الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى يكون ٱلقول حديثًا؟

سمير إبراهيم خليل حسن

2009 / 7 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تلوت ما كتبه ٱلسيد "رياض ٱلحبيب" على مقالى "ما كَذَب ٱلفؤاد ما رأى". وفيه أعلن قبوله ٱلتحدّى وصنع ما يظنّه حديثًا مثل حديث ٱللّه. وممّا قاله وهو يتحدّى قول ٱللّه "فَليَأتُواْ بحَديثٍ مِّثلِهِ إِن كانُواْ صَـٰدِقِينَ":
(أفبعدما تقبّلْنا ءايات التحدّي تحدّانا النبيّ ءَنْ فاٌءْتوا بحديث13
يا ءَيّها النبيّ كفى تحدّياً قلْ لا بلاغة في التكرار إنّا قبِلْنا بتحدّيك فهلْ لكَ من مُغيث14
ولقد ترَكْنا التحكيم لقرّاء ذكوراً وإناثاً فليَحْكمْ مِّنهمْ مَنْ شاء إنّ أكثرَهُمْ لصّادقون عسى ءَلّا يكون منهم الخبيث15).
ولأنّه ترك ٱلتحكيم لمن يحكم ووصف مَن ينصره فى ظنّه بٱلصدق ومَن يكشف عن عورات قوله بٱلخبيث فقد جئت بحكمى على عورات نفسه ٱلتى يظهرها قوله ٱلظّنون لأبيّن له ولمن يصدقون ظنونه أنّ قوله ليس فيه من ٱلحديث أمرا.
فأوّل أمر على مَن يظنّ أنّه أتى بحديث مثل حديث ٱللّه أن يخطَّ حديثَه بخطٍّ لم يخطّه أحد من قبل يدلُّ فيه قوله على مفهومه ومفهوم كلمته ومفهوم عدّته بلسان قوم يخطُّون قولهم بخطٍّ أَخر ٱكتسبوه ميراثا عن ءابآئهم أوۤ أخذوه عن وارثين أخرين.
وعليه أن يعلم بما فى خطِّ ٱلقوم من عدّة للقول ومن دليل للعدّة ومن وسيلة لتكوين ٱلكلمة فى ٱلقول.
فما صنعه ٱلسيد "رياض" هو سرقة خطٍّ ٱستعمله بجهل فى كيف تتكوّن ٱلكلمة. فكتب لغوا كلمة يَٰأَيُّهَا" وكلمة "أَن" وكلمة ألّا" محرفًا سرقته بمسوخٍ "يا ءَيّها" و"ءَنْ" و"ءَلّا".
وكتب صانعا مسوخا أخرى بٱستعماله للسكون (ْ) فوق أبجديّة سرق بعض هيئتها وبعض قوى ٱلفعل عليها من خطِّ حديث ٱللّه وهو لا يدرىۤ أنّ هذا ٱلسكون فى خطِّ حديث ٱللّه يخفى نطق ما يعلوه "يَأتُواْ.. كانُواْ.. عملُواْ.. ٱنظرُواْ.. سيرُواْ" ونطقها هو "يأتُو.. كانُو.. عملُو.. ٱنظرو.. سيرُو". وقد ٱستعمله ليأتى بمثل حديث ٱللّه فجآءت كلماته مسوخا لا تحمل دليلا يعلمه "تقبّلْنا.. ءَنْ.. فاٌءْتوا.. قلْ.. قبِلْنا.. فهلْ.. ترَكْنا.. فليَحْكمْ.. مِّنهمْ.. مَنْ.. أكثرَهُمْ". ونطق هذه ٱلكلمات ٱلمسخ حسب أسس ٱلخطّ ٱلذى سرق بعضه: "تقبّنا.. ءَ.. فاٌتوَا.. ق.. قبِنا.. فه.. ترَنا.. فليَك.. مِّنه.. مَ.. أكثرَهُ".
ومع ذلك ٱلتحريف ٱلمسخ أسأله أن يبيّن لى ٱلسبب فى تركيبه لمسوخه وما هو محمول هذه ٱلمسوخ من مفاهيم؟
فإن قال ٱلسيد "رياض" عن حكمى على قوله بٱلمسخ بما ظنّه مثل حديث ٱللّه حكم "خبيث" فلن يكون مخطئا حسب أسس صناعته. وأقول للسيد "رياض" أنّ ما هو حديث فى قوله هو ما صنعه من مسوخ صفّها وجعل وقع صوتها وكأنّه يشبه وقع صوت ٱلكَلَمِ فى حديث ٱللّه. وأنّ ما صنعه بقولٍ مسخٍ هو قول مَن لا يعلم بسبب لقوله ٱلظنون ولا بكيف يكون شعر ٱلشاعر قولَ مَن لا يعلم حديثًا.
ولمّا كان يظنّ بما كتبه من شعر "حديثًا" جئت بمقالى هذا لا ليكون ردًّا على ما يظنّ ولكن ليكون لمن يتابع أن يعلم أنّ من ٱلقول ما ليس بحديثٍ. فٱلحديث هو قول عالمٍ يصف حدثًا حقًّا من بعد نظره فيه كحدث فيزيآئىۤ أو بيولوجىّ فى محراب (مخبر) أو يكون حديثه عن حدثٍ من تاريخ ٱلبشر. فٱلحديث بيان كيف حدث حدث. ومن هذا ٱلحديث لا يكون قول ٱلشاعر ولا قول ٱلكاهن ولا قول ٱلمجنون.
كلمة "حَدَثَ" (حِيط مفتوح وباب مفتوح وعلامة مبسوطة ومفتوحة وفوقها سيجول). ويدلّ بنآء هذه ٱلكلمة على فعل تسويةٍ تَحدُثُ فى ٱلحقِّ وتظهر بنآء حيط مفتوح على باب ليكون علامة محكومة فى صناعتها. وما سُوِّىَ بنآؤه هو شىء "حَدَثُ". وٱلقول ٱلذى يقصَّ علينا كيف جرت تسوية ٱلحدث هو "ٱلحديث". وهذا ما جآء فى ٱلقرءان يوصفُ ٱلقول فيه:
"ٱللَّهُ نَزَّلَ أحسَنَ ٱلحدِيث كِتَـٰبًا مُّتَشَـٰبهًا مَّثانِىَ" 23 ٱلزّمر.
فأحسن ٱلحديث كتاب وقوله يقصُّ بيانا كيف حدث خلق وتسوية كلِّ شىءٍ:
"هٰذا بيان لِّلنَّاسِ" 128 ءال عمران.
فكلمة "حديث" تحمل مفهوم ٱلقصّة ٱلمتعلِّقة ببيان حدثٍ جرى فى تسوية ٱلأشيآء أوۤ فى محراب (مخبر).
ٱلذى يُحدّثُ فى ٱلقرءان هو ٱللّه ٱلخالق وٱلمسوِّى لكلِّ شىء. وكلّ خالق مسوِّى عليم بحَدَثِهِ وشهيد عليه ورقيب له ومحيط به وقادر على بيانه فى حديثه. وجآء حديث ٱللّه فى ٱلقرءان بلسان قومٍ عرب به جميع ٱلحدث ولم يعجم عن أمر فيه. وجعل لحديثه بلسان هذا ٱلقوم خطًّا محدثًا من عدّة وفعلين يوافق ٱلعدّة وٱلفاعلين فى تسوية ٱلحدث ٱلحقّ ويوافق عدّة لسان أىِّ قومٍ من ٱلناس.
ولما كان ٱلحديثُ عن حَدَثِ تَسوِيَةِ ٱلخلقِ يتفاوت إدراكُه وفهمُه بين ٱلناس بتفاوت فترات عيشهم وبتفاوت ٱكتسابهم فقد جعل ٱللّه حديثه فى ٱلقرءان يتشابه مع ما يدركه ويفهمه كلّ واحدٍ من ٱلناس وفى كلِّ وقت. وهذه ٱلحركة فى محمول حديث ٱللّه ٱلثابت كلامُه فى خطِّه ٱلمُحدَثِ وٱلمحفوظ هى ما يجعل حديث ٱللّه أحسن حديث يقصّ من دون عجمٍ كيف بدأ حدثُ تسوية خلقه.
فأن يأتى ٱلسيد "رياض ٱلحبيب" بقولِ ما فى نفسه من شعورِ شاعرٍ يظنّ أنّه أتى بمثل حديث ٱللّه وهو يقلّد وقع صوت حديثه فلن يكون قوله ٱلظنون حديثًا إلآ إذا كان يبيّن فيه أنّه يعلم كيف يكون ٱلحديث حديثًا.
فىۤ أحسن ٱلحديث ٱلقول "لعلّكم تعقلون". وما فهمته من أحسن ٱلحديث أنّ ٱلعقل يحدث بين ما يبيّنه فى حديثه عالم من ٱلناس ينظر فى محرابه ليعلم كيف حدث ٱلحدث ويبيّنه وبين حديث ٱللّه عن هذا ٱلحدث فى كتابه ٱلمتشابه ٱلمثانىَ. ووممّا فهمته أنّه كلَّما تطوَّر إدراك وعلم ٱلعالم فى كيف حدث ٱلحدث تطوَّر عمل ٱلعقل بين ٱلحديثين عنه. وهٰذا ما يبيِّنه قول ٱللّه فى وصف حديثه "متَشَـٰبهًا مَّثانِىَ".
وبما فهمت فقد رأيت أنّ ٱلحديث لونان:
ٱلأوَّل هو حديث مُرسَل مِّن ٱلخالق ٱلَّذى سوَّى جميع ٱلحقِّ وفيه بيان عنه وله خطّ يوافقه.
وٱلثانى هو حديث عالم ينظر فى كيف حدث ٱلحدثُ ٱلحقُّ وفيه بيان عمَّا ٱكتشف بنظره منه وبلسان وخطٍّ ٱكتسبه من قومه أو من قوم أخرين.
أما ٱلعقل فهو حدث يقارن ويوازن به عاقل من ٱلناس ليرى ما فى ٱلحديثين من تشابه.
ومن ٱلحديث ٱلأول ٱلقول: "وٱلسَّمآء بنينَـٰها بأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ" 47 ٱلذَّاريات.
ومن حديث ٱلثانى هو ما ٱستنطبه عالم من ٱلناس فى سنة 1920 وهو "هَبل" فقال مبيّنا فى حديثه أنَّ ٱلمجرَّات ٱلبعيدة عن مجرَّتنا تتحرك مبتعدة. وأنَّ ٱلمجرَّات ٱلأكثر بُعدًا هى أكبر سرعةً فى ٱلتمدد. وجآء فى ٱستنباطه أنَّ ٱلكون كله يتمدّد.
ومن حديث "هبل" عن ٱلتمدد ٱستنبط نظرية "ٱلانفجار ٱلأعظم The Bing Bang" ٱلتى حَدَّثَ بها وبيّن ما وصل إليه نظره فى ٱلتكوين وتمدده وٱستمراره وزمنه. وقد جعل بحديثه هذا ٱلكثير من علمآء فيزيآء ٱلتكوين يتابعون ٱستنباطه فقالوۤا أنَّ ٱلكون جميعه قد جاۤء من داتٍ (نقطة) مفردة single dot.
وحديث ٱلعلم هذا هو ما يعقله ٱلعاقل مع ٱلحديث ٱلأول:
"وَٱلفجرِ(1) وليالٍ عشرٍ(2) وَٱلشَّفعِ وٱلوَترِ(3) وَٱلَّيلِ إذا يَسرِ(4)" ٱلفجر.
وسيرى فى ٱلحديث ٱلأوّل ما يبيّن له قوى ذمٍّ تعود بٱلتكوين إلى حالته ٱلأولى:
"يَومَ نَطوِى ٱلسَّمآءَ كَطَىِّ ٱلسِّجلِّ لِلكُتُبِ كَمَا بَدَأنَآ أَوَّلَ خَلقٍ نُعِيدهُ" 204 ٱلأنبيآء.
ولما كان حديث علم ٱلناس يتطور بتطور وسآئله وله فى كلِّ طور حديث فإنّ حديثهم سيتضاعف ولا يتوقَّف تضاعفه إلا بتوقّف نظرهم. وحتى يكون ٱلعقل ممكنا بين حديث علم ٱلناس ٱلذى يتطور بتطور وسآئله وبين حديث ٱللّه ٱلثابت فى هيئة مخطوطة ومحفوظة فقد جعل ٱللّه حِملَ حديثه ٱلثابت ٱلهيئة فى لسان عربىّ متحركا مع حركة تطور حديث علم ٱلناس. فإن عقل عاقل من ٱلناس بين ٱلحديثين سيرىۤ أنّ حديث ٱللّه يحمل ذات ٱلمفاهيم ٱلتى خرجت بفعل نظر علم ٱلناس فى كيف حدث ٱلحدث وسيعلم أنَّ ما قاله علم ٱلناس فى حديثهم ليس لهم منه إلا فعل ٱلاكتشاف. كما سيعلم أنّ مالك ٱلحديث ٱلأوّل هو ٱللّه وأنّ حديثه هو أحسن ٱلحديث.
وأضرب مثلا على ٱلعقل بين ٱلحديثين يتعلّق بعدّة وعدد ٱلتكوينز فمن ٱلحديث ٱلأوّل قوله:
"ومن كُلِّ شىءٍ خَلَقنَا زَوجَينِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرُون" 49 ٱلذاريات.
ومن ٱلحديث ٱلثانى قوله: "ٱلكواركات لا تظهر إلاّ لاصقة بعضها ببعض على شكل أزواج تسمى ٱلميزونات mesons" (مجلة العلوم الأمريكية ـ المجلد 14 ـ العدد 5 ـ 1998).
فٱلعاقل بين ٱلحديثين يبيّن أنّ ٱلأول قد حدّد عدد وأسمآء وصفات هذه ٱلأزواج:
"ثمـٰنيةَ أزواج ٍمِنَ ٱلضَّأن ِٱثنين ومِنَ ٱلمَعز ٱثنين" 143 ٱلأنعام.
"ومن ٱلإبلِ ٱثنين ومِنَ ٱلبَقَرِ ٱثنينِ" 144 ٱلأنعام.
"ٱلضأن" من ٱلأصل "ضَأَنَ" ودليله فى (ضعف ولان).
"ٱلمعز" من ٱلأصل "مَعَزَ" ودليله فى (عزل ونفر ومنع).
"ٱلإبل" من ٱلأصل "أَبَلَ" ودليله فى (جمع وكثر وحسن).
"ٱلبقر" من ٱلأصل "بَقَرَ" ودليله فى (شَقَّ ووسع وفاض).
فٱلأزواج ثمانية فى حديث ٱلأوّل وأسمآؤها هى: (ضأن ذكر وضأن أنثى. معز ذكر ومعز أنثى. إبل ذكر وإبل أنثى. بقر ذكر وبقر أنثى).
وفى ٱلحديث ٱلثانى ثمانية أزواج كما هو فى ٱلحديث ٱلأوّل وقد سمّاها ميزونات mesons ويقول فى حديثه عنها:
"أكثر الميزونات انتشاراً هي البيونات pions، وتتكون من كواركات علوية وكواركات سفلية والكواركات المضادة لها. أما الميزونات K وB فتحتوي على الكواركات الغريبة والكواركات القعرية والكواركات المضادة". ("اللاتناظر بين المادة والمادة المضادة "مجلة العلوم الأمريكية ـ المجلد 16 ـ العدد 10 ـ 2000).
وفى حديث ٱلثانىۤ أَنّ "الكواركات العلوية والكواركات السفلية والكواركات المضادة لها" هى ٱلأكثر ٱنتشارًا. وبهٰذا ٱلحديث سيرى ٱلعاقل فى وصفه "ٱلكواركات ٱلعلوية وٱلكواركات ٱلسفلية" ما يطابق دليل ومفهوم "ٱلإبل" ودليل ومفهوم "ٱلبقر" فى حديث ٱلأول.
لقد كتبت أحد عشر كتابا وٱلكثير من ٱلمقالات عقلت فيها جميعها بين حديث علم ٱلفيزيآء وعلم ٱلبيولوجيا وعلم مناهج وصناعة ٱلكومبيوتر بما فيها صناعة مناهج ٱلفيروسات وبين حديث ٱللّه. وتبيّن لىۤ أنّ حقوق ملكيّة هذه ٱلعلوم جميعها تعود لواحد هو ٱلسابق فىۤ ٱلإعلان عنها فى حديثه.
ليس هذا فحسب. فقد عقلت بين ما يقوله ٱلفكر ٱلديمقراطىّ عن سبيل ٱلناس فى هذه ٱلحياة وما يقوله عن حقوق ٱلإنسان وبين قول ٱللّه فتبيّن لىۤ أنّ قوله هو أحسن حديث وأحسن بيان.
وأسأل ٱلسيد "رياض الحبيب" أن يرشدنىۤ إلى حديث علم من علوم ٱلناس لأعقله مع ما ظنّه حديثًا له مثل حديث ٱللّه.
وأقول له أنّه بما كتب متحدّيًا لم يُحدّث إلا عمّا فى نفسه من كره للّه ولحديثه. فٱلكره حَدَث تُسوّيهِ نفسُه ٱلتى لم تَسعَ لتأصيل ما فيها من أمانة فٱنفتح فيها منهاج "إبليس" يغويه بحبِّ ٱلشعرآء وبقول ٱلشعر.
فأول ما عليه أن يعلم به أنّه لن يكون له ولا لغيره من ٱلناس حديثا مثل حديث ٱللّه.
وأن يعلم ويفهم أنّ ٱلقرءان كتابُ حىٍّ قيومٍ وقولُه حىّ كصاحبه. ومن يعقل حديثه مع قول شاعر سيعلم أنّ قول ٱلشعر يقوله مَن كان هآئم على وجهه حتى يأتيه ٱلموت فيسكت.
وأن يعلم أنّ حديث ٱللّه موجّه لأحيآء يسألون وينظرون ويعلمون ويعقلون ولا يلهون بقول ٱلشعر ويهيمون.
وأنّ يعلم أنّ ماۤ أراده ٱللّه من حديثه هو أن يكون بيانا للناس ٱلأحيآء فى كلِّ وقت يبلغهم فيه عن خلقه وسبيل تسويته وسبيلهم هم إلى صراط مستقيم فى عيش مدينىّ فيدرالىّ وديمقراطىّ مسالم وصالح.
وأن يعلم أنّ ٱللّه أرسل حديثه فى وقت لم يكن للناس حديث علمٍ فى ٱلحقِّ يزيد عمّا تبصره ٱلعين وعمّا يستطيع ٱلمرء منهم إدراكه ببصره وفهمه بما ٱكتسب من علم فلا يكون عليه تكليف إلا بما وسعت نفسه من علم.
وأن يعلم أنّ ٱللّه أراد لكتابه أن يحمل بيانا قابلا للعقل مع كلِّ حركة تطور وتوسّع فىۤ إدراك ٱلناس وفى علمهم وفى تطور نظرهم ووسآئله. ولذلك جعله كتابا حيًّا متغيّرا شأنه كقوله عن نفسه "كلَّ يومٍ هو فى شَأنٍ" يحمل للناس بيانا حيًّا يتحرك فهم قوله مع حركة نظر وبحث وٱكتساب أفراد أحيآء فى ٱلحقِّ فيكون تكليفهم بٱلعقل بما ٱكتسبت نفس كلّ منهم من وسع فى ٱلعلم.
وأن يعلم أنّ ٱلذى يتلو ٱلكتاب فىۤ أىِّ وقت يتشابه له فهم بما ٱكتسب من علم زمانه ووسعت نفسه به. وهذا يجعل منه كتابا يتعدد فهمه بتعدد ٱلناظرين فيه فى كلِّ وقت.
هذا ٱلحال ٱلحىّ للكتاب يجعل قوله يتشابه مع إدراك وفهم كلِّ ناظر فيه. وٱلتشابه هو ما وصف ٱللّه به حديث كتابه:
"ٱللَّهُ نَزَّلَ أحسَنَ ٱلحدِيث كِتَـٰبًا مُّتَشَـٰبهًا مَّثانِىَ" 23 ٱلزّمر.
وقد سبق لى وقلت فى مقال "ٱلتشابه" أنّ: (ٱلتشابه صفة لكتاب ٱللّه ٱلحىّ. وهذه ٱلصفة تتبع قدرة ٱلفرد على ٱلإدراك بما ٱكتسب من علم فى ٱلحقِّ. فكتاب ٱللّه يخرج منه فهم جديد بتطور علم ٱلناظر فيه. وبذلك يتعدد ٱلإدراك وٱلفهم بتعدد ٱلناظرين فيه وٱختلاف ٱكتساب كلٍّ منهم فى كلِّ وقت. وهذا ما يدلّ عليه ٱلقول "أحسن ٱلحديث". فدليل كلمة "أحسن" فى دليل ٱلفعل "حَسَنَ". وهو ما تدلّ عليه ٱلأفعال "دَأَبَ وجَدَدَ وتَقَنَ وزَيَنَ" مجتمعة. فأحسن ٱلحديث هو حديث يتجدد قول ٱلناظر فيه من دون فتورٍ ولا سكونٍ إلا بموته. فيأتى وهو حىّ بقول جديدٍ عن ٱلحقِّ بفعل ٱلسؤال وٱلنظر فىۤ أشياۤئه فإذا ما عقل قوله مع قول كتاب ٱللّه وجد بينهما تشابها. وهذا يجعله يحنف عمّا قاله هو وقاله غيره من ٱلناس فى ٱلسابق وفى ٱلحاضر. وبزيادة أعمال ٱلنَّظر وٱلبحث فى ٱلحقِّ تزيد قدرة ٱلإدراك ٱلمتشابه فىۤ "أحسن ٱلحديث" وهٰذا ما تدلّ عليه كلمة مثانى multivalent. فٱلعمل ٱلناظر فى ٱلحقِّ لا يفتر ولا يسكن ما دام ٱلإنسان ينظر ويبحث ويقرأ. وهٰذا جعلنىۤ أرى فىۤ "أحسَنَ ٱلحدِيث كِتَـٰبًا مُّتَشَـٰبهًا مَّثانِىَ" أنّه ٱلنَّظريَّة ٱلعلميّة ٱلموحدة ٱلَّتى يسعىۤ إليها علمآء ٱلفيزيآء (كتابى "أنبآء ٱلقرءان"). فهو بلاغ وبيان وتبيان عن جميع ٱلحقِّ يتشابه فهمه علينا مع كلّ تطور لنا فى ٱلعلم.
هذا ٱلوصف لا تحمله كتب ٱلناس. فكتبهم تحمل إدراكهم وفهمهم ٱلمتشابه ٱلذى يتوقف عن ٱلتطور بموتهم. وبمرور ٱلوقت يشعر كلّ حى يتلو كتب موتىۤ أنها كتب ميتة. ولن يكون لكتب ٱلناس هذا ٱلوصف فٱلمحكم فى كتاب ٱللّه يبيِّن ذٰلك:
"فَليَأتُوا بِحَدِيثٍ مِّثلِه إن كانُوا صَـٰدِقِينَ" 34 ٱلطَّور.
دليل ٱلتشابه فى شَبَهَ. فعندماۤ أعقل قول ٱلقرءان "كلّ شىء عنده بمقدار" مع مآ أعلمه من ٱلحقِّ كٱلقول بأنّ جميع ٱلأشيآء ذات أصل كوانتومىّ يظهر لى شبها بين مفهوم ٱلقولين يجعلنىۤ أتابع مسألة ٱلعقل وٱلتصديق بعلم صاحب ٱلقول فى ٱلقرءان. وفى مقال "أهمية عقل ٱلنظرية ٱلعلمية مع ٱلقرءان" ومقال "هل "ٱلقرءان" هو كتاب ٱللَّه؟" ومقال "بيان ٱلحىّ حىّ" بسط للأمر وفق إدراكى وفهمى ووسع نفسى ولاۤ أحتاج لتكراره لمن يريد ٱلمتابعة وٱلحوار).
وما زلت على فهمى هذا حتى يتبيّن لى ما يجعلنىۤ أحنف عنه بعلمٍ.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سلم يراعك أستاذ سمير
محمد سمير ( 2009 / 7 / 1 - 23:28 )
بارك الله فيك وجزاك عنا خير الجزاء.كلامك مقنع لمن القى السمع وأراد أن يبصر الحق.
تقبل تحياتي ومحبتي واحترامي


2 - لو كان من عند الله الذي أعرف لما تحدّيت
رياض الحبيّب ( 2009 / 7 / 2 - 00:04 )
لست أدري عن أيّ إله يتحدّث السيّد سمير إبراهيم خليل حسن
ما هذا الخلط؟

إنّ إله أهل الكتاب إله المحبة والسلام وحقوق الإنسان
إله واضح بليغ وتالياً مفهوم غير غامض
يحبّ الخير ويكره الشرّ
إله أقام الموتى أمّا غيره فأمر بقتل الأحياء
إله أعاد البصر للعميان أمّا غيره فأمر بتسمير عيون المبصرين
إله يُحبّ حتى الأعداء، أمّا غيره فأمر بصناعة أعداء وتكفير الناس وسلبهم ونهبهم وسبي نسائهم وقتلهم وصلبهم وتقطيع الأطراف من خلاف وهلمّ جرّا

إله ثابت لا يغيّر رأيه، ينتهر الخاطئ ولو كان رسولاً من عنده فلا نبيّ معصوم
وأمّا غيره فأقام نبيّه مقام نفسه (وفق حديث إبن تيمية في كتاب الصارم المسلول لشاتم الرسول) وقد سارع في تلبية هوى رسوله (من أحاديث السيدة عائشة)
إلهنا قويّ بالحق وديّان يوم الدينونة ولم يكلّف أحداً بالإنتقام له-
{من آمن واعتمد خلص ومن لا يؤمن يُدَن}
أمّا غيره فإله مختلف تماماً يأمر بالسّوء وسائر أعمال الشرّ ضدّ من يخالفه

لست أدري عن أيّ إله يتحدّث السيّد سمير حسن
أظنّ أنّه إله يستطيع كلّ عاقل أن يتحدّاه ببساطة
لكني أتعهّد بعدم التعرّض لإله السيّد سمير حسن متى قام بحذف آيات تكفير الآخرين وإرهابهم وقتلهم ولا سيّما أهل الكتاب وأهالي سائر الدي


3 - كتبت الحق
الجوكر ( 2009 / 7 / 2 - 10:50 )
عزيزي أكرمتنا غاية الكرم أسأل الله لك دوام التوفيق


4 - -ٱللَّهُ نَزَّلَ أحسَنَ ٱلحدِيث كِتَـٰبًا
رياض الحبيّب ( 2009 / 7 / 2 - 17:06 )
قل يا أيها الكافرون (١) لا أعبد ما تعبدون (٢) ولا أنتم عابدون ما أعبد (٣) ولا أنا عابد ما عبدتم (٤) ولا أنتم عابدون ما أعبد (٥) لكم دينكم ولي دين (٦)

قل أعوذ برب الناس (١) ملك الناس (٢) إله الناس (٣) من شر الوسواس الخناس (٤) الذي يوسوس في صدور الناس (٥) من الجنة والناس (٦)

والعاديات ضبحا (١) فالموريات قدحا (٢) فالمغيرات صبحا (٣) فأثرن به نقعا (٤) فوسطن به جمعا (٥) إن الإنسان لربه لكنود (٦) وإنه على ذلك لشهيد (٧) وإنه لحب الخير لشديد (٨) أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور (٩) وحصل ما في الصدور (١٠) إن ربهم بهم يومئذ لخبير (١١)

إن كان ما تقدّم من أحسن الأحاديث فألف رحمة على الذي أنزلها
أحاديث خالية من البلاغة- بسبب التكرار المُملّ- ولا قيمة لمعانيها في نظرنا لا في الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل

هل سيربط الفقيه سمير حسن أحدها بنظرية ماكس بلانك أو ماكسويل؟ ولماذا ينتظر حضرته من الغرب اختراعاً أو نظرية علمية ولم ينتظر من المخ القرءاني ما يعزز الذي في القرءان؟ أليس هذا تعدّياً على مُعطيات الآخر- المختلف؟
قال الم


5 - القسم الثالث- الأخير من التعليق
رياض الحبيّب ( 2009 / 7 / 2 - 18:52 )
بعد الشكر لأسرة الحوار المتمدن


لم أُلقِ باللوم يوماً على كاتب مقالة إمّا أخطأ إملائيّاً أو نحويّاً أو بلاغيّاً باستثناء كاتب القرءان الذي يتبجّح بعض الإسلاميّين بفصاحة كتابه وبلاغته- المزعومتين

أمّا أنّك حاولت التعرّض الشكلي لما قمتُ به من تعليق- إذ لا أظنني أخطأتُ بشيء لافت- فسوف ألفت انتباهك إلى أغلاط في مقالتك قد مررتُ عليها مرّ الكرام، علماً أنّي أقع أحياناً في أغلاط بلاغية إمّا سهواً أو تسرّعاً:

1
((أنّ قوله ليس فيه من ٱلحديث أمرا))
والصواب: أمرٌ- إسم ليس مؤخر

2
((فما صنعه ٱلسيد -رياض- هو سرقة خطٍّ ٱستعمله بجهل فى كيف تتكوّن ٱلكلمة))
في البداية ليس الخطّ العربي حكراً على أحد!
أمّا الصواب اللغوي: في كيفية تكوين الكلمة

3
((وأنّ ما صنعه بقولٍ مسخٍ هو قول مَن لا يعلم بسبب لقوله ٱلظنون ولا بكيف يكون شعر ٱلشاعر قولَ مَن لا يعلم حديثًا))
والصواب: ولا بكيفية كون شعر الشاعر...

4
((وممّا فهمته أنّه كلَّما تطوَّر إدراك وعلم ٱلعالم))
والصواب: وممّا فهمت أنْ كلَّما تطوَّر إدراك ٱلعالم وعلمه

5
((ما يطابق دليل ومفهوم -ٱلإبل- ودليل ومفهوم -ٱلبقر- فى حد

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah