الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
فلسطين وكردستان والعراق صراع من أجل السلطان 1/2
خالد يونس خالد
2004 / 5 / 4القضية الكردية
![](https://ahewar.net/Upload/user/images/ed214770-1a62-4d17-898e-c3f8f875d7d6.jpg)
ماهي القيمة الخلقية والإجتماعية في تركيبنا المعنوي؟ هذه القيمة المتجسدة في مفهوم الطاعة العمياء للقيادات المستسلمة طبقيا ، والإنهزامية قوميا ، والمتخلفة حضاريا. كيف يمكن إطاعة الهزيمة والإستسلام؟ وكيف يمكن تقبل هذا التركيب العفن في المجتمع الذي يموت تحت وطأة التناقضات القاتلة ؟ وكيف يواجه الأطفال إنفجار القنابل في داخلهم؟ والنساء يغسلن نيران قساوستنا تحت العمامة ، ويمدحن زعماءنا وينفضن البارود تحت العباءة العربية والشال الكردي المرصع بالأوسمة.
التساؤلات كثيرة وهي فيما إذا كانت هناك ضريبة على الوعي والحرية ؟ وإذا كانت هناك أسباب معنوية لتخلفنا وإستسلامنا أمام الأحداث والتحديات ؟ وإذا كانت إطاعة الأنظمة العربية والمسلمة التي تعمل في الإدارات الأجنبية ملزمة لنا ؟ وإذا كان بعض القيادات الحزبية السياسية الدينية والعلمانية التي تتاجر بالدولار على حقوقنا واجبة ، وهي تقف على رأس اسباب تخلفنا وتراجعنا ؟
نظامنا (الديمقراطي) الدكتاتوري المتسلط يريد منا أن نكون مطيعين لأوامر السلطان الذي حصل على 99،99% من الأصوات . ولكن في الواقع ليست لنا قيادة واحدة ، إنما قيادات كثيرة . فإبن السلطان قيادة ، وحفيد السلطان قيادة ، وعشيرته قيادة ، وحارسه قيادة ، وخادمه قيادة . وفوق كل هذا وذاك هناك قيادات ترفع اللون الأسود ، وقيادات ترفع اللون الأبيض ، وأخرى ترفع العلم الأصفر ، ورابعة ترفع العلم الأخضر ، وخامسة ترفع العلم الأحمر . وحين نطيع الأسود يتهموننا بالمذهبية ، ونرفع الأبيض فيتهموننا بالأصولية ، ونرفع اللون الأصفر فيتهموننا بالقبلية . ونرفع اللون الأحمر فيتهموننا بالشيوعية . ونرفع اللون الأخضر في فلسطين فيتهموننا بالإرهاب ، ونرفعه في كردستان فيتهموننا بالأقليمية ، ونرفعه في العراق فيتهموننا بالطائفية . والكل يوجه بندقيته المعبأة إلى صدورنا بأسم الدين يوما ، وبأسم الوطنية يوما أخر ، وبأسم التقدمية يوما ثالثا ، فضيعنا فلسطين بين الشعارات والمظاهرات ، وضَيعنا كردستان بين الألوان الصفراء والخضراء والبيضاء ، وضَيعنا العراق بين الطائفية والمذهبية . وأصبحنا نردد ما يُملى علينا فنقول للأبيض أسودا ، وللأسود أبيضا ، وأصبحنا نعجز التمييز بين الألوان ، ونصفق للسلطان ، حتى ضيعنا مستقبلنا ، وفقدنا بيوتنا بين قصور السلطان وجنوده الذين يراقبوننا. وحَيَرنا بين الطاعة للسلاطين الذين يتصارعون على السلطان بالمعنى المادي للكلمة. فالإبتسامة بوجه السلطان كفر وإستهزاء ، ونقد السلطان خروج عن القانون يُحكم عليه بالسجن والموت . ولتبكي الأرامل فدموعهن تغسل العهر السياسي والإنحطاط الفكري للسلاطين ، والسلاطين يرفضون قيادة وطنيـة واحدة في فلسطين ، ويرفضون توحيد الإدارات في كردستان ، ويرفضون توحيد الجهود والصفوف في العراق . ونظل نصرخ بأعلى اصواتنا ، سنمضي إلى ما نريد ، ونسحق أعدائنا ، وتظل فلسطين تحترق ، وكردستان تنقسم وتتجزأ وتُنهب ، والعراق ينزف دما والإحتلال يدخل بيوتنا ، ويفجر أطفالنا ، فليعش السلطان ، وليكن من بعده الطوفان.
لمن نطيع ؟ للسلطان الذي يعمل موظفا في إدارة الإحتلال أم للإحتلال نفسه؟ لمن نشكو وعلى مَن نشكو؟ فالمُلك للسلطان ، وقد جَعَلَنا السلطان حراسا لقصوره وقلاعه .
أجهزة الإعلام السافرة والمأجورة والمنافقة تصور قياداتنا ظل الله في الأرض ، وأنها مصدر الرزق والحكمة والمعرفة ، ورمز القرار الصائب . فهذا الأصفر يحمل بين ضلوعه قدسية البطرياركية ، وذاك الأسود يحمل بين جنبيه شرارة المرجعية الدينية ، وبينهما نجد العملاق الأبيض يتاجر بالدين ، يعاديهم اللون الأحمر حامي التقدمية . وسفينة الوطن الأم تتلاعب بها الأمواج الأمريكية الإسرائيلية التركية ومعها الرتل الخامس من العملاء والجواسيس تسربوا إلى صفوف العرب والكرد والتركمان والكلدو أشور ، ليبيعوا أرواحنا بالدولار والدينار . فيوما يرهبوا شعبنا الكردي في كردستان في الأول من عيد الأضحى في أربيل ويوما يقتلوا الأبرياء من شعبنا العراقي في ذكرى إستشهاد سيدنا الحسين عليه السلام في العراق ، ويوما يقتلوا الشهيد أحمد ياسين ، ويوما آخر يغتالوا الشهيد عبد العزيز الرنتيسي. ونحن مشرذمين ، وسفينة الشعب بين الأمواج ، ولا عاصم اليوم إلا مَن كان مع الإحتلال أو فيهم. إما الطاعة وإما السوط ، لأن الطاعة في مفهوم قياداتنا هي النظام ، لذلك يجب الإستغناء عن النقد والتمسك بديمقراطية السلطان .
ولكن ما هي هذه الديمقراطية ؟ إنها ديمقراطية التصفيق لإنجازات السلطان ، وإذا ما رفع أحد من المثقفين صوت المعارضة ، ضُرب بالسوط . فلا صوت يعلو فوق صوت الطاعة للسلطان ، ولا ثقافة تعلو على ثقافة البطريارك . على المثقف أن يقرأ كل حرف من حروف الكتاب المقدس ، ويوقع على إحتقار نفسه بلا إعتراض ومناقشة . فليس لدى قياداتنا وقت للمناقشة العلمية ، وليس للقيادات الكثيرة وقت لتقبل النقد ، ولا وقت للمصافحة ، لأنها تحمل السلاح لتخوض المعارك ضد المواطنين من المعارضة ، لقتل الثقافة والمثل العليا.
كبير العائلة يطالب لنفسه بحقوق الأب ، ولكننا لم نسمع قط في التاريخ بأن للإنسان أكثر من أب . وفي وطننا يدعي بارون كل لون بأنه رب البيت ، ويطالب الآخرين بالخضوع ، ومَن تمرد يُطرد من البيت . فتشردنا في الغربة ، وأصبحنا لاجئين في البعد البعيد ، ومَن لم ينج بنفسه دخل سجن السلطان . وحتى هناك لا يرتاح مِن أن يتخلص من صور السلطان على الجدران.
أنت أيها المثقف الذي في أحشائك قنبلة العلم والمعرفة تشكل خطرا على السلطان . يجب أن يكون علمك في خدمة السلطان ليُقال عنك مناضلا ، ولتظهر على شاشات التلفاز التي يملكها السلطان لمدحه وعرض بطولاته المزيفة التي تجعل من الحبة قبة . أنت أيها المثقف الأسير في قفص الإتهام يجب أن تطيع الأوامر القاسية لتكون مثقفا ، حتى لا تستهدف مصلحة العائلة ، وكبير العائلة خمار يهزو ، ورب البيت يلعب القمار بالأشلاء والأرواح ، وحارس البيت يسرق عفة البيت بالدولار والدينار .
الثقافة في قريتنا ممنوعة ، والمثقف تائه فقير معدم ، وهو يعيش في ظل التاجر الظالم . الثقافة رذيلة في مدينتنا التجارية ، والمثقف مظلوم في ظلام العدوان من أهل البيت . المثقف جاهل بمصالح الرجل الكبير ، وخطر على القديس الذي يحمل في كلتا يديه البارود المشتعل ، لحرق دعاة التحرر والوحدة والإستقلال ، وإزالة مراكز القوى ، وتوزيع أراضي السلطان ومأموريه على الشعب .
بالأمس وجدنا في أحشاء مدينتنا الجميلة الخربة قنبلة . فحَصناها فإذا بها قد صُنعت من قبل دولة في الجوار . كيف دخلت هذه القنبلة بلادنا ؟ قالت لنا وسائل الإعلام الحاكمة التي تخدم السلطان بأنها جاءت من قبل أولئك الهاربين من خدمة السلطان .
لقد اصبح بعض قواتنا أداة لقتل أبناء الشعب يوما في فلسطين ، ويوما في كردستان وآخر في العراق ؟ . ففي حرب الزرقاء والجرش قُتل ثلاثون ألف فلسطيني في الأردن على أيدي القوات الأردنية عامي 1970-1971. وفي لبنان قتل الآلاف من الفلسطينيين المشردين على أيدي القوات السورية في تل الزعتر . وفي فلسطين نفسها تُشكل قوات الأمن الوطنية لمنع الأطفال أن يرموا الأحجار الفلسطينية على الدبابات الصهيونية . والطائرات الحربية تحصد الأرواح تحت ذريعة مكافحة الإرهاب في وطننا المحتل ، فلتعش عروش الصقور على الكراسي المهزوزة .
هل أصبح الجيش الثوري الكردستاني الذي قارع ظلم الجلاد صدام حسين وحكمه الدكتاتوري المستبد ، مؤسسة الدفاع عن الألوان ؟ لقد كانت مهمة الجيش الثوري الكردستاني تحرير الأرض فإذا به يدخل في إقتتال كردي كردي في ظل الديمقراطية بين أعوام 1994-1998 وراحت ضحيتها الآلاف من الأبرياء من أجل السلطان . والوضع أسوأ بالنسبة لبعض الأحزاب الإسلاموية الكردستانية التي دخلت في مناوشات بين بعضها البعض ، حيث مارسوا عمليات إرهابية وقطعوا رؤوس المدنيين الكرد بأسم الإسـلام ، وحفروا قبور الأموات وأخرجوا رفاتهم ورموها على الصخور والأحجار .
وفي العراق يقول الشيخ الصغير ذات العمامة الكبيرة بأنه يجعل من كردستان ساقية من الدماء لأن الكرد يرفعون علم كردستان . ولا يؤمن صاحبنا الذي يلبس جبة طويلة بالفدرالية ، ويرفض الديمقراطية لأنها ضد الدين ، كما يفهمها هو في ذاكرته . والبعث المنهار الذي نفذ حملات الأنفال ، واستعمل السلاح الكيماوي بحق الكرد والشيعة يقول بأننا نحارب الدستور المؤقت الذي يمنح الكرد الفدرالية الجغرافية .
نحن هنا في الغربة لا نجيد الخدمة العسكرية في جيش السلطان ، لأننا نعتبر الطاعة العمياء مرض ، لكن السلطان بوسائل إعلامه المأجورة تشوه سمعة كل الهاربين من عدالته ، وتلاحقه وتهدده . فعلى المثقف أن يكون مقهورا في كل مكان ، وعلى الثقافة أن تكون مكبوت الحرية ، لأن الثقافة الحرة تعني نهاية الدراوشة والبطرياركيين والكهنة . ففي كل الأحوال لن يفلت أحد من مذلة الطاعة العمياء ، وإلا فلن توزع عليه الأموال ، ولن ينعم أطفاله بالرخاء.
الثقافة في مدينتنا المهدمة رذيلة ، وعلى المثقف أن يتحرك تحت أعين الحراس ، وعليه أن لا يعصي أمرا لهذا الكاهن الذي يتحكم بشؤون المدينة . ويجب عليه أن يستسلم لكل مَن يحمل عمامة كبيرة ، أو شالا أو قرابـة للقائد الأوحد . الإنهزامية شريعة نصفق لها لأنها نصْر كبير ، والإستسلام نحتفل به لأنه يُقَوي كرسي الرئيس . إنها الإنقلاب على تمرد الثقافة . فلا وحدة وطنية في فلسطين لأنها تزعج قوات الإحتلال التي تعبث بارضنا المقدسة في القدس الشريف . ولا وحدة الإدارات الكردية في كردستان لأنها تعني فصل بعض الوزراء والسلاطين ، وتثير حفيظة الأصدقاء خارج الحدود ، وتقلل من العوائد المالية إلى ميزانية القادة . ولا وحدة الصفوف والمواقف في العراق لأنها تشكل خطرا على الإحتلال لذلك لابد من التقسيم والشرذمة والعداء . حل القضية الفلسطينية العادلة في تشكيل دولته الديمقراطية المستقلة تصبح خطرا على بعض الأنظمة العربية والمسلمة التي تستلم الهبات بالملايين على حساب القضيـة . وحل القضية الكردية تعني نهاية الحكم الشمولي للقوى الشوفينية المستبدة ، لذلك يعتبرون الإعتراف بالحقوق العادلة الشعب الكردي إنفصالا. كلنا في حالة "الثورية" نبحث عن الظمأ ، ونرفض حلا للمأساة ، ونخاف من أنفسنا ، فنهرب منها ، ثم نعيد إليها صاغرين . فكيف نصطاد الحرية ونحقق الوحدة والإستقلال ؟
باحث وكاتب صحفي مقيم في السويد
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما مدى خشية تل أبيب من إصدار المحكمة قرار باعتقال نتنياهو وغ
![](https://i4.ytimg.com/vi/f9cYL3CBpZo/default.jpg)
.. الجزء الثاني - أخبار الصباح | الأمم المتحدة تعلق مساعداتها إ
![](https://i4.ytimg.com/vi/tRSuYfmY9nc/default.jpg)
.. أطفال فلسطينيون يطلقون صرخات جوع في ظل اشتداد المجاعة شمال ق
![](https://i4.ytimg.com/vi/In4hYupUNAA/default.jpg)
.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا
![](https://i4.ytimg.com/vi/flIZZfkn_FU/default.jpg)
.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ
![](https://i4.ytimg.com/vi/8nOvls_6zOk/default.jpg)