الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عذراً مسلمى الصين!

شريف حافظ

2009 / 7 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


استُشهد يوم الأحد، 5 يوليو الماضى، بعد أربعة أيام من استشهاد مروة الشربينى فى ألمانيا يوم الأربعاء 1 يوليو، 156 مُسلم صينى (على أقل تقدير) فى مدينة أورومتشى الصينية وجُرح، على الأقل، 800 غيرهم، فى مواجهات مع شرطة المدينة. وفى إطار نفس تلك المواجهات، تم تدمير أكثر من 260 سيارة، وأكثر من 200 محل تجارى ومنزل. ولم تُعبر أى دولة مُسلمة عن غضبها، ولم تخرج الجماعات التى "تدعى" الدفاع عن الإسلام، لدينا، أو تُكفر الآمنين فى بلادنا، لتشجب، على أقل تقدير، هذا الفعل، من جانب الحكومة الصينية، وكأن الشيوعيين لهم الحق فى قتل المسلمين، بالمئات، بينما عندما تُقتل مسلمة واحدة فى ألمانيا نخرج بالمظاهرات ضد ألمانيا، ونُكفرها، وهو أمر مُستغرب ومُستهجن، ضد من يدّعون أنهم مُدافعون عن دين الله، لأن ذلك وببساطة، كيل بمكيالين، ويجعل أهلنا فى الصين، ينظرون لنا بغضب، وأعتقد أن لهم حقا شديدا، فى ذلك!!

ولنفهم ما حدث فى مدينة أورومتشى الصينية، علينا بتلك النظرة السريعة:
يحوى إقليم تركستان الشرقية الذى يسمى اليوم بإقليم سينكيانج Xinjiang والذى توجد به مدينة أورومتشى، وبه حوالى 14 مليون مُسلم على الأقل (أكثر مما تحوى الكثير من الدول العربية). ويوجد فى هذا الإقليم، 13 جماعة عرقية، أكبرها جماعة الإيجور (تسمى أحياناً أيغور)، وتُشكل حوالى 45 % من مجموع سكان الإقليم، وفقاً للإحصاء السُكانى لعام 2003. أغلب من ينتمون لهذه الجماعة من المُسلمين. ومع زيادة المهاجرين من جماعة الهان العرقية، عبر الزمن، حدثت نزاعات على الموارد، التى يعتبرها الإيجور ملكاً لهم، لأنهم يقطنون فى هذا الإقليم منذ عهود أطول. ولذا، فإن النزاعات العرقية بين الإيجور المسلمين والهان، تنبع بالأساس من ضيق الموارد الاقتصادية. ولأن الهان أكثر تعليماً، فإنهم الأغنى مادياً. وبالتالى فإن تاريخ النزاع بين جماعة الإيجور وجماعة الهان العرقيتين، ضارب فى العمق.

وما حدث يوم 5 يوليو الماضى، هو أن عدداً صغيراً من جماعة الإيجور المسلمين تجمعوا فى عاصمة إقليم سينكيانج، أورومتشى، للتظاهر. فقد كان الغضب سيد الموقف فى الشهر الماضى، عقب اشتباكات عرقية بين الجماعتين، تسببت فى مقتل شخصين من الإيجور، فى إقليم جوانجدونج، على بُعد 3200 كم جنوباً. وقد قال زُعماء الإيجور، أنهم كانوا يطالبون بالعدالة للقتيلين. إلا أن التظاهرة الصغيرة، سُرعان ما تضخمت فى المدينة التى يُتشكل ثلاثة أرباع سُكانها من جماعة الهان. وقيل إن ثلاثة من جماعة الهان قُتلوا فى هذا اليوم، ففتحت الشرطة النار على المُتظاهرين دون تمييز قاتلة عددا من المسلمين، لم يُحص كاملاً حتى اليوم، نتيجة للتعتيم الإعلامى الصينى على الحدث!! والغريب، أن الصين، الدولة، خافت من ردود أفعال المسلمين على مستوى العالم، ويالا العجب والتراجيديا المأساوية: فالمسلمون لم يغضبوا أو يحركوا ساكناً!!!

