الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على طريق الهند

فتحى سيد فرج

2009 / 6 / 25
المجتمع المدني


في الصالون الثقافي لجماعة تحوتي للدراسات المصرية والذي تم عقده مساء يوم الثلاثاء 23 / 5 / 2009 تحدث الأستاذ / محفوظ أبو كيلة أمين عام الجمعية عن مجموعة من الملاحظات التي شاهدها في الهند وتحليله لتجربتها في التنمية أمام عدد من أعضاء الجمعية وبعض أصدقاءها قائلا " شاءت الظروف إن أشارك كممثل للمجتمع المدني ضمن وفد حكومي مصري في إطار وفد أفريقي يمثل منظمة دول حوض نهر النيل الأزرق (Entro) التي تتكون من مصر والسودان وأثيوبيا و مقرها أديس أبابا ومهمة هذا الوفد المكون من خمسة عشر خبير أفريقي في مجالات مختلفة هي الاطلاع على التجربة التنموية لكل من الهند و بنجلاديش وخاصة كيفية التعامل مع الموارد المائية من حيث مواجهة مخاطرها و تعظيم الاستفادة منها.
و قد أذهلني ما عرفته و رايته في الهند التي بدأت طريقها في التنمية اعتبارا من سنة 1980 وحققت عبر هذه السنوات العديد من القفزات منها:
o تحقيق معدل نمو 6% سنويا منذ 1980 – 2002 ازداد إلى 8 % حتى 2006 ليصبح اقتصادها رابع اقوي اقتصاد في العالم.
o تضاعف حجم الطبقة المتوسطة أربع مرات خلال العقدين الأخيرين.
o تجاوز 1% من السكان خط الفقر سنوياً.
o تباطؤ معدل النمو السكاني من 2.2% في السنة إلى 1.7% خلال العقدين الأخيرين.
o زيادة في متوسط دخل الفرد من 1718 دولار -1980- إلى 3051 -2008-.
o تحقيق دخل من صادرات البرمجيات و توريد خدمات الأعمال تقدر ب 35 مليار دولار سنويا.
o أصبح من 30 % إلى 40 % من نمو الناتج المحلى الإجمالي يعزى إلى زيادة الإنتاجية أكثر مما يعزى إلى زيادة في كمية رأس المال أو العمل و هي علامة حقيقية على صحة الاقتصاد و تقدمه.

و الشيء الذي لاحظناه على نهوض الهند ليس فقط هذه الانجازات المبهرة. و لكن أيضا أن الطريق إليه كان فريداً. فبدل من تبنى النموذج الأسيوي التقليدي -تصدير السلع المصنعة كثيفة العمل و منخفضة السعر إلى الغرب- تبنت الهند طريقا يعتمد على عدة مداخل فريدة أهمها:
الاعتماد على السوق المحلى أكثر من الاعتماد على التصدير:
نجحت الهند في تنفيذ العديد من السياسات و البرامج التي ضاعفت عدة مرات من حجم الطلب الكلى الفعال المقترن بالقدرة الشرائية في أوساط الطبقات الفقيرة التي لديها قدرات انفاقية ذات مرونة عالية. و قد شاهدنا العديد من البرامج التي نفذت بنجاح منها:
- استبدال عشرات الملايين من عربات الركشة (التي يجرها البشر) بألاوتوركشه (التوك توك).
- اعتماد حركة المعمار واسعة الانتشار نمط من التكنولوجيا يعتمد على العمل اليدوي البشرى أكثر من اعتماده على الميكنة.
- تحويل الصرف الزراعي إلى شبكات من الصرف الزراعي المغطى في جميع أنحاء الهند.
- إنشاء قناطر لحجز المياه في غالبية انهار الهند في أطار نظام شبكات ري مبطنة.
الاعتماد على الاستهلاك أكثر من الاستثمار:
يستحوذ الاستهلاك المحلي على 64% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ 58% في أوروبا، 55% في اليابان، 42% في الصين.
هذا المدخل في طريق الهند للنهضة ، مكن الفقراء من المشاركة في التنمية و جني ثمارها ، و تحول قطاعات كبيرة من السكان من الاقتصاد غير الرسمي إلى الاقتصاد الرسمي المنظم. وهذه الإستراتيجية في التنمية أكثر اعتناء بالبشر من استراتيجيات التنمية الأخرى. فالهند تمثل المرتبة 33 على مؤشر جيني --Gini Index (وهو مقياس لعدم المساواة فئ الدخل يتدرج من صفر إلى مائة) مقارنة بـ41 للولايات المتحدة ، 45 للصين ، 59 للبرازيل.
قد حققت الهند هذا القدر من العدالة الاجتماعية دون التوسع في سياسات الدعم العيني أو النقدي. بل اعتمادا على توفير فرص عمل تدر دخل نقدي يمكن المواطن من الاستهلاك. فالحكومة الهندية لا تقدم الدعم إلى وقود الطهي مثلا. و لا تجد أي غضاضة في اعتماد المواطنين على روث المواشي المجفف كوقود على نطاق واسع.
كما أن الاعتماد على هذا المدخل أدى إلى الانتشار الهائل و السريع لمشروعات الإنتاج الخاصة متعددة الأحجام و الأشكال لتلبية الطلب المتنامي على الاستهلاك. لدرجة أن المستثمرين أصبحوا يحصلون على أكثر من 80 % من إجمالي القروض الممنوحة في سوق الائتمان. بينما لا تتعدى هذه النسبة 10 % في الصين التي تعتمد بدرجة كبيرة على الصادرات من المشروعات المملوكة للدولة و الشركات الأجنبية. ومما لا شك فيه أن الاعتماد على هذا المدخل قد حمى الاقتصاد الهندي إلى حد كبير من الأزمات العالمية.
الاعتماد على الخدمات أكثر من الصناعة:
قطاع الخدمات الآن يمثل أكثر من 50 % من الناتج المحلى الإجمالي للهند بينما يبلغ نصيب الزراعة 22 % ، والصناعة 27 % مقابل 46 % في الصين. و تعتبر الهند أنها قد وجدت المحرك الذي يستطيع أن يدفع انطلاقها على طريق النهضة ، فخدمات "التعهيد" التي تسند إليهم من شركات في بقية أنحاء العالم ، و صادرات البرمجيات و توريد خدمات الأعمال ارتفعت من لا شيء في أواخر الثمانيات إلى 35 مليار دولار عام 2008 ، و العامل المحدد في نمو هذه الأنشطة لم و لن يكون الطلب 0 و أنما قدره نظام التعليم الهندي على تقديم ما يكفى من الخريجين الجيدين المتحدثين بالانجليزية.
الاعتماد على التكنولوجيا العالية أكثر من التصنيع منخفض المهارات:
أوضحت الحملات الانتخابية الأخيرة أن أكثر المتحمسين للنمو القائم على الخدمات ، لا يشككون في أهمية أنشاء المزيد من الوظائف الصناعية ذات التكنولوجيا العالية التي تتنامى بقوة ملحوظة حيث يوجد حاليا اكتر من مائة شركة صناعية هندية لدى كلا منها استثمارات في السوق بأكثر من مليار دولار. كما يساهم الاستثمار الأجنبي في أكثر من 1000 شركة هندية. و من بين قائمة اكبر 500 شركة أمريكية. هناك 125 شركة تملك الآن قواعد للبحوث و التطوير في الهند في مجال صناعة التكنولوجيا العالية. ورددت وكلات الأنباء في الآونة الأخيرة أخبار عن استحواذ شركات هندية على 140 شركة أمريكية قيمتها حوالي 19 مليار دولار. و يرى كثير من خبراء التنمية أن الهند ستنضم إلى الصين خلال عشر سنوات كورشة ثانية للعالم و لكن في قطاع التكنولوجيا العالية.
أن المتابع للحملات الانتخابية البرلمانية والمحلية الأخيرة يلاحظ بقوة أن الطريق الفريد الذي سلكته الهند لتحقيق النهضة يحترم وينطلق من ثقافة المواطنين (باعتبار الثقافة طريقة حياة). ويعتمد على إمكانيتها. وينحاز قياداته (بكافة أطيافهم) إلى تنفيذ السياسات والبرامج والقيام بالأعمال والمشروعات مبتعدين عن الأيديولوجيا والسفسطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الهند من برة هلة هلة ومن جوه يعلم اهله فقط
اسماعيل ميرشم ( 2009 / 6 / 25 - 15:28 )
الاخ الكاتب ما فائدة النمو او التطور الاقتصاد عندما الانسان يضطهد هكذا بوحشية في الهند - العظيمة- و خبصونا بعبارات مثل التوحد في التنوع

http://www.youtube.com/watch?v=vqtr6lSBeAM&NR=1

اخر الافلام

.. أزمة المهاجرين في تونس.. بين مخاوف التوطين واحترام حقوق الإن


.. استمرار الاحتجاجات في جامعات أميركية عدة رغم اعتقال المئات م




.. آلاف النازحين يناشدون العالم للتدخل قبل اجتياح إسرائيل مدينة


.. رفح الفلسطينية.. جيش الاحتلال يدعو النازحين إلى إخلائها مرة




.. تعرف على صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية وآليات إصدار مذكرا