الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة الموت !!

ابراهيم الجندي
صحفي ، باحث في القرآن

(Ibrahim Elgendy)

2009 / 6 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بعد ايام تحل ذكري وفاة ابن شقيقى طالب ليسانس الحقوق سامح محمد الجندي الذى مات ورحل عن دنياى الى الابد" لم أعرف معنى كلمة الموت الا بعد رحيل هذا الشاب ‘ عرفت معنى لوعة الفراق والحزن والقهر , لقد جربت الموت من قبل مع والدى وبعض اقاربى فلم اشعر ابدا بما شعرت به بعد موته ‘ لقد انخلع شيئا من قلبى وعقلى ولم يعد مرة اخرى واعتقد انه لن يعود ‘ أعتقد ان الحياة قد تغيرت تماما ‘ فحياتى قبل موته تختلف كلية عنها بعده ‘ لقد فقدت معان كثيرة ... الشعور بالسعادة ‘ الاقبال على الحياة ... الاحساس بملذات الدنيا ‘ أشياء كثيرة ضاعت من ذاكرتى ‘ رائحة الهواء تغيرت ‘ ذكريات الاماكن تاهت من عقلى ‘ طعم الاكل نفسه اصبح له مرارة العلقم فى فمي .

عقب موته مباشرة عزيت نفسى بأن الوقت ومشاغل الحياة وقسوتها ودورانها السريع قد ينسنى سامح ‘ الا انه كلما مرت الايام كلما ازداد الحزن وغار الجرح اكثر فاكثر ‘ ذهبت الى طبيب نفسى وسالته الحل ؟
نصحنى بضرورة تغيير كل شىء فى حياتى وبالفعل غيرت الولاية التى اعيش فيها بولاية اخرى وغيرت كل ملابسي وكتبى بل وجهاز الكمبيوتر ..... بلا فائدة !!
لا اعرف ما هو الحل ؟
لابد ان القاه مرة اخرى بأى ثمن ‘ فاما ان يأتى الى الدنيا واما ان اذهب انا الى حيث يقيم ‘ لم اعرف من هو الا بعد ان فقدته ‘ خسرت روحى وعقلى وكل حياتى بموته .
ندمت على قسوتى عليه احيانا بسبب الدراسة او التدخين وأقول الان ليتنى تركته يفعل ما يشاء فى هذه الدنيا .
كنت اقرأ اخبار الحوادث فى الصحف من قبل .. اسرة بالكامل لقيت مصرعها فى حادث سيارة ... طالبة الطب ماتت بالسكتة الدماغية .... رب الاسرة مات فى العمل ...مبنى جديد ينهدم على عروسين الخ من الحوادث اليومية ‘ كنت اقرا العناوين بسرعة واقلب الصفحة وكأن من ماتوا مجرد اخبار كافتتاح مصنع او كوبرى !!
عرفت معنى الموت بعد فراقه فبدأت اتحقق فى اخبار من ماتوا واتمعن فى اعمارهم واقارنها بعمره وصورهم بصورته وشبابهم بشبابه ‘ لم اتخيل ابدا انه سيموت وبهذه السرعة ‘ فقبل رحيله بيوم واحد اتصلت به مهنئا اياه على نجاحه فى السنة الثالثة بكلية الحقوق واتفقنا على انجاز السنة الرابعة بسرعة حتى يتخرج ويعمل فى اى عمل يرغبه .
الا انه كان يشاغبنى دائما على مدار اربعة اعوام درستها معه على شبكة الانترنت بدأت بالثانوية العامة وانتهت بالسنة الثالثة بكلية الحقوق ‘ احببت مشاغباته وضحكاته الصافية العالية
كان يلح علىّ ان اتزوج فورا لأنه يريد ان يتزوج هو الاخر ولا يمكن له ان يفعلها قبلى ‘ اتفقنا على ان نتزوج فى يوم واحد وكان هذا عهدا بيننا بعد تخرجه الا ان القدر لم يمهله لتحقيق حلمه بالتخرج والزواج والانجاب والامتداد .
كان يحذرنى انه فى حالة عدم زواجى فانه سوف يرثنى وسوف اطلع منها " بلوشى " حسب وصفه !!
بالفعل بعد وفاته بقيت في الدنيا " بلوشى " الى ان يحين موعد رحيلى .
لقد مت انا وعاش سامح داخلى ‘ اننى احترق كل يوم بعد رحيلك يا بنى ‘ ارجوك ان تعود ولو دقيقة واحدة اراك فيها و اسمعك وانظر فى عينيك .
كان المرحوم والدى يقول لى انت لا تعرف " غلاوة الابن " وسوف تعرفها عندما تتزوج وتنجب اولاد ‘ ولكنى عرفت غلاوة سامح دون ان انجبه .
من المسئول عن موت سامح ؟ هل هو القدر أم الحظ ؟ ولماذا كان قدري وحظى اسوأ من بعضهما الى هذه الدرجة ؟
سامح كان املى الوحيد فى الدنيا التى شعرت بمعناها بسبب وجوده فيها ومع ذلك ابى الا ان يرحل وانا بعيد ‘ تفصلنى عنه مسافات طويلة وبحار ومحيطات .
لقد كدت اصاب بالجنون ‘ كدت افقد عقلى وتوازنى عقب موته ‘ تدور فى عقلى اسئلة منذ رحيله ... فما هو الموت وما هى فلسفته ؟
وما هو تعريف الحياة وهل هى البداية ؟ وهل الموت هو النهاية ؟ ولماذا البداية اذا كانت النهاية محتومة ؟
تخيل ان شخصا منحك مليون دولار اول النهار وأخذها منك اخر النهار دون اسباب فى الحالتين !!
الامر يعنى ببساطة ان المانح مختل عقليا والممنوح خاسر فى النهاية لانه بنى قصرا على رمال ستنهار فى أى لحظة !!
هل هناك ما يسمى بالروح ؟ وهل ارواح الاموات تعيش بيننا ؟ هل سامح يرانى ويسمعنى ؟ هل يمكن ان يحدثنى ولو فى المنام ؟
الموت هو الحقيقة المطلقة الوحيدة فى الكون ‘ فهو لغز الالغاز الذى لم يتمكن احد من فك طلاسمه حتى اللحظة .
لم يمت احد من قبل ويعود ليخبرنا بما رأى أو سمع على الرغم ان ذلك قد حدث مرات معدودة حول العالم وكانت هناك حكايات غير واضحة المعالم لمن عادوا من الموت الكامل.
اعتقد ان التقدم العلمى هو الوحيد القادر على حل هذا اللغز المحير مستقبلا ‘ ولكن هل ستمنحنى الطبيعة عمرا حتى ارى حلا لهذا اللغز ؟

-------------------------------
خير الكلام

تمكنت اخيرا من صنع ايميلات تابعة لموقع بلا حدود يستحيل اختراقها كما حدث من قبل مع ايميلات جوجل وياهو وغيرهما ‘ كما استحدثت نظاما لوضع ايميلات الماعز فى القائمة السوداء وفلترتها بالكامل وتحويلها الى صندوق المهملات بشكل اتوماتيكى دون ادنى مشكلة ‘ وهكذا تم كسر قرون الماعز الى الابد علها تكف عن النطاح ‘ ولا تعتقد ان اى مشاغبات مهما كانت سوف تثنينا عن مواصلة طريقنا نحو العلمانية التى تفصل الدين عن الدولة تماما وتضع الدين فى صدور المؤمنين به فقط دون فرضه على احد .
فالفضل للعلم والشكر للتكنولوجيا‘ والحمد للخبرة ‘ فرب ضارة نافعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعزياتى
مصرى ( 2009 / 6 / 28 - 20:11 )
رغم عدم معرفتى الشخصيه بكما الا ان الدموع فرت من عيني حال قرائه المقال.. أصدق التعازى وأتمنى ان يشفى الزمن الجرح ويخفف اللوعه


2 - الموت هو التغيير الجذري
محمد البدري ( 2009 / 6 / 28 - 20:24 )
اتمني ان يعطيك الدهر عمرا مديدا لتري امنيتك في هزيمة الموت. فالحقيقة الفلسفية الوحيده التي نملكها إذاء الموت انه المرادف السيكلوجي للتغيير. فكما يكره الناس التغيير يكره الانسان الموت. ولان الموت هو التغيير الجذري من وضع الحياه الي وضع لا نعلم عنه شيئا فقد جعلناه مخيفا لان الانسان بطبعه تواق للمعرفة. فما بالنا والغموض الشديد الذي يكتنف وضعنا فيما بعد الموت. وللتحلي بفضيلة الشجاعة فان الامل في حياه افضل بعد الموت هو ما جعل المصري القديم يفكر في عالم الاخرة. فهو عالم محكوم بالفضيلة اي الماعت المصري القديم اما التشويه الذي لحق بالفكرة عبر الديانات السماوية في اطوارها الاخيرة فقد جعلت العالم الذي لا نعلم عنه شيئا ماخورا كبيرا تمارس فيه كل الرزيلة التي منعوها هم في الحياه الدنيا، اللهم الا السلطان والخليفة وكل من ادعي معرفته بمكنونات العالم الاخر. بل وزاره ايضا في رحلات سحرية


3 - الموت؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ماجد محمد مصطفى ( 2009 / 6 / 28 - 22:28 )
وما هو تعريف الحياة وهل هى البداية ؟ وهل الموت هو النهاية ؟ ولماذا البداية اذا كانت النهاية محتومة
الموت الحدث الاصعب على البشر وقد حاولت ربما مثلك الخوض فيه في اوقات مختلفة المنشورة في عدد من اعداد الحوار المتمدن
ودمت


4 - هون على نفسك ياستاذ ابراهيم فحياتنا قصيره
عايده عبدالله سالم ( 2009 / 6 / 28 - 23:31 )
بالامس قرأت خبر عن رجل ترك طفله الرضيع يموت جوعا ويتعفن بسب الحفاظ لم استطع النوم ولاالبكاء وانا اتخيل الموته الشنيعه التى ماتها هذا الطفل البرىء سألت الله الم تسمع صراخ هذا الطفل افضل ان لاتكون موجودا على ان تكون موجود وبهذه القسوه كرهت نفسى لاننى انتمى الى هذه المخلوقات الرديئه التى تسمى بشر بعدان قرأت مقالك دخلت فى نوبة من البكاء بكيت على الطفل وعلى سامح وعلى حزنك فألآمه اشد من الموت


5 - الحياة و الألم
أسعد أسعد ( 2009 / 6 / 29 - 15:03 )
أخي إبرهيم
كتبت لك رسالة علي بريدك الإلكتروني لكن للفائدة و في هذه الظروف الصعبة أهديك عبارة سمعتها عن توفيق الحكيم- لا يصنع العظماء غير ألم عظيم-
إن العصير هو الذي يخرج الشهد من الثمر
منتظرين المزيد من إبداعك
الألم هو المدرسة التي تفرز البشر و تخرج العظيم من بين الفاشلين و أنا أعتقد إن آلامك و معاناتك قد أخرجت منك أنسان عظيم جدا


6 - أصدق التعزي
شامل عبد العزيز ( 2009 / 6 / 29 - 17:57 )
سيدي الفاضل تسأل عن فلسفة الموت ولا يحضرني في هذه اللحظة التي جعلتني أقرا تعزية لم افرأها سابقاً إلا أن أقول لك بيت شعر لقيس بن الخطيم :
ارى الموت لا يرعى على ذي قرابةٍ وإن كان في الدنيا عزيزاً بمقعدِ
مع التقدير


7 - الموت حقيقه
انبثاق محمد غني ( 2011 / 1 / 25 - 09:44 )
الحقيقه الوحيده بالحياة هي الموت حيث انها نهاية كل شيء حتى الجماد لكننا نرفضها ولا تشغل تفكيرنا اطلاقا ونرانا نذهب وناتي متشبثين بالحياة كانها ابديه وكلنا نعلم المصير وذلك بحكم الغريزه غريزه البقاء .......نعم نكر احيانا لكن ترجع الحياه تشغلنا عن حقيقتها فهي ليست الا اكذوبه كبيره وحياتنا لهي اكبر كذبه لكننا بالرغم من ذلك نعيشها راضين ومتمتعين بها


8 - العقل هو الغريب
عباس التميمي ( 2011 / 12 / 24 - 08:48 )
تحية للكاتب فقد اثار في الكثير من الناس الرغبة في الكتابة اليه وتعزيته اقول له انت قرات خطاب قس ابن ساعدة الايادي ارجع له لتدرك ان هذه الافكار جاءت قبل ظهور الاسلام وراجع افكار جلجامش في الفكر السومري حول الموت والخلود
ان الانسان الذي امتلك العقل هو الذي اخذ يفكر اما الكائنات الاخرى فلا تدرك الا في غريزتها حب الحياة وتجنب الاعداء او مقارعتهم
ان الانسان هو في مدى تقديمه عملا يخدم المسيرة البشرية نحو الحياة الافضل لعموم الناس ام البكاء دون عمل مفيد فهو وضع غريزي لاطائل تحته
اقدم لك العزاء وان سامح ضحية قصر التطور العلمي حيث تشغل الانسانية بالافكار التي تجر المجتمع للخلف او شراهة البعض للاموال دون تقديم ما ينفع الناس

اخر الافلام

.. حزب الله يهدد باستهداف مواقع جديدة داخل إسرائيل ردا على مقتل


.. المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي يبحث اليوم رد حماس بشأن الت




.. مصادر فلسطينية: ارتفاع عدد القتلى في غزة إلى 38011 | #رادار


.. الناخبون البريطانيون يواصلون الإدلاء بأصواتهم لاختيار الحكوم




.. فرنسا.. استمرار الحملات الانتخابية للجولة الثانية للانتخابات