الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية مش كُفر

شريف حافظ

2009 / 6 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


جائنى رجل أعرفه، وأسمعنى تسجيلاً لرجل دين شهير، يتكلم عن العلمانية ويصفها بالطاغوت الأعظم، وأنها تريد هدم أسس الدين، وما إلى ذلك، ففهمت مدى الجهل الذى نرزح فيه، خاصة أن العلمانية ليس لها أدنى علاقة بهدم الدين، ولكنها تطالب فقط بفصل الدين عن السياسة. ولكن هذا الرجل قال لى، أتكذب رجل دين؟! وكأن رجل الدين هذا مقدس، يقول ما يريد وإن كان مُخطئاً. فقلت له، ليس لأى شخص لدى تقديس، لأنه بشر، مثلنا تماماً، وعلمه يجب وأن يُستقى من الحق، لا الباطل، ولقد خلق الله لنا عقلاً، بحيث نفكر فى الكلمات ونتساءل حول المعانى، فإن لم تصح، قلنا الحق بأعلى الأصوات.

والعلمانية بالطبع لا تريد هدم الدين، بل لا تستطيع ذلك، لأن الدين، أياً كان، محفوظ فى الكُتب والقلوب، وفقاً لقول الله عز وجل. ولكن العلمانية تُزيل الخلط الواضح، بحيث لا يتكلم رجل دين فى أمر من أمور الفلسفة فاتياً فيه بغير علم، وتأخذه العزة بالإثم بأن يدافع عما هو خطأ. فالعلمانية تنادى بالتخصص، بحيث يهتم رجل الدين بالدين ورجل السياسة بالسياسة، ورجل الفن بالفن ورجل الطب بالطب وهكذا. وألا يختلط الحابل بالنابل، لأن خلط الأمور ليس من الحق فى شىء.

وفى إطار الدولة العلماينة، يمكن أن يدعو الناس للدين بكثرة، ويقيمون الجمعيات الدينية، ويضمون لها أعضاءً كثيرين، ولو بلغ عدد الأعضاء الملايين فى جماعة دينية فى ظل الحكم العلمانى، فإن هذا لا يتعارض وهذا الحكم، على ألا يعمل هؤلاء بالسياسة. هذه العلمانية، وليس ما يقول به الجُهلاء، بأن العلمانية تلغى الدين، لأنهم قاصرو النظر، قرأوا عن تجربة واحدة، هى تجربة أتاتورك فى تركيا، فلم يجدوا إلا هذا النوع من العلمانية، ولم يدققوا النظر أكثر فى ماهية العلمانية، ولم ينظروا فيما إذا كان العلمانيون فى أوطاننا يوافقون على تجربة أتاتورك أم لا. بل إنهم لم يدركوا، أن أكثر الشعوب ذهاباً إلى دور العبادة، هم الأمريكيون، رغم أن الولايات المتحدة دولة علمانية!

وأحمد الله، أنى علماني، أعبد الله وأؤمن به، ولا أرى فى ذلك أدنى تعارُض مع العلمانية، لأن العلمانية لا تنادى بوأد الدين، ولكن فصل الدين عن السياسة فقط. ولكن بعض رجال الدين وجدوا مصلحة كُبرى فى تشويه العلمانية لأناس كثيرون لا يقرأون، بهدف آخر فى نفس يعقوب، فهناك جماعات تتشدق بالدين وتستغله، وتعمل فى الوقت نفسه بالسياسة، وتريد الحكم، غاية لها، وبالتالى، فإن من مصلحتها أن تشوه معنى العلمانية، لأنه فى حالة تطبيقها، لن تصل تلك الجماعات إلى السلطة! وعلى رأس تلك الجماعات التى تساهم بكل ما تملك فى تشويه العلمانية، الإخوان المسلمين، الذين يبذلون الرخيص والغالى للوصول إلى الحكم!

وهم لا يروجون للدولة الدينية، ولكن الدولة "الإخوانية"، حيث أثبتت الجماعة فشلها فى فهم التطور الدينى، على الأقل وفقاً لرؤية الجماعات الدينية على مستوى العالم العربى، حينما فشل سعد الكتاتنى رئيس كتلة الإخوان بمجلس الشعب، فى طرح مشروع إخوان مصر فى مؤتمر"الديمقراطية والبرنامج الإسلامى" فى 24 أكتوبر 2007، بلندن، على إسلاميين فى مختلف الدول الإسلامية، حيث لخص عبد المجيد مناصرة، ممثل حركة مجتمع السلم بالجزائر، رؤيته لمشروع إخوان مصر بأنه "غامض فيما يتعلق بطبيعة الدولة، ولا ينص على رفض استخدام العنف وسيلة للوصول للسلطة أو البقاء فيها، ويتسم بالغموض فى تحديد طبيعة الدولة ونظامها السياسى، الأمر الذى قد يكون مقصوداً، مما يخيف الآخر ويعطى وصاية لرجال الدين على البرلمان."

إن العلمانية ليست ضد الدين، ولكن مشوهى العلم والتعريفات الأساسية فى العالم العربى والإسلامى، سواء كانوا إخوان مسلمين أو جماعات مشابهة، هم أعداء الدين، لأنهم يعرقلون علم الناس وفهمهم للحياة، بينما الدين هو العلم بالأشياء المختلفة، وقد قال الله فى أول نزول القرآن، "اقرأ"، بينما يريد الأصوليون وفقاً لأهوائهم، القضاء على مزية القراءة والفهم والإدراك، لغاية فى نفس يعقوب، هى الحكم، ليس إلا! والخلاصة عندى، أن العلمانية ليست كُفراً، ولكنها تزيد الدين قوة، حيث يقتصر رجال الدين على دراسة الدين والتأمل فى الحياة، لدعم النمو الروحى للناس، دون تشتت فى غيره، من هرطقات ليس لها علاقة، لا بدنيا أو دين!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدين ضد العلمانية
علي ( 2009 / 5 / 31 - 21:19 )
السيد شريف ربما العلمانية لاتريد أن تقف ضد الدين عموما لكن الدين المحمدي ضد العلمانية ولايمكن أن يصح الإيمان به إلا إذا كان كذلك طبقا لنصوصه القرآنية وتطبيقاته الفعلية وأي محاولة للموائمة بينه أو بين الإيمان به وبين العلمانية هي الإحتيال ذاته وعينه وإذا كان هذا لا يسعدك فإن الأحزان من سنن الحياة


2 - الفهم الصحيح للعلمانية
هشام آدم ( 2009 / 5 / 31 - 22:29 )
في موقع إلكتروني آخر ناضلت من أجل تبسيط فكرة العلمانية غير أنني كنتُ كمن ينفخ في (قربة) مثقوبة، معظم الذين يرفضون العلمانية لا يعلمون عن العلمانية شيء على الإطلاق، إلا ما يُمليه عليهم شيوخهم، ولو علموا ما في العلمانية من خير، لتساهموا عليه، لأنها الضمانة الوحيدة لكرامة الإنسان المتدين وغير المتدين. المشكلة ليست في العلمانية، المشكلة في الدين، فكيف لدين أن يقبل بالآخر إذا كان الآخر يُخالفه في رأيه؟ ماذا عن الحريات: حريات الاعتقاد التي تستدعي في المقابل حرية اللااعتقاد وحرية الرأي والتبشير بالمعتقد أو حتى باللامعتقد؟ لا يُمكن ذلك؛ إذن فالمشكلة في الدين وليس في العلمانية .. الأصل أن الوطن للمواطنين وعلى أساس المواطنة يجب أن يتم التعامل مع الناس، وليس على أساس الدين


3 - ياعلى هو
ahmed ( 2009 / 6 / 1 - 09:15 )

مقال توضيحى جميل ورائع اعتقد انه ينقصه تفنيد اعتقاد اشباه العلمانيين
بان العلمانية لا تقوم الا فى مجتمع خالى من الدين وقصدهم الاسلامى بوجه التحديد
وهذا طبعا نتيجة لقصر فهمهم وتقليدهم واجترارهم لافكار نبتت فى بيئة غير البيئة العربية
وللتوضيح اكثر يلزم القراءة للمفكر السيد محمد اركون
والمفكر الرمز الصادق النيهوم واكرر ذلك ياعلـــــــى هو


4 - الى السيد احمد : تعليق رقم 3
علي ( 2009 / 6 / 1 - 13:33 )
قد عرفتك فثمة نسب قريب بيننا ... المهم ، إقرأ كتاب محنتي مع القرآن لعباس عبدالنور تجده بمحرك البحث قوقل . أما ماتقوله عن محمد أركون والصادق النيهوم فقد أشتغلا على الممكن حسب رؤيتهما أو بمعنى آخر أعملا تقنية الإستئصال وربما مع شعورهما بعدم صلاحيتها تماما لكن الى هذا الحد فقط أمكنهما العمل إذ أن الحرق الكلي للموروث الديني السيء يحتاج الى جرأة بالغة لايمتلكانها والأول في طريقه للتسليم بضرورة الحرق أما الثاني فقد مات في منتصف الطريق


5 - العلمانية دين و الإسلام دين ولا يمكن الجمع بينهما
حمادي بلخشين ( 2009 / 6 / 1 - 17:15 )

السياسة هي لب الإسلام، ظل اصحاب محمد 13 سنة في مكة لا يصلون و لا يزكون و لا يصومون كانت عبادتهم هي رفع شعار معارض لا اله الا الله
و تحدي السلطات القرشية الظالمة و المستهينة بحقوق الإنسان ثم ان الإسلام دعوة عامة لتحرير الإنسان في اي مكان كان ومهما كان دينه سواء قبل الإسلام او رفضه هو حر... هدف الإسلام تحريره من نير عبودية انسان مثله بعد تقويض النظم الإستبدادية و الأقطاعية.

العلمانية نقيض الإسلام. الحكم في الإسلام لله و في العلمانية للبشر. و لا يجتمعان الا في قلب شخص اما مادع او لم يدرك الإسلام كما انزل.
على محم و كما فهمه الصحابة ...يمكن لأي دين و ملة ان تقبل العلمانية اما الإسلام فلا تعنى العلمانية بالنسبة اليه غيرازاحته تماما و ابطال مفعوله كليّا ... لأن مكان الأسلام كل الدنيا و
ليس المساجد فحسب ..لو باع اي فقيه مؤخرته افضل لخ الف مرة من ان يعترف بشرعية حاكم علماني يشرع و يعمل بغير شرع الله تعالى..


6 - السيد حمادي بلخشين
صلاح يوسف ( 2009 / 6 / 1 - 18:26 )
العلمانية ليست دين مطلقاً بدليل أن العلمانية تعطي لمواطنيها حق أن يكونوا مسيحيين او بوذيين أو مسلمين ولهم مساجد بشرط ألا يعتدي أحد على حقوق الآخرين الفكرية. وبما أن الإسلام هو أكبر اعتداء فكري على البشرية ولا يمكن علمنته وجعله حيادياً، يصبح الحل الوحيد المتبقي هو لخلاص منه نهائياً لحماية البشرية من أضراره الوخيمة.

اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah