الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى السبعين لميلاد الفقيد سعود الناصري

صادق البلادي

2009 / 7 / 7
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في أواخر الشهر الماضي كانت النخب والمنظمات ، خاصة المشاركة منها في العملية السياسية ، منشغلة في التهيئة لتنظيم احتفالات انسحاب عساكر الأمريكان من واجهات المدن في الثلاثين من حزيران ، وتسويقه للناس كأنه عرس جديد للشعب العراقي ، كأنه الثلاثون من حزيران ، يوم ثورة العشرين ، رغم أنه ليس سوى نسخة جديدة من الثلاثين من حزيران عام 1930 ، يوم وقع نوري السعيد مع المحتل الانكليزي المعاهدة العراقية – البريطانية، وقعها في يوم الذكرى العاشرة لثورة العشرين نكاية بثوارها ومرجعيتها الدينية والوطنية ، المعاهدة التي عقدت لتنظم تواجد القوات البريطانية ، قوات الاحتلال الإمبريالي الأول في العراق ، كما نظمت الاتفاقية الأمنية تواجد و "انسحاب " القوات الأمريكية من العراق. قبل ستة أيام من ذلك ، أي في الرابع والعشرين من حزيران مرت الذكرى الثانية لوفاة الشيوعي الحق سعود الناصري ، كما مرت قبلها بأسبوعين الذكرى السبعون لميلاده في الحادي والعشرين من حزيران . مرت الذكرى ولم يكن من أحد سوى رفيقة حياته السيدة ليلى البياتي تضع الزهور وتوقد الشموع عند قبره في مقبرة الشهداء في دمشق ، ليس بعيدا عن الجواهري وهادي العلوي وغيرهما من مبدعي العراق ، منهم من ناهض النظام الفاشي ، ومنهم من خنع أمام الفاشية في سنواته الآخيرة.

كنت أعرف أنه من مواليد العام 1939 ، ولكن يوم الميلاد ماكنت أعرفه ، كنت أظنه في قادم الأيام من هذا العام ، واليوم عرفت مستفسرا من زوجته الوفية ليلى أن ميلاده قد مر قبل بضعة أسابيع فقط ، في الحادي عشر من حزيران المنصرم.



قبل خمسة و أربعين عاما تعرفت على سعود أبو العود شخصيا ، بعد أن كانت معرفتي به قبلها عن طريق نشاطه

في سكرتارية اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية بعد ثورة الرابع عشر من تموز ، ونشاطه في رابطة الطلبة العراقيين في الاتحاد السوفييتي ، وكنت آنذاك سكرتير جمعية الطلبة العراقيين في ألمانيا الإتحادية وبرلين الغربية . جاء نا

الى ألمانيا من موسكو لحضور مؤتمر جمعيتنا في شتوتغارت ، حيث يقيم اليوم نجله ، جاءنا سعود وهو يحمل عوده معه في حله وترحاله . كان يومها رئيس رابطة الطلبة العراقيين في الإتحاد السوفييتي .



عندما كانت جلسات المؤتمر تؤول الى نهايتها في المساء كان سعود يـبـض ( يدوزن ) أوتار عوده ثم يعزف ويغني أغاني عراقية ، بعض منها من تلحينه : موسكو في المساء ، أو يوري غاغارين، أو للريل وحمد، وأغاني معروفة ، شعبية وثورية.

وصار يكثر من غناء الريل وحمد ، لما رأى أن الريل وحمد تدغدغني ، فـكان عندما يصل الى مقطع : يا ريل وإحنه بصغرنا إلعبنه... طفيرة !! لا أتمالك نفسي من الضحك فرحا و مرحا كأني أطفر معهما، فيظل سعود يعيد المقطع ويعيد ، يغني فيـسبـيـني ضحكا ، و يتضاحك متغامزا.



وبعد انتهاء مؤتمر الجمعية ذهبنا الى مدينة النبيذ على نهر الراين ،مدينة روديسهايم ، وشربنا ، وما كنا نعد الكؤوس بل نعد الحانات ، فـالجادة الطويلة حانة لصق حانة ، أين منها شارع أبي نؤاس ، أيام أمجاده . ثم سافرنا الى برلين ، ليعود من برلين الشرقية الى موسكو بالقطار. وقبل السفر بيوم دعته إذاعة برلين الشرقية لتسجيل مجموعة من أغانيه. بعد التسجيل قدموا له وصل استلام رسمي لتوقيعه. كان المبلغ ألف مارك شرقي ( راتب الطبيب كان يومها 600 مارك فقط

لا غير).

وقع وهو يكاد لا يصدق ، فقد كان يعزف ويغني للغناء والفرح لا للتكسب ، كان شيوعيا حقيقيا وقادما من موسكو ، يظن

أنه يعيش في مرحلة الشيوعية : "من كل حسب طاقته و لكل حسب حاجته" وان الإنسان يسعى ليشيع الفرح بين الناس.



في اليوم التالي ودعته الى موسكو وتردد في خاطري بيت شعر إبن زيدون : ودعته وبودي لو يودعني صفو الحياة....



عدت الى مدينتي على نهرالراين وتشاء الصدف أن أفتح ديوان الجواهري فرأيته كأنه يتحد ث عن سعود في قصيدته

نزغة من قصائد عام 1929 :

:



و معي صاحبي تفرست فيه كل خير فلم تخني الفراسه

أريحي ملء الطبيعة مـنـه عزة وانــتـبـا هة وسلاسه

عرقت فيـه طـيـبا ت و يــأ بـى المــرء إلا عروقه الدساسه

ولقد رزتــه على كل حالات اللــيــالــي فما ذممت مساسه



و لاعجب أن أجد صاحبي سعود في تلك القصيدة فقد كان صاحب الجواهري الذي يتغنى به هو عبد الرزاق الناصري، الشاعر والصحفي ، أبو سعود ، والولد سر أبيه.



وتمر السنون إثر السنين ويعود الى بغداد أواخرالستينات يعمل ويناضل ، وأعود الى بغداد أواخر العام 1970 أعمل

وأرتبط بالحزب . كانت حملة البعث ضد الشيوعيين في أوجها ، ضد الحزب وضد القيادة المركزية ، والتي كان سعود ما زال فيها حتى اعترافات عزيز الحاج.

في تلك الفترة طلب مني الحزب ، الحزب الشيوعي ،ألا أكتب باسمي الصريح في الصحافة ، فاخترت اسم " حمدان يوسف ". وكنت لم ألتق سعود في بغداد طوال سنوات حتى جاء هو في أواسط السبعينات الى طريق الشعب ليتأكد من تخميناته أن هذا الإسم : حمدان يوسف ليس لرفيق ناشئ ، فجاء للجريدة ورأيته فقفزت اليه مقبلا وهامسا ألا يناديني بإسمي الحقيقي.

وهكذا عادت علاقاتنا في بغداد حتى تشتتنا في الغربة. والتقينا في مدينة كارل ماركس شتادت في ألمانيا الديمقراطية، و فيما بعد في لندن ، في زيارات ، وفي العمل في تحرير رسالة العراق، مجلة تنظيم الخارج للحزب الشيوعي ، رغم رغبتنا في أن تكون مجلة ديمقراطية واسعة ، وليست مجلة حزبية.





ومن دمشق ، بضعة أيام قبل سماع النبأ الفجيعة ، يحدثني عن مشاريعه عند عودته الى لند ن : معاودة إصدار مجلة ألابيض مع ليلى ، والمساهمة في إصدار مجلة مثل رسالة العراق ولكن بإسم آخر إدراكا منه أيضا لضرورة صدور مجلة في الخارج للديمقراطيين العراقيين. الأبيض قررت شأنها رفيقة درب الراحل ، ليلى البياتي فأصدرت عددا خاصا في ذكرى سنويته الآولى ، والمجلة هي وصيته للذين عملوا معه في إصداررسالة العراق .



فهل نحن آخذون بوصيته.؟



في عيد ميلادك السبعين ، و ذكرى مرور عامين على وفاتك أقول :

نـم قـريـر العــيـن ، أيها الشيوعي سعود ، يا ذ النـفــس المـطمـئنة



فالغراس -- رغم كل شئ -- سيثمر يومـا و بيقين كيقين فيروز وهي تغني : سنرجع يوما الى حينا ونغرق في دافئات المنى.







ولك الصبر والسلوان أيتها العزيزة ليلى ، كما لولديه عمار وزيد وأمهما سلوى . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الف تحية لك وسلام
أبو سعد من الناصرية ( 2009 / 7 / 6 - 21:14 )
الف تحية وسلام لروح الفقيد طيب الذكر سعود الناصري لمناسبة ذكرى وفاته وأرجوا توضيح يوم ميلاده لأنه ذكر هنا مرة في 11 حزيران ومرة ثانية في الحادي والعشرين من حزيران سنة 1939

اخر الافلام

.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.


.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو




.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza


.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع




.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب