الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقوى ... ورع ... لصوصية

حسن الناصر

2009 / 7 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ترددت منذ عقد السبعينات والعقود التي سبقته , عبارة على ألسنة العراقيين هي (صايم مصلي) , في اشارة الى أي مرء نقي الذمة , ومأمون الجانب , وبالامكان الركون الى اخلاقه الحميدة , او الى اخلاصه المهني , في فترة زمنية كانت تموج بالافكار الماركسية التي كسرت التقاليد , وقذفت الاديان , واباحت كل شيئ . وكانت المهام العبادية في تلك الحقبة الزمنية لصيقة غالباً بكبار السن , بعد ان يقضوا الشطر الاكبر من حياتهم مبتعدين عن اداء الفرائض الدينية . ورغم قلة المتدينين في تلك الفترة الا ان الضمير والوازع الاخلاقي كان بأروع سماته والاخلاص في العمل ظاهراً للعيان والرشوة تكاد تكون معدومة .
اما الان فاينما تستدير تجد جباهاً سوداء , وشفاهاً متحركة بالدعاء , وأنفساً مكفهرة , وسجادات الصلاة ظاهرة للعيان في المكاتب الرسمية وألقاب (الحجي والسيد والعلوية او السيدية ـ وتستخدم بدلاً لكلمة علوية من قبل ابناء السنة ـ) اصبحت من السعة بحيث طالت اغلب المفاصل العليا والوسطية للحكومية , الا ان الاخلاق المهنية معدومة , والرشوة موضع تفاخر , وسرقة المال العام شطارة . فاين يكمن الخلل؟ قطعاً ليس في مضمون الاديان , وانما في التطبيق السئ لها وبالجرءة على التفسير المشوه للنصوص الشرعية . لذا أختلط الحابل بالنابل وامسى اللصوص رجال دين والمومسات مراكز للترويج الديني والماركسي السابق قارئ حسيني والبعثي سلفي تكفيري . واصبح المواطن حينما يلج أي مكتب حكومي ويرى الموظف المعني موشوم الجبين يدرك بان معاملته سيصيبها الاعياء والتأجيل والتحجج بالقوانين وخاصة اذا أبتدء الموظف الموشوم حجة التأجيل بكلمة (مولاي) .
حدثني احد الاصدقاء عن مطرب شعبي من سكنة مدينة الثورة في عقد التسعينات , وفي موجة صلاة الجمعة التي كانت تستقطب الآلاف من ابناء هذه المدينة الفقيرة , وكان هذا المطرب يحيي ليالي الاعراس التي غالباً ماتكون في ليلة الخميس على الجمعة , ويعود ثملاً في ساعة متأخرة من الليل , وعند استيقاظه احد نهارات الجمعة , رأى جمع غفير من الشباب يتأبط سجادة الصلاة , ويسير على شكل مجاميع بأتجاه احد الجوامع , فأستفسر بلهجته الجنوبيه من أحد الواقفين ودار الحوار الآتي :

ـ هاي الوادم وين مولية ؟
ـ رايحين لصلاة الجمعة .
ـ كل هاي العالم تصلي .
ـ أي .
ـ اذا هاي كله تصلي جا منظم الغاز مالتنة ياهو الباكة ذاك اليوم ؟.

ان انتشار الموجة الدينية في العراق استشرى في الوسط الشيعي في عقد الثمانينات نتيجة التثقيف الايراني المستمر , وبسبب الاضطهاد والتمييز الطائفي الذي مارسته حكومة البعث تجاه أبناء الوسط والجنوب في كافة صوره , وبنفس المحور انتشر الفكر الوهابي في الوسط السني في عقد التسعينات بسبب التثقيف السعودي ضد نظام صدام حسين , بعد الاستعداء الذي استحكم في العلاقات مابين السعودية والخليج من جهة , والعراق من جهة اخرى , بعد اجتياح الكويت , مستغلين الفاقة والعوز الذي كان يفتك بالمجتمع العراقي بسبب الحصار , مما سهل من عملية التحرك لاستقطاب وسائل الدعاية , واهمها منابر الجوامع , والمطبوعات الوافدة . وقد حاول النظام ترقيع الفجوات , وتجميل صورته , بأضافة لمسات اسلامية على فكر البعث , أبتداءاً باضافة البسملة للتقارير الحزبية , وانتهاءاً بأشهار اسلام ميشيل عفلق بعد وفاته , مع ترويج مايسمى حينها بالحملة الايمانية , وأغلاق محلات بيع الخمور , وأبتداع عقوبة قطع اليد للسارق , وغير ذلك .
ان شيوع ظاهرة سرقة المال العام , والرشوة والمحسوبية والنفعية وتزوير الشهادات بعد سقوط النظام السابق , جرت من قبل شخصيات محسوبة على الوسط الاسلاموي , وهذا لايعني أعفاء الكادر السياسي العلماني من هذه التهمة , الا ان وضوح ملامح الفساد في الجسد الحكومي والبرلماني أنعكس على النخبة الاسلاموية بشكل بارز ومثير للدهشة , ورغم ان الكثير منهم كان له صولات وجولات في مجال نقد النظام البعثي السابق , الا انهم اثبتوا بانهم يملكون من الشر مايبزون به الحقبة القومية بشقيها العارفي والبعثي .

ان شيوع الظاهرة الدينية , ونكوص الاخلاق المهنية حالة تثير الاستغراب وتدعو الى التأمل , كما يتحتم على خبراء علم الاجتماع أجراء بحوث موسعة بخصوص هذا الموضوع , مع استحداث نظم تربوية وتعليمية وتثقيفية تعنى بالناشئة التي ستقود زمام الامور في المستقبل , لكي تتمكن الاجيال اللاحقة من الوثوب وطي صفحة الماضي وبناء بلد يستحق تاريخه العريق كأول بلد سن القوانين واخترع الكتابة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ؟ فعلاً ... اذا هاي كله تصلي .. جا منظم الغاز مالتنة ياهو ال
مارسيل فيليب / أبو فادي ( 2009 / 7 / 6 - 23:46 )
الأغلبية المطلقة مِن مَن يظهرون في المشهد العراقي الحالي ، مجرد دمى وقطع شطرنج لكنها وبعد تجربة اكثر من 6 سنوات ، نرى أن ما أحدثته من أضرار اكثر مما قدمته من منافع وخدمات لجماهيرنا المسحوقة .. والمشكلة الأساسية في سذاجة المعمم الذي لا زال مقتنعاً بأن ( لبس السروال وربطة العنق نقيصة للرجل ) ... مستهلكاً جهده الفكري في الأفتاء بتجنب النجاسة والدعوه للطهارة واداء الصلاة فقط .... ومكتفياً بتبرير ما يحصل من كوارث وتراجع بشكل عام للبلد والأنسان العراقي بسبب غضب الله على العراقيين والعراقيات لأنهم ( أنشغلوا بأمور الدنيا ونسوا واجبهم تجاه الدين والله ) ، وهو بذلك يتحول من داعية للتمسك بالقيم والأخلاق ، او مرشد اجتماعي ، الى أداة وارادة تخريب سياسية بأمتياز ...!

اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في