الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطرف.. والحقيقة الغائبة

أحمد عائل فقيهي

2009 / 6 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


** دائما تظل هناك رغبة جامحة وجانحة عند الإنسان من أجل أن يقول “أنا هنا”.. من أجل البروز، بحثا عن الوجاهة حتى لو كان هذا البروز وهذه الوجاهة على حساب الحقيقة، وعلى حساب المعنى العميق لهذه الحقيقة.
** ودائما وأبداً تظل هذه الحقيقة غائبة.. وليست مطلقة، ومن هنا تظل بالمقابل في حالة لهاث بحثا عن نصف الحقيقة، لا الحقيقة كاملة. ولكن لماذا تسود في حياتنا وفي سلوكنا وفي أفكارنا وفي إعلامنا وفي كتاباتنا ثقافة التطرف والفكر الحاد واللغة الواحدة؟.
للإجابة على هذا السؤال ينبغي دراسة الجذور الأولى لثقافة التطرف وفهم المسببات التي أدت إلى تفشي ظاهرة التطرف ومن ثم كيفية علاج هذه الظاهرة وقراءتها في ضوء الدراسات الفكرية والعلمية ومن وجهة نظر نفسية واجتماعية ودينية، وهذا لن يتأتى إلا بوجود فريق عمل يضم نخبة من خيرة المثقفين والمفكرين والباحثين ورجال الفكر الديني المستنير للبحث في جذور فكر التطرف الذي نراه ونقرأه في أدبيات المشهد الاجتماعي والإعلامي والثقافي والتربوي.
هذا الفكر لا يقتصر على التطرف الديني كما هو سائد ومعروف، ولكن التطرف عند كل الأطراف وكل الاتجاهات؛ فثمة تطرف وخصومة عند الإسلاميين لكل ماهو على صلة بالثقافة الغربية، ومظاهر التمدن وما له علاقة بالحداثة وما بعد الحداثة، والليبرالية وكل تجليات الفكر الغربي، والدولة الحديثة, وهناك تطرف بالمقابل عند الحداثيين والليبراليين والذين يدعون إلى جعل العقلية السائدة والمهيمنة هي العقلية الغربية بكل مفاهيمها ومصطلحاتها وممارساتها وفي كل مظاهر الحياة، في مجتمع لا يزال يتراوح بين الحفاظ والتشبث بثقافة الصحراء والبادية.. وجعل «الهوية» الاجتماعية والدينية والحضارية تتقدم على كل هوية قادمة ـ وهو ما ينبغي أن يكون ـ وبين شريحة في هذا المجتمع تحاول أن تأخذ كل شيء من الغرب دون مراعاة للبيئة الدينية والاجتماعية التي ما زالت تؤمن إيمانا مطلقا بالماضي فكرا وممارسة مع قليل من الانفتاح.
إن التطرف ليس تطرفا واحدا وأحاديا فقط.. وليس محصورا في فئة دون أخرى، ولكن التطرف الفكري أكثر عدائية وعدوانية.. وأكثر أذى للوطن والتنمية والمستقبل.. إنه التطرف الذي يذهب إلى خلخلة التركيبة الاجتماعية وخلق الفوضى داخل المجتمع تأسيسا لذهنية مفخخة ومعادية لكل مظاهر التقدم والمدنية والحداثة.
أما التطرف الفكري عند التيارات الأخرى.. وعند طبقة المثقفين والمفكرين من حداثيين وليبراليين فهو أقل ضررا وأقل أذى لأنه ذلك التطرف الذي يظل داخل الأفكار والرؤى وذلك الاختلاف الذي لا يتعدى الحدود ولا يتجاوزها إلى حالة العنف والقتل والإرهاب كما نجدها عند الإسلاميين المتطرفين الذين يعملون على توظيف الدين وفق أجندة سياسية وفي سياق منظومة فكر ظلامي مضاد ومعاكس لحركة المستقبل.
وهذا لا يعني أنه ليس هناك معتدلون وعقلاء وأصحاب فكر إسلامي حقيقي.. منفتح.. ومستنير ولا يعني أيضا أنه ليس هناك معتدلون وعقلاء وأصحاب فكر حداثي وليبرالي حقيقي.. ولكن يجب ألا تكون ثقافة التطرف هي الثقافة التي تسود المشهد الاجتماعي والثقافي والفكري والديني والتربوي والتعليمي.
إن المطلوب هو وجود حوار حضاري بين كل الأطراف من إسلامية وحداثية وليبرالية وعلمانية أيضا من أجل خلق أرضية علمية ومعرفية تتأسس على فكر الاختلاف لا فكر الخلاف على الرأي والرأي الآخر، وعلى احترام الأطراف لبعضها البعض لا مصادرة هذا الطرف لذاك الطرف أو إلغاء هذا الفكر من أجل سيادة فكر بعينه. ذلك ان وجود كل الأطراف وكل التيارات والاتجاهات والتوجهات في مجتمع واحد من شأنه أن يخلق مجتمعا أكثر تآلفا لا أكثر اختلافا، أكثر انسجاما لا أكثر انفصاما، ذلك المجتمع القائم على التعددية الفكرية والثقافية والدينية والاجتماعية وعلى فكرة الحوار والتعايش والعيش المشترك ضمن فضاء المواطنة الواحدة والانتماء الواحد.
إن التطرف حالة مرضية في عمومها، سواء جاءت من هذا الطرف أو من هذا الطرف من أقصى اليسار أو من أقصى اليمين، لذلك لتكن العقلانية سبيلنا إلى المستقبل. ووسط التطرف والتطرف المضاد هناك حقيقة غائبة ما زلنا جميعا نبحث عنها.. أو نصف الحقيقة، فمن يجدها؟
ذلك هو السؤال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال بائس جداً
صلاح يوسف ( 2009 / 6 / 25 - 06:23 )
برغم محاولتة الكاتب للمرواغة فقد هدف من المقال إلى تعويم الأمور وتبرئة الإسلاميين من تهمة التطرف والجنون على اعتبار أننا نجد تطرفاً ليبرالياً ديمقراطياً علمانياً. فالتطرف - حسب الكاتب - ليس ميزة للإسلاميين فقط.
يا عزيزي التطرف يبدأ من المتدينين لأنهم يؤمنون بالله ومن ثم كلام الله. هل كلام الله قابل للمناقشة والمراجعة والنقد ؟؟؟ مستحيل
العلمانيون لم يفخخوا الناس في الأسواق ولم يسبوا بنات ونساء دارفور ولم يقتلوا أطفال الجزائر ولم يثيروا فوضى الصومال ولم يفجروا السياح الأجانب في مصر. إن أي محاولة لمحاورة هؤلاء هي عبث ومضيعة للوقت. يجب نقد افكارهم بضرواة وحزم ودون منافقة الرأي العام ( المسلم ). يجب اللجوء إلى أسلوب الصعقة الذهنية علها تنجح في إفاقة النيام والسادرين في الأحلام.

اخر الافلام

.. الأردن في مواجهة الخطر الإيراني الذي يهدد سيادته عبر-الإخوان


.. مخططات إيرانية لتهريب السلاح إلى تنظيم الإخوان في الأردن| #ا




.. 138-Al-Baqarah


.. المقاومة الإسلامية في العراق تدخل مسيرات جديدة تمتاز بالتقني




.. صباح العربية | في مصر.. وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنائز