الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الالحاد دين جديد؟

بسام البغدادي

2009 / 6 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الكثيرين مِن الذين أقابلهم, أصدقاء و أقارب, يشعرون بشئ من الحساسية و بعض الاستفزاز بمجرد معرفتهم بموضوع الحادي. الايمان بالله بالنسبة للكثير من البشر شي عميق و متجذر في اللاوعي لدرجة أن الكثيرين يرون بان الايمان هو شيء طبيعي جداً بل يذهب البعض أبعد من هذا ليدعي بأنه فطري من الولادة. لِنتذكر هنا بأن الغالبية العظمى من الناس و بالرغم أنتمائهم لأحد الاديان الشرق أوسطية فأن أهتماماتهم الدينية سطحية و تقتصر في غالبها على الاشتراك بالمناسبات و التمتع بالاجازة في الاعياد. بالرغم من هذا فأن الألحاد لازال في نظر الغالبية هذه شئ مخالف للطبيعة و ليس العادة فقط.

الايمان بشئ ما أكبر و أعظم و أروع و أجمل هي الصفة الغالبة على معظم الذين لم يحددوا موقف معين بخصوص الدين, و هذا يعطيهم بعض الراحة التي لا يعرفون مصدرها. معظم هذه الصفات يتم الصاقها بطبيعة الحال بالله بمجرد ان يجد الانسان نفسه ينتمي لمنظومة دينية معينة. و فجأة يجد نفسه يردد ما تم حشوه في عقله من الصغر في هذا الدين او ذاك بمجرد طرح موضوع الايمان للنقاش لدرجة انك لو تحدثت مع أحدهم فكأنك تحدثت مع المؤمنين في دينيهِ جميعاً. نفس القصص و البراهين و الأدلة و الاسئلة التي تجيب على نفسها بنفسها يسوقها لك كأثباتات على وجود الله ثم عظمة نبيهِ و من ثم النتيجة النهائية التي لا مفر منها بان دينهُ هو الدين الحق.

بطبيعة الحال فأن الايمان من عدمه هو حرية شخصية صرفة و من حق كل أنسان أن يقررها بكل حرية. لكن كقاعدة فأن الالحاد هو موقف واضح حول مسألة معينة بالذات و هي الوجود الالهي. و في حالة قيام أديان أو أنظمة فكرية على هذا الوجود الغير مُثبت فأنه بطبيعة الحال ستنهار هذه الانظمة لدى المُلحد لغياب أسباب و أسس وجودها. على سبيل المثال يدعي الكثيرين بأن المسيحية دينٌ أخلاقي مُسالم. أذا كانت الفكرة مِن أساسها مبنية على الاعتقاد بالوجود الالهي الذي لا دليل عليه فأن من حقِنا التشكيك في مصداقيتها قبل قبولها حيث من غير المعقول ان تكون الافكار المزيفة مفيدة أساساً.

بعض الاسئلة التي يواجهها المُلحد مدروسة و جادة و لكن مع الاسف الشديد أغلب الاسئلة التي أواجهها ساذجة. على سبيل المثال لا الحصر. أنت لا تؤمن بالله لانك لا تستطيع رؤيته؟ أنت تؤمن بأن عقلك موجود رغم أنك لا تراه؟ هل تؤمن بالحب رغم انك لا تراه ولا تفهمه؟ لماذا اذن لا تستطيع الايمان بالله؟ و جوآبي لكل هذا النوع من الاسئلة هو التالي. يا حضرة المؤمن هل تؤمن فعلاً بوجود بطة عملاقة وردية غير مرئية تتحدث سبع لغات و ترقص جوبي تسكن في الحمام و تظهر فقط عندما تنام او تخرج من البيت؟ لماذا لا تستطيع الايمان بها؟ فقط لانك لا تراها او تفهمها؟

و عندما يكتشف المؤمن ضعف و سذاجة هذه الفكرة ينتقل الى أفكار أكثر عُمقاً, و هذا ما أتمناه دائماً. أفكار مثل الكون و الانفجار العظيم و فكرة النظام اللامتناهي في الدقة و جسم الانسان و الطبيعة و غيرها من الافكار. أنها أفكار تبدو للوهلة الاولى ذكية و علمية, لكن طرحها في سياق ديني يفترض بأن كل الاشياء لها "غاية معينة" يفرغها من كل علمية منهجية. شخصياً أؤمن مسبقاً بما توصل اليه العلم, المؤمن يؤمن بأن العلم لن يتوصل يوماً الى الله. بالرغم من هذا يحاول المؤمن أيجاد الفراغات الممكنة في سياق العلم الانساني ليفترض بصورة آنية بأن الله هو الجواب لكل هذه الفراغات العلمية. لدرجة ان الله أكتسب صفة أله الفراغات لدى البعض.

أذا كنا لا نملك اجوبة كاملة لكل الاسئلة و هذا ما نقر بهِ لا يعني هذا بشكل من الاشكال ان الجواب هو الله. الله ليس جواباً لشئ, الله نفسه علامة أستفهام كبيرة لا يجرؤ المؤمن الاجابة عليها أو النظر اليها دون ان تسقط كل رهبة من هذا الكيان الوهمي. كذلك فأن الالحاد ليس فكراً او ديناً او نظام سياسي او أقتصادي او أجتماعي معين. الالحاد هو موقف سلبي من فكرة معينة بالتحديد لا غير. ستالين كان ملحداً لكن هذا لا يعني بان كل الملحدين ستالين و هتلر كان نباتياً و له شوارب هذا لا يعني ايضاً بان كل النباتيين أو الذين لديهم شارب يكرهون اليهود.

ختاماً فأن الألحاد هو موقف مُحدد و مدروس من فكرة معينة بالذات. لا علاقة لها لا من قريب أو بعيد و لا تحمل أي أشارة الى المستوى العلمي او الذكاء او درجة التحرر او اذا ما كان الشخص مؤمناً بالسحر أو الاحجار الكريمة أو الابراج. الالحاد هو عدم الايمان بالوجود الالهي, فقط. ليس أكثر او أقل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أرني بطتك ..
تانيا جعفر الشريف ( 2009 / 6 / 19 - 06:47 )
بعض الاسئلة التي يواجهها المُلحد مدروسة و جادة و لكن مع الاسف الشديد أغلب الاسئلة التي أواجهها ساذجة. على سبيل المثال لا الحصر. أنت لا تؤمن بالله لانك لا تستطيع رؤيته؟ أنت تؤمن بأن عقلك موجود رغم أنك لا تراه؟ هل تؤمن بالحب رغم انك لا تراه ولا تفهمه؟ لماذا اذن لا تستطيع الايمان بالله؟ و جوآبي لكل هذا النوع من الاسئلة هو التالي. يا حضرة المؤمن هل تؤمن فعلاً بوجود بطة عملاقة وردية غير مرئية تتحدث سبع لغات و ترقص جوبي تسكن في الحمام و تظهر فقط عندما تنام او تخرج من البيت؟ لماذا لا تستطيع الايمان بها؟ فقط لانك لا تراها او تفهمها؟
ألأسئلة التي وجهت إليك معقولة .ولكن سؤالك ليس به لون ولاطعم ولارائحة..بطة ترقص وتنام ووردية وسبغ لغاة ..طبعا لاأؤمن بمثل هذا لإنك تتحدث عن شيء مادي يرى بالعين وحيث إنك إدعيته أثبته لي بإن ترينيه(تجعلني أراه)أما ألأسئلة(الساذجة التي وجهت وتوجه إليك فهو أسئلة فكرية إستدلالية تستطيع الوصول بها غلى نتيجة من خلال التفكير والبحث من المستحيل أن ترى عقلك ولكنك تستدل على وجوده من خلال آثاره وسلوكك والحب لاتراه ولكنك تشعره فتعرف إنه موجود
عذرا سيد بسام في الوقت الذي كان طرحك جديرا بالاهميه كانت أمثلتك
جديرة بالسخرية(للأسف)أتمنى لك التوفيق وشكرا لك على طرحك لاعل


2 - ما الفرق بين إله المؤمنين وبطة بسام ؟؟؟
صلاح يوسف ( 2009 / 6 / 19 - 08:12 )
قرأت مقالة بسام الرائعة ووجدت ان الرد الساخر جداً بمثال البطة يمثل رداً عبقرياً على مفهوم الإيمان بعدم الرؤية. كثيراً ما سمعنا المؤمنين - وبالذات المسلمين - يسوقون أمثلة كالتي ساقها الكاتب ومنها أيضاً نحن لا نرى الكهرباء ونؤمن بوجودها. أتفق مع رد تانيا بأننا نشاهد احمرار سلك المدفأة بفعل الكهرباء ونشاهد حركة المروحة الكهربائية.
لكن عند مطالبتنا للكاتب بأن يرينا بطته فالرد الفوري هو أن على المؤمنين أن يرونا الله ونخلص وإلا فما الفرق بين الله وبطة بسام ؟؟؟؟


3 - مقال ممتاز
وائل ( 2009 / 6 / 19 - 09:53 )
حقا انها مقاربة ممتعة منطقية وواقعية الى حد كبير ولما لا ؟؟ اين هو الفرق بين اله المؤمنين خاصة اله الاسلام وبطة بسام...؟ انا اتمنى من جميع الاخوة والاخوات المهتمين بهذه المواضيع ان يطلقو ويستخدمو هذه التسمية الانموذجية في مثل هذه الحالات. دعونا نطلق مصطلح -بطة بسام- وتثبيت ذلك المصطلح عند تناول هذا الموضوع مستقبلا على سبيل شكر الكاتب على فكرته الخلاقة رغم انه والحق يقال فان الكثيرين منا من اصحاب ذات الراي وانا يشرفين ويسعدني جدا ان اكون منهم قد قدموا خلال مناقشاتهم الكثيرة امثلة مشابهة لمثال -بطة بسام- لكن لاباس دعونا نعطي الكاتب شرف هذه التسمية لانه ربما اول من قدم هذا الراي علنا على موقع الحوار. اما الاخت المحترمة تانيا فانا احترم رايك لكني لااوافق الراي ابدا حيال سخرية المثال. وان اردت لاباس بامكانك ان تستبدلي -بطة بسام- باي امر او اداة او مخلوق او قطعة جماد اخرى فما ينطبق على -بطة بسام- ينطبق تماما على الالاف بل ملايين الامثلة الاخرى. اتمنى عليك اعادة النظر في موقفك. و شكرا


4 - نفس الهدف
اوشهيوض هلشوت ( 2009 / 6 / 19 - 14:34 )
الإيمان والإلحاد مسافران في اتجاه نفس الهدف(الحقيقة) فقط الفرق بينهما هو ان الإيمان مسافر وهو نائم بعكس الإلحاد


5 - نكتـــــــــه
كنعان ايرميا ( 2009 / 6 / 19 - 15:36 )
ارسل اثنين من اليهود ولديهما الى اسرائيل كي يترسخ فيهما الايمان لكن رجعــا وقد انقلبا الى مسيحيين قررا الوالدان الذهاب بنفسيهما الى اسرائيل للتحقق من سبب المصيبــــة وهناك التقيا بحاخام قيل انه يكلم الله ولما سالاه عن السبب اجاب ان الله يقول انا نفسي ارسلت ابني الى اسرائيل فعاد وقد صار مسيحيا لابل الغى عهدي القديم معهم بعهد جديـــــد

اخر الافلام

.. لحظة الاعتداء علي فتاة مسلمة من مدرس جامعي أمريكي ماذا فعل


.. دار الإفتاء تعلن الخميس أول أيام شهر ذى القعدة




.. كل يوم - الكاتبة هند الضاوي: ‏لولا ما حدث في 7 أكتوبر..كنا س


.. تفاعلكم | القصة الكاملة لمقتل يهودي في الإسكندرية في مصر




.. عمليات موجعة للمقاومة الإسلامية في لبنان القطاع الشرقي على ا