الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستبداد الفكري

كاظم الحسن

2009 / 6 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا تنفرد السياسة في مقولات الاستبداد (انا الدولة والدولة انا) بل تصل الى الثقافة وتتحول الافكار النسبية الى مطلقة ويصبح صاحبها مقدسا لا يقبل الجدل والحوار وتضيق مساحة التفاهم والقواسم المشتركة حين تتماهى الفكرة مع الانسان.

ويتحول الموضوعي الى شخصي والعكس صحيح ويتوقف التلاقي الفكري والنمو العقلي والتبادل المعرفي وتكون بدايته الغاء الاخر ونهايته تصفيته جسديا ويكمل السياسي مشروعة المطلق القائم على الاحادية وتضخيم (الانا) والتفرد في امتلاك الحقيقة.

يقول الباحث عبد السلام بنعبد العالي: عن الفرق بين مظاهرات فرنسا الطلابية عام 1968 وعام 2006، (فلسنا هنا امام ممارسة تجسد نظرية ولا امام نظرية تؤول العالم وتريد ان تغيره فهذا الجيل لا يريد ان يحول العالم وانما ينغمس فيه.

كان الجيل السابق يرفع شعار (نقد المجتمع الاستهلاكي) اما هذا فيريد ان يستمتع به. انه لا يريد الا ان ينال نصيبه من الدنيا. ولا عجب ان تكون رموزه هي وحتى وان ظلت هي نفسها فقد تغير معناها، فـ(تتشي جيفارا) على سبيل المثال لم يعد انموذجا ثوريا بل غدا اغنية جميلة تردد صورة تزين القمصان.
لم يعد الامر يتعلق بذوبان الفرد في النموذج في القضية وانما غدا الفرد نموذج نفسه، كان جيل 68 يرفع شعارانا القضية اما الجيل الجديد يردد القضية انا وانا اولا وقبل كل شيء

ان الافكار التي تتلبس الحقيقة المطلقة تدعي ان لها رسالة الى جميع البشر، تتحول الى المقدس، انها بذلك تشرع القتل وسفك الدماء وتؤسس بخلق حروب وصراعات ليست لها نهاية تخرج من التاريخ الى عالم متخيل وغير ملموس.
ان القرن العشرين كان الاكثر دموية في التاريخ وصبغت صفحاته باللون الاحمر وتلاشى حلم الانسان باقامة عالم اكثر سعادة ورفاهية وينعم بالامن والاستقرار والسلام دكنه قد قرع ناقوس الخطر بامتلاكه اسلحة نووية، فلم يعد فرض الافكار ممكنا آزاء التهديد المرعب الذي داهم البشرية وكانت لحظة انفصال الفكرة عن الانسان ونهاية الانسان السوبر مان او الانسان الكامل ونهاية المشاريع الكبرى ولاحلام الرومانسية التي قادت البشرية الى جهنم الصراعات والحروب العالمية التي فتكت بالجنس البشري.

لقد اصبح التعايش بين الافكار والاعراق والاديان والمذاهب السياسية، ضرورة لا بديل لها واصبح الانسان يعيش كما هو وليس كما يجب او ما تصوره احلامه وطموحاته القاتلة انه فقد المعاني الكاذبة والامال الوهمية بالتفوق والجبروت ولكنه ربح نفسه وخسر اجنحته واحلامه التي طالما حلق بها في عوامل اخرى من صنع خياله يحيطها بالحقيقة والتي طالما تغنى بها ومات من اجلها واحال العالم خرابا وركاما بسببها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز