنت- البريطانية: بايدن متورط في المجاعة في غزة




.. مستوطنون إسرائيليون يضرمون النار في مقر وكالة الأونروا بالقد