الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيع الخمور المشكلة و الحل

علي فاهم

2009 / 6 / 13
المجتمع المدني


عاش أغلب العراقيين في فترة أواخر السبعينات و الثمانينات حالة من الانحلال و التفسخ على المستوى الأخلاقي و تفشي الكثير من المشكلات و الأمراض الاجتماعية ، و طفت على السطح العديد من الظواهر التي كادت أن تصبح جزء من ثقافة المجتمع و قطعة من تكوينه رغم أنها طارئة عليه و لهذا نراها أنحسرت بصورة كبيرة بعد الصحوة الإسلامية التي أطلق زمامها السيد محمد صادق الصدر في مرحلة ما بعد الانتفاضة الشعبية في التسعين من القرن الماضي , حيث شهد العراق أنقلاباً ملحوظاً في أنخفاض معدل الجريمة بكل أنواعها حتى أني سمعت وقتها تصريحاً لأحد الضباط الكبار أن جريمة السرقة أنعدمت تماماً في أحدى المحافظات ,
و من أبرز هذه الظواهر التي كانت منتشرة بشكل كبير ظاهرة تناول الخمور في الأماكن العامة و كثرة محلات بيعها حيث يندر أن تجد شارع أو منطقة تخلو من بار أو مطعم أو محل يبيعها , و كانت سياسة نشر بيع الخمور عملية ممنهجة و منتظمة و جزء من ثقافة كان يراد لها أن تنتشر في محاولة لتغيير طوبغرافية المجتمع العراقي و القفز على جهازه القيمي لأنعكاسها من خلال التقليد و الإيحاء على البناء الاجتماعي و تهديده بالتفكك من جراء محاولة طبعنتها لتكون جزء من منظومة الأعراف المجتمعية التي يصعب تغييرها مع نشوء جيل أو جيلين يعيش هذه الظاهرة و يتناولها بسلاسة , و تكون من الظواهر المشتركة ذات الطابع الاجتماعي, و فعلاً نجح النظام وقتئذ الى حد بعيد عندما أصبحت الخمور هي الملجأ التي يحبوا أليها أغلب الشباب ليفرغوا و ينفسوا عن مشاعر الرفض و الشعور بالظلم و نوع من الهروب السلبي و لو بشكل مؤقت من الوضع المزري الذي كانوا يعيشونه ’ بالمقابل فهي عملية تخدير لهذه الشريحة الذي كان البعث جزء من أهدافه التي تتحرك في خط الكسب الجهوي بمنع حالة التفكير أو على الاقل تاجيلها أو تخديرها لأن التفكير كان يوقض الرفض و المعارضة ولأن تعقل الشباب و تحركهم في دائرة الوعي كان يمثل خطراً تهدد امبراطورية البعث فكان يرفع شعار ( نكسب الشباب لنضمن المستقبل ) و مفهوم الكسب هنا هو تسطيح و تمييع المستوى الفكري للشباب لضمان مستقبل خالي من قادة أو مفكرين أو معارضين و عليه ليدخلهم في دائرة الإلهاء التي تتنوع في زوايا متعددة من حركة كرة القدم و نشر الملاهي و بيوت الدعارة و محلات بيع الخمور و حبوب التخدير ( الكبسلة ) بكل أنواعها و غيرها فكانت بيئة مناسبة للشذوذ الجنسي و التخنث و التميع ، حتى باتت طبقة الشباب عبارة عن شريحة مميعة سطحية التفكير و لا علاقة لها بالوعي أو الثقافة أو التعليم و أقتصار اهدافهم على الملبس الذي يواكب الموضة أو الاستغراق في دوامة تشجيع هذا الفريق أو ذاك أو التسكع في الطرقات و أطلق الناس عليهم أسماء البريكية و الطنطات ,
و اليوم و نحن نعيش حالة حكم ما بعد الدكتاتورية و الشعب يمارس حقوقه بحرية نسبية عادت ظاهرة بيع الخمور العلنية لتطفو على السطح مرة أخرى و في أماكن متعددة و رغم أنه تأجل أنتشار هذه الظاهرة في الفترة السابقة فقدان الاستقرار الأمني و الحرب الطائفية غير المعلنة و القتل و التهجير فكانت الشوارع تخلو من المارة قبل غروب الشمس بساعات فلم تكن الأجواء مهيئة لفتح محلات بيع الخمور الا في بعض المناطق التي أوجدت مصلحة متبادلة بين الجهات السياسية التي تسيطر عليها و بين أصحاب هذه المحلات حيث كان فتح هذه المحال يضفي نوعاً من صور أستتباب الامن و يعكس نوع من الاستقرار كانت تحلم به مناطق اخرى ,
كما حدث في منطقة الكرادة ,
و اليوم نحن نعيش حالة جدلية بين أصوات متعددة دعى قسم منها الى تقنين عملية دخول و بيع الخمور بصورة علنية و سن قوانين تؤطر تداولها منطلقين من الايدلوجية الاسلامية التي تحرم الخمر و تناولها و تداولها , بالإضافة الى عرض الظواهر السلبية التي تسقط تبعاتهاعلى المجتمع بكل فئاته, و الذي لا ينكره حتى المعسكر الثاني الذي أنطلق في معارضته من شعارات الحرية الشخصية و حقوق الانسان و إن المنع يفضي الى نتائج عكسية و ينقل التداول الى البيوت بدل الشوارع مستشهدين بتجارب طولية عاشها العراقيون سابقاً و عرضية تعيشها دول الخليج القريبة ,
و المراقب المنصف المتعقل الذي ينظر الى الحالة العراقية بشمولية و يأخذ بنظر الاعتبار التباين الفكري و الاجتماعي و التاريخي بين مناطق العراق المختلفة و الطبيعة السكانية المعجونة بالأرث الحضاري الخاص لكل منطقة أو لكل محافظة فالنظرة المجتمعية و كذلك حركة العقل الجمعي لسكان محافظة النجف لا ينطبق بالضرورة مع نظرائهم في مدينة أربيل و هكذا في باقي المحافظات فهذا التنوع في الخصوصية يصعًب على المشرع سن قوانين وضعية تصلح للجميع و التي من الصعوبة بمكان حصرها في سلة قانونية واحدة ,أو تسييرها وفق منهج واحد , و هذا سيولد عشرات المشاكل التي ستتفاقم و تولد أنقسامات و أعتراضات تستنزف جهد و وقت السلطات الثلاث التشريعية و التنفيذية و القضائية، فالحل الامثل لهذه القضية هو تحكيم الخصوصية لكل محافظة أو أقليم من خلال ممثلي الشعب في مجالس المحافظات المنتخبة حديثاً والذين يكونون أقرب الى تطلعات و تصور القرار الأنسب الذي يتوافق مع الطبيعة الأعم لدى سكان المحافظة و يكون قرارهم متناغماً مع الواقع الاجتماعي الذي يعيشونه و طبيعة النظرة العقلانية لهذه الظاهرة أخذين بنظر الاعتبار كل ملابسات القضية و حيثياتها لتقع المسؤلية على عاتقهم و نكون بذلك ضربنا أكثر من عصفور بحجارة واحدة فمن جانب طبقنا الديمقراطية التي تمثل حكم الاغلبية و تركنا مساحة كبيرة لممثلي الشعب أن يمارسوا دورهم في أيصال صوت ممثليهم و فعلنا مجالس المحافظات التي ستنعكس نتائج قراراتها بصورة مباشرة عليهم سلباً أو أيجاباً و حافظنا على الخصوصية التي تميز كل محافظة عن غيرها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من مواضيع الحملة الايمانية الجديدة في العراق
رافض للدين ( 2009 / 6 / 12 - 19:32 )
عاش أغلب العراقيين في فترة أواخر السبعينات و الثمانينات حالة من الانحلال و التفسخ على المستوى الأخلاقي و تفشي الكثير من المشكلات و الأمراض الاجتماعية ، و طفت على السطح العديد من الظواهر التي كادت أن تصبح جزء من ثقافة المجتمع و قطعة من تكوينه رغم أنها طارئة عليه و لهذا نراها أنحسرت بصورة كبيرة بعد الصحوة الإسلامية التي أطلق زمامها السيد محمد صادق الصدر في مرحلة ما بعد الانتفاضة الشعبية في التسعين من القرن الماضي , حيث شهد العراق أنقلاباً ملحوظاً في أنخفاض معدل الجريمة بكل أنواعها حتى أني سمعت وقتها تصريحاً لأحد الضباط الكبار أن جريمة السرقة أنعدمت تماماً في أحدى المحافظات ,
هذا الموضوع يصلح تماما لتوجهات من يريدون اطلاق حملة ايمانية اخرى على غرار حملة صدام الايمانية وهذا التوجه هو ما يدفع الكاتب لان يقول ان اغلب العراقيين عاشوا الانحلال والتفسخ ... ولانعرف كيف كان هذا الانحلال والتفسخ الذي يشير اليه الكاتب


2 - مقالة الدكتور عبد الخالق حسين
كنعان ايرميا ( 2009 / 6 / 12 - 21:44 )
نثق بمايقوله الدكتور اكثر من العموميات والمعميات التي تسطرها . الاحصاءات تقول ان اعلى نسبة نفــــــــور من الاسلام كدين هي في الدول التي ابتليت بحكم الاسلام السياسي مثل ايران السعوية وافغانستان طالبان . اعتقد في قراءة مقالة الدكتور اليوم . فائدة اعم للعراق الذي ينــزف بسبب تعطش ميليشيات ا حزاب الاسلام السياسي للســــلطة


3 - تغريد ألبلابل
جيفارا ( 2009 / 6 / 12 - 21:46 )
موضوعك ألجميل أعادني ألي صباحات بغداد ألجميلة حينما كان ألبغادة يجلسون صباحآ يتناولون ألفطور علي تغريد ألبلابل ويسمعون أغاني صباحةدية بصوت ملك ك(صباح ألخير يا لولة ) أوعفيفة أسكندرفي أغنية (كل يوم ألصبح كلبي يدك بابك أكعد يا حبيبي ) ولأن ذهبت بغداد ذهب كل شيء معها..........تكلمت عن أواخر ألسبعينات تعتبر هذة ألمرحلة من أنضج ألمراحل في ألعقود ألثلاثة أو لاربعة ألاخيرة فمن أين جئت يا مولاي بهذة ألفرضية كان ألمسرح والشعر (ليس شعر ألرواديد )في قمتة وفي ألثمانينات كنا في حرب مع ألعلوية أيران وكان أغلب ألشباب وألرجال في ألجيش أما في ألتسعينات وهي مرحلة ألكبسلة فقد ظهر ألشهيد ألثاني صحيح قلة هذة ألظاهرة لأن ألسيد ألصدرقد أثر في أتباعة لأن أكثرهم كانو مكبسلين وعندما قتل عادو أتباعة للكبسلة حتي أن ألسيد مقتدي لميستطع أن يؤثر فيهم رغم أنة ألقائد ألعام لجيش ألامام وكانويقاتلون في سوح ألوغي وهم مكبسلون فهذة ألمشكلة لاتوحل وألشرب وألكبسلة مرتبطة أرتباط كبيرفي ألوعي فنلاحظ مثلآ أن ألمثقفين لايكبسلون بل نفرض يحتسون ألبيرة ومضار ألبيرة أقل جدآمن ألكبسلة فهل نمنع ألبيرة من أجل ألكبسلة أما عن ألتقسيم ألجغرافي نمنع ألبيرة في ألنجف أو ألرمادي ويوجد مثلآ يرجل يحتسي ألبيرة كل يوم ماذا يفعل هذ ا ألرجل وأل


4 - We need proper constitutional solutions, rather than a recip
Talal Alrubaie ( 2009 / 6 / 12 - 22:12 )
You article is more confusing, I am afraid to say, You talk of an alcohol problem or, more precisely the sale of it in public, forgetting willingly or unwillingly, that the main problems facing people of Iraq now are the corruption, manipulation of religion for selfish and political goals, massive unemployment, masses of widowed women who enjoy little or no social support, absence of decent infrastructure, deterioration of educational system, catastrophic agricultural yield, polluted environment, and last but not least, sectarianism. And this list is not meant to be an exhaustive one.
You speak of the chaos associated with sailing alcohol in public (should alcohol be sold underground?). But is not this chaos all pervasive everywhere in Iraq? And why cannot the government of Law and Order organize the sale of alcohol in a more civilized way? Is not the duty of government to organize things in a proper way without sacrificing civil rights? Why should people scarifies their civil rights because the government is incompetent and cannot organize properly simple things like the sale of


5 - التحالف الشيطاني
jasim ( 2009 / 6 / 13 - 06:50 )
تحياتي الى الصديق جيفارا والى طلال الربيعي
احنا عندنا بالعراق مثل يكول الماعندة شغل...........
ويبدو ان علي فاهم هو من هذا النوع اولا وثانيا لا ادري كيف يسمح بنشر هذة الخزعبلات على موقع شعارة(( من أجل مجتمع مدني علماني ديمقراطي حديث يضمن الحرية والعدالة الاجتماعية للجميع))
تعرف ياعلي بن فاهم ان جيل السبعينات في مدينة الثورة وغيرها من مدن العراق هو الجيل الارقى في تاريخ العراق الحديث
هذا الجيل الذي خرج منة :الطبيب والمهندس وحملة الدكتوراة والشعراء والرياضيين والادباء . وهناك المئات من الاسماء اللامعة .
الكارثة حصلت في نهاية السبيعنات وتضخمت اثناء الحرب العراقية الايرانية
واعطت ثمارها في التحالف الشيطاني بين الصدر وصدام


6 - اتركوا الخمرة للخمارة
هندي الهيتي ( 2009 / 6 / 13 - 09:46 )
لا ادري هل كان كاتب المقال يعيش في العراق ام لا ؟ لو سألت اي عراقي عن الفترة الذهبية للعراقيين سيجيبوك انها فترة نهاية السبعينات من القرن الماضي حيث تجد الابداع في كل مجال من مجالات الحياة الادبية والعلمية والاجتماعية .. اما ما تسميه تفسخ للحياة العراقية فهو يمكن ان يكون صحيحا من وجهة نظرك اذا كنت تعتبر الحياة التي لا يسود فيه الفكر الاسلامي حياة متفسخة . وان الصحوة الاسلامية التي تدعيها كانت من اختراع النظام السابق وما سماه بالحملة الايمانية التي قادها حزب البعث بعد التسعينات والتي كان مردودها معروف للعراقيين فقد تقلصت محلات بيع الخمور واغلقت البارات التي تقدم المشروبات الروحية والنوادي الليلية لكن ماذا كانت النتيجة؟ لقد تحولت الحدائق العامة الى اماكن لتناول المشروبات الكحولية وتحولت البيوت الى نوادي ليلية وانتشر تناول المخدرات من حشيشة وحبوب المخدرة بشكل مخيف . ان فتح النوادي الخاصة بتقديم المشروبات الكحولية له ايجابياته الاجتماعية اكثر من سلبياته . ثم انا لا ادري ماذا جرى لكم اتباع الاحزاب الاسلامية فلم يبقى مشكلة في العراق حتى تفكروا بهذه القضية؟ الاولى بكم تحريم الرشوة والاختلاس والفساد المالي والاداري قبل ان تحرموا شرب الخمر . والاولى بكم تحريم القتل والتهجير الطائفي قبل تحريم


7 - Wake up
Walid Youkhanis ( 2009 / 6 / 13 - 09:47 )
To the writer the seventies was the best period in Iraq. I do not understand why people like you like to read the events in the wrong way. Sory to say I think you are drunk when you wrote this article.

اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي


.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل




.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل


.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق




.. -غوغل مابس- قد يكون خطرا عليك.. الأمم المتحدة تحذر: عطل إعدا