وأسأل السلطات الصينية هنا: ألم يكن من المُستطاع، فرض حظراً للتجوال ؟ ألم يكن من الممكن إطلاق النار فى الهواء، للترهيب وحفظ الأمن، بدلاً من قتل هذا العدد الكبير من البشر وكأنهم ذُباب ؟ أليس لديكم أى مشاعر إنسانية حيال الناس، بغض النظر عن أديانهم؟.

كل تلك المُشكلة، ويتساءل الغرب، وفقاً لما قرأت، "اهتم المسلمون بمقتل مروة الشربينى فى ألمانيا، ولهم كل الحق، ولكنهم لم يحركوا ساكناً لمقتل ما لا يقل عن 156 مسلماً فى الصين، وهذا غريب حقاً!! فهل لا يعترف المسلمون العرب، بمسلمى الصين؟ هل يعتبرون العرب من المسلمين، بينما لا يعتبرون المسلمين من غير المتحدثين بالعربية مسلمين؟؟؟"

وأقول لأهل الصين، وأنا فردُ مسلم واحد لا أُمثل أحداً غير نفسى.
عُذراً أهلنا من مسلمى الصين، فمُسلمونا من الجماعات السلفية، منشغلون بما هو أهم!! فهناك سيد القمنى الذين يقومون بتكفيره، باستدلال فاسد، ولو أنهم اكتشفوا أن الاستدلال خاطئ، فإن ذلك لا يهمهم، لأنهم خرجوا وبغض النظر عن أى شىء، لتكفير الرجل، لأنه مختلف عنهم فى طريقة كتابته. ولقد راجعت ما قاله السيد ممدوح إسماعيل هنا فى مقاله يوم الأربعاء 15 يوليو الماضى، واكتشفت أن الرجل اختصر ما نقله من كُتب سيد القمنى، ولم يذكر أن القمنى نقل ما كتب عن ابن كثير، بشكل أفسد مرجعيته!

ولكن أهتم بما قاله الأستاذ ممدوح إسماعيل فى القمنى أم أهتم بما قامت به السلطات الصينية من قتل 156 مسلما على الأقل وجرح 800 منهم؟ إن القمنى يجد من يهتم به من أنصار الإسلام الحق والحرية وممن قرءوا إبداعاته، ولكن أهلنا من مسلمى الصين، لا يجدون من يهتم بهم، وهو أمر واضح وضوح الشمس!

لقد اهتممنا بقتل إنسانة مسلمة واحدة، ولم نهتم بـ 156 روحا مسلمة زُهقت، وبـ 800 آخرين، جُرحوا! لماذا؟ هل بالفعل بعض ممن فى الغرب صادق، عندما يتساءل، أننا لا نُقدر المسلمين ممن لا يتحدثون العربية ؟

أنا لا أقول، إننا أخطأنا باهتمامنا بمقتل مروة الشربينى، كما يريد أن يفهم البعض!! ولكن ما أقوله، أن اهتمامنا كان من المفترض أن يتوزع على من يتعرضون للاضطهاد فى الصين أيضاً. ليس من المعقول، أن تهتم الولايات المتحدة والغرب، أكثر منا، بما يحدث لمسلمى الصين!

ها هو الغرب "الكافر" يا مسلمون: اهتم ووقف ضد قمع مسلمى الصين، بينما لم يفتح مُسلم، أياً كان، فمه فى تلك المسألة !! ها هو الغرب "الكافر"، ولو أن ما حركه هو المصلحة فإنه فى النهاية تحرك واستنكر بدعوى حماية حقوق الإنسان، ولم يتحرك المسلمون فى أغلبهم، سواء بدعاوى المصلحة أو بدعاوى الدين أو بدعاوى الأخوة! عُذراً مسلمى الصين، فنحن مُنشغلون بشهيدتنا مروة الشربينى، رحمها الله، وبتكفير رجل قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، وليس لدينا الوقت للوقوف بجانبكم، فهنيئاً لكم وقوف الغرب "الكافر" معكم، ولو بدعوى المصلحة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تضامن
almotachail ( 2009 / 7 / 21 - 19:35 )
اعلن رفضي قمع مسلمي الصين بخاصة و القمع بعامة.
شكرا للكاتب علي المقال الموقظ...


2 - برافو حافظ
الحارث السوري ( 2009 / 7 / 21 - 20:11 )
مادام الأصوليون المستجدون بأموال القاعدة في الصين الإشتراكية التي منحت إقليم سيكيانغ حكماً ذاتياً وحقوقاً لم يحلموا بها طيلة وجودهم في الصين ,, ومادام هؤلاء أهلك لمجرد كونهم مسلمين ومادمت تنصب نفسك دفاعاً عن المسلمين أينما كانوا في ألمانيا أو الصين أوغيرها من بلاد - الكفار - حسب تعبيرك .. فلماذا لاتذهب إلى الصين وتحظى ببركات إبن لادن والظواهري وعطاياهم وتدافع بشكل أجدى عن مسلمي الصين وتدخل الجنة بغير حساب ,,, قبل أن تدافع عن القدس وغيرها من العواصم العربية المحتة والمستباحة وأولها دمشق والقاهرة وغيرها ؟؟ ولله التدبير


3 - الحارث السوري ، أشكرك، فقد أكدت وجهة نظري في المقال
شريف حافظ ( 2009 / 7 / 21 - 20:30 )
سيدي الأستاذ حارث السوري
أنا علماني، سيدي. وكلمة -كافرة- بين علامات التنصيص، كما هي مبينة هنا، إنما هي للسخرية من مستغلي الدين، لأنني عشت في الغرب وأعتقد أنهم أكثر إيماناً من أغلب المسلمين
ولكن حضرتك، أكدت وجهة نظري في المقال، في أننا -عنصريين-، كما جاء في كلماتك، مفضلاً مسلمي فلسطين فوق مسلمي الصين، لأنهم يعانوا، رغم أن مسلمي الصين يعانون أيضاً
والسؤال الأهم، لماذا لا نفضل الإنسان أينما كان، بغض النظر عن دينه؟ أليس هذا الأجدى؟ حاول أن تقرأ المقال مرة أخرى، لتعرف ما عنيته، .. لأنك فهمت معناً غير الذي عنيت في المقال! أعني وفهم أصدقائي من الأقباط والمسلمين على حد سواء، أن مستغلي الدين يكيلون بمكياليين، ويهللون فقط فيما يخص أشياء معينة ويرون الخطر على الإسلام من شخص واحد مثل سيد القمني، بينما القضايا الكبرى غير مثارة
وتقبل تحياتي


4 - المهم القضية
خليل الخالد ( 2009 / 7 / 21 - 21:25 )
اهم ما فعلته اخي لكاتب انك قصصت علينا اسباب الابادة في اقليم سينجيانغ لان الكثير من المسلمين ان لم اقل الكل لم يفهمون حتى الان مالذي يحصل في تلك الارض البعيدة المسماة بالصين
الا ان ماحصل في المانيا وان كان لشخص واحد الا انه يخدم القضية الاسلامية و اداة لربما تكون ناجعة لنشر الحجاب اولا من خلال الاهتمام بهذه المحجبة وتركيز الاهتمام على مسلمي المانيا وارهاب الالمان منهم بردة الفعل الاسلامية هذه والتي لو وزعوها على ضحايا الصين من المسلمين لكفتهم


5 - خليل الخالد، نشر الحجاب بهذه الأهمية، أم رفع الظلم؟
شريف حافظ ( 2009 / 7 / 21 - 21:50 )
ما هو الأهم أخي خالد؟ رفع الظلم عن المسلمين ومن دونهم على مستوى العالم؟ أم قضية الحجاب؟ قضية الحجاب قضية شخصية، وكم من إمرأة فرض عليها الحجاب في عالمنا، تتخفى وراء الحجاب؟ هل تقبل كم من المنافقين من المحجبات أم نريد إسلاماً صادق وخالي من النفاق؟ لا أرى في الحجاب أي أهمية واراه قضية شخصية بحتة تعتمد على القرار الشخصي والحر، ولكن أرى رفع الظلم قضية، ليست فقط إسلامية، ولكن إنسانية على أعلى مستوى
أشكرك


6 - الفرق في الدوافع
محمد ( 2009 / 7 / 21 - 23:38 )
اولا انا ادين واستنكر جرائم القتل والقمع والعنف ضد اي كان ولأي سبب وفي اي ارض بما فيها الصين، واعتبر أن اللجؤ للعنف من طرف الدول لحل الاحتقانات والتوترات دليل على افلاسها وعجزها عن إدارة مجتمعاتها.
في سياق الموضوع الكاتب المحترم تكرم واوضح لنا أن اسباب ودوافع ما جرى في ارموتشي هي عرقية واقتصادية، اي أن الذين قتلوا في هذه الاحداث لم يقتلوا بسبب دينهم او عقيدتهم، بل لاسباب تتعلق بتدافع عرقي وتنافس اقتصادي، من هنا كيف يلوم الكاتب المسلمين في المعمورة على عدم انتصارهم لإخوتهم في العقيدة وهم ضحايا لتطاحن داخلي من اختصاص الدولة التي ينتمون لها؟
اما الضحية مروة الشربيني فاعتقد أن الكل يعرف ان جريمة قتلها كانت بسبب دينها، وان القاتل قد صرح واعلن ذلك على الملأ، وهذه الجريمة -القتل العمد والتسويغ العنصري لها - يستحق غضب المسلمين وادانتهم للقاتل وللمجتمع الذي افرزه او تغاضى بشكل ما عن جريمته، إن الشحن العاطفي غير المدروس والذي يتعارض مع الواقع لا يخدم الاسلام ولا المسلمين في الصين، ان الصين ايها السادة ارض بكر لمن يريد ان يزرع فيها عقيدته، ولا يجب عليكم تلغيم هذه الارض بالكراهية والعدوان والعواطف التي لا تخدم الاسلام والمسلمين في هذه الارض، لنترك اخوتنا اليغور يحلون مشاكلهم مع جيرانهم بطر


7 - أستاذ محمد، كلامك جدا خطير
شريف حافظ ( 2009 / 7 / 22 - 01:41 )
حضرتك بتقول، أن طالما مسلمي الصين قتلوا بسبب لإقتصادي وإجتماعي يبقى طوز فيهم؟؟؟؟؟ هل هذا منطق؟ إن كان هذا منطق، فاعتبرني غير مسلم من اللحظة، .. ولكن لأن هذا ليس منطق، فأحمد الله أنني سأظل مسلم طوال حياتي.. اللي يموت علشان الإسلام يبقى فلة شمعة منورة واللي يموت علشان أسباب العيش، يبقى حشرة؟؟؟؟ كيف تقول هذا الكلام وأسمك محمد؟؟؟؟ حرام عليك يا شيخ! الإسلام لا يفرق بين الناس على أساس أسباب الموت.. وكلامك يعني، أن قتل المسلم حلال لأسباب إقتصادية.. أتمنى أن ترسل تأييدك للحكومة الصينية وتبعث بهذا الرأي للناس أجمعين لنرى ردهم.. إن منطق الأشياء في الإسلام، أن الله يرفض القتل على إطلاقه يا أستاذ محمد، وليس القتل بأسباب.. وتقسيمة غير مبررة.. أهكذا حياة 156 مسلم، بهذا الرخص لديك؟ يا سلام على المنطق


8 - الأسلام السياسي
john angel ( 2009 / 7 / 22 - 03:04 )
أستاذي العزيز
المسلمين اللي بموتوا في الدول العربية علي أيدي الأمن المصري ، السوري،السوداني، الجزائري، الليبي ،و،و،و كل يوم يقتلوا مئات المسلمين ليه الأسلام السياسي لايتحرك لأنه عارف الدول الأسلامية مفهاش حرية من اي نوع لأن الامن سوف يحصدهم حصد في الشوارع وده نفس الحجة سوف تحصل في الصين .علشان كده بتلاقي الأسلام السياسي فارس زمانه في الدول الديمقراطية . فدي السبب اللي هاجوا في المانيا وكشوا في الصين

اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah