الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يريد الإخوان؟

شريف حافظ

2009 / 7 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إذا ما كان الإخوان يريدون الصلاح الحق لوجه الله، فهو أمر ممكن. وإذا كانوا يريدون دعوة الناس للخير فهو أمر مُتاح. وإذا ما كانوا يريدون أن يدعو إلى العدل، فهو أمر مرغوب. وإذا ما كانوا يريدون أن يصلحوا الناس بما أتى فى القرآن من تسامح وتعامل سلمى ومُحب مع الآخر، فهو أمر رائع. ولكن الإخوان لا يفعلون كل هذا، ويُناقشون أمورا لم ولن يملكونها، حول السلطة فقط!! إنهم يتناقشون حول طريقة الحُكم "عندما" يصلون إليه. والحقيقة أننى لا أملك هنا مقولة للرد على ما يفعلون، إلا مثل مصرى مُرادف لفعلهم هو "الجنازة حارة والميت كلب"!!

إنهم لا يحكمون وبينهم خلافات لا تنتهى، حول طريقة الحكم. إنهم يشعرون القاصى والدانى بأنهم فى طريقهم إلى الإمساك بزمام البلاد. والذى يصلنا من خلافاتهم، لا يهم الأغلبية فى مصر، ممن يفكرون فى صحة وتعليم أولادهم، وقوت يومهم. فخلافاتهم حول وضع المرأة والأقباط فى منظومة الدولة، وهو أمر يدل على شدة الجهل فى القرن الواحد والعشرين، حيث إن جزءا كبيرا مما يحدث فى إيران سببه وضع المرأة، لمن لا يعلم! وكنت أظن أنهم يتعلمون من التجارب السياسية القريبة، ولكن على ما يبدو أن السلطة تشغلهم أكثر بكثير من وضع "الرعية" بحيث يتناقشون حول النظرية ويتناسون التطبيق تماماً، وكل هذا وهُم لا يحكمون، فما بالكم لو أنهم حكموا؟!

إنه من الواضح، أن الإخوان يرغبون فى السلطة وليس فى الإصلاح. فالإصلاح مًتاح لمن يريد أن يصلح. ولكنهم يشغلون بالهم بما هو مُستحيل المنال، ولا يشغلون حالهم بما هو متاح. فكيف نأتمنهم على الدولة المصرية وهى ليست مثل قطاع غزة فى حجمه، رغم أنهم يحكمونه، فانظروا إلى ما آل إليه! الإخوان أيها السيدات والسادة، يبحثون عن السلطة وليس عن إحقاق العدل للرعية. إنهم يرون أن الإصلاح لا يتم إلا عن طريق الوصول إلى كرسى الحكم، رغم فسادهم الواضح للجميع. فهم يرون الأشياء وفقاً للأهواء، والمثال القريب، هو الطبيبان اللذان حكم عليهما بالسعودية بـ 1500 جلدة، فسكت الإخوان ولم بنبسوا بحرف، وصاحت جماعات الحقوق "المدنية" فى مصر، حتى حلت وزارة الخارجية المصرية المُعضلة، بحُسن الجوار مع المملكة العربية السعودية! والسؤال إذاً: لماذا نختار الإخوان المتشدقين بالإسلام ليحكمونا، وهم شياطينُ خُرس؟؟؟

لقد أرسل الرسول عليه الصلاة والسلام، المسلمين الأوائل عند تعرضهم للاضطهاد من كُفار قُريش، لاجئين إلى بلاد الحبشة، حيث كان يحكمها النجاشى، وهو مسيحى الديانة، قائلاً لهم:"إنه ملك لا يُظلم عنده أحد" وبذا، ضرب الرسول عليه الصلاة والسلام مثالا حول أهمية العدل وليس هوية الحُكم. ولكن مسألة العدل، لا تشغل بال الإخوان على الإطلاق، بينما يتناقشون حول مسائل جانبية، لا ترقى إلى نقاش من يُعانون فى الأمة المصرية أو الإسلامية، على حدٍ سواء. وكنت قد شاهدت عن قريب، ببرنامج صناعة الموت الشهير على قناة أخبار العربية، رجل جزائرى، ممن حاربوا السوفييت بأفغانستان، وقد سأله المُذيع، حول إلزامية وجود الدولة الإسلامية، فأجاب بأن العدل أهم من تلك الدولة، لأننا لا نريد فقط المُسمى، بأن نطلق على الدولة لقب الإسلامية، بينما يغيب العدل. لقد رأى الرجل، وهو المُجاهد السابق، أن العدل أهم، لأن تلك رغبة الله العقلانية لخلقه، وليس المُسميات الواهية.

لقد صدرت الحكمة عن امرأة مُسلمة، فى وقت الشدة، وجلست على كرسى الحكم فى مصر مُدة ثمانين يوماً، فأصدرت أوامر، حقنت بها الدماء ونصرت الجيوش. إنها شجرة الدر. فقد تفاوضت مع الملك لويس التاسع الذى كان أسيراً فى المنصورة على تسليم دمياط وفك أسره مقابل فدية كبيرة والرحيل عن شواطئ الدولة الإسلامية وعدم العودة إليها مرة أخرى. وكانت امرأة، فماذا فعل رجال الإخوان؟؟؟؟

وقد سُئل الإمام أحمد بن حنبل، وهو من هو، "عن رجلين يكونان أميرين فى الغزو وأحدهما قوى فاجر والآخر صالح ضعيف، مع أيهما يغزو؟ فقال: أما الفاجر القوى، فقوته للمسلمين وفجوره على نفسه، وأما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه وضعفه على المسلمين فيغزو مع القوى الفاجر"!! والسؤال: لماذا أجاب هكذا الإمام أحمد بن حنبل؟ والجواب، لأنه كان يبتغى المصلحة النهائية، وليس النظرية، التى يعبث بها الإخوان اليوم، دون جدوى تعود على المسلمين، ليكونوا موطدين للنظرى دون العملى فى شئون المسلمين، مستزيدين من حالة التيه، الذى تعيشه الأمة بأسرها!!

وهناك دول، إسلامية مُعاصرة، حكمت بها المرأة، ولم تُثر حولها الشُبهات، مثل باكستان وتركيا وبنجلاديش. ونرى تقدم باكستان وتركيا، الظاهرين للعيان. ولا أعرف لماذا يرفض الإخوان المسلمون حكم القبطى، إذا ما كانت الدولة ستُحكم حُكماً ديمقراطياً كما ينشدون! فإذا ما حُكمت البلاد بالديمقراطية، فإنه لا خطر من قبطى يحكُم، إلا إذا كان نداء الإخوان بالديمقراطية، ما هو إلا نوع من العبث بعقول الناس، وأنهم ينادون بالديمقراطية، للوثوب على الحُكم فقط، ثم يحولون النظام كله إلى ذاك الذى نرى الثوار فى إيران، يثورون حياله اليوم!! وربما كان يعنيهم الرئيس أوباما فى خطابه، عندما تحدث عن المُنادين بالديمقراطية، خارج الحُكم فقط!

إن الإخوان يتناقشون فى أمور بعيدة عن أذهان الذين يُعانون من أبناء الوطن، وبعيدة عن عقلانية الدين، وبعيدة عن أجواء منطق العصر، وبعيدة عن دهاء السياسة وحُب الوطن أو الدين. إنهم يقتربون من العبث بعقول البُسطاء والهرطقة والتحول إلى جماعة وهابية تدعو إلى ما هو ليس معقولا، وهم بذلك يطمئنونا، إلى أن الأغلبية لن تختارهم لحُكم مصر، لأن الأغلبية تُفكر فى أمور أُخرى أكثر تماسا مع مشاكل الشارع، بينما هم يسرحون فى ملكوت السفسطة. يريدون السلطة ولا يأبهون بالعدل. فلما نختارهم يوماً، لكى يقوموا على عرش مصر.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماذا يريد الاخوان
محمد الخليفه ( 2009 / 7 / 4 - 10:50 )
ماذكرته صحيح من أن هدف الاخوان هو الوثوب إلى الحكم ومن ثم تدمير البلاد والعباد بحكمهم الاسلامي ، ولكن مثالك الذي ضربته حول ذلك الارهابي الجزائري فإنه قال هذا الكلام لأنه قد تم القبض عليه حيث ليس هناك حكم أو دولة دينية صالحة سواء كانت اسلامية أو غيرهاوإمامك أحمد بن حنبل ليس قدوة في أقواله سيما وهو مرجع معتبر لكل الظلاميين والمتخلفين عن سباق الحضارة والتمدن وشكرا

اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah