الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العيب الانساني والحرام الاسلامي

مالوم ابو رغيف

2009 / 7 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل ان يتدخل رجال الدين الاسلاميين في البنية السلوكية والاخلاقية للمجتمع ويجبرون الناس على العمل وفق قيم واخلاق اسلامية سلفية اندثرت وانتهت صلاحيتها ، وذلك بفرضها قسرا باستخدام قوانين الحرام والحلال الاستعبادية، التي تلغي حرية الاختيار وتحول الانسان الى مجرد منفذ خانع منصاع لاوامر وقواعد لم يشترك لا هو ولا جيله بصياغتها، كانت القوانين والقواعد والاعراف الاجتماعية تتولد وتنبثق خلال عملية التطور الاقتصادي والمعرفي والاجتماعي للمجتمع، فتنقرض اعراف وعادات وتقاليد وتحل اخرى محلها دون قسر ولا اجبار ولا فرض.
كل مرحلة ما ينسجم لها مع درجة الرقي و النمو لافرادها، يتميزون بها عن غيرهم مما سبقهم من اجيال او مراحل. ومن خلال عملية العلاقات الاجتماعية المتشابكة تنبثق قوانين الصح والخطا، النهي والتحبيذ.
فالعيب قيمة اخلاقية ورقابة اجتماعية والتزام فردي اختياري في ضمير كل فرد من افراد المجتمع. لا احد يفرضه بالقوة ولا يقسره على الافراد ولا يعاقب من لم يلتزم به او من لا يعمل به، فلا يسجن ولا يرجم ولا تقطع يده ولا تسمل عينه ولا يقيام عليه اي حد من الحدود الاسلامية القاسية، لكن الناس تعبر عن عدم الرضا لتصرف او عمل مشين بواسطة الانتقاد والنقد او النصيحة.
عيب عليك ان فعلت هذا وعيب عليك ان لم تفعل ذاك.. هذه العبارة التي لم نعد نسمع بها كانت احد اسس التربية الاجتماعية السائدة..
العيب يعبر عن القيم الكونية المتعارف عليها والتي شخصها الانسان من دون حاجة لاله ولا لنبي ولا لرجل دين.
فعيب
ان تسرق
ان تزن
ان تكذب
ان تخنع للحاكم
ان تخضع للظالم
ان تجبن
ان تخون
ان تلبس ما لا يلائم الذوق
ان لا تكون مخلصا لزوجتك
ان تبيع وطنك
ان تكون جاسوسا

لذلك لم يحض الشرطي ولا رجل الامن ولا رجل المخابرات ولا الاستخبارت بثقة المجتمع وافراده لانه يتجسس على الافراد، كانت نظرة الاحتقار والازدراء لهؤلاء الشرطة والاستخبارات ورجال الامن هي السائدة عند المجتمع.
وعلى ما يبدو حتى في المجتمعات الاوربية كانت النظرة هي نفسها الرجال الشرطة، فلقد عبر الكاتب البريطاني الساخر جورج برنارد شو عن ذلك بقوله
ان سقطت المراة اصبحت عاهرة
وان سقط الرجل اصبح شرطيا.
لم يكن الخوف و الخشية من عقاب حكومي، انما من انتقاد الناس..
فعبارتا:
ماذا سيقولون الناس عنا! وماذا سيظن الناس بنا!
كانتا كابحان يحددان المدى التي يمكن ان يصل اليه احد الافراد بخرقه للقوانين والاعراف الاجتماعية فلا يتم التجاوز الا بحدود معقولة .
لذلك عندما حاولت الدولة من خلال صعاليكها الاسلاميين وحكامها الاغبياء فرض رقابة اخلاقية على الافراد بواسطة بوليس الاداب رفضها المجتمع رفضا قاطعا وجوبهت شرطتها باحتقار وازدراء كبيريين ليس من قبل الشباب فقط بل من كل طبقات وشرائح المجتمع الطبقية والعمرية.

بعد الغزو الديني العنيف المستشرس الذي حل بالمجتمعات مثل ما يحل الجراد بالمزارع فيجردها من كل ما هو جميل ، يقرض ازهارها و ثمارها وخضرتها ويتركها عيدان جرداء يابسة، غابت قوانين العيب وحل محلها قوانين الحرام المتطفلة على المجتمع.
فاذا كانت العيب يتولد عند الافراد ومجتمعاتهم ذاتيا وهو عرضة للتغير والتبدل حسب التطور سرعته ونوعيته، فان الحرام ليس سوى قوانين وسلوكات طفيلية وتربية خاطئة تربط الالتزام والاخلاق والسلوك بالخوف من عقاب، مجرد تخيله يصيب الانسان بهلع ورعب نفسيين، فكيف والناس تجبر على حضور التنفيذ؟
كيف ورجال الدين يكملون صورة المشهد الارهابي والمروع بحديث عن التعذيب في الاخرة.؟
فهل سيكون المجتمع مجتمعا صحيا من ناحية السلوك والاداب والاخلاق ام مجتمعا مريضا نفسيا؟
كما ان قوانين الحرام لا ترتبط بالمجتمع ولا بالتطور، هذه القوانين والقواعد البربرية الهمجية حتى في زمنها لم تحض برضا الناس ولا بتفهمهم فقد كانت مثل ماهي اليوم دخيلة عليه وما هي الا نتاج تخيلات مجانين ومرضى نفسيين.
هل يوجد انسان سوي يرضى ان تقطع يده ان هو اخطئ وسرق،
او يرجم حد الموت ان هو عشق، او يحكم عليه بالجلد ويعامل مثل ما تعامل الحيوانات بل اسوء.!؟
من دون قوانين الحرام ينتهي عمل رجل الدين الذي هزل منطق كل ما عنده من خزعبلات وفرضيات بما يخص الطبيعة او بما يخص الاخلاق واصبحت في عصرنا الحاضر افترضات في غاية السخف والسذاجة والهزل.
ففي عصر ثورة المعلومات التكنلوجية لم يعد احد يصدق( اللهم الا السُذج) بان الله يأمر الملائكة بهز اعمدة السحاب ليسقط المطر، ولا احد لا يضحك استخفافا وهو يسمع مهزلة لغة النمل او لغة الطير، ولا يستسخف ان الحجر والبقر والنبات والشجر يسبحون باسم الله وان الله الذي بامره ينزل المطر يستجيب عندما يصلي الافراد له صلاة الاستسقاء.!!
لم يبق لرجل الدين سوى القوانين الاخلاقية التي يعبر عنها بالتحليل والتحريم، يصول ويجول مثل السحرة في قبائل مجاهل افريقيا.
قوانين الحرام والحلال بالدول الاسلامية واجبة التنفيذ، ففي الدولة الوهابية الارهابية تتعطل الحياة بكل اوجهها لخمسة مرات باليوم للصلاة، وعلى الجميع الهرولة الى المساجد ليس خشية لله وحبة به ورغبة، بل خشية كرباج هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتجنبا لاهانتهم وعجرفتهم. وفي ايران ان غامر احد ودخن سجارة في رمضان فسيتعرض للجلد العلني حتى سلخ الجلد.

ومن دون قوانين الحلال والحرام يتوقف سوق الفتاوى السخيف الذي يعطي لرجل الدين مقاما ومرتبة كبيرة ويهبه اهمية ومنزلة مفروضة على الناس ويعطيه حقا وشرعية للتدخل في شؤون الناس الداخلية.
لذلك يفرد رجال الدين اغلب وقتهم في الاكثار من التحريم والنهي وحجب الحريات والتفرقة بين الجنسين ومعاملة المراة معاملة قاسية واعتبارها فتنة وسببا للوقوع في المعاصي.
ولأن الحرام والحلال لا يمتان للمجتمع بصلة، غريبا مفروضا عليه، يتناقضان ودرجة ادراك الانسان ولا يحترما عقله ولا قيمه، عندما يسودان وتحل قوانينهما محل الرقابة الذاتية، وعندما يكون الله هو الحاكم وليس الانسان يعم الفساد والشذوذ والاختلاس والسرقة والانحلال..
وما المجتمعات الاسلامية قديمها وحديثها الا امثلة واضحة على ذلك.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نداء إلي الله
جحا القبطي ( 2009 / 7 / 12 - 21:22 )
المشكل عندما يكون الله هو الحاكم أنه ما بيفهم في نظريات التطور الثقافي والتكنولوجي والطبي والإقتصادي ولذا لا يستطيع أحدا ممن يستخدمون عقولهم أن يقنعه بنظريات التطور والحداثة من تكنولوجيا وإكتشافات فريدة ومذهلة لدرجة يعجز هذا الله عن مسايرتها ويظل الحال كما وهو الله بقوانينه التي قام بتشريعها منذ عصور الخيام والبحث عن الكلأ والماء وحماية النساء وغنم الأموال والدواب والتبول في الخلاء هي هي نفس التشريعات الذي يريد تطبيقها في عالم ناطحات السحاب وتكنولوجيا رحلات الكواكب وعالم الأنترنت يا الله أترك العيش لخبازينه فالعلمانية أدري في قوانينها وتشريعاتها بعالم اليوم


2 - انت محق
نوال من مكة ( 2009 / 7 / 12 - 21:36 )
فعلا نعاني في السعودية من جحيم لامثيل لة افراد الهيئة انفسهم لم ينخرطو فيها حبا في الدين ولكنهم دخلوها رغبة في الحصول على عمل فاغلبهم من العاطلون عن العمل والمساجين السابقين وخريجن الشريعة الذين لم يجدو عملا ,ولكن اللوم ليس على رجال الدين ولكن على الناس الذين يطيعون المطاوعة ويظنون بذالك انهم يطيعون اللو .ثم يسخرون من المسيحين واليهود الذين اتخذو ارحبارهم اربابا من دون اللة


3 - نكثرمن آلدق لعل اللحيم ينفك
مصلح آلمعمار ( 2009 / 7 / 12 - 22:55 )
مقالتك يا أستاذ مالوم جاءت في آلصميم وهي مجموعة حقائق لا يمكن لأي أنسان ذو عقل نكرانها ، ومن ينكرها فقط هم شيوخ آلأسلام وتوابعهم ، وبأعتقادي أن هؤلاء آلشيوخ حولوا آلدين وآلعبادة الى نظام حزبي تتغذى مبادئه من آيات آلقرآن كمواد تشريعيه لقانون هذا آلحزب ، وبات تصرفهم كتصرف أي عضو حزبي يجاهد لأجل منفعة شخصيه أو مركز وظيفي مرموق ، وهنا أصبح اله آلقرآن وسيلة للكسب وليس للعبادة ، شكرا لقلمك آلمستنيرمع آلتحيه


4 - برمجة
كوريا ( 2009 / 7 / 13 - 00:22 )
الكومبيوتر لا يعمل اذا لم يكن هناك نظام كومبيوتري مبرمج بداخله مثل (وندوز) وهكذا تبرمج عقول الاطفال لذا من الصعب جداً ان تعمل خارج هذا البرنامج! بل وربما كل شيء لا يتفق والتعاليم المبرمجة يعتبر فيروساً.0


5 - مقال رائع
وائل الياس ( 2009 / 7 / 13 - 16:27 )
أخلاق مجتمعاتنا انحدرت و ما تزال ، في اللحظة التي تحولت كلمة (عيب) إلى كلمة (حرام)


6 - شكرا لمشاركاتكم
مالوم ابو رغيف ( 2009 / 7 / 13 - 16:39 )
العزيز جحا القبطي
ومن خلال مشاركتك نستطيع القول ان الافكار الغيبية منتشرة فقط في البدان المتخلفة وفي البلدان الدكتاتورية القمعية...فالانسان لا في هذه البلدان لا يجد من بد الا الاستعانة بقوة خفية تنتقم له من ظالميه...ان ذلك يعني حالة من اليأس والقنوط..
تحياتي
السيدة نوال
ان النظام السياسي الملكي في السعودية مبني على اسس وهابية، فان وهنت او تداعت هذه الاسس قد تنهار المؤسسة الملكية ومجموعة النظم الاخلاقية بكاملها... ويهوي البيت الملكي على من فيه..
وهذا ما يدركه المتحكمون بالسعودية لذلك يطلقون ايدي الكهنة الوهابيين في شؤون المواطنين، وكما هو معلوم فان الهيئة هي الذراع الضارب للمؤسسة الوهابية الحاكمة.
تحياتي
عزيزي مصلح المعمار
نعم اتفق معك، لقد استخدموا الله كبضاعة ترويج في الانتخابات
اتسائل من يحول الله الى بضاعة وشعار انتخابي
هل يؤمن به حقا؟
العزيز كوريا
صحيح انهم يستخدمون الدين كنظام لتحريك الناس مثل ما يحركون بيادق الشطرنج.. لكن ذلك الوقت كان في الماضي تعدى وانتهى,,, فلقد اصبحت المعلومات العلمية عن الطبيعة او الكون في متناول الجميع،
واصبحت معلومات بديهية... فلا يستطيع رجل الدين بسفافه ولا بهزالته
ان يبهر الناس بحاكيات الجن والعفاريت وملك الم


7 - يا خير أمة في الأرض!!!
خالدة عنتابلي ( 2009 / 7 / 13 - 17:03 )
مقال واع رائع صحيح حكيم.. وخاصة منطقي. ولكن من يسمع اليوم بين ملايين الأمة التي تعتبر نفسها أفضل أمة في الأرض, ويفهم هذا الكلام؟؟؟ إذ أنهم مخدرون من خمسة عشر قرنا... يأكلون..ينكحون.. ينامون ويصلون...ومن ثم ينكحون ويفرخون ويزيدون العالم فقرا ومجاعة وجهلا.
أمل بوعي أو إصلاح جزئي أو كامل أو تغيير جذري حضاري... كلا... ألف مرة كلا!

اخر الافلام

.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال


.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟




.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى


.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت




.. 143-An-Nisa