الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتخابات كوردستان و احتمالات التغير....!

جلال محمد

2009 / 7 / 13
القضية الكردية


السؤال الذي يتبادر الى الذهن حال الاطلاع على عنوان البحث هو : أي تغيير ؟ او بتعبير ادق، التغير من زاوية مصالح اية طبقة و فئة اجتماعية في كوردستان؟ فالاستقطاب الطبقي و تناقض المصالح الاجتماعية وصراع الافكار و الرؤى السياسية و الفكرية بالتالي هي الان اعمق و اوضح من اي وقت اخر في المجتمع الكردستاني .
استمرار حكم الكتل الرئيسية للحركة القومية الكردية بمشاركة الاسلام السياسي لمدة تقارب العقدين قد " طور" المجتمع الكردستاني الى درجة صارت " الاسماك الكبيرة تبتلع الاسماك الصغيرة" و اصبح ( ساكنو الاكواخ يفكرون بغير ما يفكر الذين يعشيون في القصور) الا ان الاهم من ذلك هو ان ليس بمقدور " الكوردايةتي" او النضال الوطني و لا كركوك " قدس كوردستان و قلبها " ولا ثقافتنا و خصوصياتنا و لا حتي الدين و المذهب و الشريعة ان تخفي هذه الحقيقة. ولذلك يجب على اية نظرة موضوعية لمسائل كوردستان المختلفة ان تاخذ هذه الحقيقة بنظر الاعتبار. طبعا مسالة الانتخابات القادمة، التي نحن بصددها الان، هي من المسائل التي يجب ان تناقش في هذا السياق ايضا .
في هذه الانتخابات التي يتم التصويت على القوائم المرشحة للبرلمان و لرئيس حكومة الاقليم و كذلك التصويت على الدستور*، الذي اضيف هذه الايام، هي في الواقع حلقة من حلقات التامر و المصائب التي جرتها الحركة القومية الكردية على جماهير كوردستان خلال تسلطها لانها محاولة لكسب الشرعية مجددا من الجماهير الناقمة على سياسات الاحزاب الكردية المعادية لجماهير كردستان و هي اضافة الى ذلك سيناريو هزيلة بمقاييس النظام الديمقراطي تحديدا لانها:
1. مهما كانت نتائج الانتخابات فانها لن تزعزع سلطة اي من الحزبين الرئيسين ولا من هيمنة الميليشيا التي يمتلكانها ، اذا كان من المفترض ان يكون البرلمان مصدرا و صاحبا للسلطات الثلاثة فما معنى الابقاء على قوات المليشيا الحزبية ؟ هذه المسالة معروفة في تاريخ البرلمانين السابقين و ستبقى كما هي في ظل البرلمان القادم ايضا، ان سلطة البرلمان ليست ، في الواقع سوى " توافق" كلا الحزبين الرئيسين.
2. انعدام النزاهة في كل العملية الانتخابية هي حقيقة واضحة و معروفة في كلا العمليتين الانتخابيتين السابقتين وفي الراهنة ايضا ، و نقصد بالنزاهة ليس منع التزوير و اخفاء الصناديق الانتخابية ، كما حصل في انتخابات 1992 فقط بل و ايضا توفير امكانيات متساوية للاطراف المتنافسة للحصول على فرص الدعاية الانتخابية و كذلك وجود اطراف محايدة للاشراف على سير الانتخابات و فرز الاصوات . ان سوابق الاحزاب السيئة و ماضيها المقرف على هذا الصعيد دفع بمجموعة من مؤيدي نوشيروان مصطفى و قائمة (التغيير) في استراليا الى تنظيم حملة للدفاع عن نزاهة الانتخابات ، رغم اننا نعتقد بانهم (يدقون على حديد بارد) كما يقول المثل الكردي، الا اننا نتمنى ان لا تذهب جهودهم سدى.
نقمة جماهير كوردستان على سلطة الحزبين الرئيسين سببها باختصار عاملين رئيسين:
العامل الاول هو اوضاع كوردستان السياسية و ادامة حالة التوترو القلق تجاه السلطة المركزية : فطوال عشرات السنين ناضلت جماهير كوردستان و ضحت بقوافل من شبابها وعانت الويلات من اجل تحررها من ظلم الانظمة الشوفينية المتعاقبة على الحكم في بغداد و الحصول على حريتها السياسية بما فيه حق الانفصال و انشاء دولة مستقلة او البقاء ضمن العراق بحقوق متساوية مع شعوبها الاخرى، الا ان سياسة هذين الحزبين ادت رغم كل تلك التضحيات الى ربط كوردستان بدولة رجعية دينية طائفية و شوفينية لا تقل عداءا عن نظام البعث الدموي لجماهير كوردستان و استمرار معاناة اكثرية المتضررين من سياسة البعث حتى الان و كذلك استمرار الكثير من السياسات السابقة المعادية للجماهير، فجل ما عمله و مارسه قادة الحزبين المذكورين مع السلطة المركزية هو الانشغال بالحصول على تامين مناصب و امتيازات حكومية لانفسهم و الحصول على اكبر قدر من الميزانية ليس من اجل تعمير دمار السنوات السابقة و تعويض المتضررين و تامين الخدمات الضرورية والتخفيف من حدة البطالة الرهيبة في صفوف الايدي العاملة و.....الخ بل من اجل نهبها و اغناء افراد العائلتين و المرتزقة القريبين منهما.
العامل الثاني هو عمليات النهب و الفساد الذي رافق سيطرة هذين الحزبين على زمام السلطة منذ البداية ، قمع الحريات السياسية و المدنية ، الحرب الداخلية و التضحية بعشرات الالاف من شباب كوردستان ، التملق للحركات و الانظمة الرجعية في الداخل و المنطقة ، اصدار قانون تعدد الزوجات البغيض، انعدام الخدمات الاساسية.....الخ هذه السياسات ادت الى تعميق نقمة الجماهير و سخطها وهي تعبر عنه يوميا و باشكال مختلفة الامر خلق للسلطة ازمة عميقة و مستعصية في ادارة شؤون الدولة على هواها.
من جهة تطالب جماهير كوردستان بتغيرات عميقة و جذرية يستلزم تحقيقها، منذ البداية، ازالة سلطة الاحزاب القومية الكردية الرئيسية و الفرعية ايضا ذلك ان هذه الحركة قد عمرت و حكمت و فسدت كثيرا في كوردستان و كشفت باشكال متنوعة عن ماهيتها المعادية للجماهير وقد ان منذ حين اوان رحيلها .
ومن جهة اخرى يرد الحزبين الحاكمين على هذه المطالب بشكل واضح و صريح : لا يوجد ما يعيب في سياستنا و حكمنا ، بالعكس فنحن انجزنا الكثير حتى الان و يجب ان نستمر في الحكم و ان على جماهير كوردستان ان تصوت لصالحنا .
ان هذه الانتخابات ، كما اشرت ، هي سيناريو من اجل انتزاع الشرعية من جماهير كوردستان، لسلطتهم الراهنة مع ما يرافقها من وعود انتخابية سرعان ما تتبخر حال تحقيق ماربهم.
بين هاتين الجبهتين المتعاديتين برز في الاونة الاخيرة نوشيروان مصطفى على راس قائمة (التغير) والذي كان يشكل تيارا لاصلاح الاتحاد الوطني الكردستاني من الداخل ويعتبرون انفسهم الاصحاب الحقيقين للتنظيم المذكور، برز ليقول شيئا اخر : اننا سنحقق التغير و الاصلاح عن طريق البرلمان شرط ان تصوت جماهير كوردستان لصالحنا ، ليس هذا التصور، في الحقيقة ، سوى نفس التصور المهزوم الذي عمل نوشيروان على الترويج له و تحقيقه في صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني خلال السنوات السابقة و الذي فشل عن تحقيق اي جانب منه .
ان القاء نظرة سريعة على ماضي هذا التيار و حاضره لا يكشف هزالته و عدميته بل و يفضح محتواه و ماهيته المعادية لطموحات جماهير كوردستان و اهداف احتجاجاتها الراهنة.
كما اشرت، نقمة نوشيروان مصطفى في صفوف الاتحاد الوطني تعود الى سنوات سابقة ، فبعد سنوات من " مخاصمته" لجلال الطالباني وسفره الى الخارج رجع عام 2000 و استمر في محاولته الاصلاحية مع عدد من قادة الاتحاد الوطني الكوردستاني وطرحوا عددا من المشاريع لاصلاح حزبهم و حكومتهم التي كانت تحكم مدينة السليمانية و ضواحيها. ان السمة الواضحة لتلك المشاريع هي انها لا ترتبط باي شكل من الاشكال بمعاناة و مطالب الجماهير و اسباب نقمتها على سلطة الحزبين الكورديين بل كانت جمعيها تصب في معارضة احتكار قيادة الحزب و السيطرة على الموارد المالية ، اي منتوج النهب الذي كانت الاجهزة الحزبية و الحكومية تمارسانه ضد جماهير كوردستان و يسيطر عليها الطالباني و عائلته و نفر محدود من المقربين اليه و حرمان نوشيروان و رفاقه من تلك " المكاسب و المناصب" . استمرت الامور على هذا المنوال الى ان ادت الى خروج نوشيروان من الاتحاد الوطني، دون ان يستقيل منه وان ياخذ من قيادة حزبه احدى تلال مدينة السلمانية مع 10 ملايين دولار امريكي الامر الذي انجب شركة " الكلمة" الاعلامية .
يعتبر قادة قائمة التغير انفسهم الاصحاب الحقيقين للاتحاد الوطني الكوردستاني و كما قال نوشيروان بانه يعتبر نفسه شريكا للاتحاد الوطني في ثروته لانه كان معه من بداية تاسيسه. ان نوشيروان ، و الحق يقال، لم يكن عضوا قياديا بارزا لهذا الحزب منذ تاسيسه فقط بل كان احد المهندسين البارزين لسياسياته الرئيسية و خاصة حروبه الداخلية العديدة.
باختصار فان قائمة التغيير ليست نتاجا لعملية سياسية مرتبطة بمصالح الجماهير و لا تعير اية اهمية لدورها( اي الجماهير) في السلطة و ليس لها ما تقوله عن مصير كوردستان السياسي انها حصيلة الصراعات الداخلية في صفوف الاتحاد الوطني الكوردستاني ، انها نتاج الحرب الداخلية و نتاج فشل سلطة الاحزاب القومية الكردية والازمة الناتجة عنها في ادارة سلطتها السياسية و ادارة المجتمع. ان صراع هذه القائمة هو صراع على تقسيم السلطة و على تقسيم منتوج عمليات النهب الذي يمارسه الاتحاد الوطني منذ 18 عاما .
الفقرة الرئيسية للبرنامج السياسي لهذه القائمة هي ، حسب راينا، ذلك المطلب الذي ينص على ابعاد سلطة الاحزاب و اعطائها للحكومة و لكنها تحدد تنفيذه عن طريق البرلمان . ان التعويل على هذا البرلمان المشلول الذي يزمع انتخابه لتحقيق هذه المهمة ليس فقط عملا هزيلا و غير ذات جدوى بل انه مخادع ايضا. اليس نوشيروان هو القائل بان ليس للبرلمان اية سلطة بل ان السلطة الحقيقية القائمة هي سلطة كلا المكتبين السياسيين؟ او ليس العجز الراهن للبرلمان ناتج عن الدستور الذين يحاولون الان تمريره؟.
و اخيرا فان قائمة التغير رغم كونها قائمة احدى اجنحة الحركة القومية الكردية و غريبة تماما عن احتجاجات و مطالب جماهير كوردستان، تلعب في الوقت الراهن دورا رئيسيا في تحريف الاحتجاجات الجماهيرية في لحظة تاريخية يوشك فيها الحزبان الرئيسيان ان يفقدا زمام السيطرة عليها، انها محاولة لبعث الحياة في جثة الحركة القومية الكردية النهابة و المتفسحة .
ان جماهير كوردستان و بالقدر الذي تنخدع بهذا التيار فانها تخلق وسيلة مناسبة لادامة مصائبها و بالقدر و المستوى الذي تقاطع هذه الانتخابات بصفوفها المستلقة فان نضالها من اجل الحرية السياسية و العدالة الاجتماعية سيتصاعد نحو مرحلة اعلى و اكثر تطورا.

جلال محمد
القيت هذه الكلمة بالكردية في البانيل او جلسة الحوار الذي نظمه المركز الثقافي الكردي في مدينة سيدني يوم 5/7/2009.
* تم، يوم امس ، تاجيل التصويت على مسودة الدستور علما ان البرلمان الكردستاني و المنتهية صلاحيته قد اقره على عجل.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دستووووور!!
ماجد محمد مصطفى ( 2009 / 7 / 12 - 22:20 )
الدستور كمشروع ودراسته ليس بجديد. اعتقد ان قائمة التغيير ستدخل البرلمان بجدارة مقارنة مع عمرها القصير والاحزاب الاخرى على الساحة الكوردية لان برلمان فاعل ومعارضة فاعلة ستكون من صالح الجماهير الكوردية
طبيعة الاحزاب الكوردية والدعم الجماهيري لها وفق الديمقراطية هي التي تحسم ابرز القضايا على الساحة السياسية عبر برلمان يصوت له الشعب بحرية.
والسلام


2 - تعلیق
ابو رعد ،،،،فلندا ( 2009 / 7 / 13 - 14:18 )
یا اخ جلال،،لابد الیل ان ینجنی ولابد القید ان تنکسر،،لابد کردوستان تصیر جنه‌، لقد صبر اهل کوردستان وضحینا من اجلها ونضحی ،للاسف انتم ترمو سهاماکم من بعید ولن تعیشون فی الواقع الیوم،انت اکثر من 15 سنه‌ ترکت کردستان،اذهب و شوف فی نفسک ماذا فعلو فی المشاریع وتطور المعماری کولها من عملها،التحاد الوطنی،، وپارتی ،9 سنوات انتم فی کوردستان ماذا فعلتم؟این حزبکم؟ این قادتکم؟

اخر الافلام

.. شبكات | طرد جندي إسرائيلي شارك في حرب غزة من اعتصام تضامني ب


.. مع مطالبات الجيش الإسرائيلي سكاناً في رفح بالتوجه إليها. منط




.. لبنان: موجة -عنصرية- ضد اللاجئين السوريين • فرانس 24


.. أزمة المهاجرين في تونس.. بين مخاوف التوطين واحترام حقوق الإن




.. استمرار الاحتجاجات في جامعات أميركية عدة رغم اعتقال المئات م