الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة الفاشية في ذاكرة المكان

كاظم الحسن

2009 / 5 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ينطلق الفكر الشمولي من الهيمنة على المكان والزمان ، والافكار تبدو ثابتة ويقينية ولذالك عندما سئل الطاغية في العراق عن الاخطاء التي ارتكبها اثناء حكمه رفض الاعتراف بذالك قائلا ، انه لايخطئ في الاستراتيجيات اي القرارات الكبرى . وحينما تنعدم مراجعة الذات والاعتراف بالاخطاءتصبح طرق الاصلاح موصدة والحياة معطلة والامكنة تحمل ظلال الدكتاتورالى الحد الذي تبدو الذاكرة قد اغتصبت ولم تعد ملك صاحبهاوبعبارة اخرى ان ما يسمى التأميم الاقتصادي والسياسي ينتقل الى جسد الانسان وعقله فيحيله حطاما وخرابا .
الثقافة الفاشية تخلف فوبيا المكان لانها تعمل على عسكرته فتحول الارض جدران اسمنتية او اسوار عالية فيبدو المكان كأنه سجن كبيروقد يصيب العطب روح الانسان فيظهر الجميع كأنهم بوليس سري للفاشية وحتى طرقات الباب تحمل نذر الخوف او رنين جرس الهاتف كأنه بوق للتعداد العسكري بل ان الانسان يظل يخشى نوعا من السيارات كانت تحمل الناس الى الى السجون او الموت الجماعي .
في اتون الانظمة الفاشية يتحول المكان الى بيئة معادية فتتفسخ العلاقات ويصبح الاخرون هم الجحيم كما يقول احد الفلاسفة الغربيين فينكفئ الانسان على ذاته بحثا عن مكان امن فيعيش مع ذاكرته المغتصبة ويعيد انتاج مكبوته من الالم والعذاب وكأنه بذالك كالمستجير من الرمضاء بالنار فيتحول الانسان الى كتلة من الاعصاب لمتوترة القلقة ،وتنتقل عدوى المكان الى الذاكرة فتحيلها الى جحيم لايطاق لاسيما ان لانسان العراقي لم يعش سبع سنوات عجاف فحسب بل ربع قرن في اتون الحروب ومشانق
الاعمدة والمنافي والحروب .
ربما كانت الفجوة بين ما يسمى ثقافة الخارج والداخل يعود جزء كبير منها الى الذاكرة العراقية المعبأة والمشحونة بالخطايا والذنوب والالام والشعوربالعجز ازاء الازمات المتلاحقة والمتسارعة والمتزايدة التي عصفت بالبلاد بشكل غير مسبوق في العالم،وجعلت الكثيرين يصابون بالذهول والدهشة ازاء الكم الهائل من الحروب والفواجع التي حلتبالعراق بحيث اصبح العراق منفى اخر حتى مع زوال الطاغية يقول القاص ابراهيم احمد نقلا عن صديق مبدع عاد من منفاه ،بعد ان مكث في العراق الاشهر الاولى ا لتي تلت سقوط النظام: ( افجع مايواجه المنفي هو العودة للمنفى حيث ياخذ المنفى صفة الابدية تنموله فجأة اسوارعالية وراسخة وتغدو شوارع طويلة لاتنتهي وتكاد تعرف فيه موقع قبرك تلومني ؟ لقد جئت في الوقت العصيب والحرج،دخان الحرب مايزال يملآ رئتي لقد رأيت الارض والناس،القبور والنجوم والماء والسراب لكنني لم ار العراق اين هو؟ من ابتلعه ؟ الحكام ام الناس؟ اه من الناس كم تشوهواخلال حكم الرجل المشوه، انكرني اخي وانكرته !
ان الفرد العراقي الى الاستقرار السياسي والامان والسلام انه بحاجة الى نقاهة كما حدث في اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية حيث تحول مسار الحياة با تجاه الفن والطبيعة والجمال والالعابالرياضية والتسلية وفتح دور المتعة واللهو البرئ من مسارح وسينما ونواد رياضية واكثير من مجالات الحياة المرحة التي تعيد الانسان الى ذاته المستلبة في معمعة الحروب والماسي،لكي يندمج في الحياة الاجتماعية خارج قضبان الذاكرة التي هي اشد وطأةمن القضبان الحديدية وكما يقول ريتشارد الثاني في مسرحية شكسبير لتي تحمل نفس العنون ، (هذا السجن حيث اقيم) حيث يأخذالسجن صورة المكان وسيولة الزمان وهو يفتك بهذا الانسان الشقي!وتصبح الذاكرة سجنا والسجن ذاكرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي