الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحذروا التقليد

حسن الشرع

2009 / 6 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


(1)النتائج اولا!
لا اعرف لماذا مازالت مسألة تغيير دلالة الرمز تشغل مساحة واسعة من ذهني المتعب رغم مايعتيرية من مشاغل ومتاعب تبدو اكثر اهمية من مجرد قضية شكلية او فلسفية كما يفهمها البعض رغم الطبيعة الاخلاقية من وجهة نظري ،لقد طرحت هذا الموضع اثناء كتابتي عن العلم والجمل وغيرهما..اظن ان تناول هذا الموضوع تناولا سهلا يمكن ان تؤسس عليه مجموعة من القيم التي يمكن ان تكون جزءا من منظومة اخلاقيات وسلوكيات الدولة العراقية في جانبها السلطوي ،وهذا على ما اعتقد امر في غاية الاهمية والخطورة لو تم تجاوزه في هذه الاوقات ،فليس هنالك فلسفة تربوية وتعليمية ولا اقتصادية ولا عقيدة عسكرية ،الامر الذي يجعل الصورة ضبابية في ذهن مثقف السلطة ان كان هنالك من هو مهتم بهذا الموضوع ابتداءا،قال لي احدهم عندي قيامي بطرح هذ الموضوع :اتركنا مولاي من هذي المواضيع التي لا قيمة لها عند الناس .قلت اذن :اخبرني بما يفكر به الناس .قال: الامن و الخدمات والحصول على عمل والفساد .قلت اذن ماالذي بجعلهم يعطون الشوارع والساحات والجسور اسماءا تعكس توجهات معينة ،قال فمن يفعل ذلك ؟قلت كائنا من يكون .الا يعكس ذلك توجها معينا ؟لا باس من ان اذكر ان الكلام في هذا الموضوع بحد ذاته ربما لا يعكس التاثير الذي اطلبه بقدر ما يثير الفئوية والتحزب العقائدي الدوكماتي الغوغائي لدى العامة او انصاف المتعلمين او الباحثين عن امجاد المستقبل في عفونة التاريخ ،لكن المخاطب في هذه السطور هو العقل المستنير المتدبر الذي يخلف وراءه كل تلك الاظغا ن متطلعا الى يوتوبيا عراقية حتى وان كانت على سبيل الافتراض ،لاباس فان ذلك لا بد ان يؤدي في نهاية المطاف الى فهم من نوع ما لطبيعة المشكل، لا يلبث ان يقف عند الحد بل سيتفاعل ويختلط ويدور ويفور ويتقدم ونسحب ثم يبرز مجددا من منطقة الفراغ والفوضى الى منطقة المعقول والفعل الواقعي ليسهم بتشكيل فلسفة الدولة العراقية وعقيدتها في المرحلة اللاحقة.
ما ان سقط النظام حتى انهار البناء الفلسفي لاخر دولة عراقية لما تمثله تلك الفلسفة من بناء فوقاني لم يكد يلامس منطقة الوعي الجمعي، فعاد الناس الى بدويتهم القومية والقبلية والمذهبية . ان هذا الفعل ينذر بهشاشة القيم التي يفترض ان الدولة العراقية كانت قد استندت عليها في مرحلة التاسيس الاولى على يد الاحتلال البريطاني بالاعتبارات الاثنية والتاريخية المعروفة.
لقد كانت تلك القيم تختزن الكثير من الفعل العنصري المعلن وغير المعلن رغم ان شعارات وقوانين الدولة تفترض المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص ومن الواضح فان دور الاكثرية قد تم تجاهله بحجة عدم الرغبة بالمشاركة او عدم القدرة ولقد ساهمت المؤسسة الدينية التقليدية ولاسباب لسنا بصددها في اشاعة هذه المفاهيم وبمساندة رجال الاقطاعيات وشيوخ العشائر الذين اندرجوا في مشروع السلطة مقابل تعزير قبضتهم على وسائل الانتاج الزراعي وموارده البشرية شبه المجانية الاجر الذي يمثل الركيزة الاقتصادية الاولى وربما الوحيدة في تلك الفترة ،لقد استمر هذا الحال حتى اكتشاف النفط في العراق وانتاجه فيما استمرت الطبيعة الزراعية للاقتصاد العراقي وكانت قوانين الريف في تلك الفترة تستند الى قانون العشائرالعراقية الذي قامت ثورة الرابع عشرمن تموز بالغائه ايام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم وربما مثلت تلك الخطوة اول علائم التحرر من العنصرية وعدم المساواة الاجتماعية.
(2)الطبيب والبحار
كان العقيد رعد يشغل منصب آمر مستشفى الفاروق العسكري الذي اتخد من الطابق الارضي لاحدى مباني جامعة البصرة مقرا له في عام 1986كان المبني مصمما لان يكون قسما داخليا للطلبة ،لكن قرارا بالغاء الاقسام الداخلية حول هذ المبنى والمباني الشبيهة في موقع كرمة علي الى كليات العلوم والزراعة ومركز علوم البحار ..كان الدكتور رعد شخصية لطيفة، اهم مايميزها حبها للفن ومغازلة الفتيات خاصة موظفات الجامعة ،لقد عمل على اقامة تمثال في مدخل ذلك المبنى ليمثل احد رموز الطب العربي(الاسلامي)،لقد سخَر مجموعة من الجنود الذين جعلت منهم رغبتهم الشديدة بالحصول على اجازة في زمن الحرب فنانين مبدعين ،لقد استحضر الرجل كل تراثه الثقافي في تاريخ الطب ليقيم ذلك النصب التثمال ولم ينس ان يضع لوح المرمر التي كتب عليها اسم الطبيب العالم و سنوات حياته من كذا الى كذا هجرية...لا اتذكر التفاصيل ،كان النصب انيقا ومعبرا وبالحجم الطبيعي...
انتهت مهمة المستشفى العسكري بعد سنة تقريبا وعادت الجامعة (مركز علوم البحار) الى اشغال كامل المبنى مع موروث النصب الطبيب ،اقترح بعض الاساتذه هدم التمثال اما لانه يذكرهم بالعسكر والوانه ومفارقاته التي اصبحت جزءا من الترات الشعبي العراقي المعاصر (لابي خليل)،او لاختلاف دلالة التمثال الطبيب عن اهتماماتهم العلمية في البحر وشؤوته واحواله ،واقترح البعض الاخر ترك الموصوع برمته ،لعدم اهميته في زمن الحرب وزمن السلم،لكن رايا ثالثا اخذ طريقه الى القبول وهو راي الاستاذ الدكتور نجاح عبود حسين المدير العام لمركز علوم البحار انذاك ، كان ذلك الراي يتلخص ببساطة بترك التمثال على ماهو عليه وبالحالة التي هو عليها مع تبديل لوحة المرمر التي تحمل اسم الرمز واستبدالها بلوحة جديدة تحمل اسم البحارة العربي (ابن ماجد)،لقد اخبرته في حينها ان الرجلين مختلفين في كل شيء وان النحات قد استوحى شخصية الطبيب وهضم مكوناتها الانسانية والاخلاقية والفلسفية ولا يمكن لهذا النصب ان يكون بن ماجد البحار الذي اعقب الطبيب باربعمائة سنة في اقل تقدير.قال لي :انظر الى الموضوع نظرة من زاوية اخرى ..نظرة عملية ،فمن ناحية انه لم يشاهد احد ايا من الرجلين فكلاهما توفي قبل مئات السنين ومن ناحية اخرى فكلا منهما كان شخصا ملتحيا يعتمر عمامة ،افلا يكفي هذا التوصيف في غياب معالم الرجلين الخلقية و الاوصاف المظهرية..
كان الرجل عمليا في توجهاته ،اما انا فلا زلت لهذه اللحظة ابحث عن المعنى وعن دلالاته وعن الرمز ومضامينه.
(3)كهرمانة
من المعالم العاصرة لمدينة بغداد الحديثة النصب المعروف بتمثال كهرمانة والمقام في منطقة الكرادة في الساحة التي تحمل اسم التمثال،حيث تظهر كهرمانة بقوامها الجميل حاملة جرة ينساب منها الماء ليصب في مجموعة من الجرار ،يفترض ان كهرمانة تصب الزيت على احد السراق الذي اختبأ في احدى الجرار الاربعين ...علي بابا و الاربعين حرامي ،قضية النزاهة لم يتم طرحها هكذا فجأة في اواخر عمر حكومة الوحدة الوطنية!لكن الجدل في نزاهة حكام الامة قديم قدم كهرمانة او قبل ذلك..ترى هل ان النحات محمد غني حكمت هو ممن سيقيمون الحدود على بعض وزرائنا وبرلمانيينا وسائر مسؤولينا ،ام انهم سيقاضونة ويطالبونه بالتعويض العادل عن الاضرار المادية والمعنوية التي طالتهم من جراء عمله الفني وباثر رجعي...وهل ان القضاء العراقي المستقل وان لم ينتم سيقضي بهدم التمثال...قد يرى البعض تغيير الدلالة بتغيير اسم كهرمانة الى قهرمانة التي توزع ماء السبيل لطلب الرحمة والمغفرة لارواح شهداء العراق الذين ضاعت هويتهم وتعريفهم توصيفهم .
(4)صلاح الدين الاشتر
على مقربة من البوابة الشمالية الخربة لمدينة بغداد عند الكاظمية نصب تم تشييده في ثمانينيات القرن الماضي لفارس شاهرا سيفه الى الاعلى يمتطي جوادا عربيا جامحا .النصب شيد ليمثل صلاح الدين الايوبي وهو يقع على الطريق المؤدية من بغداد باتجاه محافظة صلاح الدين والتي مركزها مدينة تكريت ،مسقط راس كل من صلاح الدين الايوبي وصدام حسين ،ربما كان ذلك التمثال يشيع الفخر في اذهان ونفوس اهل المواكب الرآسية والحكومية التي طالما سلكت تلك الطريق ...دوام الحال من المحال فمواكب الرفاق بسياراتها الصاروخية تحولت الى مواكب المسؤولين بصفاراتها التحذيرية واطلاقاتها النارية ،مسؤولو اليوم لا يروقهم النصب تحت هذا المسمى وهذه اللافتة .لقد تغيرت قطعة المرمر من صلاح الدين الايوبي الى الصحابي الجليل مالك الاشتر!...اكاد اجزم ان الرجلين لن يوافقا على مااحدثه المحدثون فمالك الاشتر ليس ممن يصادرون التراث ،اما صلاح الدين فامره متروك الى القدس والى الفاطميين والى التاريخ.لكن لاباس ربما يرى البعض من المعجبين بالمصالحة الوطنية وأرث الرجلين ان تحمل قطعة المرمر اسم صلاح الدين الاشتر،وربما وصل الخلاف الى بعض البرلمانيين الذين يرون انه لابد ان يكون مالك الايوبي...فاذا كان الامر كذلك فان دلالة الرمز تستحق البحث شانها شان النزاهة والبطالة والخدمات.
(5)جسر الطابقين
لوحة بسيطة تحمل اسم جسر الحسنين على مدخل وسياج (جسر الطابقين)،لم ار سذاجة كهذه السذاجة ،فلقد سألت نفسي في حينها عن المبررات والدوافع وراء تلك التسمية في (العراق الجديد) فلم اجد غير خاصية التثنية لكلا المسميين ،لا ادري ان كان المقصود ان لكل حسن طابق ومن ياخذ هذا ومن ياخذ ذاك في الرواح والمجيء.فذلك امر تستهجنه السليقة الصافية وترفضة السريرة النقية ،اما قرأتم تراث الامامين فاذا كان الحال كذلك افلا يعد هذا اساءة لهما بلحاظ المقاربة بين الرمز والدلالة ،جسر الطابقين والحسنيين !
(6)القضية تطول
لن ارهقكم بامر كهذا فالقضية تكبر والقائمة تطول وتمتد الى كل ما يحمل اسم صدام والصدر من مستشفيات ومطارات وشوارع وجسور وجداريات وصداميات وصدريات .كنا نأمل ان نرى خرائط مدننا بدلا من صور الساسة ورموز التدين الذين اسأنا الى البعض منهم وساءنا البعض منهم ،لقذ أشار احد زملائي الى هذا المعنى قائلا انتبهوا فان عبد الله غيث هو ليس الحمزة ولااريد ان أضيف الى القائمة اسماءا اخرى انما اذكر ان تقي الموسوي هو ليس اينشتاين وان اينشتاين لم يكن قط من الذرية المباركة والشجرة الطيبة وان لكل منهما اسمه وتوقبعة رغم ان توقيع الموسوي ليس بذي قيمة لدى وزارة التعليم العالي بالرغم من عدم علم دولة السيد رئيس الوزراء او علمه ...المهم اننا يجب ان نتمسك باختصاص الاسم بالمسمى والصفة بالموصوف والرمز بالدلالة ،وهنا لابد ان اقول: إحذروا التقليد










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح