الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلامَ سيقود فوز قائمة - التغير-، جماهير كوردستان..!؟

جلال محمد

2009 / 6 / 16
القضية الكردية


اثار قرار نوشيروان مصطفى و قائمة " التغيير" التي يقودها، بالاشتراك بشكل مستقل في الانتخابات البرلمانية التي ستجري خلال تموز القادم في كوردستان العراق، تغيرا ملموسا في المزاج الجماهيري لصالح المشاركة في الانتخابات المذكورة قياسا الى المقاطعة الواسعة التي كان من المتوقع ان تجابهها هذه الانتخابات المذكورة قبل قرار الكتلة المذكورة.
هذا التغير جاء على امل ان يؤدي فوز هذه القائمة تحسنا في الاوضاع السياسية و المعيشية البائسة لجماهير كوردستان. الا ان السبب الجوهري الكامن وراء ذلك التغير يعود، حسب راينا ، الى حالة الاستياء الجماهيرية العميقة والواسعة من سلطة الحزبين الكورديين الملييشاوية والامل بتغيير السلطة المذكورة اكثر من كونه تفاؤلا بالبرنامج الراهن او بماضي ابطال هذه القائمة و شخصياتها و على رأسهم نوشيروان مصطفى نفسه ، فحالة الاستياء و الغليان الجماهيرية اعمق بكثير من قدرة هذه الكتلة على تحريفيها عن مسارها الواقعي .
لو تغاضينا الطرف، لحين، عن الاهداف الحقيقية لكلا الحزبين الحاكمين عن تنظيم هذا السيناريو و افترضنا، جدلا، بان هذه الانتخابات ستكون " عادلة " تماما من حيث توفر فرص و امكانيات مادية متساوية امام جميع الاطراف المشاركة وبانها ستكون خالية من كل تزوير، فان السؤال الذي يجب ان تعرف جماهير كوردستان جوابه الان هو: ماذا سيغير نجاح قائمة التغبر من الاوضاع السياسية في كوردستان و الى اي حد سيتم تحقيق مطاليب الجماهير الاساسية ؟
الاستياء الراهن لجماهير كوردستان ينجم، في الواقع ، عن عاملين رئيسين: اولهما بقاء الوضع السياسي في كوردستان قلقا و غير محسوما اي بقاء مصيركوردستان السياسي معلقا من الناحية القانونية و السياسية بين مساومات الكتل السياسية القومية الكردية والقومية و الدينية العربية ، الامر الذي يبقي على شبح هجمات الدولة المركزية قائما . هذا الشبح الذي لاتزال السلطة القومية الكردية تخدع به جماهير كوردستان به منذ اكثر من 17 عاما ، مرة بسلطة البعث و كون مدينة كركوك ( قلب كوردستان و قدسها) غير محررة من احتلال البعث و اخرى بان العزيز مام جلال صار اول رئيس كردي للعراق و بانه سيحقق كل مطاليبنا ومن ضمنها الفيدرالية ، الا ان ما تحقق على ارض الواقع هو ربط كردستان بدولة دينية طائفية لا تقل عداءا و شوفينية عن البعث ان لم تكن اكثر منها عدوانية تجاه طموحات جماهير كوردستان ، باختصار فان المسائل التي عانت جماهير كوردستان من اجلها الويلات لعقود طويلة لاتزال قائمة و تتعقد يوما بعد اخر وتتصاعد مخاطر هجوم المركز على كوردستان يوما بعد اخر خاصة بعد فشل السياسية الامريكية في العراق .
العامل الثانى هو السياسة الظالمة التي يمارسها كلا الحزبين الكرديين خلال هذه السنوات الطويلة بحق جماهير كوردستان بدءا من خنق الحريات السياسية و سياسة النهب و البطالة الواسعة وانعدام الخدمات الاساسية وصولا الى تحويل كوردستان الى مركز لتجارة المخدرات و تجارة الجنس.
تجاه الوضع القائم هل يمكن لقائمة "التغير" ان تغير من هذه الاوضاع في حالة فوزها و دخولها البرلمان ، هذا اذا افترضنا بان الحزبين الحاكمين سيقبلان النتائج التي ستفرزها الانتخابات وان حربا داخلية اخرى لن تنجم عنها ؟
لسنا بحاجة الى ذكاء مفرط لادراك ان قائمة التغير لا تنوي ولن تتمكن من اجراء اي تغير جدي على العاملين المذكورين .
ستتحول هذه القائمة ، في احسن الاحوال ، الى معارضة قوية داخل البرلمان ، ولكن البرلمان ليس سوى هيئة مشلولة استنادا الى" الدستور" و مقارنة بالصلاحيات "الدستورية" الواسعة لرئيس حكومة الاقليم و كذلك مقارنة بالقدرات الواقعية لكلا الحزبين. ان كون البرلمان هيئة كارتونية و عاجزة عن انجاز اي شيئ بمعزل عن ارادة الحزبين الرئيسين وان القوى الواقعية التي تتحكم بكل الامور هي سلطة الحزبان الرئيسيان هي من الامور المعروفة و المسلم بها في اوساط جماهير كوردستان ولذلك لو كان نوشيروان مصطفى جديا في اجراء تغيرات حقيقية على الاوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية في كوردستان لكان رشح نفسه لمركز رئيس حكومة الاقليم لانه يدرك تماما ان من المستحيل اجراء اي تغير في الاوضاع القائمة دون صلاحيات رئيس الاقليم .
ان الواقع هو ان نوشيروان و قائمة " التغير" يتعقبون مسالة اخرى ولاتهمهم حل المسائل السياسية المعلقة او تحسين الاوضاع البائسة لجماهير كوردستان.
فمحاولات نوشيروان و رفاقه التي تعود لسنوات طويلة لحل الخلافات القائمة بينهم و بين قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني كانت و لاتزال تقتصرعلى حل و تسوية الخلافات في صفوف قيادة الاتحاد الوطني و ليس على نطاق كوردستان بشكل عام في حين ان المسؤول عن الاوضاع الراهنة هو سلطة كلا الحزبين الفاسدة و ليس الاتحاد الوطني لوحده. ان الدافع الحقيقي لمعارضة نوشيروان لقيادة الاتحاد الوطني و لجلال الطالباني بالذات هو كون الاخير قد احتكر كل السلطات و الموارد و الامتيازات لنفسه و لعائلته و لقلة قليلة من المرتزقة المحيطين به وهؤلاء المجموعة لوحدها تنال القسط الاكبر من الاموال الطائلة التي ينهبونها من افواه جماهير كوردستان . ان نوشيروان يعتبر نفسه شريكا في كل ثروة الاتحاد الوطني و قد قالها بنفسه في رده على " ملا بختيار" احد اعوان الطالباني و عضو مكتبه السياسي.
ادت انتخابات 1993 الى حرب دموية طاحنة بين الحزبين اودت بحياة عشرات الالاف من شباب كردستان وشردت الاف العوائل من كلا الجانبين و لاتزال الكثير من نتائجها لم تعالج حتى الان ، كان نداء كلا الحزبين انذلك لجماهير كوردستان هو المشاركة في تلك الحرب القذرة دفاعا عن (الكوردايةتي) و باسمها ، و يدعو نوشيروان و كتلة " التغير" في هذه الايام جماهير كوردستان الى التصويت له و الوقوف بوجه الطالباني و القيادة الراهنة للاتحاد الوطني ليس من اجل تحسين اوضاعهم الاقتصادية و الاجتماعية البائسة و القضاء على سلطة عصابات كلا الحزبين بل من اجل حصول نوشيروان و " عصابته " على الحصة التي "يستحقونها" من ذلك النهب .
من المؤكد ان تجربة الجماهير مع سلطة هذين الحزبين لاكثر من سبعة عشر عاما قد كشفت نواياهما من سيناريو الانتخابات القادمة و ما يتفرع عنها من مشاكل و ازمات اضافية و التي هي في الواقع ليست سوى محاولة لستر الازمة الحقيقية لكل تيارات الحركة القومية الكردية و ليست الا محاولة من جانب نوشيروان و رفاقه لبعث الروح في الحركة المذكورة و انقاذها من استياء جماهير كوردستان فهؤلاء يقولون لنا بانهم هم الذين يمثلون الاتحاد الوطني الحقيقي وليس الطالباني و زمرته المحيطة به ولكن تجربة سنوات طويلة من حكمهم البغيض و عمق الازمة الراهنة التي لاتشكل سيناريو الانتخابات القادمة الا محاولة لتجاوزها تؤكد هزالة هذه المحاولة و تكشف سفاهتها.
ان التعويل على نوشيروان و مجموعته والاعتماد على هذه الانتخابات من اجل حل المشاكل الراهنة في كردستان ليس الا رهانا على الحصان الخاسر ولذلك فان ندائنا الى جماهير كردستان هو عدم الانخداع و الانجرار خلف الاجنحة المختلفة للحركة القومية الكردية التي تحاول اضفاء الشرعية على حكمها الفاسد لعدد اخر من السنوات . ان ولوج الجماهير الى الميدان بشعار( لا) كبيرة و بصفوف مستقلة سيؤدي بهم الى الانفصال عن سياسية الاحزاب القومية الكردية و سيضعهم في بداية الطريق الذي يؤدي الى تقرير مصيرهم السياسي بشكل حرومستقل.
جلال محمد
29/6/2009
نشر هذا المقال، بالكردية، في جريدة "اكتوبر" العدد 29 و الصادرة في 15/6/2006.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال العشرات في جامعات أمريكية على خلفية الاحتجاجات المؤيد


.. الخبر فلسطيني | تحقيق أممي يبرئ الأونروا | 2024-05-06




.. مداخلة إيناس حمدان القائم بأعمال مدير مكتب إعلام الأونروا في


.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس




.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على