الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وَحدَه أدونيس يُلهمني

سليم سوزه

2009 / 6 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بين الايمان والالحاد شعرة، ومثلها بين الحق والباطل والحلال والحرام والكذب والصدق، وكذا في جميع المتناقضات التي وُجدت بوجود الانسان واقترنت بأصالته على كوكبنا الارض.

ادونيس شعرة اخرى زُرعت في عالم المتناقضات التي حملتها الثقافة العربية، من حيث كونها الحد الفاصل بين الاعرابية الثقافية والمدنية الثقافية .. الحد الذي يميّز بين ثقافة الاعراب ذي المرجعية الماضوية الصحراوية وثقافة الحضر باستشراقاتها المستقبلية.

ادونيس الشاعر المفكر نقطة انقلاب على ثقافة الحجر والسيف والخيل وتصحّر العقلية العربية التي اجدبت عن استقبال الحاضر بكل مفاهيمه وطروحاته وتأملاته، وغرقت في بحور التملّق للسلطان وحاشيته من ذوي الكروش المستطيلة.

ادونيس نقطة تلاشي الماضي بالحاضر ... الماضي الذي اختزل ثقافة الصحراء يوم كان يُباع الشعر فيها بعشرة دراهم مسكوكة بوجه السلطان القبيح.

حفزني الاديب المفكر في مقالته التي نشرت على موقع الحوار المتمدن (لماذا اثارت زيارتي الى اقليم كردستان احتجاجاً لدى بعض المثقفين العرب / يوم 9 / 5 / 2009) لان اكتب متضامناً معه في محنته الازلية وهو يحاول ومازال تكسير جليد العقل العربي دون جدوى .. حفزني ان اعلق على بعض ما جاء في فقرات مقالته تلك واهمها النقطة الرابعة التي ذكر فيها ما نصه:

(ليــس التخلّـــف قـــدَراً. والنهــوض، إذا كان معجـــزة، فإنّ هذه المعجزة قد حققتها شعوب لم تكن في ماضيها أعظم من العرب. وحققتها شعوب كانت متألقة ثم انحطّت، وبعد انحطاط طويل عادت إلى النهوض لاجتماع ظروف ودوافع وتحديات، وأفادت في ذلك من تواصلها مع الحضارات السابقة وبينها العربية). انتهى

عذراً سيدي سأختلف معك هذه المرة، واقول بان التخلّف قدرنا، ولا يمكن ان نتخلص منه، بل وحتى النهوض بالنسبة لنا معجزة في حد ذاتها، لاننا امة ٌ أبت العيش الاّ مع احلامها التي لن تتحقق في ظل انقطاعنا عن العالم وانطوائنا على الماضي فقط.

لقد حبسنا الدين في زنزانة السلطان وطوّعنا الحديث الشريف ببنان الامير وقلنا للعالم تعالوا الى دين ربكم السمح، فكانت النتيجة قد ضيّعنا الدين وتَرَكَنا العالم نلهث وراءه، عسانا نلهم فتات علمه ليكون عوناً لنا في موائدنا المُعَدّة للكروش دون العقول.

رجونا الثقافة ناصراً لنا وباباً جديداً عساه يُخرجنا من قماقم عالمنا، واذا بها تخذلنا وتزيد سلاطيننا بطشاً وفتكاً، وانبطحت في مدح خصيانه بما ليس في الخلق من صفات .. كل هذا ارضاءاً لهم، فذهبت الثقافة واضمحل الحلم مجدداً.

اتجه الغني والفقير والمحروم والمتخوم للدين عسى ان يجدوا ضآلتهم دون ان يعلموا بانها هي مَن وجدتهم لسوء الحظ .. وحينها كانت الصدمة، فليس ثمّة دين يفرق عن آخر في موالاته للسلطان في الوقت الذي يجب ان يكون اماناً منه.
وعاظ السلاطين من المتدينين والمثقفين والشعراء لم يتركوا للناس باباً مفتوحاً على الآخر .. لا ولا نافذة .. ذلك لان الآخر قبيح وفاسد وكافر وملحد، لا ينبغي لنا الاطلاع عليه او التواصل معه.

هذه هي اهم عناصر الثقافة العربية، فكيف يكون مثقفونا وشعراءنا وفنانونا غير ما كانوا عليه في ردهم عليك يا ادونيس العرب.

كانت الغابة السوداء في المانيا هي وحدها من تلهم مارتن هايدغر في افكاره، واليوم انت ياادونيس غابتنا التي نأمل ان تغطي اشجارها بوادي عقولنا المتصحّرة، عساها تنبت علماً وحضارة .. ولو بعد خمسين الف سنة ان شاء الله.

اَوَليس لنا بعد هذا ان نقول بانقراض الحضارة العربية او بموتها حتى .. ومَن ذا الذي يُحييها وهي رميم!! أيُحييها الذي يقول عن صدامه شعراً:

يأيّها اللا اسمي كل مكرمة ٍ باسم ٍ ... فكيف يُسمى جمعها الغضر
الاّ اذا قلت ياصدام حينئذ ... اكون قد سميتها جمعاً واعتذر

ام الذي يصف سلاطين العرب نثراً:
بسيوف العرب وحماة الدين

هل وجدتم شاعراً او اديباً او مثقفاً غربياً يمدح رئيسه او ملكه بهذه الطريقة، وان كان هناك فعلاً مثل هؤلاء، فانها نُذرٌ لانقراض الحضارة الغربية ايضاً.

سادتي الافاضل، ليست المشكلة في السياسة ولا في الثقافة بذاتها، بل في البنية الاجتماعية لشعوبنا العربية وشعوب المنطقة القريبة. التصوّر العشائري القبلي للدين والسياسة والمفاهيم الحياتية الاخرى، هي السبب في دمار ما كان يُعرف بحضارة العرب، فكل شيء خاضع للعشيرة، حتى الدين عُشّر ليكون ذا صبغة عشائرية تطغى على مفاهيمه الانسانية، وتلاشت ترانيمه اللاهوتية وسلطته الروحية الانيسة لتتحول الى اداة يحركها الطاغوت بوجه الملائكة.

الشعرُ بات هزيلا ً والادب يزداد ركاكة يوماً بعد يوم نتيجة ً لثنائية السلطان، العصا والدراهم، فمَن كان لايخاف العصا غوته الدراهم .. والعفيف منهم ارهبته العصا، ليُحوّلوا هزائم الامة العربية الى نصراً على بلدان (الكفر) الغربية التي ماانفك حماة الدين نزلاء باراتها وخماراتها وملاهيها، يتلذذون بخمورها ويعشقون لحومها البيضاء ....
ايّ نفاق هذا الذي نعيش فيه!!

ايّ اناس تحارب ياادونيس؟ أتحارب مجتمعاً يناضل ويجاهد ابناءه حد السرقة والنهب من اجل الفوز بفرصة سفر لبلدان الغرب، ولو ليوم او يومين، يتغزّلون فيه بنسوان الروم وينعمون بالحرية ويطمئنون لقوانينهم، ثم يعودون اوطانهم ليشتموا تلك البلدان في جوامعهم ومساجدهم!! يشتمون حضارة الغرب مُمجّدين حضارة العرب، في حين ينتهزون الايفادات والبعثات ليهربوا لاجئين تحت ظلال تلك الحضارة (الكافرة)!!

يستنكرون وجود الاجانب في العراق ويسمّونهم احتلالا ً .. وهم في بلدانهم احتلالات وقواعد ومُجنّدات!! ذبح العراقيين الابرياء جهادٌ، والتفجير في اراضيهم ارهاب!!
سيدي ادونيس، مَن تحارب ... المعركة خاسرة بكل المقاييس.
فلا اليوم يومك .. ولا السلاح سلاحك.

اخلع نعليك والقي بشعرك فللبيت ربُ يحميه، وعسى ربنا يهدي الجميع .. حينها لن يكون الجميع بحضارة ٍ منقرضة ٍ ميتة ٍ.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس للعرب حضارة
تعرفني جدا ( 2009 / 6 / 1 - 23:43 )
الاستاذ سليم سوزه المحترم
تحية طيبة
اود ان اسألك عن اي حضارة غابرة للعرب تتحدث لاتوجدحضارة غابرة ، بل ومنذ نشأة العرب ومعرفة اللغة العربية التي نطق بها النبي اسماعيل -ع- حتى ابتلي العالم بامة النفاق والكذب والادعاء الزائف ، الحضارة نتاج ، ما نتاج العرب غير خيمة في وسط الصحراء وادمغة تأبى العمل .
اذا كنت تقصد البابليين والاشوريين وغيرهم فهم ليسوا عربا ولا العراق الذي دمر حضارته العريقة العربان الذين زحفوا عليه ولايزالون من صحراء نجد.
العرب لايريدون شيئا سوى طاغية يمدحه شعرائهم ويتملق له رجال الدين ويهتف له الشعب والا ماسر تمجيد جمال عبد الناصر وصدام الذين لم يجروا على بلدانهم سوى الهزائم والخيبة والخذلان لاديموقراطية من دون بشر تستخدم عقلها ، اما في حالة العراق -العربي- فقد تنازلنا عن عقولنا وتبعنا -سماحة السيد مقتدى الصدر-الذي لايجيد قراءة حتى سورة الفاتحة

اخر الافلام

.. مسؤول إيراني لرويترز: ما زلنا متفائلين لكن المعلومات الواردة


.. رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية يأمر بفتح تحقيق




.. مسؤول إيراني لرويترز: حياة الرئيس ووزير الخارجية في خطر بعد


.. وزير الداخلية الإيراني: طائرة الرئيس ابراهيم رئيسي تعرضت لهب




.. قراءة في رسالة المرشد الإيراني خامنئي للشعب حول حادث اختفاء