الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقة السياسية من اولويات بناء الدولة

كاظم الحسن

2009 / 6 / 24
المجتمع المدني



لم تعمر الأوطان وتصفو النفوس وتتآلف الأفكار وتتلاقح الأضداد إلا بعد التواصل واحترام الآخر وقبول التنوع والاختلاف والمغايرة، وهذا يتأتى من الثقة السياسية والاجتماعية التي تذيب الحواجز وتزيل السواتر وتطمر الخنادق وتبدد الشكوك والارتياب.في البدء كان البرلمن ومن ثم المعارضة السلمية ترفدها الروح الرياضية لتسري في مكونات المجتمع، زراعة الألفة والحميمية والدفء الانساني، فما كان عدوا أو خصماً سوف تراه أمامك فيه الكثير من المشتركات التي تقربنا منه وتقربه منا. تعتبر الثقة في أوسع معانيها مقوماً أساسياً في الحياة الاجتماعية، فالفرد يعيش في عالم أخذ في التعقد، ويواجع مواقف وخيارات غير واضحة المعالم.

والثقة تشير بهذا المعنى الى تقبل درجة من التعقد في الحياة الاجتماعية ودرجة الغموض في المواقف لا تصل الى حد الخوف وعدم اليقين الكامل وإلا لما خرج الفرد من منزله الى الحياة العامة، كما لا يمكن حلها تماماً أو التوصل الى يقين كامل بشأن أبعادها وإلا ملك الفرد زمام حياته وتلاشى المذاق المميز للحياة الاجتماعية وهو التعقد والغموض.
التاريخ لا يحدثنا عن التسامح والثقة السياسية، بل ان الخداع والحيلة والمكر هي السائدة والطافية على السطح ويكاد ان يكون الغدر هو العلامة الفارقة للسلطة السياسية، حتى ان احد حكام الدولة العباسية طلب من الفقهاء إيجاد المسوغ الشرعي لما قام به من خداع وغدر لأحد من خصومه لا سيما بعد ان وعده بالسلام والأمان!
والإشكالية هنا، ما بين الماضي المثقل بالزيف والمستقبل الذي ينتظرنا وفي ذات الوقت لا نستطيع ان نخطو باتجاهه ما لم نغسل النفوس من تلك الأدران من اجل بناء الدولة والأجيال القادمة لكي تحصد ثمار الثقة السياسية من خلال التأسيس لها ووضع حجر الأساس لمشروع انساني عملاق يطفىء نيران الحروب والازمات والمصائب وهي تتوالد بلا انقطاع وكأن الموت حادينا ونحن نسير في دهاليز التاريخ المظلمة.
الثقة السياسية هي سلوك معياري/ أخلاقي يحدد مضمون التفاعلات بين شخصين أو أكثر، أحدهما حامل الثقة والأخير صاحب الثقة بحيث يستطيع الأول التمتع بقدر أكبر من حرية الحركة، ودعم تأييد الطرف الثاني له في تبني أهداف الحركة والاختيار بين البدائل وتحديد وسائل الأهداف، دون الرجوع الفوري لصاحب الثقة في التفصيلات.
أما الثقة السياسية كظاهرة اجتماعية (فتشير الدراسات الاجتماعية) الى انها ترتبط بطبيعة الثقافة السياسية وتلعب الدور المحفز المفاعل في بناء الشرعية، كما تتراوح في درجة عقلانيتها بين الثقة في المؤسسات السياسية وثقة في الزعماء السياسيين والوظيفة الأهم للثقة السياسية هي تجسير الفجوة بين الحاكم والمحكومين وتحقيق الانسجام بين الدولة والمجتمع، فيما تدفع نحو مزيد من الإنتاج والاستقرار، فبدون الثقة يصعب تحقيق تعاون بين الأفراد او ضبط الصراعات الاجتماعية.
الفرد قد يحتمل تأجيل إشباع حاجاته أو يقبل درجة عدم العدالة في توزيع الموارد كلما كانت لديه ثقة في السلطة الحاكمة، وقناعته باشباع تلك الحاجات في المستقبل واقتناعه بالوعود السياسية طبقاً للخبرة السابقة، فالأسهل ان تتحول الثقة الى عدم ثقة من ان يحدث العكس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ترصد معاناة النازحين السودانيين في مخيمات أدرى شرق ت


.. أطفال يتظاهرون في جامعة سيدني بأستراليا ويدعون لانتفاضة شعبي




.. هيومن رايتس ووتش تدين تصاعد القمع ضد السوريين في لبنان


.. طلاب في جامعة كاليفورنيا يتظاهرون دعمًا للفلسطينيين.. شاهد م




.. بعد تطويق قوات الدعم السريع لها.. الأمم المتحدة تحذر من أي ه