الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطرف عند الشباب

صفاء البابلي

2009 / 5 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التطرف نمط من التفكير يكاد ينحصر في المجال الفكري ليشمل جميع المظاهر الفكرية التي يعد الدين والسياسة من اهم عناوينها ومصاديقها ، فهو نتاج فكر لكننا لا نستطيع ان نقف عند هذا الحد من التعميم دون التطرق الى تعريف التطرف ومعرفه الاسباب والدوافع التي تقف وراءه . فالتطرف هو الخروج على المألوف بالمغالاة في الرؤى والسلوك انطلاقا من منهج خاطئ يقوم على مواجهة ما يراه البعض تطرفاً بتطرف أشد، وأصحاب هذا النهج لا يقبلون الرأي الآخر فهم دائما يرتبطون بأفكار بعيدة عما هو متعارف عليه سياسيا واجتماعيا ودينيا وفي الغالب ترتبط هذه السلوكيات المتطرفة بسلوكيات مادية متطرفة أو عنيفة في مواجهة المجتمع أو الدولة اي اللجوء الى العنف لكننا نلاحظ ان هذه الظاهرة الفكرية الاجتماعية تنتشر بشكل كبير بين قطاعات الشباب بنسبة كبيرة جدا وخصوصا عند الشباب الذين يبلغون سن الخامسة والعشرين، حقيقة ان مظاهر التطرف متعدد وكثيرة لكن يعد التطرف الدين هو الاكثر انتشارا بين هذه الفئة من المجتمع وخصوصا في العقدين الاخرين في عالمنا المعاصر ونكرر بان هذا التطرف لا يقف عند حد المغالاة والتنظير المتطرف بل يلجأ إلى التعبير عن نفسه بممارسات على أرض الواقع قد تصطدم بالقانون وبالمصالح العامة للأفراد والمجتمع وبحياة الناس أيضاً من هنا يتحول ذلك بطبيعة الحال الى حالة من العنف تهدد حقيقة مجتمعانا. بعد هذه المقدمة لابد من ذكر الاسس او الدوافع والاسباب التي تؤدي الى هذه الظاهرة، قد يرى البعض ان التعصب هو صفة ملازمة للتطرف ولكننا نرى ان التعصب يعد الاساس الفكري الذي يؤدي الى هذه الظاهرة فالتعصب هو احتكار المرء للحقيقة او الفضيلة وان غيره يفتقروون الى ذلك فهم دائما على خطا وباطل ان التعصب شكلا اخرا من التمسك والتصلب للراي الذي يؤمن به الشخص او العقيدة التي يعتنقها ولا يكتفي المتعصب من الاعتقاد بصحة اقواله وكفى بل يصل الحد الى تخطئة الاخرين واتخاذ موقف معين ازاءهم فالمتعصب يرى اثبات وجوده من خلال هدم الغير وبيان عيوبهم ونواقصهم ، والمشكلة لاتقف عند هذا الحد بل تتعداه لان عملية اثبات الوجود تكون في الغالب غير منحصرة على شخص محدد بشكل فردي اي انها ليست فردية شخصية ولكن من خلال اندماج الفرد في جماعة معينة اي الجماعة التي ينتمي اليها اي ان هناك عملية دمج وتماهي مع الجماعة بحيث ان اراءه هي اراء الجماعة التي ينتمي لها بشكل تذوب فيه شخصيته وعقله وتغييب الروح النقدية عنده اي ان العملية تصبح عملية استقبال ليس الا للاراء الملقنة اليه فنلاحظ ان الكثير من الشباب عندما ينتمي الى جماعة معينة فهو يقلدها اي يقبل اراءها دون فكر وروية ودون تمحيص وهنا تكمن خطورة التعصب لانه يعد خطوة الانطلاقة الى ظاهرة التطرف، وباختصار هناك امتلاك حقيقة هناك تعصب يؤدي الى التطرف ثم ينتهي الى العنف . ان الحديث عن الاسباب نلاحظ ان هناك اسباب كثير الى التطرف منها العامل المادي فلو نظرنا نظرة سياسية الى الانقلابات العسرية التي حدثت في الدول العربية نرى ان هذه الانقلابات اتت بناس عساكر بعيدين عن قيم المدنية والاختصاص مما ادى ذلك الى فشل في التنمية الاقتصادية في هذه البلدان وسوء الوضع الاقتصادي الذي ادى بطبيعة الحال الى انتشار البطالة عند صفوف الشباب لهذا نرى الشباب يبحثون عن ملاذ امن ينتشلهم من هذا الواقع فكان ظهور الحركات التي لا تؤمن بالاخر ملاذا امنا لهم . ومن الاسباب المهمة ايضا سوء التعليم وعدم الاهتمام بالبرامج التعليمية بحيث لاتوجد للاسف طرق تعليم تشجع الشاب على طريقة النقد واستخدام العقل عن طريق تدريس وبيان طرق التفكير العلمي وبالخصوص في المراحل الاولية للدراسات المتوسطة والاعدادية.
ونريد ان نلفت النظر هنا الى أن ظاهرة التطرف ليست دينية فحسب فقد تكون سياسية أو اجتماعيــة مادام أساسها التعصب لكن عصرنا الآن يشهد تطرفاً دينياً منتشرا بين الشباب في مجتمعاتنا، وهذه بدون شك مرحلة لن تطول من خلال التجارب السابقة التي مر بها شعبنا بأنواع كثيرة من التطرف في الماضي ومن خلال عملية الاطلاع على الشعوب الأخرى سواء كان ذلك التطرف عرقياً أو دينياً أو سياسيا ًالذي راح ضحيته أعدادا كبيرة من الأبرياء الذين ليسوا طرفاً في الصراع والتعصب، ومعظم هؤلاء الأبرياء من عامة الناس والفقراء. ان التطرف اصبح ثقافة منتشرة بين الشباب وعندما تريد ان تتخلص من شيء فالحكمة ان تجد البديل عنه اي اننا في هذه المرحلة يجب ان نخلق ثقافة بديلة عن هذه الثقافة وذلك عن طريق نشر ثقافة الحواربان يكون الحوار ليس الهدف منه كسب الاخر ودعوته الى ترك افكاره بل هو امكانية اعادة النظر بالذات وامكانية تدوال الافكار واكتشاف الاخطاء من الطرفين. وكذلك اشاعة التسامح وقبول الآخر عن طريق خلق ورش عمل وبرامج تشيع هذه الثقافة بين الشباب عن طريق دمجهم بهذه البرامج من خلال اقامة المؤتمرات والندوات التي تشجعهم على ذلك وملاحظة حالة الفراغ الموجودة عندهم من خلال عدم تهميشهم وذلك بايجاد فرص العمل لان عدم حصول الشاب على دخل مادي يجعله لقمة سائغة في قبضة مجموعات هويتها التطرف وأسلوبها العنف. وكذلك التركيزعلى أهمية توفير التعليم الذي يعد ركنا أساسيا في عملية تطوير مهارات الشباب، بالإضافة إلى توفير التدريب واستعمال تكنولوجيا المعلومات وذلك لتسهيل عميلة الاتصال بالآخرين لاحتكاكه واطلاعه على باقي الثقافات وتبادل الخبرات والمواقف وبما ينمي ويدعم المواقف الإيجابية بين المتواصلين واقامة العلاقات بين مختلف الثقافات لان العلم والتدريب لهما الدور الاساسي في تنمية المهارات وتطوير القدرات والتعامل مع الآخرين باحترام ولا ننسى دور الدولة الاساسي في برامج الإصلاح السياسي وتكريس قيم الديمقراطية بان تنشر وتكرس ثقافة الديمقراطية وذلك برفع شعار التعددية لان الديمقراطية تحصل من خلال الثقافة التعددية المنتشرة بالمجتمع فعلى سبيل الايضاح اننا عندما نذهب الى صندوق الاقتراع لايجعل منا ديمقراطيون ولكننا عندما نكون ديمقراطيون نستطيع من خلال ذلك بناء صندوق حقيقي لعملية الاقتراع لا صندوقا هشا لايسع لاختلافنا وتعدد ثقافاتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع
sherif ( 2009 / 5 / 29 - 18:54 )
مقال رائع وارى انة تحليل حقيقى لكل صور التعصب

اخر الافلام

.. -تكوين- بمواجهة اتهام -الإلحاد والفوضى- في مصر.. فما هو مركز


.. الباحثة في الحضارة الإسلامية سعاد التميمي: بعض النصوص الفقهي




.. الرجال هم من صنع الحروب


.. مختلف عليه| النسويّة الإسلامية والمسيحية




.. كلمة أخيرة - أسامة الجندي وكيل وزارة الأوقاف: نعيش عصرا ذهبي