الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية فوزية النيجيرية

محمود الشمري

2009 / 7 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


البرق يجلد هضبة (بوتشي) النيجيرية بقسوة، فتهمي دموع السماء، الكون قد التحف عباءته السوداء، ونجوم تحاول أن تومض من وراء السحب الداكنة وفي الدرب الموحل تمشي فتاة تشارك السماء البكاء، قد تورمت عيناها، واخضر وجهها من الركلات، وذئاب بشرية تدعوها للمبيت مصحوبة بابتسامات لزجة شيطانية.
ما قصة الفتاة؟
أجابني الشاب النحيل (أبو بكر) "سأخبرك كل شيء، لكن أولا لنحتمي من المطر تحت شجرة البابايا".
وفعلا جلسنا تحتها، وأبحرت مع حديثه الشيق باللغة العربية المختلطة بالإنجليزية: "يا صديقي لا أنسى ذلك اليوم الذي كنت أصلي بعمال البناء في مشروع دار المهتدين الجدد، شيء بارد التصق بصدغي، وصوت أجش مرعب يخاطبني، وهو يلكزني بفوهة بندقيته القديمة: (سأقتلك لو أسلمت ابنتي.. أتسمع)، تعرفت على الصوت بسهولة فمن لا يعرف قس المدينة.
حقيقة يا أستاذ أنا لم أتعرض لها بالدعوة مطلقا، لكنها رحمة الله يسوقها للحائرين، كنت أشرف على المشروع، وإذا بفتاة تسألني من خلفي:
أنت أفريقي، لماذا صلاتك مختلفة عنا؟
فأخبرتها: إنني مسلم.
ضحكت وقالت: مسلم الذي يتزوج أربع نسوة!! وتغطون المرأة بأقمشة كأنها مصابة بداء الفيل، فتخجلون أن ينظر البشر لنسائكم !! ثم ضحكت.
قطعت حديثه: وماذا فعلت حيال هذه الإهانات المتوالية؟
ابتسم أبو بكر -فلمعت أسنانه البيضاء-: "لم أنفجر كما انفجرت بالطبع، بل رددت بكل هدوء، أقل شيء نحن نحترم نساءنا، فلا يخرجن للجري وراء لقمة العيش، هن ملكات عندنا تلعثمت الفتاة ورجعت لبيتها المواجه لمشروع دار المهتدين الجدد، وتتابعت الأيام وتحولت النقاشات المستفزة إلى حوارات هادئة، وتحولت الكلمات إلى تيار يسري بالنفوس فيهزها هزا، وتحولت العبارات إلى قناعات، ومن ثم تحولت القناعات إلى فعل وإرادة وإسلام".
هتفت فرحا: أسلمتْ؟!
فرد بكل هدوئه المعتاد: "بالطبع، لقد مكثتْ تناقشني طويلا، ربما أشهر، لا تنس أنها معتادة أن تأتي يوميا لمكان المشروع لبيع (الويكة) والرز المطبوخ باللبن لعمالنا، وكانت تستثمر فترة الظهيرة في المناقشات والأسئلة، كنت أظن أن أسئلتها لن تنتهي مطلقا، وكنت بين الحين والحين أترقب ظهور والدها ليفي بوعده وينهي حياتي، كما أخبرني سابقا، نعم أسلمت الفتاة وتلقت -وما زالت تتلقى- من الإهانات والذل من أبيها ما لا يحتمله بشر. لا تنس أن أباها قس المدينة وراهبها.
سألته: ولكن ما الذي يجبرها على الخروج تلك الساعة تحت هذه الأمطار بهذه الهيئة؟
هنا تنبهنا أنه كان من واجبنا أن نستوقفها ونسألها، حاولنا اللحاق بها لكننا لم نستطع تتبع آثارها تحت هذا المطر الاستوائي العنيف.
في اليوم التالي عرفنا أنها خرجت من بيتها مطرودة من أبيها القس، واحتارت الفتاة أين تذهب، وأين تبيت الليلة المؤلمة تلك، فإذا بها ترى أذرعا دافئة مشرعة نحوها، لقد أبصرت من بعيد مئذنة جامع البيان، ففرحت وعدت ذلك بمثابة الحفظ الإلهي لها -على حد قولها-باتت بالمسجد، وحين أصبح الصباح وجدها الشيخ سليمان، فأرسلها لبيته، أخبرها أنها من الآن هي أخت لنا جميعا، وأسر لأهل بيته بالعناية بها وتحملها مهما فعلت.
ومكثت الفتاة مع زوجة الشيخ سليمان أياما طوالا، وأبصرت عن قُرب كيف هي حياة المسلمين، فازدادت قناعتها بالإسلام، لكن الأيام ليست متشابهة، فقد جُن جنونُ والدها وأخذ يبحث عنها، واستغل شياطين الإنس، فأضرموا الشر في قلبه حتى غدا كنيران النمرود التي أشعلها ليحرق سيدنا إبراهيم عليه السلام، جاء بعدده وعتاده وببندقيته القديمة، وحاصر منزل الشيخ سليمان، وهدد بحرق المنزل بمن فيه إن لم تخرج ابنته، أما أنا فقد طالبني المسلمون بالمدينة بالاختباء، فلو وجدني لجعل دمي يسيل في قُداس الأحد بكنيستهم.
خرج الشيخ سليمان النحيل كالغزال، وأخبره أن ابنته لم يمسسها سوء، فطلب رؤيتها فخرجت له، فارتاح حين رآها بخير، وطلب منها أن تصحبه للمنزل، فرفضت لأنها تعلم ما ستجد هناك، فاستشاط غضبا، وبدأ من حوله بإضرام النيران، وفي الوقت الحرج جاءت الشرطة وفرقت الجموع.
طلب الأب من السلطات أن ترجع ابنته لمنزلها، فرفضت، وعين المسلمون لها محاميا ليدافع عنها، وحكم القانون: أن الفتاة راشدة ويحق لها أن تختار الديانة التي تقتنع بها، ولها حرية تقرير حياتها كيف ستكون.
سارت الجموع المسلمة بالمدينة بعد نهاية القضية تهتف:
(فوزية منا، فوزية أختنا، فوزية مسلمة).
ربما تضحك، لكن أرجو ألا يغيب عن ذهنك الحماسة الدينية لدينا نحن الأفارقة.
غطت الحدث وسائل الإعلام بالمدينة، لكن حكمة الشيخ سليمان جاءت كالبلسم على قلب والدي الفتاة، حيث استضافهما في بيته، وأكرمهما، وجاء لهما بابنتهما ليرياها، وخير الفتاة حينها أن ترجع مع والديها أو أن تبقى لديه مع أبنائه.
قد لا تشعر بمدى تأثير هذا الموقف على والدها القس وأمها، فقد قفز والدها ليعانق الشيخ سليمان، وبكت الأم كثيرا، وعلموا أن الإسلام سلام ورحمة، ليس كما يظنون أنه إرهاب وزواج من أربع نساء!!!.
عادت فوزية لمنزل والدها مكرمة مصونة، بحجابها عادت، بعزتها عادت، بإيمانها الذي يملأ قلبها عادت، فائزة بهداية الله، وبحب المسلمين لها.
لذا أسماها المسلمون هنا: فوزي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ههههههههههههه
فواز ( 2009 / 7 / 23 - 21:01 )
هههههههههههههه


2 - انت عظيم
ابا الغيث ( 2009 / 7 / 23 - 21:45 )
انت انسان عظيم يا استاذ محمود , جعلك الله شوكة في عيون النصارى الحاقدين فانت اصبحت اهم كاتب في الموقع وثق انني اول ما ادخل الموقع افتش عن مواضيعك التي تروي النفس بعد يوم عمل طويل متعب فتسترد نفسي عافيتها واغرق في الضحك , ليس عليك حاشا , وانما على حالنا نحن العرب فالنفط بين يدينا ونحن هكذا فكيف اذا ذهب النفط؟


3 - الحقيقة
shaker ( 2009 / 7 / 23 - 22:36 )
ارهاب وزواج من اربعة وماملكت يمينكم والكراهية
وانتم الاعلون فوق الناس كلها يللخزي والجهل مثلك يكتب في الجرائد الاسلامية وليس اليسارية افهموها مرة واحدة


4 - ًانتصار ًالإسلام!!!!!
اوشهيوض هلشوت ( 2009 / 7 / 23 - 23:18 )
بعد كل هدا اطرح سؤال: لمادا التخلف والعنف والكراهية مصدرها بلاد الإسلام؟ لما داً المسلمونً وحدهم بين جميع متديني العالم يحقدون على الأخر الدي يخالف معتقداتهم؟
ما دكرته يا ستاذ الأمس واليوم من ً انتصار الإسلامً هو في الواقع انهزام وتراجع
ادا اردت ان تحطم شخصا فمجدهً ً


5 - بارك الله فيك
ابو حفصه البريداوي ( 2009 / 7 / 24 - 00:05 )
بارك الله فيك يا اخوي محمود الشمري,ويا ايها النصارى الفجره,موتوا بغيظكم


6 - يا محمود ... يا أبن الشمري
الحكيم العراقي ( 2009 / 7 / 24 - 00:58 )
أرجــــــــــــــــوك .... أرجــــــــــــــوك

أن تكتب كلّ يوم ... فأنت تفرج كربتنا ... وتملأ أشداقنا بالضحكات ... وحتى الثمالــــــــــــــــة .... !!! يالك من كاتب رائــــــــــع ... وصاحب مقالات دسمــــــــة .... !!! وكيـــــــف لا


وأنت تتحفنــــا بهـــــا مليئة بالهيل والزعفـــــــــــــران


أستمر يا محمــــــــــــود .... أرجوك أستمــــــــــــر

فأنا أخشى أن تتوقــــف .... وبعدهـــــــــا كيـــــــف سنسعد ... وتبتسم شفاهنــــــا ؟؟؟

حقـــــآ سنصاب باليأس إذا توقفت ... أو غادرت ساحتنا

وعندهــــــــــا سنكون بحاجــــــــــة ماســــــــــة ... لمراجعــــــــة عيادات الأطباء النفسيين ... لعلاجنا من الكرب ... والألم لفراقكم ... والكآبـــــــة لزوال مقالاتكم التي تغذي النفس ...والفكر ... بما لذ وطـــــــــاب


أرحمنـــــــــــــــا يا أخــــــــــي

وأرحـــــــــــــم نفســــــــــــك



7 - وإسلام مايكل جاكسون أيضا
ناجي الأمير ( 2009 / 7 / 24 - 04:50 )
ما زلت ألح عليك أن تمتعنا بحدوتة إسلام الفنان المؤمن مايكل جاكسون أسكنه الله فسيح جناته وذلك بأسلوبك الجديد فكرك الرشيد [Copy & paste].
استحلفك بالله هل زرت تيجيريا من قبل؟
ربنا اقرغ علينا صبرا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.


8 - رائحة عنصرية
jasim ( 2009 / 7 / 24 - 06:59 )
الى ادارة الحوار المتمدن الغراء
موقع الحوار المتدن شعارة
من أجل مجتمع مدني علماني ديمقراطي حديث يضمن الحرية
والعدالة الاجتماعية للجميع
هل من العقول ان تنشر عبارات مثل (جعلك الله شوكة في عيون النصارى الحاقدين)
و (ويا ايها النصارى الفجره,موتوا بغيظكم)
نرجو من الادارة الانتباه لهذا وشكرا


9 - أن كان هذا يريحكم
Sir Galahad ( 2009 / 7 / 24 - 07:55 )
تمتاز قصص انتصار الاسلام كما يسمونها والشائعه على مواقع الاسلاماويين بالسذاجه البالغه فبكلمه واحده أو لفته ينخرط الكل فى اليكاء ويسلمون والله أكبر قصص يمكن أن يصدقها ابن الخمس سنوات ولكن
أن تنشر هنا فى موقع الحوار المتمدن !!! والمصيبه التهليل والكورس
لقد اخطأتم العنوان ياساده
ومع ذلك
أن كان هذا القصص الساذج المفتعل يريحكم فلا بأس ولكن لى نصيحه خالصه لوجه من تعبدون حاولوا أن تجعلوا للحدوته حبكه دراميه حتى يمكن لمن له القليل من الذكاء أن يصدقها


10 - أضافه
Sir Galahad ( 2009 / 7 / 24 - 08:01 )
قس يحمل بندقيه؟ ليس هذا ما أعرف عنهم مره اخرى حاول أن تجيد الحبكه ولكن حلوه المقدمه الفتاه تشارك السماء البكاء


11 - الامير اتجوز الاميره وعاشو فى سبات ونبات وخلفو صبيان وبنات
رشا ممتاز ( 2009 / 7 / 24 - 13:09 )
ليس بالقصص يعلو الاسلام يا سيد محمود ولكن بالسلوك والعمل ما الذى قدمته تلك السيده لمجتمعها ولنفسها وهل هى حرب أم مباراة لكرة القدم بين خصمين والفائز هو من يحقق أكبر عدد من
الاهداف فى مرمى الآخر
تلك القصص تشجع على العنصرية وتشيع الكره والطائفية والتعصب وليس لها منفعة وجدوى سوى تخدير الذات وغض البصر عن العيوب والنقد الذاتى الضرورى لتقدم المجتمعات


12 - عنصرية
ابو عثمن ( 2009 / 7 / 24 - 14:17 )
اف اف,رائحة عصنريه سلفيه وهابيه بهذا الشريط.


السيد محمود..شكل للقصص المسليه التي تزودنا بها !!


13 - الى جاسم تعليق رقم 8
ابا الغيث ( 2009 / 7 / 24 - 17:26 )
اقرأ التعليق قبل ان تعلق

اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج