الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الظلاميون يقرعون الطبول

مهدي النجار

2009 / 6 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


" حذر عضو اللجنة القانونية النيابية وائل عبد اللطيف من سعي من وصفهم ب"قوى ظلامية" لزعزعة الامن بعد انسحاب القوات الامريكية من المدن نهاية شهر حزيران الجاري. مشدداً على ضرورة أن تعمل القوات الامنية العراقية على تفويت الفرصة على من وصفهم بالمتربصين لزعزعة الأمن"
بغداد/ المدى1 /6 /2009

مهدي النجار

حين بدأت تزدهر بغداد وتريد ان تستنشق نسمات الحرية وتتجاوز محنها وأوجاعها،أوجاع الاستبداد ومحن ظلامية القرون الوسطى، حين بدأت تتعافى وتنتصر فيها الافراح على الاحزان، والحياة على الانتحار وتتألق شوارعها بالاغنيات والرقصات والاشعار واللوحات وتسبح ساحاتها بالاضواء ويعبر الناس عن عواطفهم الانسانية بأروع حالاتها واجمل تجلياتها ويمجدون الحب والحرية والتسامح، ويستأنسون ببزوغ الانوار الجديدة التي تكاد ان تخطف ابصارهم، الانوار التي انتظروها طويلاً، اي منذ عدة قرون، ليعلنوا عن انتصارهم ولاول مرة على عصور القهر والاستبداد الظافرة، عصور الضجيج والعجيج، عصور طالبان وبقية جحافل الظلام الزاحفة على التاريخ. أرتعدت عنئذ فرائص شيوخ الظلام وشعروا – وهم على حق – بأن هذا الذي يحدث قد استقطع جزءاً من مساحة سلطتهم وقلص شيئاً من هيمنتهم وان دكاكينهم على وشك الكساد وبضاعتهم قاب قوسين او ادنى من الفساد، لذا بدأوا بقرع طبول الخطر على شرع الامة و تراثها وتقاليدها واعرافها وعاداتها، يألبون العوام على ممارسة العنف (اللفظي والبدني) لإطفاء انوار التمدن واشعال الحرائق وسط احتفالات الناس ومباهجهم لانهم يروّن ان الشيطان الرجيم يسكن في كل اغنية او رقصة او مشهد او نص او لوحة وتمثال، يقرع الظلاميون طبولهم بكل الاتجاهات وبكل الالحان لاستنفار الناس على الحقد والكراهية، كراهيات طائفية واحقاد مذهبية وتعصبات دينية تسمح لاي ظلامي بأن يطلق فتاوى التكفير والتحريم والقتل والذبح... وخطاب الظلامي اكثر خطورة من خطاب الجاهل لان الثاني – اي الجاهل – لايعرف بينما الاول – اي الظلامي – يدعي انه يعرف وانه سيد العارفين لذا يسد كل ابواب المعرفة امام غيره متوهماً حصوله على تفويض مطلق لامتلاك سلطة المعرفة والعلم من لدن سبحانه وتعالى، وبالتالي امتلاك سلطة المنع والكبح والمصادرة، ثمة اذن ماهو اخطر وأسوأ من الجهل وهو وهم امتلاك سلطة المعرفة، امتلاك الحق والحقيقة خاصة اذا كان ذلك بتفويض إلاهي مقدس كما يزعم اهل الظلامية وشيوخهم وبذا يرتكبون جرائمهم "المقدسة" بقتل الناس وذبحهم او التشهير بسمعتهم على انها اجراءات من صلب الدين أمرَّ الله بها (حاشا له) من باب الاجتهاد والقتال في سبيله!
اكثر شئ مستهدف من وجهة نظر الظلامي هو ثقافة التنوير التي تزيل الغشاوات عن الاعين والبلادات عن العقول وذلك من خلال فحصها للتصورات المتوارثة التي تشكلت في اذهان الناس منذ ازمان بعيدة ثم تفكيكها ونقدها وبالتالي غربلتها واقصاء الخاطأ والواهم منها، اي اعادة النظر بكل التراث الاسلامي وقراءته قراءة عقلانية جديدة بعيدة عن قراءات الغلو والانغلاق والتعصب والارهاب التي يقدمها الظلاميون على انها اصلح القراءات وانفعها ولنا اسوة حسنة بالشعوب الاخرى (مثل اوربا) التي راهنت من اجل تقدمها وخاضت معارك مريرة وجريئة وطويلة حشد الكتاب والمفكرون الاحرار خلالها كل طاقاتهم وامكاناتهم للقضاء على هذا المرض الخطير الذي يصيب اي ثقافة: مرض الظلامية، وانتصروا اخيراً وصار عندهم عصراً زاهراً يسمى: عصر الانوار! لذا من الخطأ ان نعتقد ان عصر الانوار ستتلألأ مصابيحه في العراق بين ليلة وضحاها وان الظلامية ستلم امتعتها وترحل صاغرة وهي التي استورثت كل غل اهل الارض ومكائدهم وهمجيتهم وقسوتهم وتمتلك طبولاً صاخبة وضاجة وذات صدى قوي واسع يهيج الناس ويشحنهم بالعداوات ويدفعهم الى التشاجرات ويزرع فيهم الحقد والبغضاء على الانوار ولكن يبدو ان بغداد هذه المرة قررت خوض المعركة القاسية وتحدي افواج الظلامية بكل اشكالها واصنافها ومذاهبها وحسمها لصالح انوار الحداثة، تريد ان تكون كما يصفها الشعراء:" ذهب الزمان وضوعه العطر" فاختارت ان تسير هي واهلها في العراق صوب انوار العقل الطبيعي القادر وحده على ان يأخذ بالناس نحو تقدم العلم والحكمة والحضارة ومشاعر المحبة والتسامح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صبح بغداد الأتى
أحمد السعد ( 2009 / 6 / 11 - 20:11 )
نعم أيها العزيز ، صبح بغداد وصبح العراق آت والتاريخ لايرجع القهقرى ومهما تلبدت السماء بالغيوم ومهما أمتلآت بخفافيش الليل فسيطلع الصبح بأشراقته التى تكشف الحقيقة الأكيده وهى أن زمن الظلام لايمكن له أن يستمر فقد أنقشع ليل الدكتاتوريه البغيض وليس بعيدا أبدا أن ينقشع ليل الفوضى والجريمة والدم واللصوصيه الذى جاء بها المحتل ، لقد جاء اللصوص والظلاميون عبر الصناديق وسيرحلون عبرها فنفس الديمقراطيه طويل وعمر الشعوب لايقاس بسنة او بعقد او قرن !

اخر الافلام

.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال


.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا




.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي