الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصلاة لكبح جماح المادية المطلقة من عقالها

رابحة الزيرة

2009 / 7 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"لقد استُخدمت فأر تجارب في تجربة نووية فرنسية في صحراء الجزائر في عام 1960، وأُصبت بمشاكل في القلب والجلد والرئتين، ولكن هذا قليل بالقياس لما تعرّض له رفاقي الأحياء منهم والأموات الذين أُصيبوا بسرطان الدم وبالعقم وغيرها من الأمراض الفتّاكة"، يقول ميشال فرجي الذي جُنّد في العشرين من عمره في الجيش الفرنسي، وقد تسببت أكثر من مائتي تجربة نووية فرنسية في غضون ست سنوات في مشاكل صحية جمّة لأهالي صحراء الجزائر الذين لم يكونوا يدركون خطورة هذه التجارب ولا أحد أبلغهم بذلك إلا بعد زيادة عدد الأطفال المشوهين وانتشار ظاهرة العمى بين الأهالي!
عندما يموت الضمير، وتُطلق المادية من قيودها تدهس أبسط القيم الإنسانية تحت عجلاتها، فيغدو العالم بأمسّ الحاجة لما يحميه من طغيانها الذي بات يحذّر منه أشهر أعمدة الاقتصاد والاجتماع وعلماء النفس في العالم، ولم يعد خافياً على أحد آثارها السلبية محلّياً وإقليمياً وعالمياً، وصعوبة – إن لم يكن استحالة – الخروج من مأزقها أو مواجهته بعد أن أطبقت على جُلّ الأنظمة المهيمنة، وباتت العقول تُصاغ جماعياً، والآراء تُصنع لا إراديّاً بواسطة وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية منها والحديثة.
فالمرء إذاً أحوج ما يكون إلى ما – وليس من – يعينه على الصمود أمام رياح التغيير السلبي والقهري العاتية، والإرادة الذاتية هنا تتصدّر قائمة أولويات هذه المواجهة الفردية الواعية، وأداتها في متناول أيدينا، أُعطيت لنا من لدن حكيم عليم، ولكن أسأنا استخدامها أو فرّطنا فيها وأهملناها، هي بمثابة "دورة تدريبية تستغرق العمر بأكمله، مذ أن نبلغ سنّ الحلم .. إنها دورة تدريبية نلتزم بحضورها خمس مرّات كل يوم، تقصيرنا في الحضور سيؤثر حتماً في أدائنا خارجها، وحضورنا فقط لمجرد الحضور ليُشطب اسمنا من سجّلات الغائبين، سيؤثر أيضاً في أدائنا خارجها، حضورنا دونما تركيز .. دونما اهتمام لقيمة التدريب، أو لأهميته فيما نفعله بعدها، سيؤثر حتماً في أدائنا، وعلى أدوارنا" .. هي الصلاة كما يصوّرها صاحب سلسلة "كيمياء الصلاة"، الدكتور أحمد خيري العمري، حيث يرى "أنّ إقامة الصلاة أساس لإقامة الفرد الذي يقيم المجتمع والحضارة".
يلفت صاحب هذه السلسة الانتباه إلى جملة من النقاط الدقيقة في شعيرة الصلاة بعد أن يثبت أن الإنسان مخلوق شعائري (رغماً عن أنفه)، وأنّ ارتباطه بمجموعة من الشعائر والطقوس حاجة اجتماعية ليست مرتبطة بالضرورة بالتدين كطقوس الزواج والبلوغ والولادة وتنصيب الملك وغيرها، وهو في تعلّقه بأداء الشعائر يشترك مع بعض المخلوقات والحيوانات التي تؤدي بعض الطقوس الخاصة بها بصورة لا شعورية، وقد كابر بعض الناس ورفضوا ممارسة الطقوس والشعائر الدينية، ولكنهم عادوا ليخترعوا لأنفسهم طقوساً خاصة بمناسبات فردية أو اجتماعية كالاحتفال بعيد ميلادهم، واحتفالات التخرّج من المدارس الثانوية أو الجامعة، وطقوس البلوغ لدى القبائل البدائية والمتحضرة، وطقوس حفلات الزواج التي تسرّب إلينا بعض مراسيمهم باسم (الموضة)، ولكن – يرى الكاتب - أنّ هذه الشعائر الحديثة لو وضعت تحت المجهر السوسيولوجي والسيكولوجي لوُجد أنها تسدّ حاجة الدماغ الأدنى لأداء الإيقاع النمطي كما تفعل بعض الحيوانات، ولا شيء منها يجعلها تستغل تلك الطبقة العليا من أدمغتها التي ميزت الفصيلة الإنسانية برمتها، لا شيء من هذه الشعائر يجعلها تتّصل بالشيء الذي لا يسكن الأبعاد الفيزيائية، لأنها محض شعائر تخصّ الآن وهنا، بلا أبعاد تسبر أغوار الغيب، إنها شعائر المادة والأكل والجنس والصحة، ولا شيء يصلها بذلك البعد الآخر الذي لن تفهمه الزواحف والمخلوقات الأخرى، ووحده الإنسان من زُوّد بفهمها، ولكن بظلمه وجهله انحدر من القمّة إلى القعر، واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
"مهرجان العفة"، إعلان نُشر مؤخراً في شوارع وزقاق بعض قرى البحرين، يحمل صورة فتاة هي أقرب للطفولة منها للبلوغ، طفلة متّشحة بالسواد وفي يدها المختبئة تحت (العباية) وردة!! يبدو أنها دعوة للاحتفال ببلوغ الفتيات سنّ التكليف الذي تلخّص لدى البعض في (لبس العباية) واختُزل معنى العفة فيها، وقبل فترة أُعلن عن مسابقة "ملكة جمال الأخلاق" في السعودية، والشرط الرئيسي للفوز بالجائزة هو "أخلاقها والتزامها ببيتها وطاعتها"، والسؤال – مع احترامنا لحسن نوايا القائمين على هذه الأنشطة ومحاولتهم الخروج عن المعهود – لماذا خُصّصت المسابقة للفتيات دون الفتيان مع أنّ جمال الخلق والعفة صفات مطلوبة من الجنسين؟ ثم – وهو الأهم – هل استطاع المسلمون أو العرب اختراع جهاز أو آلية تقيس مستوى تمسّك الفرد بالأخلاق والعفة كما فعل الغرب حين اكتشفوا جهاز لاختبار درجة صدق المتحدّث، أم أنّ أمثال هذه الأنشطة لا تعدو أن تكون (سهاية) تُعطى للفتيات في سنيّ طفولتهن ومراهقتهن لتطويعها ولمزيد من التحكّم فيها وحبسها في البيت وغيره، كما هو واضح من عنوان الفعالية وشروط المسابقة.
يُتوقع أن تكون جنازة مايكل جاكسون الأكبر منذ وفاة ديانا أميرة ويلز، ويُعتقد أنه سيتم تحنيط جثّته وتُعرض في الخمسين مكاناً الذي كان من المقرّر أن يقيم حفلاته فيها قبل وفاته وهو – بحسب المصدر - ما سيرفع الثقل من على كاهل الشركات التي كانت ستقيم تلك الحفلات والتي كان عليها أن تعيد أموال مشتري التذاكر، فهي تعلم أنّ الناس ستحضر مكان الاحتفال وتدفع مبالغ طائلة لتنظر إلى جثة (ملك البوب) المحنّطة!!
معادلات معقدة، وتأمّلات مؤلمة، تحاول أن تفسّر العالم من حولنا، بين الغرب (المتحضّر) الذي يستخدم مواطنيه فئران تجارب وشعوب العالم الثالث حقلا لتجاربه، ومغني البوب (المريض نفسياً) الذي يحرّك الملايين على وقع (صرعاته) الفنية! وبين من يدّعون بأن لديهم سرّ سعادة العالم وخلاصه ولا أثر لهم على خريطة العالم، تبقى "الصلاة" حلاً لكثير من مشاكل العالم لو فقهها أهلها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كل قد علم صلاته وتسبيحه
الجوكر ( 2009 / 7 / 8 - 08:21 )
واصبر نفسك مع اللذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه
صدق الله العظيم

اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah