الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر في نقد الالحاد 1

الطيب بوعزة

2009 / 7 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن ملكات الكائن الإنساني كلها محدودة تماما ككيانه في جملته؛ غير أن في قرارة كيانه النفسي تستقر فكرة غريبة عن محدوديته ، حيث تجاوز إمكاناته ، وهي فكرة الكمال المطلق. وهي الفكرة المثالية التي تقوده نحو الدنو ارتقاء واقترابا من الله. وبالنظر إلى محدودية ملكات الكيان البشري.


وسيكون من تكرار الحقائق المألوفة المشهودة أن نقول إن ملكة السمع والإبصار لا تطال كل الأصوات ، ولا تبصر كل الموضوعات، بل يند عنها أكثر مما يتناوله السمع أو يحيط به النظر... وكذلك الشأن بالنسبة لباقي ملكات الحس .
لكن إذا كانت محدودية الحس وقصر إمكانياته أمرا لا يناقش فيه اختلافا ، بل لا يجادل فيه حتى مماحكة وعنادا ، فإن الوعي البشري قلما ينتبه إلى محدودية إمكانية أداته العاقلة. لذا تجد النظر الفلسفي قد انطلق منذ تأسيسه واثقا من قدرة اللوغوس (بمدلوله كجوهر مفكر) على عقلنة الوجود وتفسيره، والبت فيما وراءه من غيوب.ولم يتم التواضع والاعتراف بمحدودية الإمكان العقلي إلا بعد قرون من ممارسة التفكير الميتافيزيقي القائم على إطلاق العقل إلى الماوراء.
وهنا يصح القول إن حقل الفكر الديني بمجاله الماورائي هو الذي أظهر محدودية فعل التعقل.
بالنظر إلى تاريخنا الفكري نلقى توجيها نبويا لملكة التفكير العقلي ، وتحديدا لمجال اشتغالها (في حديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله .؛ وفي حديث محمد بن عبيد عن الأعمش عن عمرو بن مرة قال مر النبي(ص) على قوم يتفكرون فقال تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق) ؛وفي حديث بن عباس : إن قوما تفكروا في الله عز وجل فقال النبي (ص) " تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله فإنكم لن تقدروا قدره ").
لكن هنا يجوز الاستفهام : لماذا هذا التوجيه النبوي للحد من إطلاق التفكير في مبحث الماوراء ؟
هل هو قيد لحرية التفكير ؟ ومنع لطلاقة النظر وفعل السؤال؟ أم أنه حفظ لطاقة العقل من أن تستهلك في غير مجال إمكان إثمارها الفعلي؟

إن الدلالة الإيمانية لمحدودية العقل هو احتياج هذا العقل. وهو الاحتياج الذي يؤكد ضرورة وحي السماء الذي هو وحده القادر على أن يمنح الكائن البشري إجابة عن الأسئلة الوجودية الكبرى التي يرتهن بجوابها استقرار القلب واطمئنان النفس. ومن هنا فالحديث النبوي ترشيد منهجي للتفكير.

لكن في المقابل نجد أن الكثير من الفلسفات المعاصرة ستستثمر فكرة محدودية العقل وعدم إمكان بته في شأن مبحث مابعد الطبيعة لتسفيه الأديان . لكن السؤال الذي ينبغي طرحه هنا هو : هل منع هذا النقد المعرفي المؤكد على محدودية العقل نزوعَه نحو الماوراء؟ هل استطاعت الفلسفة الوضعية بتسفيهها لمبحث ما بعد الطبيعة أن تحد من تعلق الإنسان بأسئلة الوجود الكبرى؟هل استطاع العقل الفلسفي المادي بنزوعه الإلحادي أن يطفئ جوعة الإيمان في النفس البشرية؟
إن البديل الذي قدمته الفلسفة المادية هو الإيقاع بالوعي في عدمية المعنى ، بسبب من تجاهلها للأساس الديني القادر وحده على إعطاء دلالة الوجود.
---------------------
*








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ان معرفة الله هي منتهى المعارف ..لدلك تثيرنا
المجدوب ( 2009 / 7 / 1 - 02:13 )
كلامك صحيح ، لان النهائي و المحدود و النسبي لا يمكنه الاحاطة باللانهائي و المطلق و الكامل ، لكن مع دلك يبقى دلك التوق الى معرفة الله مستمكنا من الفكر البشري و سيظل قابعا هناك حتى النهاية .
ان الله تعالى خلقنا لنعرفه ، او ليس كنزا احب ان نكتشفه ؟ ، ان معرفته سواء عبر الخبرة الصوفية او التفكير العقلاني الفلسفي او عبر ما هو مقدم لنا بالقرأن الكريم مثلا تحقق لنا نوعا من اللدة نوعا من السكينة نوعا من الدوق ؟؟؟

يحز في نفسي ان كثيرا من الناس لا يعرفون الله تعالى الدي اقام لهم مقامات كثيرة لمعرفته ، و كثير منهم ينكرون ربهم الدي خصصهم لنفسه و احبهم ، و آخرون يشركون به رغم انه و ان صنع لهم كل شيء لم يحجب نفسه بسواه عنهم

سبحانه الدي لا تحيط به المعارف فتكشفه ، و لا تدركه خواطر القلوب فتحدده

الله اولى بنا من كل شيء ، لاننا أولى به من كل شيء
فلنفكر فيه ، و لنحبه لنعرف عنه ما أراد لنا الكشف عنه من حقيقته : أن نراه بقلوبنا
تحياتي و شكرا على المقال الرائع


2 - مقال بائس
صلاح يوسف ( 2009 / 7 / 1 - 08:28 )
معرفة الله عن طريق التفكير العقلاني الفلسفي أكذوبة مفضوحة. كيف يمكن معرفة الله عن طريق تفكير فلسفي عقلاني بينما أنت تنكر المحسوس وتنعته بالنقص.
لو فكر أحدكم قليلاً في الفرق بين إنسان الكهوف وآكل لحوم البشر ( مثل البعض الذين يعيثون فساداً في الجزائر والعراق .. نواتج التفكير الديني ) وبين إنسان الإنترنت والمريخ والشفرة الوراثية، لتأكد تماماً نقص عقل المسلم وحده لأنه لا يؤمن لا بالتفكير العقلاني ولا بالفلسفة، حتى أن الأخيرة محرمة دراستها في كافة البلاد الإسلامية. ما هذه التناقضات المخجلة ؟


3 - الى السيد المجدوب
اوشهيوض هلشوت ( 2009 / 7 / 1 - 16:31 )
اسمح لي استاذ ان اقول بان ما ذكرته هو فعلا جدبة عيساوية او حمدوشية او .....بحثا عن الله
يا استاذ هل الله مدير شركة يمكن ان نجده في مكتبه ......؟
ادا كان الله هو خالقنا فهو يعرفنا حق المعرفة فكيف له ان ينتظر منا اكتشافه اليست هده محاولة لأنسنة الله؟؟
يا استاذ ان اسئلة الخلق والوجود والعدم هي اسئلة محيرة للعقل البشري مند الأزل سواء كان دينيا او علميا او فلسفيا وستبقى نفس الأسئلة حافزا للبحث الى ان تنتهي مرحلة الإنسان وتعقبها مرحلة كائن آخر......
تحياتي الخالصة لك ولجمبع الكتاب والقراء والمعلقين

اخر الافلام

.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين


.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ




.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح


.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا




.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم