الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دكان شحاتة... وفوضي الشارع

باسنت موسى

2009 / 6 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هناك أفلام تأخذك بعيداً عن الواقع حيث الأبطال شديدي الأناقة الذين يسكنون أماكن لاترى أثراً لها في شارع سكنك البسيط ويملكون الأرصدة في البنوك بالعملة الأجنبية،إضافة للجامعات الخاصة التي يدرسون بها ويذهبوا إليها بسيارات فارهه تخطف العين.
تلك النوعية من الأفلام التي يتقن بعض المنتجين ممن لا يحملون أي قدر تعليمي وإنما يملكون الأموال لترويج سخافاتهم عبر وجوه ممثله أكثر سخافة تشعرني بالغثيان لأن واقعنا القاسي المليء بالأزمات لا يحتمل سخافات المرفهين الذين يشتروا كل شيء بدءاً من الشهادات التعليمية التي تداري جهلهم نهاية بقدرتهم على شراء الإنسان المحطم نتاج مجتمعنا الغارق في الظلام.
الأسبوع الماضي شاهدت فيلم ينتمي للنوعية التي أفضلها وهو فيلم"دكان شحاتة" للمخرج خالد يوسف والذي تحدث عبر كل كادر بالفيلم عن الواقع بصراحة شديدة دون مواربة لأننا في زمن لا تنفع معه الطرق غير المباشرة للحديث عن الكوارث التي نعاني منها والتي حتماً سيكون لها في المستقبل نتائج أكثر قسوة مما نعيشه الآن،بل ربما لن يكون لها علاج إلا بعد المرور بنفق مظلم من الفوضى التي سيدفع ثمنها الفقراء البسطاء من ليس لهم سطوة المفعول بهم طوال الوقت.

الفيلم يجمع عدداً من الوجوه السينمائية الشابة وأخرى يمكن أن نطلق عليها بأنها وجوه لمحترفين كمحمود حميدة والذي أدى دوره ببراعة وخبره السنين معاً مما أضفي رونق خاص عليه هو شخصياً ومن شاركه كادر الكاميرا في أي لقطة حتى لو كانت لا تتعدى الثواني القليلة،"عمرو سعد" أو الابن شحاتة كما كان أسمه بالفيلم أكد أن موهبته تمر بمرحلة مختلفة تمامًا أو بمعنى أدق تقترب من نضوج سيصنع منه بالمستقبل القريب نجمًا من طراز خاص يذكرنا بأداء الراحل أحمد زكي حيث التلقائية والتمكن من الأداء بما يجعلك تتفاعل وتذرف الدموع دون أن تشعر أن تجلس أمام شاشة سينما ولا يمكن أن أنسي مشهد رائع مليء بالمشاعر وهو يبكي ويتحدث لوالده الراحل بالقرب من قبره ويشتكى له قسوة أخوته عليه والذين يحبهم رغم ما يعانيه منهم من قسوة وعنف وأذي،غادة عبد الرازق كذلك نجحت في إقناعنا بالملابس وتعبيرات الوجه أنها أخت شحاتة المحبة له والمتعاطفة معه لكنها لا تملك التعبير عن ذلك الحب لأخيها بأية وسيلة غير البكاء،إضافة لمفاجأة الفيلم "هيفاء وهبي" والتي أكدت من خلال كاميرا خالد يوسف أنه لديها الكثير لتقدمه كممثلة تملك الكثير من مقومات الأنوثة والتي تم توظيفها بشكل مثير صنف هيفاء في إطار واحد مخاطبة الغرائز دون وعي لمجرد التأثير.

قصة الفيلم تدور حول رجل بسيط يعمل "جنايني" لدى رجل غني وأسم مرموق بالمجتمع ثم يتزوج ذلك الرجل البسيط من سيدتين الأولى تنجب له ولدين وفتاة وتهرب بعيداً لرجل أخر والثانية امرأة بسيطة من جنوب مصر سمراء تنجب له ولده"شحاتة" ثم ترحل عن الحياة تاركه له وصية أن يرعى ولدها اليتيم،بالفعل يأخذ الأب ولده اليتيم من زوجته التي كان يحبها، يظل طوال الوقت يحاول ذلك الرجل أن يتخطى مشاعر الكراهية لزوجته الأولى والتي تظهر أحياناً في صورة معاملة خاصة ورعاية بحب لولده شحاتة دون سائر أخوته،ينجح في أحيان ويفشل في أحيان أخرى لكن كل هذا المجهود من قبله للمساواة بين أبنائه يقابل بكراهية شديدة من الأبناء الذكور تحديداً لـ"شحاتة" وتتصاعد طوال الفيلم حده كراهية هؤلاء الأخوة إلى حين أن تصل ذروتها مع وفاة الأب وبيع"الدكان" والحصول على ملايين مقابل البيع وحرمان الأخ"شحاتة" من نصيبه وتلفيق قضية له تجعله يقضي سنوات في السجن ليتزوج بقلب بارد أحد أخوة شحاتة من الفتاة التي ظل أخيه يحبها رغماً عن إرادتها ليعيش سنوات يأخذ حقوقه كزوج بوحشية الحيوان وليس الإنسان.

يتعلم "شحاتة" داخل السجن كيف يكون وحشًا أو رجلاً بعرف المجتمع ليخرج ويجد كل شيء تغير من حوله لما هو أكثر سوءاً وتتضح أكثر رؤية خالد يوسف للمستقبل بمصر والتي تتمثل في فوضي الشارع المصري وفوضي السلاح وعدم قدرة أجهزة أمن الدولة العسكرية أن تفرض سطوتها على أناس ليس لديهم ما يفقدوه ليخافوا من عصا الأمن فقد فقدوا كل شيء وخاصة إنسانيتهم...ليبقي السؤال هل فوضي الشارع باتت وشيكة الحدوث والوضع ليتخذ حيز التنفيذ ليس إلا مسألة وقت؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي
سارة ( 2009 / 6 / 3 - 23:43 )
تحية للمبدع خالد يوسف


2 - Always Good
Basil Najem ( 2009 / 6 / 4 - 17:26 )
Khalid Yousif is the predecessor for the Great Yousif Shaheen. So, no wonder he comes up with this exquisite masterpiece. Its good for all the progressive factions in Egypt to support him and promote his works/arts. Plz Khalid, keep it like that..we need true, honest, progressive and professional person like you in our bleak society.

اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران