الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يكره بعض العرب ابن خلدون .؟

الطيب آيت حمودة

2009 / 7 / 8
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يشن العروبيون حملات انتقاديه مرعبة ضد العلامة ابن خلدون ، الذي يعد بشهادة المعاصرين من مؤسسي علم الاجتماع بدون منازع ، زودنا بنماذج مبتكرة في الأبحاث التاريخية ، وآراء عميقة في نواميس الحياة الاجتماعية ، لم يسبقه فيها أحد من المفكرين في العصور القديمة ، ولم يقدر أن يحاكيه أحد من العلماء المعاصرين حتى القرن التاسع عشر . ولا غرو في أن خدماته كفيلة بإدخاله في حظيرة مفاخر الإسلام والمسلمين والإنسانية جمعاء .
هذا الجهد ، وهذا والنبوغ لم يشفعا للرجل عند العروبيين ، فهم يعدونه من الكافرين بالعروبة ،ومن الشعوبيين المناهضين للعرب ، ويرى بعضهم وجوب حرق كتبه ونبش قبره باسم القومية العربية ؟
إن مقدمة ابن خلدون تتسم بنزعة علمية وفلسفية خالصة ، تصرف كل جهدها وقوتها في سبيل البحث عن الأسباب والعوامل بحثا فكريا ممنهجا وهادفا ، لا يستهدف سوى إظهار النواميس الاجتماعية المؤثرة في نشأة الدول وتطورها وانقراضها .
لماذا يكرهه العروبيون اٍذا ؟
لأنه كتب في مقدمته فصولا في مثالب العرب ، (فصل في أن العرب اذا تغلبوا على أوطان أسرع اليها الخراب ) وفصل ( في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك ) وآخر ( أن العرب أبعد الناس عن الصنائع )و(أن العرب لا يتغلبون إلا على البسائط) و ( أن العرب لايحصل لهم ملك الآ بصبغة دينية ) و ( فصل في أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم).
وأمور أخرى تظهر الوجه الحقيقي للعرب قبل الاسلام وبعده ، زيادة عن توظيفه صفات الأعراب عن قصد وإلصاقها حسب نظرتهم بالعرب الحضر . ( وتلك مسألة فيها نظر ؟).فقد أورد ابن خلدون في مقدمته اسم العرب في أكثر من ثمانين موضعا ، تشير في غالبها اٍلى استعمال العبارة للدلالة عن البدو ؟ (الأعراب) ،واجتهد العروبيون لإبعاد تهمة البداوة عنهم ، باستعمال شتى الأساليب ، فهم يجزمون بأن العربي ليس أعرابيا ، فهم لايستسيغون هذا اللقب بدعوى أن الله سبحانه وتعالى وصف الأعراب في عشر آيات محكمات ، كلها ذكر لمثالبهم وذما لصفاتهم، والصفات الغالبة فيهم بدوية قحة لا نكران لها ، والأمم تتدرج تدرجا طبيعيا وتتحول بفعل النشاط المستقر اٍلى حضر، فلا غرو أن للعرب أمثال في البداوة المتجذرة كالجيتول في شمال افريقيا ، والمغول في وسط آسيا .
وحسب رأيي المتواضع أن [العربي = أعرابي ]، لأن العبرة في الأساس هي العرق ( الٍاثنية) وليس مكان الاستقرار والاٍقامة .
مثلهم مثل الأمازيغ الذين لقبوهم بالبربر ، فالأمازيغ والبربر صنوان لجنس واحد مهما تباينوا في سلوكهم التاريخي ، ولا يمكن نكران التسمية وٍان استهجنناها ، لأنها أطلقت علينا من طرف المستعمرين الرومان ومن واكبهم من ذوي السلطان .
من المتعارف عليه في الدراسات الاجتماعية أن الأمم أعراق ، والأعراق متباينه ومتمايزة فيما بينها مظهرا وملبسا ، وسلوكا وثقافة ....ونظرة للحياة ، والتمايز جائز داخل وحدة عرقية نتيجه الاٍقامة في الحضر والبادية ، وفي كل اثنية عرقية صالحون ومفسدون ،خيرون وشريرون ، وتاريخ شبه الجزيرة حافل بمظهر البداوة ،ونصيب التمدن فيه ضئيل ، وبدأ التحول التدريجي من البداوة الى التمدن شيئا فشيئا قليلا قليلا ، فظهرت حضائر كمكة، ويثرب ،والطائف ، وغيرها ، ونتساءل هنا كم نسبة أهل الحضر بالنسبة للبدو ؟ فنجد جازمين بأن أهل البادية أكثرية ، وهم يمثلون الخزان المزود للمدن، وهذا شأن كل الأمم التي انتقلت من البداوة الى المدنية .
فٍاذا قلنا العرب فهم في الأصل أعرابا تمدنوا ، وٍاذا قلنا الأعراب فهم بدو رحل ، ولكنهما صنوان ، دم واحد ، صفات واحدة في الغالب، أي بمعنى اثنيه جنيسة ، (أم أن العملية فيها انتقاء؟ )، أهل الحضر عرب ، وغيرهم من البدو ليسواعربا ؟( هذا منطق لم استسغه تماما )فقد يكون من أبناء صلبي خيرون و أشرار ، فهل أتبنى الأخيار وأتنكر للأشرار ؟ ويمكن القول هنا بأن ذاك الشبل من ذاك الأسد ؟ وهذا رأي الكثير من الدارسين لفكر ابن خلدون ، الذي وظف الوصف على الموصوف بدراية وعلم ،
أما الذين يرون بأن ابن خلدون قصد الأعراب ، ولم يقصد العرب ، فتمعنوا في رد المفكر والأديب أحمد حسن الزيات عليهم : (....أما تفسيرك العرب بالبدو في قول صديقك ابن خلدون فلا يؤخر في التهمة ولا يقدم في الدفاع ، لأنك تعلم أن الموج من العباب ، وان العرب من الأعراب ، وأن العصا من العصية ، والطباع قلما تتغير بانتقال صاحبها من سكنى الوبر إلى سكنى الحجر ، ومن رعاية الإبل إلى رعاية الناس ).
خلاصة القول أن تشخيصات ابن خلدون لواقع العرب ماثلة أما م أعيننا ، لا يمكن لجاحد نكرانها ، هذه الطباع التي لم يحسمها الدين، ولم تخففها التجارب ،لأنها لم تصدر عن علل تزول ، واٍنما تصدر عن جبلة تبقى ...










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القط لاري حارس مكتب رئيس الوزراء في بريطانيا • فرانس 24


.. رئيس الوزراء البريطاني الجديد يبدأ زيارة إلى أجزاء المملكة ا




.. وجه فرنسا يتغير.. زلزال سياسي بعد اقتراب أقصى اليمين من الحك


.. هل يعاني نجوم إنجلترا مع ساوثغيت؟ ولماذا انهار الأتراك في ال




.. حزن يخيم على عائلة مقدسية أثناء هدم الاحتلال منزلهم