الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اجل تيار كردي وطني عراقي يقف بوجه العنصرية التوسعية للقيادات الكردية

سليم مطر

2009 / 6 / 30
القضية الكردية


جميع انظار العراقيين تتجه هذه الايام نحو اخوتهم الاكراد الذين يعيشون فترة انتخابية لتجديد برلمان الاقليم، وخصوصا بعد الاعلان عن مشروع الدستور الجديد للأقليم، الذي اثار الكثير من الردود الوطنية الرافضة حتى من قبل قياديين اكراد، بسبب روحه القومية التوسعية وادعائه بكركوك واجزاء من نينوى وديالي وواسط.
بعد مداولات ومتابعات عديدة اجريناها مع اصدائقنا من المثقفين الاكراد في داخل العراق وخارجه، يمكن ان نسجل وجهة النظر المهمة التالية:
هنالك مؤشرات كثيرة تؤكد وجود متغيرات في داخل البنية (الثقافية ـ السياسية) لأكراد العراق وبلدان الشرق الاوسط، فيما يتعلق بالمشاريع القومية الانفصالية التوسعية المنضوية تحت شعار(كردستان الكبرى) الداعي الى تحقيق نوع من الامبراطورية القومية التي تضم ثلث تركيا وربع ايران وثلث العراق وخمس سوريا، مع اجزاء من ارمينيا والاحواز، فتمتد من الخليج العربي حتى سواحل الاسكندرونة على البحر المتوسط .
الجديد في الامر، هو ظهور(ميول وطنية) منذ عدة اعوام وهي تنمو بخفية وهدوء في داخل الوسط الثقافي والسياسي والشعبي بين اكراد العراق. ان هذه النزعة الوطنية راحت تتعمق خصوصا منذ عام 2003 حيث يعيش العراق متغيرات كبرى بكل قسوتها وعمقها تقوده نحو بناء دولة تعددية انسانية تمثل جميع تنوعات الوطن، وللأكراد حضورا فعالا في هذه التجربة الجديدة. ان هذه الميول الوطنية الكردية العراقية، تتحدد بالنواحي التالية:
ـ الاقرار الواقعي بأن شعار(كردستان الكبرى) لا يمكن ابدا تحقيقه، فهنالك موانع تاريخية وجغرافية وعملية من المستحيل تجاوزها.
ـ ان هذه المشاريع القومية الانفصالية، لم تعد عملية ولا صالحة للأكراد، فهي مكلفة جدا من الناحية الامنية والانسانية ولم تكسبهم غير الحروب والاحقاد وعداوات الشعوب الجارة الشقيقة: عراقيون واتراك وايرانيون وسوريون..
ـ ان تطورات العراق بعد عام 2003 تمنح امكانية تاريخية كبيرة لأشتراك الاكراد الفعال في عملية بناء دولة عراقية تعديدة ممثلة للجميع. وهذا يقتضي التخلص الحقيقي من الشعارت القومية الانفصالية والعنصرية، والتحلي بالواقعية لتحقيق السلام والتعايش مع باقي العراقيين من اجل بناء وطن مشترك ينتفع منه الجميع.
التحالف العروبي ـ الكردوي!
ان الحجة الكبرى التي يعتمد عليها انصار(النزعة الوطنية الكردية العراقية)، هي ادراك التشابه الكبير بين التيار القومي ـ البعثي، والتيار القومي الكردي، من ناحية الشعارات ثم التطبيق!
نود ان نوضح اولا ان مصطلح ((كردوي)) لا نقصد به ابدا التهكم والاثارة، بل غايته علمية اختصارية بدلا من ((قومي كردي))، على وزن ((عروبي)) اختصارا لـ((قومي عربي)).
لو وضعنا الشعارات على جنب، وقمنا بالتمعن في تفاصيل التاريخ والعقيدة، للتيار القومي العربي المتمثل اساسا بحزب البعث، وكذلك التيار القومي الكردي المتمثل اساسا بحزبي السيدين الطلباني والبرزاني، لوجدنا ان هذين التيارين متفقين بل متطابقين عقائديا وواقعيا:
ـ عقائديا: تربية الناس على تقديس الانتماء القومي العرقي اللغوي العنصري، واحتقار كل العوامل الدينية والوطنية والتاريخية والانسانية التي تقرب الناس فيما بينها على صعيد كل بلد، وعلى صعيد الشرق الاوسط.
ـ واقعيا: فأن تواريخ هذه الاحزاب الممتد لأكثر من خمسين عام وهم يلعبون ادورا رئيسية في العراق سواء في السلطة او خارجها، لا نجد غير الشعارات الزائفة وممارسة الدكتاتورية والقمع والصراعات بينها وبث الاحقاد العنصرية وشن الحروب الداخلية والخارجية، ودعم الحركات المسلحة العنفية والارهابية، والاسهام مع اسرائيل في ابقاء حالة الحرب والتوتر والاستنزاف في المنطقة.
لو اخذنا حالة العراق، فأن الاطراف البعثية والكردوية مهما كانت الخلافات المعلنة بينها فأنها بقيت دائما متفقة على هذه النقطة الجوهرية الكبرى: (ان العراق وتكوينه وحدوده، مثل جميع الدول العربية، حالة مصطنعة ومؤقتة يجب تحطيمه) من اجل ضمه الى مشروع (الوحدة العربية) بالنسبة للبعثيين، ولمشروع (كردستان الكبرى) بالنسبة للكردويين. لهذا، رغم عدائهم الشكلي، فأنهم بسبب هذا الاتفاق الجوهري على الغاء العراق الحالي، بقوا عمليا دائما على علاقات ايجابية وتبادل منفعة وحالات تحالف وتعاون متقطعة: اتفقوا وانضموا الى جبهة واحدة ومعهم الشيوعيين واسقطوا النظام الملكي عام 1958.. ثم اتفقوا على اسقاط عبد الكريم قاسم عام 1963.. ودعم العروبيين في اعوام الستينيات انشقاق الطلباني عن البرزاني. ثم عام 1971 تم عقد اتفاقية آذار بين البرزاني والبعث . وأخيرا عام 1996 تحالف صدام ومسعود البرزاني فدخل الجيش العراقي وطرد قوات الطلباني. ولا ننسى ايضا، ان (مصطفى البرزاني)كان مدعوما من قبل عبد الناصر (زعيم العروبة) نهاية اعوام الخمسينات، وان اول اذاعة قومية كردية كانت تبث من القاهرة، وليس من حلبجة! وان(حزب الطلباني) تأسس رسميا في دمشق عام 1975 تحت رعاية مخابرة البعث السوري. كذلك حزب(اوجلان) القومي الكردي التركي، بقي تحت رعاية البعث السوري لسنوات طويلة. وان الرئيس الليبي القذافي كان من اشد داعمي البرزاني والطلباني اعوام التسعينات. وهكذا دواليك من تفاصيل ووقائع التاريخ التي تبطل تماما حقيقة الصراع المعلن بين العروبيين والكردويين!
الواقعية الوطنية هي الحل
نعم ان الاكراد في طريقهم لاكتشاف ان شعار(كردستان الكبرى) القومي العنصري، غير واقعي ابدا، كما اكتشف اخوتهم العراقيون من قبلهم ان شعار البعث (الوحدة العربية من الخليج الثائر الى المحيط الهادر)، غير ممكنة التحقيق. وان البعث كان عاجزا حتى من التوحد مع الجارة الشقيقة سوريا التي يحكمها نفس الحزب. بل بل كان عاجزا حتى بالحفاظ على وحدة الوطن العراقي بعد تخلي صدام عن شمال الوطن في التسعينيات.
اذا كان شعب العراق قد تخلص الى الابد من القومية البعثية العنصرية، ودخل في الواقعية الوطنية والانسانية، ، فأن اكراد العراق خصوصا وعموم الشرق الاوسط، ايضا في طريقهم للتخلص من هذه الطوباوية القومية العنصرية التي ورطتهم في احقاد وحروب لا تنتهي ضد اخوتهم من شعوب الشرق الاوسط. آن أوان النخب الكردية العراقية ان تتحلى بالواقعية الوطنية مثل اخوتهم من باقي النخب العراقية، وينتفضوا على هذا الشعار القومي الساذج والدامي :(كردستان الكبرى) الذي ورطهم ويورطهم في صراعات غير مبررة ضد باقي اخوتهم العراقيين والشرق اوسطيين، ولا يكسبهم غير الاحقاد المؤجلة التي ستتحول الى حروب ومجازر مستقبلا:
ان القبول بالأمر الواقع والعيش المشترك مع باقي القوميات العراقية في ظل الدولة العراقية الواحدة الممثلة للجميع، والتخلص من النزعة القومية العرقية العنصرية، لهو من شيم الانسانية والتحضر.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية